الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الخلطة في الماشية، وتأثيرها في الزكاة
موقف الفقهاء من أنواع الأموال التي تؤثر فيها الخلطة:
الذين قالوا: إن للخلطة تأثيرًا في الزكاة، اختلفوا بالنسبة للأموال التي تؤثر فيها الخلطة، ويمكن إرجاع هذا الاختلاف إلى رأيين:
الرأي الأول: ويرى أصحابه أن للخلطة تأثيرًا في الماشية فقط، وأما في غير المواشي فلا تأثير للخلطة فيها.
الرأي الثاني: ويرى أصحابه أن للخلطة تأثيرًا في جميع أنواع الأموال، سواء أكانت مواشي، أو أثمان، أو عروضًا تجارية، أو حبوبًا، أو ثمارًا، يرجع في تفصيل هذه الآراء لـ (المغني) لابن قدامة الجزء الثاني صـ490 وما بعدها، و (المجموع شرح المهذب) للنووي الجزء الخامس صـ430 وما بعدها.
أدلة الرأي الأول: استدل أصحاب هذا الرأي القائلون بأن: للخلطة تأثيرًا في الماشية فقط، وأما في غير المواشي فلا تأثير للخلطة فيها، أقول: استندوا إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ((والخليطان ما اجتمع على الحوض، والفحل، والراعي)) ((والخليطان ما اجتمع على الحوض
…
)) والمقصود بـ ((الحوض)): هو المكان الذي تشرب منه الماشية، و ((الفحل)): وهذا شيء خاص بالماشية، و ((الراعي)) أيضًا هذا شيء خاص بالماشية، قالوا: فإنه يدل على أن ما لم يوجد فيه ذلك -يعني: ما لم يوجد فيه الحوض والفحل والراعي- لا يكون هناك خلطة مؤثرة.
واستندوا أيضًا إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يجمع بين متفرق خشية الصدقة)) حيث قالوا: إنه إنما هو خاص بالماشية فقط؛ لأن الزكاة تقل بجمعها تارة، وتكثر أخرى، وسائر الأموال تجب فيها فيما زاد على النصاب بحسابه، فلا أثر لجمعها.
يعني: هذا الجمع بين المتفرق، والتفرق بين المجتمع، قالوا: هذا يؤثر في الصدقة فعلًا، لكنه في الماشية فقط، لكن ذلك لا يتصور بالنسبة للأموال الأخرى مثل النقود على سبيل المثال؛ لأن النقود على سبيل المثال عندما تصل إلى النصاب تجب فيها الزكاة أيًّا كان المبلغ الذي وصلت إليه، وبذلك لا يتصور فيها تفريق بين مجتمع، أو جمع بين متفرق؛ ولذلك قالوا: هذا الحديث أيضًا لا ينطبق إلا على الماشية فقط.
ولذلك إن هؤلاء يقولون: تأثير الخلطة في الزكاة إنما هو خاص بالماشية فقط، فإذا كانت هناك خلطة في غير الماشية فلا تأثير لهذه الخلطة في الزكاة، أي: أنه لا يجعل مال للرجلين كمال رجل واحد؛ مال الرجلين يجعل كمال رجل واحد إنما هو في حالة الماشية فقط؛ أما في عداها فلا يجعل مال الرجلين كمال رجل واحد.
وبالتالي في هذه الحالة كل إنسان مستقل تمامًا بأشيائه، وبأمواله، فإذا بلغت نصابًا على انفراد زكَّاها، وإذا لم تبلغ فلم يزكها.
هذا هو مجمل الرأي الأول، والأدلة التي استند إليها أصحاب الرأي القائلون بأن تأثير الخلطة بالنسبة للزكاة إنما يكون في الماشية فقط، ولا يكون في غيرها من العموم.
أما الرأي الثاني الذي يقول بأن: للخلطة تأثيرًا في جميع أنواع الأموال، سواء كانت مواشي، أو أثمان، أو عروضًا تجارية، أو حبوبًا، أو ثمارًا، هؤلاء استدلوا على ما ذهبوا إليه بقولهم: إن المئونة تخف إذا كان الملقح واحدًا، والنضور والجرين، وكذلك أموال التجارة، وتختلف أيضًا إذا كان الدكان واحدًا والميزان والبائع فأشبه الماشية.
وقال النووي: والأصح ثبوتها -أي: الخلطة- جميعًا في الجميع أي: جميع الأموال لعموم الحديث: ((لا يفرق بين مجتمع)) وأضاف تعليلًا آخر لذلك هو: أن الخلطة إنما تثبت في الماشية للارتفاق، والارتفاق هنا موجود باتحاد