الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الخامس عشر
(أحكام وأنواع الوزارات وعلاقة المسلمين مع غيرهم والمعاهدات)
1 -
رقابة عمر بن الخطاب لعماله، والإدارة عند الأمويين، والوزارة في الإسلام
مقدمة عن الوزارة في الدولة الإسلامية
نتحدث الآن عن موضوع آخر وهو الأجهزة الإدارية في الدولة فنقول: قسّم الماوردي ولايات خلفاء الخليفة أربعة أقسام:
الأول: أصحاب الولايات العامة في الأعمال العامة وهم الوزراء.
الثاني: أصحاب الولاية العامة في أعمال خاصة وهم أمراء الأقاليم.
الثالث: أهل الولاية الخاصة في الأعمال العامة مثل قاضي القضاة.
الرابع: ذوو الولاية الخاصة في الأعمال الخاصة مثل قاضي بلد معين أو إقليم معين.
ونتحدث عن وظائف الولاة فنقول: كانت وظائف هؤلاء الولاة على النحو التالي: أولًا: الوزارة، ثانيًا: إمارة الأقاليم، وسوف نوضح أو نلقي الضوء على الوزارة وعلى الإمارة فيما يلي.
أولًا: الوزارة:
تعتبر الوزارة من أبرز مظاهر السلطة التنفيذية في الدولة الحديثة؛ بل إن اسم السلطة التنفيذية حينما يطلق فإنما ينصرف إلى الوزارة التي يناط بها مهمة تنفيذ
القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية، وفي العادة يقوم رئيس الدولة بتكليف رجل من ذوي الكفاءة بأن يشكّل الوزارة، وقد يقوم رئيس الدولة بنفسه بهذا التشكيل فيكون هو الوزير الأول أو رئيس مجلس الوزراء، ويتم اختيار الوزراء عادة من أولي الكفاءة والاختصاص بالنسبة لكل منهم في مجاله، فيعين لكل إدارة من إدارات الدولة أو مرفق من مرافقها وزيرًا يتولى شئون هذا المرفق ويكون مسئولًا عن ذلك أمام رئيس مجلس الوزراء، وقد تكلم علماء الفقه السياسي الشرعي عن الوزارة فتكلم في ذلك الماوردي على سبيل المثال، وسوف نعرض فيما يلي بعضًا من مباحث العلماء في ذلك.
معنى الوزارة:
الوزارة مأخوذة من الفعل وزر، والوزر هو الملجأ، ومنه قول الله تعالى:{كَلَاّ لا وَزَر} (القيامة: 11) والوزر قد يكون الحمل الثقيل ومنه قيل: الوزير الذي يحمل عن الملك ثقله ويعينه برأيه، ووازره على الأمر أي: أعانه عليه وقوّاه والأصل آزره، ووزير الخليفة معناه الذي يعتمد على رأيه في أموره ويلتجئ إليه، وقيل لوزير السلطان: وزير؛ لأنه يزر عن السلطان أثقال ما أسند إليه من تدبير المملكة.
وقد ذكر الماوردي في كتابه (الأحكام السلطانية) أن اسم الوزارة مختلف في اشتقاقه على ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه مأخوذ من الوزر وهو الثقل؛ لأنه يحمل عن الملك أثقاله.
والثاني: أنه مأخوذ من الوزر وهو الملجأ ومنه قوله تعالى: {كَلَاّ لا وَزَر} أي: لا ملجأ، فسمي بذلك لأنه يلجأ إلى رأيه ومعونته.
والثالث: أنه مأخوذ من الأزر وهو الظهر؛ لأن الملك يقوى بوزيره كقوة البدن بالظهر. فالذي يفهم من كلام الماوردي أن الوزارة تعين الخليفة أو رئيس الدولة على تحمل مهامه، إذ يساعد الوزير برأيه في إدارة شئون الدولة في المجال الذي أسند إليه؛ وذلك لأن رئيس الدولة بطبيعة الحال لا يستطيع أن ينهض بأعباء الحكم في مختلف الشئون وحده من غير معاونة فكانت الضرورة قاضية باتخاذ الوزراء.
وقد أرشد القرآن الكريم والسنة المطهرة إلى مشروعية الوزارة فقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً} (الفرقان: 35) وقال سبحانه: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} (طه: 29 - 32) فالوزير هو الموازر؛ لأنه يحمل عن السلطان وزره أي ثقله، قال الماوردي معلقًا على سؤال موسى ربه أن يجعل له وزيرًا من أهله: فإذا جاز ذلك في النبوة كان في الإمارة أجوز؛ لأن ما وكل إلى الإمام من تدبير الأمة لا يقدر على مباشرته جميعه إلا بالاستنابة، ونيابة الوزير المشارك له في التدبير أصحّ في تنفيذ الأمور من تفرده بها ليستظهر به على نفسه وبها يكون أبعد من الزلل وأمنع من الخلل.
وفي السنة المطهرة ما يرشد إلى مشروعية الوزارة أيضًا، ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله بالأمير خيرًا جعل له وزير صدق؛ إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه)).
وقد كانت وظيفة الوزير بمعنى المعاون مألوفة ومعروفة للصحابة رضي الله عنهم ولذا قال أبو بكر يوم الثقيفة لما قال الأنصار رضي الله عنهم: منا أمير