الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في الشفعة)
(1)
وَتثبت الشُّفْعَةُ فَوْرًا لمسلمٍ
(2)
تَامِّ الملكِ
(3)
فِي حِصَّةِ شَرِيكِه المنتقلةِ لغيره بعوضٍ مَالِيّ بِمَا اسْتَقر عَلَيْهِ العقدُ
(4)
.
(1)
الشُّفْعة لغة: من الشفع، وهو الزوج، وهي شرعاً: استحقاق الشريك انتزاعَ شِقص شريكه ممن انتقل إليه بعوض مالي إن كان مثله أو دونه. وصورتها: أن يشترك اثنان في أرض ورثاها، أو اشترياها ويكون ملكهما فيها مشاعاً، فيملك كل واحد نصفها مثلاً، لكنها لم تقسم بينهما بعد، فلو باع أحدهما نصيبه فلشريكه أن يشفع على المشتري، فيطلب الشقص الذي تملّكه بشرط أن يدفع له الثمن الذي ابتاعه به. وتملُّكُ الشفيع للشقص قهري من الشارع.
والأصل في الشفعة: حديث جابر رضي الله عنه قال: (قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يُقسم، فإذا وقعت الحدود وصُرفت الطرق فلا شفعة)، متفق عليه، ومفهومه: أن الأرض إذا قسمت وتعين نصيب كل شريك فلا شفعة، ولذلك لا شفعة للجار على جاره في المذهب. وحكى ابن المنذر الإجماعَ على إثبات الشفعة.
(2)
أما الشريك الكافر فلا شفعة له على المشتري إذا كان مسلماً.
(3)
أي: له تمام التصرف في ملكه ببيع وغيره.
(4)
ذكر الماتن قيدين: (القيد الأول) أن ينتقل الملك بعوض لا بهبة ونحوها، وأن يكون العوض ماليًّا لا كصداق، فلا شفعة لو انتقل الشقص من الشريك بهبة، أو جعله صداقاً، (القيد الثاني) وأن يأخذ الشفيع الشقص بمثل الثمن الذي استقر عليه العقد قدراً وجنساً.
وَشُرط تقدُّمُ مِلكِ شَفِيعٍ
(1)
وَكَونُ شِقْصٍ مشَاعاً من أرضٍ تَجِبُ قسمتُهَا
(2)
.
وَيدخل غراسٌ وَبِنَاءٌ تبعاً
(3)
، لَا ثَمَرَةٌ
(1)
شروط الشفعة: (الشرط الأول) تقدم ملك الشفيع على ملك المشتري، فلو اشترى رجلان أرضاً لم يصح أن يشفع أحدهما على الآخر ليأخذ شقصه؛ لأنهما ملكا الأرض في وقت واحد، أما لو باع أحدهما نصيبه بعد ذلك، فلشريكه أن يشفع على المشتري؛ لأن ملك الشفيع سابق على ملكه.
(2)
(الشرط الثاني) كون الشقص مشاعاً من أرض تجب قسمتها، والمشاع: غير المفرز، وهو معلوم القدر - كالنصف والرُّبع - مجهول العين، أما المفرز كالجار فليس له شفعة. أما قوله: من أرض: فلا تجب الشفعة في غير الأرض كعمارة وغراس، أي: شجر.
(تتمة) القسمة نوعان - وتذكر في كتاب القضاء -: 1 - قسمة إجبار، وهي التي لا يكون في قسمتها ضرر ولا رد عوض كأرض واسعة جرداء، فتصح فيها الشفعة، 2 - وقسمة تراض، وهي التي يكون في قسمتها ضررٌ أو ردُّ عوض كأرض في بعضها بئر، فلا تصح فيها الشفعة ولا تُقسم إلا برضا جميع الشركاء.
(3)
فلو كان في الشقص المشفوع فيه غراس أو بناء دخل في الشفعة تبعاً، لكن لو كانت الشركة في نفس الغراس أو البناء فباع أحدهما نصيبه فلا شفعة للآخر.
وَزرعٌ
(1)
، وأخذُ جَمِيعِ مَبِيعٍ
(2)
، فَإِن أراد أخذ البَعْضِ أو عَجَز عَن بعض الثّمن بعد إنظارهِ ثَلَاثًا
(3)
، أو قَالَ لمشترٍ بِعني أو صالحني
(4)
، أو أخبره عدلٌ فكذَّبه
(5)
وَنَحْوُه سَقَطت، فإن عَفا بَعضُهُم أخذ باقيهم الكُلَّ أو تَركَه
(6)
.
(1)
فلو كان في الشقص ثمر ظاهر أو زرع لم يدخل في الشفعة؛ لأنه من نصيب الشريك البائع الذي باع الشقص، فهي لم تدخل في البيع.
(2)
(الشرط الثالث) أن يأخذ الشفيعُ جميعَ المبيع، فلا يصح أن يأخذ بعضه ويترك الباقي.
(3)
أي: ثلاث ليال بأيامها من حين أخذه بالشفعة، فإن لم يأت بكل الثمن بعد إنظاره هذه المدة سقطت شفعته.
(4)
فقول الشفيع للمشتري: بعني أو صالحني يدل على رضاه بالبيع الذي عقده شريكه، وأنه إنما يستشير المشتري في البيع أو الصلح، ولذلك سقطت شفعته.
(5)
أي: لو أخبره عدل أن شريكه باع نصيبه فكذّبه سقطت شفعته، بخلاف ما لو كان المخبِر فاسقاً.
(6)
فلو اشترك جماعة في أرض، فباع أحدهم نصيبه وعفا بعض الباقين عن حقهم في الشفعة، فلمن لم يتنازل عن شفعته أَخذُ كل الشقص أو تركُه.
(تتمة)(الشرط الرابع) أن يطلبها على الفور، أي: وقت علمه، فلو سمع ببيع شريكه وأخّر طلب الشفعة بغير عذر سقطت، أما لو تأخر طلبه لعدم علمه بالبيع لم تسقط. ويدخل الشقص في ملك الشفيع بمجرد المطالبة، لكنه موقوف على دفعه الثمن للمشتري.
(الشرط الخامس) أن ينتقل نصيب الشريك بعوض مالي، وقد تقدم.
وإن مَاتَ شَفِيعٌ قبل طلبٍ بطَلَت
(1)
.
وإن كَانَ الثّمنُ مُؤَجَّلاً أخذ مَلِيءٌ بِهِ
(2)
وَغَيرُه بكفيلٍ مَلِيءٍ
(3)
.
وَلَو أقرَّ بَائِعٌ بِالبيعِ وأنكر مُشْتَرٍ ثَبتَتْ
(4)
.
(1)
أي: إن مات الشفيع قبل طلب الشفعة بطلت، فلا يورث حق الطلب بالشفعة، أما لو مات بعد طلبها دخل الشقص في ملك الورثة قهراً.
(2)
أي: إن كان الثمن مؤجلاً أخذ الشفيعُ القادرُ على الوفاء الشقصَ بنفس الكيفية التي انتقل بها إلى المشتري، أي: مؤجلاً.
(3)
فيشترط لتأجيل الثمن على الشفيع غير المليء - أي: المعسر - أن يكفله شخص مليء، وزاد الخلوتي:(أو يأتي برهن يحرز)، فإن لم يأت بواحد منهما حل عليه الثمن، فإن أداه وإلا سقطت شفعته كما ذكره الغاية اتجاهاً، ووافقاه.
(4)
أي: ثبتت الشفعة بما قال البائع، فيأخذ الشفيع الشقص منه ويدفع إليه الثمن. والله أعلم.