الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في القصر والجمع وصلاة الخوف)
وَيسن
(1)
قصرُ
(2)
الرّبَاعِيّة
(3)
فِي سفرٍ طَوِيلٍ
(4)
(1)
تابع الماتن زاد المستقنع في تعبيره بالسنية على قصر الصلاة، بينما عبَّر المنتهى والإقناع والغاية بقولهم:(فله قصر رباعية) مع قولهم (والقصر أفضل من الإتمام)، وإذا عبر الأصحاب بالأفضلية فإنهم يعنون بها السنية، والله أعلم. (بحث وتحرير)
(2)
ويباح إتمامه الصلاة، فلا يكره، بخلاف الصوم، فإنه يكره للمسافر؛ للنهي الصريح عنه في السفر. (فرق فقهي)
(3)
يشترط لصحة قصر الصلاة شروط: (الشرط الأول) كون الصلاة رباعية.
(4)
(الشرط الثاني) كون ذلك في سفر طويل: وهو الذي يبلغ ستة عشر فرسخاً تقريباً لا تحديداً، سواء قطع تلك المسافة براً أو بحراً أو جواً. ويشترط قطع هذه المسافة في الذهاب، فلا تحسب منها مسافة الرجوع. ويقدر كثير من أهل العلم في عصرنا هذه المسافة بـ 80 كم، والأقرب أنها على المذهب تساوي على الأقل: 138 كم.
(تتمة) هذا تعليق كتبته في مسافة القصر عند الحنابلة بعد قراءة بحث الشيخ عبدالله الجبرين فيها: رجع الشيخ عبد الله الجبرين عن رأيه في مسافة القصر في تعليقه على عمدة الفقه، وقد كان رأيه الأول اعتبار العرف، فرجع عنه إلى رأي الجمهور، وأنه محدد بأربعة برد، وقد استدل على اختياره الجديد بثلاثة عشر دليلاً، ومنها إجماعاتٌ، وذلك في بحث له «حد سفر القصر» في مجلة الجمعية الفقهية السعودية (العدد السابع عشر للأربع الأشهر ا? خيرة من شوال إلى محرم 1435 هـ).
وقد قرر أن المسافة - نقلاً عن كثير من المعاصرين - تتراوح ما بين 72 كم إلى 84 كم، وقرر أن الأربعة برد = ستة عشر فرسخاً، والفرسخ = 3 أميال، فحاصل ذلك إذن: 48 ميلاً، وهذا كله موافق للمذهب. ثم قدَّر أن الميل = 3500 ذراع نقلاً عن ابن عبد البر رحمه الله وغيره، ولم يأت عن الحنابلة بشيء البتة.
والمذهب عندنا - كما في الفروع وا? نصاف وا? قناع والمنتهى والغاية -: أن الميل =6000 ذراع، وأقل ما وقفت عليه في مقدار الذراع أنه = 48 سم، فإذا ضربناها في 6000 ذراع، أي: 6000 × 0.48 = 2880 متراً، ثم نضرب هذا الناتج في عدد ا? ميال أي: 48 ميلاً، فالناتج = 138240 متراً، ونحولها إلى الكيلومتر بقسمتها على 1000، والناتج = 138.24 كم تقريباً، أي: مائة وثمانية وثلاثون كيلو متر ومائتان وأربعون متراً؛ فهذه إذن هي مسافة القصر، ولم أر، ولم أقف الآن على أحد يقول بهذه المسافة. وهذا الناتج مبني على كون الذراع يساوي 48 سم، وقيل أكثر من ذلك. (بحث)
مُبَاحٍ
(1)
، وَيَقْضِي صَلَاةَ سفرٍ فِي حَضَرٍ
(1)
(الشرط الثالث) كون السفر مباحاً، ولو سفر نزهة. أما السفر المحرم والمكروه فلا يباح فيهما القصر.
(تتمة) يزاد على الشروط التي ذكرها الماتن: (الشرط الرابع) أن يقصد محلاً معيناً: فلا قصر لهائم ولا تائه، (الشرط الخامس) أن ينوي السفر: أي: ينوي قطع المسافة، وزوجة وجندي تبع لزوج وأمير في سفر ونيته كما في المنتهى، قلت: ولعله: والأولاد أيضا الذين مع أبيهم ولم أقف عليه منصوصا والله أعلم (تحرير)، (الشرط السادس) أن يفارق البلد الذي هو فيه وملحقاته، فلا يجوز القصر وهو في بلده.
وَعَكسُه تَامَّةً
(1)
.
وَمن نوى إقامةً مُطلقَةً بموضع
(2)
أو أكثر من أربعة أيام
(3)
أو ائتمّ
(1)
وجوباً، ومن هنا شرع الماتن في ذكر الصور التي لا يباح فيها قصر الصلاة، وهي إحدى وعشرون صورة ذكر الماتن منها خمساً فقط:(الصورة الأولى) قضاء صلاة سفر ذكرها وهو في الحضر، فيقضيها تامة تغليباً للحضر. (الصورة الثانية) قضاء صلاة حضر ذكرها وهو في السفر، فيقضيها تامة تغليباً للحضر أيضاً.
(2)
(الصورة الثالثة) أن ينوي إقامة غير مقيدة بزمن، فيتم؛ لانقطاع السفر المبيح للقصر.
(3)
(الصورة الرابعة) إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام، ومثله في الزاد، والأَولى عبارة الإقناع والمنتهى: أكثر من عشرين صلاة. وقد جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أقمنا مع الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة عشراً نقصر الصلاة، متفق عليه. لكن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة في الحج لم يبق في مكان واحد أكثر من عشرين صلاة، فمكث أولاً من صبيحة اليوم الرابع - بعد الفجر - إلى اليوم الثامن، ثم انطلق بعد أن صلى الفجر إلى منى، فبات بها تلك الليلة، ثم ذهب إلى عرفة، فهذه ستة أيام، وهكذا إلى تمام العشر. وهناك أدلة كثيرة جداً تؤيد هذا الرأي.
بمقيم أتم
(1)
، وإن حبس ظلماً أو لم ينْو إقامةً قصر أبداً
(2)
.
وَيُبَاح
(3)
لَهُ الْجمع بَين الظهرين والعشائين بِوَقْت إحداهما
(4)
، ولمريض وَنَحْوه يلْحقهُ بِتَرْكِهِ مشقةٌ
(5)
، وَبَين العشائين فَقَط لمطرٍ وَنَحْوه يَبُل
(1)
(الصورة الخامسة) إذا ائتم بمقيم، ولو لم يدرك معه إلا تكبيرة الإحرام قبل أن يسلم التسليمة الأولى، فيلزمه أن يتم. وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه إذا ائتم المسافر بمقيم فإنه يتم، وقال: تلك السُّنة، رواه أحمد.
(تنبيه) كل صلاة لزمه إتمامها ولم يفعل، فهي باطلة.
(2)
أي: إذا حبس المسافرُ ظلماً، أو أقام المسافر بمكان ولم ينو إقامةً تقطع حكم السفر - وهي أكثر من عشرين صلاة -، فإنه يقصر أبداً أي: بلا تحديد لأيام حتى يعود لبلده؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أقام بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة، رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
(3)
حكم الجمع في المذهب: مباح وليس مسنوناً، للخلاف المشهور فيه، بل يقولون: أنّ تركه أفضل. ويستثنى من ذلك: جمعيْ عرفة ومزدلفة، فالأفضل في عرفة التقديم وفي مزدلفة التأخير.
(4)
يباح الجمع بين الظهرين والعشائين على المذهب في ثمان حالات ذكر الماتن منها حالتين فقط: (الحالة الأولى) يباح الجمع للمسافر الذي يباح له القصر، والذي يظهر: أنه لو سافر بعد دخول وقت الأولى من المجموعتين كالظهر مثلاً لم يكن له أن يقصرها؛ لدخول وقتها عليه وهو في الحضر، ولا يجوز أن يصليها تامة مجموعة للعصر المقصورة، والله أعلم. (تحرير)
(5)
(الحالة الثانية) المريض الذي يلحقه بسبب ترك الجمع مشقة وزاد في الإقناع كالتنقيح: وضعف.
(تتمة)(الحالة الثالثة) المرضع؛ لمشقة كثرة نجاسة، و (الحالة الرابعة) المستحاضة ونحوها، و (الحالة الخامسة) العاجز عن الطهارة لكل صلاة، و (الحالة السادسة) العاجز عن معرفة الوقت كأعمى ونحوه، و (الحالة السابعة والثامنة): العذر والشغل الذي يبيح ترك الجمعة والجماعة.
الثَّوْبَ وتوجد مَعَه مشقةٌ
(1)
،
ولوحلٍ وريحٍ شَدِيدَةٍ بَارِدَةٍ لَا بَارِدَةٍ فَقَط إلا بليلةٍ مظْلمَةٍ
(2)
،
والأفضلُ فعلُ الأرفق من تَقْدِيمٍ
(1)
يجوز على المذهب الجمع بين العشائين دون الظهرين في ست حالات فقط: (الأولى) المطر، ويشترط: أن يبل المطرُ الثياب، وتوجد معه مشقة للوصول إلى المسجد.
(تتمة) لم يصح حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين العشاءين في المطر، لكن ورد في حديث ابن عباس: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير سفر ولا مطر ولا مرض، متفق عليه؛ قال شيخ الإسلام وغيره: هذا يدل على أنهم كانوا يجمعون في المطر.
قوله: ونحوه: (الثانية) كثلج، (الثالثة) وبرَد، و (الرابعة) جليد.
(2)
فيباح الجمع بين العشاءين: (الخامسة) لوحل، و (السادسة) لريح شديدة باردة. أما الريح الباردة غير الشديدة، فلا يباح فيها الجمع إلا في الليلة المظلمة، أي: التي يكون فيها الظلام دامساً غير مقمرة.
(تنبيه) لم يخالف الماتن هنا المذهب، خلافاً لما يفهم من كلام صاحب كشف المخدرات تبعاً للبهوتي في كشاف القناع. وخلاصة القول: أن المنتهى والإقناع ذكرا صورتين للجمع حال الريح: 1 - الأولى: ذكراها في فصل ما يبيح ترك الجمعة والجماعة، وهي: لو كانت ريحاً باردة في ليلة مظلمة، فتلحق بهذا الفصل؛ لأن الأعذار التي تبيح تركَ الجمعة والجماعة تبيح أيضاً الجمعَ بين العشاءين. 2 - الثانية: يذكرها المنتهى والإقناع هنا، وهي: الريح الباردة الشديدة، وإن لم تكن الليلة مظلمة؛ فتبين أن المصنف لم يخالف المذهب هنا.
(تتمة) قالوا: يجوز الجمع في الأحوال الستة حتى لو صلى في بيته، أو في مسجد طريقه تحت ساباط - وهو الطريق المسقوف الذي يمتنع أن يأتيه المطر أو غيره من فوقه - ولمقيم بالمسجد ولو لم ينله إلا اليسير، قالوا: لأن الرخصة العامة يستوي فيها وجود المشقة وعدمها كالسفر، انتهى من الكشاف. والظاهر: أن المرأة لا يشملها هذا الحكم؛ لأنها ليست ممن تجب عليها الجماعة مطلقاً فليحرر، والذي يظهر أيضاً: أن كل مسجد له حكم مستقل، فمتى وجد أحد الأسباب الستة المتقدمة لمسجد وجماعته، جاز لهم الجمع ولمن هو في مثل حالتهم، لا لغيرهم، والله أعلم. (تحرير)
أو تأخيرٍ
(1)
، وَكُرِه فعلُه فِي بَيتِه وَنَحْوِه بِلَا عذرٍ
(2)
.
(1)
أي: الأفضلُ فعلُ الأيسر للمصلي من تقديم الجمع في وقت الصلاة الأولى أو تأخيره إلى وقت الصلاة الثانية، سواء كان الجمع للسفر أو للمطر أو لغيرهما.
(2)
أي: يكره فعل الجمع في البيت ونحوه كالمكان الذي يختلي فيه بلا عذر، وفي نسخة (بلا ضرورة).
(تنبيه) عبارة الماتن هنا فيها نظر! سواء بلفظ (بلا عذر) أو بلفظ (بلا ضرورة) كما في نسخة؛ لأن الأصل عدم جواز الجمع في البيت وغيره بلا عذر، وبلا ضرورة، بل تقدم أن الأفضل ترك الجمع في الحالات التي يباح فيها، فكيف بغيرها؟ وقد ذكر ابن جامع في كتابه «الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات»: أن المؤلف خالف المذهب في هذه المسألة، ويجوز على المذهب للرجل الذي تخلف لعذر - لا للمرأة - أن يجمع في بيته إذا جمع الناس في المساجد بلا كراهة، لكن إذا وجد أحد الأسباب الستة المتقدمة. (مخالفة الماتن)
وَيبْطل جمعُ تَقْدِيمٍ براتبةٍ بَينهمَا، وتفريقٍ بأكثر من وضوءٍ خَفِيف وإقامةٍ
(1)
.
(1)
شروط جمع التقديم: (الشرط الأول) الموالاة بين الصلاتين، ولا بأس بالتفريق اليسير على المذهب كوضوء خفيف وإقامة صلاة. أما الأذكار التي تلي الصلاة الأُولى، فالظاهر مما تقدم - أي تقريرهم أن الموالاة لا تنقطع بوضوء خفيف وإقامة - أن قول أذكار الصلاة لا تقطع الموالاة بين المجموعتين، وقد قال لي شيخنا خالد المشيقح حفظه الله عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله الاقتصار على الأذكار الخفيفة: فيسبح عشراً، ويحمد عشراً، ويكبر عشراً، ويقرأ آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين.
ولو لم يتمكن من قول الأذكار التي بعد الصلاة الأولى، فهل تتداخل مع أذكار الصلاة الثانية؟ أقول: يتوجه التداخل بالنية قياساً على تداخل العقيقة والأضحية بشاة واحدة، والفريضة مع نية تحية المسجد، والله أعلم. (تحتاج لتحرير)
(تتمة)(الشرط الثاني) أن ينوي الجمع عند إحرام الصلاة الأولى. (الشرط الثالث) أن يوجد العذر المبيح للجمع عند افتتاحهما وسلام الأولى. (الشرط الرابع) أن يستمر العذر المبيح للجمع - في غير المطر ونحوه - إلى فراغ الثانية، أما في جمع المطر ونحوه، فلا يشترط أن يستمر العذر إلى فراغ الثانية. (الشرط الخامس) أن يرتب بين المجموعتين، ولا يسقط الترتيب بالنسيان بخلاف الترتيب بين الفوائت، وهو ما مشى عليه المنتهى والغاية. ومشى في الإقناع على أن الترتيب يسقط هنا بالنسيان كالترتيب الذي بين الفوائت، والمذهب ما في المنتهى. (مخالفة)
مسألة: يجوز للمسافر أن يجمع جمع تقديم وهو يعلم أنه يدخل البلد قبل دخول وقت الثانية.
ويشترط لجمع التأخير ثلاثة شروط:
(الشرط الأول) الترتيب، و (الشرط الثاني) نية الجمع في وقت الأولى قبل أن يضيق وقتها عنها، و (الشرط الثالث) بقاء العذر إلى دخول وقت الثانية.
وَتجوز صَلَاةُ الْخَوْف بأي صفة صحت عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَصحت من سِتَّة أوجه
(1)
، وَسن فِيهَا حملُ سلَاحٍ غيرِ مُثْقِلٍ
(2)
.
(1)
وهناك وجه سابع مختلف فيه.
(2)
لئلا يعيق حركته.
(تتمة) صلاة الخوف قسمان:
(القسم الأول) ما كانت في القتال وتمكن المسلمون من فعلها جماعة، فشرط صحتها: أ- كون القتال مباحاً؛ ب- أن يخاف المسلمون هجوم العدو، وهذه هي التي لها ستة أوجه.
(القسم الثاني) صلاة شدة الخوف بأن يتواصل الضرب والطعن والكر والفر ولا يتمكن المقاتلون من الصلاة جماعة، فيصلون رجالاً وركباناً لقوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة، 239]. ويلحق الحنابلة بذلك من خاف من سيل أو سبع أو خاف فوات الوقوف بعرفة، فله أن يصلي على هذه الصفة ويومئ بالركوع والسجود، ولا يلزمه استقبال القبلة.