الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في العارية)
(1)
(1)
العارية - بتخفيف الياء وتشديدها -: من عار الشيء إذا ذهب وجاء، وهي اصطلاحاً: العين المأخوذة للانتفاع بها بلا عوض، والإعارة: إباحة نفع عين - تبقى بعد استيفاء النفع - بلا عوض من المستعير وغيره.
والأصل فيها: القرآن الكريم: لقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة، 2]، وفي حديث أنس رضي الله عنه:(كان فزع بالمدينة، فاستعار النبي صلى الله عليه وسلم فرساً من أبي طلحة فركبه)، رواه البخاري، وحكى النووي وغيره من أهل العلم الإجماعَ على جوازها.
حكم الإعارة: الإعارة في أكثر صورها مسنونة، وتكون واجبة في إعارة المصحف لمحتاج قراءتَه، وليس عنده مصحف، وتنعقد بكل قول وفعل يدل عليها.
(تتمة) تفارق الإعارةُ الإجارة في أمور، منها: 1 - أن الإجارة تكون بعوض، بخلاف الإعارة، 2 - وأن الإجارة تمليك لنفع العين، فللمستأجر أن يتصرف فيه، بخلاف الإعارة فهي إباحة نفع العين، فلا يملك المستعير أن يتصرف في العارية بأن يعيرها أو يؤجرها، إلا بإذن معير ومؤجر.
وَالعَارِيَةُ سُنةٌ.
وكلُّ مَا يَنْتَفع بِهِ مَعَ بَقَاء عينِه
(1)
نفعاً مُبَاحاً تصح إعارتُه
(2)
إلا البُضْعَ
(3)
، وعبداً مُسلماً لكَافِرٍ
(4)
، وصيداً وَنَحْوَه لمحرِمٍ
(5)
، وأمةً وأمردَ
(1)
شروط صحة العارية أربعة: (الشرط الأول) كون العين يُنتفع بها مع بقائها، فلا تستهلك أجزاؤها كالسيارة والحيوان.
(2)
(الشرط الثاني) كون النفع مباحاً، ولو لم يصح الاعتياض عنه، ومما لا يصح الاعتياض عنه: الكلب، فلا تصح إجارته ولا بيعه، لكن تصح إعارته.
(3)
هذا (المستثنى الأول) مما يصح إعارته: فلا يصح أن يعير أمة ليستمتع بها المستعير ثم يردها.
(4)
هذا: (المستثنى الثاني) وذلك للخدمة خاصة - كما في الإقناع -، فإن أعاره لغير خدمة كعمل في الذمة صحت.
(5)
هذا: (المستثنى الثالث) لأن المُحْرِم مأمور بترك الصيد، وقوله: ونحوه: أي كآلة صيد.
لغيرِ مأمونٍ
(1)
.
وتُضمنُ مُطلقًا
(2)
بِمثلِ مثليٍّ
(3)
وَقِيمَةِ غَيرِه يَوْمَ تلفٍ، لَا إن تلفت بِاسْتِعْمَالٍ بِمَعْرُوفٍ كخَمْلِ مِنْشَفةٍ
(4)
، وَلَا إن كَانَت وَقفاً ككتب علم
(5)
، إلا
(1)
هذا: (المستثنى الرابع) فيحرم ولا يصح، والأمرد: الشاب الذي طرّ شاربه ولم تنبت لحيته.
(تتمة)(الشرط الثالث) كون المعير أهلاً للتبرع شرعاً، ويستثنى: إعارة حلي الصغير لئلا تأكله الزكاة نبه عليه الخلوتي هنا، و (الشرط الرابع) كون المستعير أهلاً للتبرع له بتلك العين، وذلك بأن يصح منه قبولها، فلا يصح أن يعير طفلاً.
(2)
أي: ولو لم يتعد أو لم يفرط، فيَدُ المستعير يد ضمان؛ لأنه يختص بنفعها، والدليل حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه دروعاً يوم حنين، فقال: أغصباً يا محمد؟ قال: «بل عارية مضمونة» ، رواه أحمد وأبو داود.
(3)
المثلي هو: كل مكيل وموزون لا صناعة فيه مباحة ويجوز فيه السلم، فيُضمن بمثله، وما عداه يُضمن بقيمته يوم تلفه.
(4)
العارية مضمونة إلا في أربع صور: (الصورة الأولى) أن تتلف باستعمالٍ بمعروفٍ، كخَمْل منشفة تلفت بالاستعمال، والخُمل: الحبوب في المنشفة، فلو استعمل العارية في غير معروف كأن استعمل ثوباً استعاره في حمل شيء ثقيل فتلف، فإنه يضمنه.
(5)
(الصورة الثانية) كون العارية وقفاً، ويشترط في عدم ضمان الوقف أن يكون عاماً، أي: على غير معين - كما قيده الشيخ منصور، وذكره الغاية اتجاهاً -، كالوقف على المساجد، أما الوقف الخاص على معين فيَضمنه المستعير لو تلف.
بتفريطٍ
(1)
وَعَلِيهِ مُؤنَةُ ردِّهَا
(2)
.
وإن أركبَ مُنْقَطِعًا لله لم يضمن
(3)
.
(1)
فيضمن إذن.
(2)
أي: يجب على المستعير مؤنة رد العارية إلى مالكها.
(3)
(الصورة الثالثة) أن يُركب شخصٌ دابتَه منقطعاً - أي: ابن السبيل، المسافر المنقطع به - لله تعالى، أي: يبتغي بذلك وجه الله لا الأجرة. فلو تلفت الدابة تحت ذلك الراكب لم يضمن، ويُقيد ذلك: بأن يسير صاحبها معه ولم ينفرد الراكبُ بحفظها، وإلا ضمن مطلقاً. وذكر صاحب الغاية اتجاهاً بعدم خصوصية المنقطع، فعلى ذلك لو أركب سيارته شخصاً داخل البلد ثم تلفت حال كونه سائراً معه لم يضمن.
(تتمة)(الصورة الرابعة) إذا أعارها المستأجر - ذكرها النجدي والشيخ مرعي في "دليل الطالب" -، فلا ضمان على المستعير من المستأجر؛ لأن المستأجر لا يضمن العين المؤجرة، فمن أخذها منه إعارةً لا يضمنها من باب أولى، والله أعلم.