الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب دخول مكة
يُسنُّ نَهَاراً
(1)
مِنْ أعلاها
(2)
، وَالمَسْجِدُ من بَابِ بني شَيْبَةَ
(3)
.
(1)
أي: يسن دخول مكة نهاراً، فإذا وصلها ليلاً سن أن ينتظر حتى يدخلها نهاراً؛ لأن ابن عمر رضي الله عنه كان لا يدخل مكة حتى يبيت بذي طوى حتى يصبح ويغتسل، ويذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث المتفق عليه.
(2)
أي: من أعلى مكة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدخل من الثنية العليا، ويخرج من الثنية السفلى. والثنية هي الطريق بين الجبلين، وثنية كَداء - بفتح الكاف والمد -: هي أعلى مكة، فيسن أن يتقصدها حتى لو لم تكن على طريقه. ويقال: إن هذه الثنية أتاها العمران، فلا يمكن الدخول منها الآن.
(تتمة) ويسن الخروج من مكة من أسفلها من ثنية كُدى - بضم الكاف والقصر والتنوين -، وهي من جهة حي الشُّبيكة الموجود الآن، والذي أُدخل في توسعة الحرم الشريف. وكذلك يقال إن هذه الثنية قد أتاها العمران، فلا يمكن الخروج منها، إلا أن يكونوا قد أدخلوا الشبيكة كلها، فيستحب المرور بها.
(3)
أي: يسن دخول المسجد الحرام من باب بني شيبة، ويقول الشيخ منصور عن هذا الباب:(هو في موضع باب السلام)، وقال في موضع آخر:(بإزاء باب السلام)، وعلق الشيخ ابن جاسر على كلام الشيخ منصور وقال:(اختلف قوله في الباب. انتهى)، وباب السلام موجود الآن في جهة المسعى؛ لكن هل هو الذي يقصده الفقهاء؟ الله أعلم.
فَإِذا رأى البَيْتَ رفع يَدَيْهِ وَقَالَ مَا ورد
(1)
، ثمَّ طَاف مضطبعاً للْعُمْرَة الْمُعْتَمِرُ، وللقدومِ غَيرُه
(2)
، ويستلمُ الحجرَ الأسودَ
(3)
ويقبلُه، فإن شقّ أشار
(1)
أي: إذا رأى الكعبة رفع يديه كما في الدعاء، وقال: «اللهم أنت السلام، ومنك السلام، حَيِّنَا ربَنَا بالسلام. اللهم زد هذا البيت تعظيماً
…
» إلى آخره.
(2)
وهو المفرد والقارن، والاضطباع: جعل وسط الرداء تحت العاتق الأيمن وطرفيه على العاتق الأيسر. والاضطباع في كل الأشواط مستحب؛ لكنه لا يسن لمن يحمل شخصاً معذوراً.
(3)
الاستلام هنا: أن يمسحه بيده اليمنى، كما في الإقناع وغيره.
(تتمة) يشترط أن يبدأ من الحجر الأسود. قالوا: ويجب أن يحاذيه - أي: الحجر الأسود - أو بعضه بكل بدنه، والمحاذاة في اللغة: المقابلة، وفسَّر الحنابلةُ المحاذاةَ هنا بالاستقبال بكل البدن، قال في المنتهى:(فيحاذيه أو بعضه بكل بدنه)، قال البهوتي: (ويستقبله بوجهه
…
لأن ما لزم استقباله لزم بجميع البدن كالقبلة)، وأصله في المغني وغيره. ويقولون:(أنه إذا رأى ضلعي البيت فقد استقبل الحجر)، نقله النجدي عن والد صاحب المنتهى من حواشي المحرر، ويحتاج لتأمل؛ لأنه قد يرى ضلعي البيت وهو غير مستقبل له بكل بدنه، فالله أعلم. وذكر شيخ الإسلام عن القاضي طريقة لمحاذاة كل البدن للحجر، فقال: (والسنة أن يبتدئ بالحجر في أول الطواف، وأن يستقبل الركن في أول الطواف سواء استلمه، وقبَّله، أو لم يفعل وهل ذلك واجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر:«إن وجدت خلوة فاستلمه، وإلا فاستقبله وهلل وكبر» ، رواه أحمد، قال القاضي: من شرط الطواف الاستقبال، فلا يجوز أن يبتدئ الطواف غير مستقبل للركن
…
، قال القاضي وأصحابه وكثير من أصحابنا: وكمال الطواف: أن يبتدئ بالحجر فيحاذي بجميع بدنه جميع الحجر؛ وهو أن يأتي عن يمين الحجر من ناحية الركن اليماني، ثم يجتاز بجميعه على يمين نفسه؛ لأن كل ما قابلك كان يمينُك حذاءَ يساره، ويسارُك حذاء يمينه؛ لأن السنة أن يبتدئ بالطواف بالحجر الأسود، ولا يطوف جميعه بالحجر الأسود إلا بذلك، فإن حاذى بعض الحجر بكل بدنه، وأمكن هذا لكونه دقيقاً: أجزأه؛ لأنه قد ابتدأ بطواف جميعه بالحجر).
والمراد من كلام القاضي: أن يأتي الطائف قَبْلَ الحجر من يمين الحجر- مستقبلاً له -، ويمر عليه كل بدنه حتى يسار الحجر. (بحث وتحرير)
وهل يجب استقبال الحجر بالوجه؟ المذهب: لا، بل هو مستحب، قال في المنتهى - ونحوه في الإقناع -:(واستقبله بوجهه، وقال: بسم الله .. الخ)، ولم يبين حكمه، وقال في الفروع:(وفي استقباله بوجهه وجهان)، قال المرداوي في تصحيحه:(أحدهما: يستحب، وهو الصحيح، قال الشيخ تقي الدين: هو السنة، وهو ظاهر كلام الخرقي وظاهر ما قطع به الشيخ في المغني والشرح .. والثاني: لا يستحب). (بحث وتحرير)
وهل يجب أن يستقبله ببدنه في كل شوط؟
في الإقناع والمنتهى: (كلما حاذى الحجر الأسود والركن استلمهما، وإن شق أشار إليهما، ويقول كلما حاذى الحجر الأسود: الله أكبر فقط)، والمحاذاة هي الاستقبال كما تقدم، فإن استلم الحجر أو قبله استقبله في الغالب كما أشار إليه شيخ الإسلام في شرح العمدة، لكن إن أشار إليه فهل يستحب أن يستقبله أثناء الإشارة أو يجب؟ لم أر كلاما صريحا في الوجوب إلا في ابتداء الطواف، فتبقى السنية فيما عداه، ومما يؤيد عدم وجوب استقبال الحجر في غير الشوط الأول: ما قاله في المغني: (ويكبر كلما أتى الحجر، أو حاذاه) فالظاهر أن الإتيان هنا: أن يمر عليه بدون استقبال، والمحاذاة هي استقباله. فليحرر. (بحث يحتاج لتحرير)
وهل يستحب أن يستلم الحجر الأسود في آخر شوط؟
لم أقف على صريح في هذا إلا ما ذكره شيخ الإسلام في شرحه للعمدة: (والكمال أن يحاذي في الأخير بكل بدنه جميع الحجر) وقال أيضا: (وجملة ذلك: أن يختم الطواف باستلام الحجر، ثم يستلمه بعد ركعتي الطواف) وهذا صريح في مشروعية استلامه بعد آخر شوط، لكن هل ينتهي الطائف من الشوط قبل الحجر أم معه؟ الظاهر: قبله فلا يشرع استلامه؛ لأنه قد انتهى من طوافه إلا أنهم قالوا: إذا فرغ من ركعتي الطواف وأراد السعي، سن له عوده إلى الحجر فيستلمه، والله أعلم. (بحث وتحرير)
إليه
(1)
وَيَقُول مَا ورد
(2)
. ويَرْمُلُ الأُفُقِي فِي هَذَا
(1)
التقبيل - كما في الإقناع -: يكون من غير صوت يظهر للقبلة، ومن السنن عندنا أيضاً أن يسجد عليه كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما رواه البيهقي، فيضع جبهته وأنفه عليه. فإن شق استلامه وتقبيله بسبب الزحام فلا يزاحم بل يستلمه بيده ويقبلها، فإن شق استلمه بشيء كعصاً ويقبل ما استلمه به، فإن شق أشار إليه بيده أو شيء في يده ولا يقبّل ما أشار به.
(2)
السُّنة في المذهب أن يقول في أول شوط: بسم الله والله أكبر، اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وفي بقية الأشواط: الله أكبر. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم كلما أتى الركن أشار بيده وكبّر، كما في البخاري.
الطّواف
(1)
، فَإِذا فرغ صلى رَكْعَتَيْنِ خلفَ الْمقَام
(2)
.
ثمَّ يسْتَلمُ الحجرَ الأسودَ
(3)
وَيخرجُ إلى الصَّفَا من بَابِه فيرقاهُ حَتَّى يرى البَيْتَ
(4)
، فيكبرُ ثَلَاثًا وَيَقُول
(1)
الأفقي: من ليس من حاضري المسجد الحرام. والرمل: الإسراع في المشي مع تقارب الخطى من غير وثب كما في الإقناع، فيرمل في الثلاثة الأشواط الأُوَل الماشي، لا الراكب، ولا من يحمل شخصاً معذوراً، ولا النساء فهذه ثلاثة استثناءات.
(2)
يسن أن يقرأ في الركعة الأولى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وفي الثانية:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . وفي المذهب: تجزئ مكتوبة عنهما، وكذلك السنة الراتبة قاله في الإقناع وغيره.
(3)
استحباباً لحديث جابر رضي الله عنه.
(تتمة) شروط صحة الطواف أربعة عشر: النية - ويعيِّنه -، والإسلام، والعقل، وستر العورة، والطهارة من الحدث لا لطفل دون التمييز، والطهارة من الخبث، وتكميل السبع، وجعل البيت عن يساره، وكونه ماشياً مع القدرة، والموالاة، والطواف بجميع البيت فلا يطوف على الشاذروان ولا على جدار الحجر، وألا يخرج من المسجد بل يطوف داخله، وأن يبتدئ من الحجر الأسود فيحاذيه ببدنه، ودخول وقته إن كان واجباً.
(4)
كان في السابق باب في الصحن يؤدي إلى الصفا، ويوجد الآن علامة تدل عليه. فيتوجه إلى جبل الصفا، ويرقاه ندباً حتى يرى البيت إن أمكنه ذلك، ويستقبله، زاد شيخ الإسلام في شرح العمدة:(ويستحب أن يرفع يديه).
مَا ورد
(1)
،
ثمَّ ينزلُ مَاشِياً إلى العلمِ الأولِ فيسعى شَدِيداً إلى الآخَرِ
(2)
، ثمَّ يمشي ويرقى المرْوَةَ وَيَقُولُ مَا قَالَه على الصَّفَا، ثمَّ ينزل فَيَمْشِي فِي مَوضِعِ
(1)
يكبر ثلاثاً، ويقول ثلاثاً:«الحمد لله على ما هدانا. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده» ، ثم يدعو مرة واحدة. ودليل المذهب ما ورد في حديث جابر رضي الله عنه عند أحمد والنسائي:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثاً، ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، يصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو، ويصنع على المروة مثل ذلك)، قال شيخ الإسلام في شرح العمدة:(ومنهم من لم يذكر إلا التكبير والتهليل ثلاثاً، والدعاء مرة، ولم يذكر أنه يكرر ذلك ثلاثاً)، قلت: وهو المذهب، والله أعلم.
(تتمة) وهل يستحب أن يقول الذكر والدعاء بعد آخر شوط؟ لم أقف على كلام لهم في هذا، والظاهر: لا يستحب؛ لانتهائه من السعي قبل المروة، والله أعلم.
(2)
هناك إضاءة خضراء في المسعى تدل على موضع العلم الأول. فيستحب أن يسعى سعياً شديداً، قال في الإقناع:(بشرط ألا يُؤذِي، ولا يُؤذَى). وقد خالف الماتنُ المذهبَ في هذه المسألة تبعاً للزاد في كون استحباب السعي الشديد بين العلمين فقط، والمذهب: يستحب أن يسعى شديداً قبل العلم الأول بستة أذرع - ثلاثة أمتار تقريباً - ثم ينتهي إلى العلم الثاني، وإذا كان راكباً سعى بدابته، كالكراسي الموجودة الآن، وهذا السعي الشديد بين العلمين سنة في حق الرجال فقط. (مخالفة الماتن)
مَشْيه وَيسْعَى فِي مَوضِعِ سَعْيه إلى الصَّفَا، يَفْعَلُه سبعاً، ويَحْسُبُ ذهابَه ورجوعَه
(1)
.
ويتحلل متمتعٌ لَا هدي مَعَه بتقصير شعره
(2)
، وَمن مَعَه هدي إذا حج
(3)
.
(1)
يحسب ذهابه سعية ورجوعه سعية، فيبدأ بالصفا وينتهي عند المروة، فإن بدأ بالمروة لم يعتد بالشوط الأول. ويجب استيعاب ما بين الصفا والمروة، قال في المنتهى وشرحه:((ويجب استيعاب ما بينهما) أي: الصفا والمروة، (فيلصق عقبه) أي: عقب رجليه (بأصلهما) أي: الصفا والمروة في ابتدائه بكل منهما، ويلصق أيضاً أصابعه بما يصل إليه من كل منهما، والراكب يفعل ذلك بدابته، فمن ترك شيئاً مما بينهما ولو دون ذراع لم يجزئه سعيه)، وعبارة الغاية:(فيلصق عقبه بأصلهما ابتداءً، وأصابع رجليه انتهاءً).
(تتمة) شروط السعي ثمانية: النية - ويعيِّنه -، والإسلام، والعقل، والموالاة، والمشي مع القدرة، وكونه بعد طواف ولو مسنوناً كطواف قدوم، وتكميل السبع، واستيعاب ما بين الصفا والمروة.
أما الموالاة بين الطواف والسعي: فهي سنة.
(2)
يتحلل المتمتع أو المعتمر الذي نوى التمتع بتقصير شعره بعد السعي.
(3)
تمتع من ساق هدياً: من ساق هدياً فله أن يتمتع، ولكنه يبقى على إحرامه بعد سعي العمرة، ولا يحل إلا يوم النحر إذا ذبح هديه، وهي المسألة الوحيدة التي يتعلق فيها الحل بذبح الهدي، ويستدلون على ذلك بحديث حفصة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله! ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك؟ فقال: «إني لبدت رأسي وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر» ، متفق عليه. أما الشيخ ابن عثيمين فيرى أنه إذا ساق هدياً فليس له أن يتمتع، خلافاً للمذهب. وهل يكون على المذهب قارناً أو متمتعاً قد ساق هدياً؟ فيه خلاف كبير، وكأنَّ ميل البهوتي - واختاره الغاية اتجاهاً - إلى أنه قارن لا متمتع، وظاهر الإقناع والمنتهى وشرح العمدة لشيخ الإسلام والماتن هنا أنه: متمتع ساق هدياً، وسماه متمتعاً أيضاً ابنُ ذهلان في الفواكه العديدة، وابن جاسر في مفيد الأنام، والله أعلم. (بحث)
والمتمتع يقطع التَّلْبِيَة إذا أخذ فِي الطّواف
(1)
.
(1)
المتمتع وكذا المعتمر يقطعان التلبية إذا شرعا في الطواف؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر، رواه الترمذي وأبو داود.