الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومقتضى هذا: أن السياسة هي تجسيد للقاعدة الإسلامية المعروفة: بجلب المصالح ودرء المفاسد، دون التقيد بالنصوص في الكتاب والسنة، وإنما تلمس ما ينفع الناس، وينأى بهم عن المفاسد في ضوء الكتاب والسنة، وروح الشريعة، وأهدافها.
والسياسة -في رأي بعض المحدثين- تعني: تدبير الشئون العامة للدولة الإسلامية بما يكفل تحقيق المصالح، ورفع المضار، مما لا يتعدى حدود الشريعة، وأصولها الكلية -وإن لم يتفق وأقوال الأئمة المجتهدين.
مرتكزات السياسة في الإسلام
إن المغزى الذي يتعين على الدولة الإسلامية أن تلتزم به فيما يختص بتصريف شئونها السياسة: هو عدم القابلية للتجزئة بين توجيه سياستها، وبين هُويتها الإسلامية، فالسياسة فيها تنتمي للدين، وتستظل في كنفه، ولعل هذه الحقيقة تتضح في العديد من الآيات القرآنية يقول تعالى:{إِنْ الْحُكْمُ إِلَاّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلَاّ تَعْبُدُوا إِلَاّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} (يوسف: من الآية: 40) وقوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (المائدة: من الآية: 50).
وهذا المغزى هو الذي ظل مهيمنًا على توجيه السياسة في الدولة الإسلامية طوال الفترة التي كان فيها للمسلمين المجد والعظمة، ولو أننا تأملنا مرتكزات السياسة الدينية الإسلامية؛ لاستبانت لنا فيما يأتي:
أولًا: الإيمان بالفكرة، والولاء للوحدة: إن هذا المرتكز -ولو أنه يتضمن عنصرين، وهما الإيمان بالفكرة، ثم الولاء للوحدة- إلا أن كل منهما وثيق الارتباط بالآخر.
فنقول أولًا: الإيمان بالفكرة: مضمون ذلك أن الدولة عليها أن تعتنق فكرة واحدة تتلخص في الالتفاف حول الإسلام عقيدة وشريعة، واعتبار الإسلامية هي الجنسية التي تثمل الرابطة السياسة، والقانونية بين المسلم، والدولة في الإسلام، وفي إطارها يكون الولاء للمسلم يضحي بكل ما يملك في سبيل إسلامه ودينه، ويسموا به فوق كل رابطة، وبذلك يكون المسلم كما أراده الله تعالى بقوله:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: الآية: 162) وقوله عز وجل: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا} (الأنعام: 79).
ويترتب على ذلك أنه لا مجال في ظل الإيمان بالفكرة لدولة تتقاتل فيها العصبيات، أو تبرز فيها القوميات، أو يتعالى فيها الأجناس؛ فإن السياسة الدينية قد صهرت كل هذه النعرات في عقيدتها، وجعلت جميع المسلمين يرفعون راية التوحيد في معتقداتهم، ويؤمنون بالأنبياء جميعًا، وبأن محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل، وأن رسالة الإسلام هي الرسالة العامة للكافة، وأن يوجهوا سياستهم مع الغير وفق هذه الحقيقة.
ولا يعني ذلك أن المسلم لا يشعر بالمودة، والرحمة نحو أبناء قومه، أو جنسه، وإنما يعني: أن يكون ذلك بحيث لا يطغى على ولاءه لإسلامه، واعتبار الأخوة هي المعيار الذي يربط بينه، وبين كل المسلمين، سواء كانوا من أبناء جنسه، أو من غيره، كما لا يعني: توجيه سياسة الدولة بالإسلام مع غير المسلمين أن تفرض عقيدة الإسلام عليهم، فهذا ما يأباه الإسلام بمقتضى نص محكم في قوله تعالى:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ} (البقرة: من الآية: 256) وقوله سبحانه وتعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (يونس: من الآية: 99).
وبالنسبة للولاء للوحدة نجد أن الوحدة مرتكز من مرتكزات السياسة الإسلامية تجمع المسلمين على المبدأ والغاية، وتنأى بهم عن التفرق، وكل سياسة لا تجعل
من مقرراتها ذلك هي سياسة تحيد عن الطريق الإسلام؛ فالمسلمون على ما بينهم من اختلاف في المشارب، والعادات، والأجناس هم أخوة في الدين، وهذا مطلب إسلامي، أمرت به النصوص، وحثت عليه، وهو يتجاوز الفكر النظري إلى الجانب العملي؛ قال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} (آل عمران: من الآية: 103) وقال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 92).
وفي الحديث يقول: صلى الله عليه وسلم: ((من أتاكم وأمرك جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه)) وفي هذه الدلائل إشعار بوجوب الوحدة، والاتحاد بين المسلمين؛ لأنها مصدر القوة والمنعة، وأساسها، وهي وسيلة من أهم الوسائل التي تحفظ لها كيانها، وهيبتها، وينطلق بها نحو تحقيق أهدافها الدينية، والدنيوية.
ولهذا اعتبر الإمام الحاكم واحدًا؛ لأن المقصود حصول ذي رأي مطاع يجمع شتات الأراء، ويحول بين المسلمين، وبين دروب المنازعة والشقاق، ويحملهم على مصالح المعاش، والمعاد؛ فلو انتهض لهذا الأمر أكثر من إمام واحد، واتخذ كل منهم الأعوان، ولجأ إلى القوة للغلبة؛ لتهددت بذلك مصالح المسلمين، وعمت الفوضى؛ لذلك ذهب العلماء إلى النص على أن يكون الإمام واحدًا.
والملاحظ على الواقع السياسي للمسلمين أنه يخالف هذه النظرة، وهو الوحدة، وإذا كان يقف وراء هذا الواقع العديد من الأسباب التي أدت إليه من بروز النزاعات العصبية، والإقليمية، وحب السلطة، والنزوع نحو الفردية، والتسلط الأوربي، والغزو الفكري الذي تعرض له المسلمون، وغير ذلك من الأسباب؛ فإن هناك مبدأ عامًا -يجب أن يهمن على السياسة عند المسلمين في مشارق
الأرض، ومغاربها- وهو أن تكون جارية في النطاق الإسلامي، ومستمدة منه في أصولها، والقول بذلك لا يغل التفكير الإسلامي؛ فإن المسلمين مطالبون بالبحث والنظر، وابتكار الوسائل التي تتلاءم مع أوضاعهم المتغيرة فيما لا يخالف الشرع، كما أن عليهم أن يفيدوا الآخرين، ويستفيدوا منهم؛ فإن معضلات السياسة مما تتباين فيها الأنظار، وتتعدد فيها الأقوال، وهو من وسائل إثراء الفكر السياسي؛ لأنه مما يؤثر، ويتأثر بتطور الوقائع والأحداث.
ومن نتائج ذلك أن تختلف الأساليب التي تعالج متطلبات الواقع الخاص بكل إقليم من الأقاليم الإسلامية، ولا غضاضة في هذا، ولا مصادمة فيه للنصوص، أو القواعد الإسلامية؛ إذ من الطبيعي أن يختلف كل قطر في عاداته، وأحواله الاجتماعية، والاقتصادية، والعمرانية، والثقافية، ويهيمن على ذلك كله السياسة المرسومة للإقليم، أو القطر، التي تستهدف التعرف على أفضل الوسائل التي تتحقق بها النهضة، والتقدم للإقليم في إطار من الشورى، وتبادل الرأي، والتعاون بين أبناء الدين والوطن الواحد.
إن في تلمس الأسباب، أو الأساليب التي تحقق الغاية في رفعة الإقليم ونهضته ما يوجب إتاحة الفرصة لكل الآراء، ولكافة الاتجاهات، واعتبار ذلك مقياسًا صحيحًا للإحاطة بوجهات النظر المختلفة، والمتعارضة أحيانًا للأخذ منها بأفضلها، وإلزام الجميع بما انتهى إليه الرأي، دون انتقاص، أو تسفيه لرأي المخالف.
لكن حرية الفكر، ووجوب الشورى، وإجازة استقلال كل إقليم بسياسة خاصة به؛ إنما تشكل بعض مظاهر لسياسة عامة موحدة تحكم المسلمين جميعًا، مضمونها: وحدة المقومات التي تتغيا مصلحة الجميع، وأن يكونوا صفًا واحدًا،
ويفرض هذا أن توجد الوسائل التي تحتكم إليها هذه الأقاليم عند الاختلاف؛ لتكفل معاونة كل إقليم على إدارة شئونه، ولئلا تطغى المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، أو تتعارض معها، ولكي يتحقق الالتزام بالخط الإسلامي.
ومن المرتكزات أيضًا التي ينبغي أن تبنى عليها السياسة في الدولة الإسلامية، يتعين أن تكون ممارسة السياسة الدينية -في ظل القانون الإسلامي- لأنه هو المحك وفق له توصف السياسة بأنها على الصواب، أم على الخطأ، وعليه فإن السياسة في الإسلام ليست من قبيل السياسة المطلقة، إذ يعني ذلك: ألا تتقيد الدولة حكامًا، وأفرادًا بنصوص الشريعة، وان تتبع ما يترائى لها أنه المصلحة من منطق بشري بحت، وأن يكون رائدها في ذلك مشيئة شعبها، وحاكمها، دون نظر إلى الدين والحق، وهذا لا يجوز في الإسلام.
ولإيضاح ذلك يمكن التفرقة بين أمرين:
الأمر الأول: أن مبادئ السياسة -التي وردت بها النصوص الدينية في الكتاب، والسنة، أو حدث بشأنها إجماع- هذه المبادئ يتعين الالتزام بها ولا مجال للتحلل منها، أو الخروج عليه، وذلك مثل الحكم بالعدل، وأداء الحقوق لأصحابها قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (النساء: من الآية: 58) ومثل أيضًا منهج المشاورة، وتبادل الرأي، هذه مبادئ سياسة يقول تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} (آل عمران: 159).
ومثل طاعة الحاكم ما لم يأمر بمعصية لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)) ومثل المساواة بين الناس؛ فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الناس سواسية كأسنان المشط)).
أو فيما ثبت بالإجماع كبيعة الإمام؛ فهذه المبادئ، وأمثالها -المبادئ التي ذكرناها مثل الحكم بالعدل، ومثل المشاورة، ومثل طاعة الإمام في غير معصية، ومثل تحقيق العدل، والمساواة بين الناس.
نقول: هذه المبادئ وأمثالها تمثل ركائز للسياسة الإسلامية لا مجال للتردد في الأخذ به، ولا يعتد برأي الأمة، أو الحاكم إذا خالفها، وسبب التقيد بمثل هذه الركائز أنه لا سبيل إلى إقامة حكم صالح، وانتهاج سياسة قوية دون الاعتماد عليه أو الاستناد إليها؛ فإن كنت في شك من ذلك؛ فانظر في آثار الأمم العظيمة في الماضي والحاضر؛ تجد أن من أسباب بلغوها ذروة المجد هو التمسك بهذه المبادئ، وغيرها مما لا مجال للتقدم بدونها.
من أجل ذلك جاءت الشريعة حاسمة في وجوب التقيد بهذه القواعد قال تعالى: {وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (المائدة: 49) وقوله: تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (الجاثية: 18).
فإذا كان الأمر كذلك فإن قضية التقيد بالنصوص تصبح من القضايا التي ليست محلًا لخلاف، أو إثارة الجدل حولها، وكل ما يمكن للأمة، أو الحاكم في هذا المجال هو التفسير، ومراعاة أحوال الأمم، وتغير الأزمان في نطاق التفصيلات المتعلقة بالمبدأ، وإبداء التصورات التي يكون على أساسها التطبيق دون أن يمس ذلك المبدأ في ذاته.
الأمر الثاني: أن قواعد السياسة، والأنظمة المتعلقة بالحكم التي لم ترد في الكتاب، أو السنة تخضع للقواعد العامة في الشريعة مثل: تنصيب الحاكم عن طريق الاستفتاء، وأن تكون مدة الحاكم مؤقتة بزمن معين، والأخذ بالمجالس النيابية؛ فإن هذه الأمور وأشباهها يمكن الرجوع بشأنها إلى القواعد لتقرير الأخذ
بها من عدمه، وننبه في هذا الشأن إلى أن الاحتكام إلى القواعد يكون بعرض هذه الأحكام على قواعد الشريعة، وعلى السوابق السياسية الإسلامية؛ فإن كان تطبيقًا لقاعدة من القواعد، أو اقتداء بسابقة من السوابق؛ أخذ بها، كذلك إذا كانت الأحكام، والأنظمة السياسة في إطار القواعد الإسلامية، أو لا تتعارض مع أي منها؛ أخذ بها أيضًا.
ومن ذلك يتبين أن مجال الالتزام بالقواعد العامة للشريعة لا ترقى إلى مرتبة النظم والأحكام التي نطقت بها نصوص القرآن، والسنة، أو كانت محلًا للإجماع، لكن عنصر الالتزام بها قائم؛ ومن ثم يجب التقيد بها خاصة إذا كانت تحقق مصلحة حيوية للدولة الإسلامية.
إن مناط الالتزام بالقواعد العامة في الشرعية ينبع من كونها تلبي حاجة من الحاجات الإسلامية التي يمكن التعرف عليها مع تطور الأزمان، وابتداع نظم جديدة للارتقاء بالأنظمة السياسية، وتكمن أهمية ذلك في عدم تفصيل أشكال الحكم، وحصر كل المبادئ التي يتعين على الدولة الإسلامية الالتزام بها في مجال الحكم والسياسة في القرآن، أو السنة، أو الإجماع، وهي مصادر الإلزام في النظام الإسلامي التي لا محل للحيدة عنها.
وفي هذا الجانب فإن للأمة الإسلامية دور تقوم به للارتقاء بنظم الحكم فيها، وجعله أكثر مواتاة لتلبية حاجات الأمة؛ كي يتحقق الاستقرار السياسي فيها، وأن تسود العلاقة الطيبة بين الحاكم، والمحكوم؛ حيث يمكن الإقلال -إن لم يكن وضع حد- للصراعات السياسية حول السلطة.
إذا ثبت ذلك فإنه لا صحة لما ذكره مونتسكيو في كتابه (روح القوانين) نعت، ووصف الدولة الإسلامية بأنها دولة مطلقة؛ إذ يقول: إن هذه الممالك -يريد
المطلقة- نجد للدين فيها تأثيرًا أشد من تأثيره في سائر الممالك الأخرى، وهو فيها خوف على خوف؛ ففي المالك الإسلامية تجد أن التوقير العجيب للملك من الرعية أساس الدين.
ثم يأتي بمثال على ذلك لما حدث في تركيا، ويقول: بأن الناس إنما كانوا يعظمون الملك كثيرًا، وذلك سببه الدين؛ إذن معنى ذلك أنه يبين أن الدولة الإسلامية كانت دولة لا تعرف الشورى، ومبنية على الخوف من الدين، وأن الدين كان يخوف الناس، ويمنعهم من التعرض للحاكم؛ حتى ولو كان ظالمًا، وهذا وهم -كبير نرد على مونتسكيو ونقول له: ما قلته هذ وهم كبير- ذلك أن وصف الدولة الإسلامية بأنها مطلقة هو أبعد ما يكون عن طبيعة هذه الدولة؛ فهي دولة المنهج الإلهي الذي ارتضاه الله عز وجل لتحقيق خلافة الإنسان على الأرض؛ ومن ثم فإن عليها أن تتقيد بحدود هذا المنهج، ذلك المنهج الذي يعتمد على العدل، وأداء الحقوق إلى أصحابها وحرية الإنسان تجاه أخيه الإنسان؛ امتثالًا لعبودية الجميع لله سبحانه وتعالى.
وليس صحيحًا نعت مونتسكيو أو وصفه للدين الإسلامي بأنه يزيد الأمة الإسلامية خوفًا على خوف؛ فإن الإسلام دين العقل والإقناع، وليس دين الجبر والقهر، والمسلمون يعبدون الله، ويلتزمون بشريعته طبقًا لهذه الحقيقة، وبمعنى أدق فإن هذا يكون رغبًا، ورهبًا؛ فليس الترغيب وحده أو الترهيب وحده كافٍ في ذلك، وإن كانت الرغبة تسبق الرهبة، وتتقدمها، وهذا يبطل زعمه عن فكرة الخوف الناشئة عن الدين، والتي اعتبرها السبب في كون الدولة الإسلامية من الممالك المطلقة.
وأخيرًا فإنه لا محل لذلك التوقير العجيب الذي ادعاه للإمام، والذي سنده الدين، أين هذا من حق النقد الذي أرساه أبو بكر في قوله: إن أحسنت