الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحكم يكون إما بإلزام المحكوم عليه بأمرٍ ما كتنفيذ شيء أو إعطاء شيء، وهذا يسمى قضاء إلزام، وإما يمنع الحاكم المنازعة بقوله للمدعي: ليس لك حق عند خصمك بسبب عجزك عن الإثبات، وهذا يسمى قضاء الترك.
الركن الثالث من أركان القضاء: المحكوم به، وهو في قضاء الإلزام ما ألزم به القاضي المحكوم عليه من إيفاء المدعي حقه، وهو في قضاء الترك ترك المدعي المنازعة، وعلى كلٍّ فالمحكوم به هو الحق إما لله أو للعبد أو مشترك بينهما.
الركن الرابع من أركان القضاء: المحكوم عليه، وهو من يصدر الحكم ضده، أو من يستوفى منه الحق سواء أكان مدعى عليه أم لا.
الركن الخامس من أركان القضاء: المحكوم له، وهو المدعي بحقٍّ له سواء أكان خالصًا له كالحق في الدين، أو الالتزام المالي أم خالصًا لله كالحدود الشرعية، أم مشتركًا بين الحقين وكان حق الله هو الغالب، وهو حد القذف في رأي الحنفية، أو حق العبد هو الغالب، وهو الحق في القصاص، فإن كان الحق خالصًا لله أو حق الله فيه غالب فإن المحكوم له هو الشرع، وهنا لا تشترط الدعوى من شخص معين، ويحق لكل شخص حتى القاضي التقدم بالأمر، وهي دعوى الحسبة، وهو الذي تمثله في عصرنا النيابة العامة.
الدعوى وشروطها
ثم ننتقل الآن إلى موضوع آخر وهو الدعوى والبينات فنقول:
الدعوى في اللغة: قولٌ يقصد به الإنسان إيجاب حق على غيره، أو هي الطلب والتمني قال تعالى:{وَلَهُمْ مَا يَدَّعُون} (يس: من الآية: 57) وتجمع على دعاوى ودعاوي.
والدعوى شرعًا: إخبار بحق للإنسان على غيره عند الحاكم.
وركنها هو قول الرجل لي علي فلانٍ، أو قِبل فلان كذا، أو قضيت حق فلان، أو أبرأني عن حقه، ونحوها.
شروط الدعوى: أول شرط من شروط الدعوى: أهلية العقل أو التمييز، يشترط أن يكون المدعي والمدعى عليه عاقلين، فلا تصح دعوى المجنون والصبي غير المميز كما لا تصح الدعوى عليهما، فلا يلزمان بالإجابة على دعوى الغير عليهما ولا تسمع البينة عليهما.
ثاني شروط الدعوى: أن تكون في مجلس القضاء؛ لأن الدعوى لا تصح في غير هذا المجلس.
ثالث هذه الشروط: أن تكون دعوى المدعي على خصم حاضر لدى الحاكم عند سماع الدعوى والبينة والقضاء، فلا تقبل الدعوى على غائبٍ كما لا يقضى على غائبٍ عند الحنفية سواء أكان غائبًا وقت الشهادة أم بعدها، وسواء أكان غائبًا عن مجلس القاضي أم عن البلد التي فيها القاضي، ولا يشترط هذا الشرط في المذاهب الأخرى.
ومن الشرط الرابع: أن يكون المدعى به شيئًا معلومًا، وعلمه إما بالإشارة إليه عند القاضي إذا كان الشيء من المنقولات، أو ببيان حدوده إذا كان قابلًا للتحديد كالأراضي والدور وسائر العقارات، أو بكشف يجريه القاضي أو من ينوب عنه إذا لم يكن المدعى به قابلًا للتحديد كحجر الرحى، أو ببيان جنسه ونوعه وقدره وصفته إذا كان المدعى به دَينًا كالنقود، والبُر، والشعير، وغير ذلك؛ لأن الدين لا يصير معلومًا إلا ببيان هذه الأمور، والسبب في اشتراط العلم بالمدعى به هو أن المدعى عليه لا يُلزم بإجابة دعوى المدعي إلا بعد معرفة المدعى به، وكذلك الشهود لا يمكنهم الشهادة على مجهول، ثم إن القاضي لا يتمكن من إصدار الحكم أو القضاء بالدعوى إلا إذا كان المدعى به شيئًا معلومًا.