الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ
وَلَا يَجُوزُ تَعْدِيلُ النِّسَاءِ وَلَا تَجْرِيحُهُنَّ
وَلَا يُقْبَلُ فِي التَّزْكِيَةِ إلَّا مَنْ يَقُولُ عَدْلٌ رِضًا وَلَا يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي التَّجْرِيحِ وَاحِدٌ
وَتُقْبَلُ
شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ
قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقُوا أَوْ يَدْخُلَ بَيْنَهُمْ كَبِيرٌ
وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ اُسْتُحْلِفَ الْبَائِعُ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُبْتَاعُ أَوْ يَحْلِفُ وَيَبْرَأُ
وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَدَاعِيَانِ فِي شَيْءٍ بِأَيْدِيهِمَا حَلَفَا وَقُسِمَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ
ــ
[الفواكه الدواني]
وَبِوَطْءِ مَنْ لَا تُوطَأُ، وَبِالْتِفَاتِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَبِاقْتِرَاضِهِ حِجَارَةً مِنْ الْمَسْجِدِ، وَعَدَمِ إحْكَامِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَالزَّكَاةِ لِمَنْ لَزِمَتْهُ، وَبَيْعِ نَرْدٍ وَطُنْبُورٍ وَاسْتِحْلَافِ أَبِيهِ، وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ الْعُدُولِ
[مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَمَنْ لَا يَصِحُّ]
شَرَعَ هُنَا فِي بَيَانِ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَمَنْ لَا يَصِحُّ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَجُوزُ تَعْدِيلُ النِّسَاءِ) لِغَيْرِهِنَّ.
(وَلَا تَجْرِيحُهُنَّ) لَا لِرِجَالٍ وَلَا لِنِسَاءٍ، لَا فِيمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، فَتَعْدِيلُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ لِنَقْصِهِنَّ عَنْ مَرْتَبَةِ التَّعْدِيلِ، فَلَا يَصِحُّ تَعْدِيلٌ وَلَا تَجْرِيحٌ إلَّا مِنْ الرِّجَالِ، ظَاهِرُهُ كَانَ الْمَشْهُودُ بِعَدَالَتِهِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً.
ثُمَّ بَيَّنَ صِفَةَ التَّعْدِيلِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُقْبَلُ فِي التَّزْكِيَةِ) أَيْ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ (إلَّا مَنْ يَقُولُ) أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا (عَدْلٌ رِضًا) أَيْ مَرْضِيٌّ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمُزَكِّي يَقُولُ فِي الْمُزَكَّى بِفَتْحِ الْكَافِ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًا؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ تُشْعِرُ بِالسَّلَامَةِ فِي الدِّينِ، وَالرِّضَا يُشْعِرُ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الْبَلَهِ وَالْغَفْلَةِ، فَلَوْ قَالَ: هُوَ عَدْلٌ رِضًا بِدُونِ أَشْهَدُ لَمْ يَكْفِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُزَكِّي أَنْ يَكُونَ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا لِلْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ غَرِيبًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي مُزَكِّيهِ كَوْنُهُ مَعْرُوفًا لِلْقَاضِي، بَلْ يَكْفِي أَنْ يُزَكِّيَ مُزَكِّيَهُ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ، وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْمُزَكِّي فَطِنًا وَعَارِفًا بِتَصَنُّعَاتِ الشُّهُودِ، وَأَنْ يَكُونَ مُعْتَمِدًا فِي شَهَادَتِهِ عَلَى التَّزْكِيَةِ عَلَى طُولِ عِشْرَةِ الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَيَرْجِعُ فِي طُولِهَا لِلْعُرْفِ لَا عَلَى مُجَرَّدِ سَمَاعٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّمَاعُ فَاشِيًا مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُزَكِّي مِنْ أَهْلِ سُوقِ الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ وَمُحَلَّتِهِ، إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُودِ مَنْ فِيهِ تِلْكَ الْأَوْصَافُ فَيَكْفِي مِنْ غَيْرِهِمْ، (وَلَا يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ التَّزْكِيَةِ.
(وَلَا فِي) مُقَابِلِهَا الَّذِي هُوَ (التَّجْرِيحُ وَاحِدٌ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ مُسْتَوْفِيَيْنِ لِجَمِيعِ الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ وَالْجِرَاحَةَ لَا تَخْفَى، فَشَهَادَةُ وَاحِدٍ فَقَطْ تُورِثُ رِيبَةً فِي عَدَالَةِ الشَّاهِدِ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ التَّزْكِيَةِ وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ عَلَى الْكِفَايَةِ عِنْدَ تَعَدُّدِ مَنْ يَقُومُ بِهَا، وَعَلَى التَّعْيِينِ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَدُّدِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَوَجَبَتْ إنْ تَعَيَّنَ أَيْ وَوَجَبَتْ الشَّهَادَةُ بِالتَّزْكِيَةِ إنْ تَعَيَّنَ التَّعْدِيلُ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُعَدِّلُهُ غَيْرُهُ، وَحُكْمُ التَّجْرِيحِ كَحُكْمِ التَّعْدِيلِ إنْ لَزِمَ عَلَى تَرْكِهِ بُطْلَانُ الْحَقِّ.
قَالَ خَلِيلٌ: كَجُرْحٍ إنْ بَطَلَ حَقٌّ.
الثَّانِي: مَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ فِي التَّزْكِيَةِ فِي الْعَلَانِيَةِ، وَأَمَّا فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ فَالتَّعَدُّدُ مَنْدُوبٌ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَقَدْ قَالَ خَلِيلٌ: وَنُدِبَ تَزْكِيَةُ سِرٍّ مَعَهَا أَيْ مَعَ تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ.
[شَهَادَة الصَّبِيَّانِ فِي الْجِرَاح]
وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا يُقْبَلُ فِي أَدَائِهِ صَبِيٌّ دَفَعَ عُمُومَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ) الْقَتْلِ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْأَمْوَالِ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَجَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاوِيَةُ، وَمَنَعَهَا الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ، وَإِنَّمَا جَازَتْ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ حُضُورِ الْكِبَارِ عِنْدَهُمْ، وَلِأَنَّهُمْ يُنْدَبُونَ إلَى تَعْلِيمِ الرَّمْيِ وَالصِّرَاعِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يُدَرِّبُهُمْ عَلَى الْحَرْبِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْكَرِّ وَالْفَرِّ وَحَمْلِ السِّلَاحِ، فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لَأَدَّى إلَى إهْدَارِ دِمَائِهِمْ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ حُضُورِ الْكِبَارِ عِنْدَهُمْ، وَشَرْطُ قَبُولِهَا أَنْ يُؤَدُّوهَا.
(قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا) فَإِنْ تَفَرَّقُوا لَمْ تَصِحَّ شَهَادَتُهُمْ لِاتِّهَامِهِمْ عَلَى تَعْلِيمِ الْكِبَارِ لَهُمْ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْعُدُولُ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ، وَمِنْ شُرُوطِهَا أَنْ لَا يَحْضُرَهُمْ كَبِيرٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(أَوْ يَدْخُلُ بَيْنَهُمْ كَبِيرٌ) فَإِنْ حَضَرَ عِنْدَهُمْ كَبِيرٌ زَمَنَ قِتَالِهِمْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ.
قَالَ خَلِيلٌ فِي شُرُوطِهَا: وَالشَّاهِدُ حُرٌّ مُمَيِّزٌ ذَكَرٌ تَعَدَّدَ لَيْسَ بِعَدُوٍّ وَلَا قَرِيبٍ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا فُرْقَةَ، إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ قَبْلَهَا، وَلَمْ يَحْضُرْ كَبِيرٌ أَوْ يَشْهَدُ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ، وَزِيدَ عَلَيْهَا: أَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْهُمْ مَعْرُوفًا بِالْكَذِبِ، وَأَنْ تَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى رُؤْيَةِ الْجَسَدِ مَقْتُولًا، وَلَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِمْ رُجُوعُهُمْ وَلَا تَجْرِيحُهُمْ، وَيُؤْخَذُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ اشْتِرَاطُ الْإِسْلَامِ، وَفَائِدَةُ الْعَمَلِ بِشَهَادَةِ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ لُزُومُ الدِّيَةِ بَعْدَ الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّ عَمْدَ الصِّبْيَانِ كَالْخَطَإِ مِنْ الْكِبَارِ.
(تَنْبِيهٌ) لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ جَوَازُ شَهَادَةِ النِّسَاءِ لِبَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِنَّ فِي نَحْوِ حَمَّامٍ أَوْ عُرْسٍ، لِوُجُودِ الْفَرْقِ بَيْنَ اجْتِمَاعِ النِّسَاءِ وَاجْتِمَاعِ الصِّبْيَانِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَجَوَازِهِ لِلصِّبْيَانِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ مَسَائِلِ الشَّهَادَاتِ شَرَعَ فِي أَحْكَامِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَقَالَ: (وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ) تَثْنِيَةُ مُتَبَايِعٍ بِالْيَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ بَايَعَ وَالْمُرَادُ الْمُتَعَاقِدَانِ حَتَّى يَشْمَلَ الْمُتَكَارِيَيْنِ، وَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ اخْتَلَفَ لِيَشْمَلَ الِاخْتِلَافَ فِي جِنْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ قَدْرِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ، أَوْ فِي قَدْرِ الرَّهْنِ أَوْ الْأَجَلِ، وَجَوَابُ إذَا الشَّرْطِيَّةِ (اُسْتُحْلِفَ الْبَائِعُ) أَوْ لَا جَبْرًا عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فَالْقَوْلُ
أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا حَلَفَا وَكَانَ بَيْنَهُمَا
وَإِذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ بَعْدَ الْحُكْمِ أُغْرِمَ مَا أَتْلَفَ بِشَهَادَتِهِ إنْ
ــ
[الفواكه الدواني]
مَا قَالَ الْبَائِعُ» وَلِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ مِلْكِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا.
(ثُمَّ) إنْ حَلَفَ لَزِمَ الْبَيْعُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسٍ أَوْ نَوْعٍ أَوْ قَدْرِ ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ.
(يَأْخُذُ الْمُبْتَاعُ) السِّلْعَةَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ (أَوْ) أَيْ إنْ نَكَلَ الْبَائِعُ (يَحْلِفُ) أَيْ الْمُبْتَاعُ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ.
(وَيَبْرَأُ) مِمَّا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَحِينَئِذٍ لِكُلٍّ الْخِيَارُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِمَا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ وَالْفَسْخِ لَكِنْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، فَلَوْ نَكَلَ الْمُبْتَاعُ أَيْضًا فَإِنَّ الْعَقْدَ يُفْسَخُ أَيْضًا إنْ حُكِمَ بِهِ، وَلَا يَنْظُرُ لِشَبَهٍ وَلَا عَدَمِهِ وَلَا لِقِيَامِ السِّلْعَةِ وَفَوَاتِهَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ أَوْ نَوْعِهِمَا، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ خَلِيلٍ: إنْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ حَلَفَا وَفُسِخَ، وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ مَعَ الْقِيَامِ وَقِيمَتُهَا أَوْ مِثْلُهَا مَعَ الْفَوَاتِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْأَجَلِ أَوْ الْحَمِيلِ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً وَلَا يُنْظَرُ لِشَبَهٍ وَلَا عَدَمِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ فَوَاتِهَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ، فَإِنْ انْفَرَدَ الْبَائِعُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا فَالْفَسْخُ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا.
قَالَ خَلِيلٌ: وَفِي قَدْرِهِ كَمَثْمُونِهِ أَوْ قَدْرِ أَجَلٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ حَلَفَا وَفُسِخَ إنْ حُكِمَ بِهِ، وَيَكُونُ الْفَسْخُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْفَسْخِ، ثُمَّ قَالَ: وَصُدِّقَ مُشْتَرٍ ادَّعَى الْأَشْبَهَ وَحَلَفَ إنْ فَاتَ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَفُسِخَ وَتُرَدُّ قِيمَةُ السِّلْعَةِ يَوْمَ فَوَاتِهَا، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْفَسْخَ فِي الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ نَوْعِهِ مُطْلَقٌ.
وَفِي الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِهِ أَوْ فِي قَدْرِ الرَّهْنِ أَوْ الْأَجَلِ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ فَوَاتِ السِّلْعَةِ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ، فَإِنْ انْفَرَدَ الْبَائِعُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الشَّبَهُ مِنْهُمَا فَالْفَسْخُ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: لَمْ يَدْخُلْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُنْكِرِهِ إجْمَاعًا لَكِنْ بِيَمِينِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِي الْبَيْعِ مَالِكُ السِّلْعَةِ أَوْ مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهَا.
الثَّانِي: مِثْلُ الْمُتَبَايِعَيْنِ كُلُّ مُتَعَاقِدَيْنِ لِيَشْمَلَ الْمُتَكَارِيَيْنِ، فَلَوْ عَبَّرَ بِالْمُتَعَاقِدِينَ لَكَانَ أَشْمَلَ.
(فُرُوعٌ) الْأَوَّلُ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ إلَّا عِنْدَ غَلَبَةِ الْفَسَادِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ، كَادِّعَاءِ أَحَدِهِمَا صِحَّةَ الصَّرْفِ وَالْآخَرِ فَسَادَهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فَسَادُ الصَّرْفِ وَمِثْلُهُ السَّلَمُ.
الْفَرْعُ الثَّانِي: إذَا اخْتَلَفَا فِي الْخِيَارِ وَالْبَتِّ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبَتِّ وَلَوْ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ إلَّا لِعُرْفٍ بِالْخِيَارِ.
الْفَرْعُ الثَّالِثُ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ فَالْأَصْلُ الْبَقَاءُ إلَّا لِعُرْفٍ كَلَحْمٍ أَوْ بَقْلٍ بَانَ بِهِ.
الْفَرْعُ الرَّابِعُ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي انْقِضَاءِ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ لِقَبْضِ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى الْبَقَاءَ حَيْثُ فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَأَشْبَهَ مُدَّعِيهِ، وَأَمَّا مَعَ قِيَامِهَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ.
(وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَدَاعِيَانِ فِي شَيْءٍ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَادَّعَاهُ كُلٌّ لِنَفْسِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَحْبُوسٌ (بِأَيْدِيهِمَا) أَوْ لَا يَدَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ بِيَدِ ثَالِثٍ لَمْ يَدَّعِهِ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُقَرِّبْهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْهُمَا.
(حَلَفَا وَقُسِمَ بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَرَجَّحْ جَانِبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ اخْتَصَّ بِهِ الْحَالِفُ، وَمَفْهُومُ بِأَيْدِيهِمَا لَوْ كَانَ بِيَدِ ثَالِثٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ يُقِرُّ لَهُ الْحَائِزُ وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدٍ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَأْخُذُهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا قَامَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ وَهُوَ بِيَدِ ثَالِثٍ لَمْ يَدَّعِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ يُقِرُّ الْحَائِزُ لَهُ لَكِنْ بِيَمِينِهِ، وَقَوْلُهُ: قُسِمَ بَيْنَهُمَا يُشْعِرُ بِقِسْمَتِهِ نِصْفَيْنِ وَهُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ كَانَ كُلٌّ يَدَّعِي جَمِيعَهُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ جَمِيعَهُ وَالْآخَرُ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ كَالْعَوْلِ، فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، وَكَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ أَنْ يُزَادَ عَلَى الْكُلِّ قَدْرُ الْكَسْرِ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْآخَرُ، فَيُزَادُ عَلَى الْكُلِّ النِّصْفُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَيُنْسَبُ ذَلِكَ لِمَجْمُوعِ الْكُلِّ وَالْكَسْرِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ، فَيَأْخُذُ مُدَّعِي النِّصْفِ الثُّلُثَ وَمُدَّعِي الْكُلِّ الثُّلُثَيْنِ، وَإِذَا ادَّعَى وَاحِدٌ الْكُلَّ وَوَاحِدٌ النِّصْفَ وَثَالِثٌ الثُّلُثَ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ أَقَلُّ عَدَدٍ يَشْتَمِلُ عَلَى تِلْكَ الْمَخَارِجِ وَهُوَ سِتَّةٌ، فَإِنَّ لَهَا النِّصْفَ وَالثُّلُثَ فَتُجْعَلُ لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَيُزَادُ عَلَيْهَا مِثْلُ نِصْفِهَا وَثُلُثِهَا، وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعْطَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ سِتَّةٌ، وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ، وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ اثْنَانِ وَهَكَذَا.
قَالَ خَلِيلٌ: وَقُسِمَ عَلَى الدَّعْوَى إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ بِقَرِينَةٍ لِقَوْلِهِ:(وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) أَيْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّ مَا بِأَيْدِيهِمَا مَعًا، أَوْ لَا يَدَ لِوَاحِدٍ حُدَّ عَلَيْهِ، أَوْ بَعِيدٌ ثَالِثٌ لَمْ يَدَّعِهِ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْهُمَا، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَالَةِ (قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا) مَعَ يَمِينِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الزَّائِدَةُ فِي الْعَدَالَةِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ إلَى الْآنَ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ مُرِيدَ الْعَدَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ، وَكَمَا يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا يُقْضَى بِالْمُؤَرَّخَةِ عَلَى غَيْرِهَا، وَبِالسَّابِقَةِ تَارِيخًا عَلَى غَيْرِهَا، وَبِالنَّاقِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ، وَبِالْمُثْبِتَةِ عَلَى النَّافِيَةِ، وَبِالدَّاخِلَةِ عَلَى الْخَارِجَةِ، وَالْمُرَادُ بِالدَّاخِلَةِ بَيِّنَةُ وَاضِعِ الْيَدِ وَالْخَارِجَةِ بَيِّنَةُ غَيْرِهِ، وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِأَعْدَلِهِمَا أَنَّهُ يُقْضَى لِمُقِيمِ الْعَادِلَةِ دُونَ