المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[العقد على منافع الدواب] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ٢

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ وَالْخُلْعِ وَالرَّضَاعِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[الْمُحْرِمَات فِي النِّكَاح]

- ‌[الْقَسْمُ بَيْن الزَّوْجَاتِ]

- ‌[شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[إسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا]

- ‌ الطَّلَاقُ

- ‌الْخُلْعُ

- ‌[أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ]

- ‌[مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ]

- ‌[عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ الْمُوجِبَةِ لِخِيَارِ كُلٍّ فِي صَاحِبِهِ]

- ‌[أَحْكَامِ الزَّوْجِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْإِيلَاء]

- ‌[الظِّهَار]

- ‌اللِّعَانُ

- ‌[صِفَةِ اللِّعَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْعَبْدِ]

- ‌[الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[أَسْبَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَوْ الْأَمَةِ فِي الطَّلَاقِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ]

- ‌عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا

- ‌وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَأَسْبَابُهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[بَاب السَّلَم]

- ‌الْعُهْدَةُ

- ‌[السَّلَمُ فِي الْعُرُوضِ]

- ‌[أَقَلِّ أَجَلِ السَّلَمِ]

- ‌[بَيْع الدِّين بالدين]

- ‌[الْبِيَاعَات الْمُنْهِيَ عَنْهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ]

- ‌[بَاب الْإِجَارَة]

- ‌[حُكْم الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الدَّوَابِّ]

- ‌[الْإِجَارَةُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تضمين الصناع]

- ‌[بَاب الشَّرِكَة]

- ‌[حُكْم الشَّرِكَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[بَاب الْقِرَاض]

- ‌[الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ]

- ‌[بَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُسَاقَاة]

- ‌[بَاب الْمُزَارَعَة]

- ‌[الصُّوَر الْمَمْنُوعَة فِي الْمُزَارَعَة]

- ‌[حُكْمِ شِرَاءِ الْعَرَايَا]

- ‌بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[الْإِيصَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَامِ الْوَصَايَا الْمُتَّحِدَةِ الرُّتْبَةِ وَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهَا]

- ‌[أَحْكَام التَّدْبِير]

- ‌[صفة إخْرَاج الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَام الْكِتَابَة]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَامِ الْعِتْق النَّاجِز]

- ‌[الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ]

- ‌[مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ]

- ‌[بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[مَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ]

- ‌[أَحْكَام الْهِبَة]

- ‌[هِبَة الْوَالِد جَمِيعَ مَالِهِ لِبَعْضِ أَوْلَادِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الْهِبَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَى]

- ‌[بَيَان حُكْمِ الْحُبُسِ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ]

- ‌[صِفَةِ قَسْمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب الرَّهْن]

- ‌ضَمَانُ الرَّهْنِ

- ‌[مُسْتَحِقّ غَلَّةَ الرَّهْنِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[حُكْمِ الِاتِّجَارِ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[بَاب اللُّقَطَة]

- ‌[أَحْكَام الضَّالَّةِ]

- ‌[التَّعَدِّي عَلَى مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[بَاب الْغَصْب]

- ‌بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ

- ‌[ثُبُوت الْقَتْل بِالْقَسَامَةِ]

- ‌[صفة الْقَسَامَة وَحَقِيقَتَهَا]

- ‌[صِفَةِ حَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَمَنْ يَحْلِفُهَا]

- ‌[مَا تَكُون فِيهِ الْقَسَامَة]

- ‌[الْعَفْو عَنْ الدَّم]

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[مِقْدَار الدِّيَة]

- ‌[دِيَةِ الْأَطْرَافِ وَالْمَعَانِي]

- ‌[الْقِصَاص فِي الْجِرَاح]

- ‌[تَحْمِل الْعَاقِلَة شَيْئًا مِنْ الدِّيَة مَعَ الْجَانِي]

- ‌[مُسْتَحَقّ دِيَةِ الْمَقْتُولِ]

- ‌[أَحْكَامِ كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ

- ‌[أَحْكَامِ الْمُحَارِب]

- ‌[بَاب الزِّنَا]

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَا]

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[بَاب القذف]

- ‌ شُرُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[كَرَّرَ شُرْبَ الْخَمْرِ أَوْ كَرَّرَ فِعْلَ الزِّنَا]

- ‌[صِفَةِ الْمَحْدُودِ]

- ‌[بَاب السَّرِقَة]

- ‌[مَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ]

- ‌[حُكْم الشَّفَاعَةِ فِيمَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَدٌّ]

- ‌(بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ)

- ‌[وَجَدَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْحَقِّ بَعْدَ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ]

- ‌[أَقْسَام الشَّهَادَة]

- ‌[مَا تَشْهَدُ فِيهِ النِّسَاءُ]

- ‌ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ

- ‌[شَهَادَة الزَّوْج لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[شَهَادَةُ وَصِيٍّ لِيَتِيمِهِ بِشَيْءٍ عَلَى آخَرَ]

- ‌ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ

- ‌[مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَمَنْ لَا يَصِحُّ]

- ‌[الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَكَالَة]

- ‌[حُكْمِ الصُّلْحِ]

- ‌[بَعْض مَسَائِل الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْفَلَسِ]

- ‌[بَعْضَ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ]

- ‌[شُرُوط الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[شُرُوط الْقِسْمَة]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْإِقْرَارِ]

- ‌[حُكْمِ مَا إذَا مَاتَ أَجِيرُ الْحَجِّ قَبْلَ التَّمَام]

- ‌[بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْوَارِثَاتِ مِنْ النِّسَاءِ]

- ‌[الْفُرُوض فِي الْمِيرَاث]

- ‌[إرْثِ الْبَنَاتِ مَعَ الْأَخَوَاتِ]

- ‌[أَنْوَاع الحجب]

- ‌[مِيرَاث الْإِخْوَة لإم]

- ‌[مَوَانِعِ الْإِرْث]

- ‌مِيرَاثُ الْجَدِّ

- ‌[إرْث الْجَدَّة]

- ‌[اجْتِمَاعِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَوْل]

- ‌[كَيْفِيَّةُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَتَأْصِيلِهَا وَكَيْفِيَّةُ قَسْمِ التَّرِكَةِ]

- ‌بَابٌ: جُمَلٌ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[حُكْم السِّوَاك]

- ‌[الْقُنُوت فِي الصَّلَاة]

- ‌[صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[صَلَاة الْوِتْر]

- ‌[جَمْعِ الصَّلَاة]

- ‌رَكْعَتَا الْفَجْرِ

- ‌صَلَاةُ الضُّحَى

- ‌ قِيَامُ رَمَضَانَ

- ‌[الْفِطْر فِي السَّفَر]

- ‌ طَلَبُ الْعِلْمِ

- ‌[صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْجِهَاد قَيْءٍ سَبِيل اللَّه]

- ‌ غَضُّ الْبَصَرِ

- ‌[صَلَاة النَّوَافِل فِي الْبُيُوت]

- ‌[صَوْنُ اللِّسَانِ عَنْ الْكَذِبِ]

- ‌[الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ فِي زَمَنِ خُرُوجِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاس]

- ‌أَكْلِ الطَّيِّبِ

- ‌[أَكْلَ الْمَيْتَةِ]

- ‌ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ

- ‌ شُرْبَ الْخَمْرِ

- ‌[الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ]

- ‌[أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاع وَأَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[بِرُّ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[الِاسْتِغْفَار لِلْوَالِدَيْنِ]

- ‌[حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ]

- ‌الْهِجْرَانُ الْجَائِزُ

- ‌[مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ]

- ‌[سَمَاعَ الْأَمْرِ الْبَاطِلِ]

- ‌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌[حُكْم التَّوْبَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الْفِطْرَةِ وَالْخِتَانِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَاللِّبَاسِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌ صِبَاغُ الشَّعْرِ

- ‌ لِبَاسِ الْحَرِيرِ

- ‌ التَّخَتُّمِ بِالْحَدِيدِ

- ‌[التَّخَتُّم بِالذَّهَبِ]

- ‌[جَرّ الرَّجُلُ إزَارَهُ فِي الْأَرْضِ]

- ‌ وَصْلِ الشَّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

- ‌[آدَابِ الْأَكْلِ الْمُقَارِنَةِ لَهُ]

- ‌[الْآدَابِ الْمُقَارِنَةِ لِلشُّرْبِ]

- ‌[بَابٌ فِي السَّلَامِ وَالِاسْتِئْذَانِ وَالتَّنَاجِي]

- ‌[صِفَةُ السَّلَامِ]

- ‌[الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ السَّفَرِ أَوْ النَّوْمِ]

- ‌[آدَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ]

- ‌[بَابٌ فِي حُكْم التَّعَالُجِ]

- ‌الرُّقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ

- ‌[التَّدَاوِي بِالْكَيِّ]

- ‌[الْكَلَامِ عَلَى الطِّيَرَة]

- ‌[صِفَةِ الرُّقْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ]

- ‌[اتِّخَاذ الْكِلَاب فِي الْبُيُوت]

- ‌[الرِّفْق بِالْمَمْلُوكِ]

- ‌[بَابٌ فِي الرُّؤْيَا وَالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ وَغَيْرهَا]

- ‌[اللَّعِب بِالنَّرْدِ]

- ‌[اللَّعِب بِالشِّطْرَنْجِ]

- ‌[حُكْم المسابقة]

- ‌[صُوَرِ الْمُسَابَقَةِ]

- ‌[قَتْلَ جَمِيعِ الْحَشَرَاتِ بِالنَّارِ]

- ‌[قَتْلِ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَد]

- ‌[التَّفَاخُرَ بِالْآبَاءِ]

- ‌[أَفْضَلِ الْعُلُومِ]

- ‌[الثَّمَرَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ]

- ‌[الْمُحَافَظَةِ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[العقد على منافع الدواب]

نِصْفُ الْإِجَارَةِ.

وَالْكِرَاءُ كَالْبَيْعِ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ.

وَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا إلَى بَلَدٍ فَمَاتَتْ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ فِيمَا بَقِيَ.

ــ

[الفواكه الدواني]

الْعَمَلُ فَيَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ الْمُسَمَّى لَهُ وَجُعْلَ مِثْلِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ تَسْمِيَةٌ حَيْثُ كَانَتْ عَادَتُهُ الْإِتْيَانَ بِالْآبِقِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ الشَّيْءَ الْمُجَاعَلَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّهِ، وَلَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِحُرِّيَّةٍ، وَلَا يَرْجِعُ الْجَاعِلُ بِالْجُعْلِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْجَاعِلَ هُوَ الَّذِي وَرَّطَ الْعَامِلَ فِي الْعَمَلِ مِثْلَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ بَعْدَ شُرُوعِ الْعَامِلِ فِي تَحْصِيلِهِ بِخِلَافِ مَوْتِهِ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّهِ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ، وَمِثْلُ الْمَوْتِ فِي تَفْصِيلِهِ لَوْ هَرَبَ الْعَبْدُ أَوْ أُسِرَ أَوْ غُصِبَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَالِاسْتِحْقَاقِ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ يَغْلِبُ كَوْنُهُ نَاشِئًا عَنْ عَدَاءِ الْجَاعِلِ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْعَامِلِ لَا شَيْءَ لَهُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ مَا لَمْ يَنْتَفِعْ رَبُّ الشَّيْءِ بِعَمَلِهِ، وَإِلَّا اسْتَحَقَّ بِنِسْبَةِ عَمَلِ الثَّانِي.

قَالَ خَلِيلٌ: إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَبُّهُ عَلَى التَّمَامِ، فَبِنِسْبَةِ عَمَلِ الثَّانِي سَوَاءٌ عَمِلَ عَمَلَ الثَّانِي قَدْرَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ جَعَلَ لِلْأَوَّلِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ عَلَى حَمْلِ خَشَبَةٍ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَبَلَّغَهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ مَثَلًا وَتَرَكَهَا ثُمَّ جَعَلَ لِآخَرَ عَشَرَةً عَلَى تَبْلِيغِهَا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَوَّلُ عَشَرَةً، وَهَكَذَا وَلَا مَفْهُومَ لِلِاسْتِئْجَارِ، بَلْ لَوْ بَلَّغَهَا رَبُّهَا أَوْ شَخْصٌ آخَرُ مَجَّانًا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَوَّلُ بِنِسْبَةِ عَمَلِ مَنْ يُتِمُّهُ أَنْ لَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِعَمَلِهِ، رَاجِعْ شَرْحَ خَلِيلٍ لِلْعَلَّامَةِ الْأُجْهُورِيِّ.

1 -

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عَقْدُ الْجُعْلِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ مُنْحَلٌّ مِنْ جِهَةِ الْعَامِلِ وَالْجَاعِلِ، وَأَمَّا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فَلَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْجَاعِلِ، وَمُنْحَلٌّ مِنْ جِهَةِ الْعَامِلِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَاعِلِ مُلْتَزِمُ عَقْدِ الْجُعْلِ، وَلَوْ عَقَدَهُ وَكِيلُهُ.

الثَّانِي: إنَّمَا يَصِحُّ عَقْدُ الْجُعْلِ فِيمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ، فَأَمَّا مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَلَا يَصِحُّ مُجَاعَلَتُهُ عَلَيْهِ.

قَالَ فِي الْبَيَانِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ دُلَّنِي عَلَى مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي جَارِيَتِي وَلَك كَذَا أَوْ مِنْ أُؤَجِّرُهُ نَفْسِي فَدَلَّ عَلَيْهِ فَذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِدْلَالُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: دُلَّنِي عَلَى امْرَأَةٍ تَصْلُحُ لِي أَتَزَوَّجُهَا وَلَك كَذَا فَدَلَّهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّلَالَةِ عَلَى مَنْ يَشْتَرِي أَوْ يَسْتَأْجِرُ، وَبَيْنَ الدَّلَالَةِ عَلَى مَنْ تَصْلُحُ لِلنِّكَاحِ فِي لُزُومِ الْعِوَضِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وُقُوعُ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ، وَهُوَ التَّفْتِيشُ عَلَى مَنْ يَشْتَرِي أَوْ يَسْتَأْجِرُ، بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ، وَهُوَ النَّصِيحَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَنْصَحَهُ صَارَتْ النَّصِيحَةُ وَاجِبَةً عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَخْذُ عِوَضٍ فِي وَاجِبٍ عَلَيْهِ.

وَلَمَّا كَانَ الْجُعْلُ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَامِلُ إلَّا بِالتَّمَامِ، وَالْإِجَارَةُ تُخَالِفُهُ قَالَ:(وَالْأَجِيرُ عَلَى الْبَيْعِ) أَيْ عَلَى السَّمْسَرَةِ عَلَى أَثْوَابٍ أَوْ دَوَابَّ أَوْ عَبِيدٍ مَعْلُومَةٍ فِي أَجَلٍ مَعْلُومٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ (إذَا تَمَّ) أَيْ انْقَضَى (الْأَجَلُ وَلَمْ يَبِعْ) شَيْئًا مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى بَيْعِهِ (وَجَبَ لَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ) الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمَعْرُوفِ لَهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ لَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَدْ اسْتَوْفَى مَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ النِّدَاءُ عَلَى السِّلَعِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ.

(وَ) أَمَّا (إنْ بَاعَ) الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى بَيْعِهِ (فِي نِصْفِ الْأَجَلِ فَلَهُ نِصْفُ الْإِجَارَةِ) أَوْ فِي رُبُعِ الْأَجَلِ فَلَهُ رُبُعُ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي مُقَابَلَةِ مَا يُعَادِلُهُ وَيُقَابِلُهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي التَّعْرِيفِ: يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا، وَالْمُرَادُ بِالْإِجَارَةِ فِي كَلَامِهِ الْأَجْرُ الَّذِي هُوَ الْعِوَضُ، وَحَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى السَّمْسَرَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى نَفْسِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْأَجِيرَ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ شَيْئًا إلَّا بِالْبَيْعِ، وَقَيَّدْنَا الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ بِالْأَشْيَاءِ الْمُعَيَّنَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا عَلَى بَيْعِ سِلَعٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ شَهْرًا مَثَلًا، وَأَحْضَرَ لَهُ شَيْئًا فَبَاعَهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ فَلْيَأْتِهِ بِمَتَاعٍ آخَرَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الشَّهْرُ أَوْ يَدْفَعَ لَهُ جَمِيعَ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى عَمَلِهِ شَهْرًا.

1 -

وَقَالَ التَّتَّائِيُّ: (فَرْعٌ) لَوْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا وَقَالَ لَهُ: لَا تَبِعْ حَتَّى تُسَاوِرَنِي لَمْ يَجُزْ، قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ انْتَهَى. وَأَقُولُ: لَعَلَّ وَجْهَ عَدَمِ الْجَوَازِ شِدَّةُ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا شَاوَرَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُجِيزَ فَيَأْخُذَ الْأُجْرَةَ وَتَارَةً لَا يُجِيزُ فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ بَاطِلًا. (تَنْبِيهٌ) . ظَهَرَ لَك مِنْ هَذَا الْبَيَانِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْإِجَارَةِ لَا فِي الْجُعْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إذَا تَمَّ الْأَجَلُ، وَظَهَرَ أَيْضًا أَنَّ الْإِجَارَةَ تُخَالِفُ الْجُعْلَ فِي ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، الْأَوَّلُ: انْتِقَالُ الْإِجَارَةِ إلَى الْأَجَلِ دُونَ الْجُعْلِ.

الثَّانِي: الْجُعْلُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ فِيهِ شَيْئًا إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ تَتَبَعَّضُ الْأُجْرَةُ غَالِبًا بِتَبْعِيضِ الْمَنْفَعَةِ.

الثَّالِثُ: لُزُومُ الْإِجَارَةِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شُرُوعٌ فِي الْعَمَلِ، بِخِلَافِ الْجُعْلِ فَإِنَّهُ مُنْحَلٌّ مِنْ جِهَتِهِمَا قَبْلَ الشُّرُوعِ، وَبَعْدَهُ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْجَاعِلِ دُونَ الْعَامِلِ.

[الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الدَّوَابِّ]

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْإِجَارَةَ جَائِزَةٌ وَلَازِمَةٌ وَكَانَتْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْغَالِبِ فِي بَيْعِ مَنْفَعَةِ الْعَاقِلِ، شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الدَّوَابِّ وَيُقَالُ لَهُ كِرَاءً مُضَمَّنًا لَهُ بَيَانُ شَرْطِ الْعِوَضِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ:(وَالْكِرَاءُ) بِالْمَدِّ، وَهُوَ بَيْعُ مَنْفَعَةِ مَا أَمْكَنَ نَقْلُهُ مِنْ حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، بِخِلَافِ بَيْعِ مَنْفَعَةِ الْعَاقِلِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى إجَارَةً، وَهَذِهِ تَفْرِقَةٌ لِلْفُقَهَاءِ، وَهِيَ غَيْرُ مُلْتَزِمَةِ الِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّهُمْ كَثِيرًا مَا يُطْلِقُونَ كُلًّا عَلَى الْآخَرِ كَمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْعَقْدُ عَلَى الْمَنَافِعِ كَانَتْ مِنْ عَاقِلٍ أَوْ غَيْرِهِ (كَالْبَيْعِ فِيمَا يَحِلُّ) مِنْ الْأَجَلِ الْمَعْلُومِ وَالْعِوَضِ الْمُسْتَوْفِي لِلشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ

ص: 112

وَكَذَلِكَ الْأَجِيرُ يَمُوتُ، وَالدَّارُ تَنْهَدِمُ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ.

وَلَا بَأْسَ بِتَعْلِيمِ الْمُعَلِّمِ الْقُرْآنَ عَلَى الْحُذَّاقِ.

، وَمُشَارَطَةِ

ــ

[الفواكه الدواني]

مَقْدُورًا عَلَيْهِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ.

(وَ) فِيمَا (يَحْرُمُ) مِنْ كَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ أَوْ مَجْهُولًا أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، وَحَاصِلُ الْمَعْنَى: أَنَّ الْكِرَاءَ بِمَعْنَى بَيْعِ الْمَنَافِعِ كَالْبَيْعِ فِي الشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الْعَاقِدِ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: صِحَّةُ الْإِجَارَةِ بِعَاقِدٍ وَأَجْرٍ كَالْبَيْعِ. ثُمَّ قَالَ: وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ.

1 -

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: أَوْرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْأَرْضِ بِطَعَامٍ وَبِمَا تُنْبِتُهُ، وَإِنْ غَيْرَ خَشَبٍ، وَلَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ سِوَى الْخَشَبِ وَالْحَلْفَاءِ وَالْحَشِيشِ، فَالْكُلِّيَّةُ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ لِصِحَّةِ وُقُوعِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ أَثْمَانًا، وَلَا يَصِحُّ دَفْعُهَا كِرَاءً لِأَرْضِ الزِّرَاعَةِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ وُجُودَ الشَّرْطِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ، فَكَمْ مِنْ مَسْأَلَةٍ يَكُونُ الثَّمَنُ فِيهَا مُسْتَوْفِيًا لِلشُّرُوطِ وَيَكُونُ الْعَقْدُ مُمْتَنِعًا كَالْبَيْعِ عِنْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ، فَقَوْلُهُ كَالْبَيْعِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ مَا ذَكَرَ.

الثَّانِي: إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِي الْكِرَاءِ يُوهِمُ مُسَاوَاتَهُ لِلْبَيْعِ فِي كُلِّ الْوُجُوهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْكِرَاءَ فِي نَحْوِ الدَّابَّةِ عَلَى وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً أَيْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، فَإِنْ وَقَعَ عَقْدُ الْكِرَاءِ فِي زَمَنٍ إبَّانَ الْكِرَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْكِرَاءِ دَاخِلَ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ الشُّرُوعِ فِي الْمَنْفَعَةِ.

وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ قَبْلَ الْإِبَّانِ كَوُقُوعِ الْعَقْدِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لَا بِهِ الْحَجُّ فَيَكْفِي تَعْجِيلُ نَحْوِ الدِّينَارِ أَوْ الدِّينَارَيْنِ، وَلَا يَجِبُ تَعْجِيلُ الْجَمِيعِ لِئَلَّا تَهْرُبَ أَصْحَابُ الْإِبِلِ، فَهَذِهِ الصُّوَرُ تُخَالِفُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَجِبُ فِيهِ تَعْجِيلُ كُلِّ الْمُثَمَّنِ أَوْ كُلُّ الثَّمَنِ كَمَا فِي السَّلَمِ هُرُوبًا مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. ثَانِيهِمَا: أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ مُعَيَّنَةً فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ إنْ حَصَلَ الشُّرُوعُ فِي الرُّكُوبِ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَأَخَّرَ يَسِيرًا كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَأَمَّا إنْ تَأَخَّرَ الشُّرُوعُ فَوْقَ الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ كَانَ بِالنَّقْدِ لَمْ يَجُزْ؛ لِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ فَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهَا إذَا هَلَكَتْ مِنْ رَبِّهَا، وَهَذِهِ أَيْضًا يُخَالِفُ فِيهَا عَقْدُ الْكِرَاءِ الْمَبِيعَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِهِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقَدْ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُنَا فِي الْكِرَاءِ تَأْخِيرَ قَبْضِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ لِكِرَائِهَا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ حَاضِرَةً، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ غَائِبَةً فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا، كَمَا لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِي الذَّاتِ الْمُشْتَرَاةِ فِي غَيْبَتِهَا وَلَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يُفْسَخُ الْكِرَاءُ بِتَلَفِهِ فَقَالَ: (وَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا) بِأَنْ تَكُونَ حَاضِرَةً، وَأَشَارَ إلَيْهَا (إلَى بَلَدٍ) أَيْ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ (فَمَاتَتْ) أَوْ تَعَذَّرَ سَيْرُهَا قَبْلَ تَمَامِ الْمَسَافَةِ بِأَرْضِ نَزْوٍ بِهَا أَوْ غُصِبَتْ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ سَيْرُهَا مَعَهُ (انْفَسَخَ الْكِرَاءُ فِيمَا بَقِيَ) وَيَرْجِعَانِ لِلْمُحَاسَبَةِ، فَعَلَى الْمُكْتَرِي بِحِسَابِ مَا سَارَ مِنْ الطَّرِيقِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْقِيمَةِ بِأَنْ تُقَوَّمَ الْمَسَافَةُ كُلُّهَا فَيُقَالَ: بِكَمْ تُكْرَى فِي هَذِهِ الْمَسَافَةِ؟ فَيُقَالُ: عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، ثُمَّ يُقَالُ: مَا قِيمَةُ هَذَا الَّذِي سَارَهُ مِنْهَا؟ فَإِذَا قِيلَ: خَمْسَةُ دَنَانِيرَ فَتَنْسُبُهَا لِلْعَشَرَةِ فَتَجِدُهَا نِصْفَهَا فَيَرْجِعُ صَاحِبُهَا عَلَى الْمُكْتَرِي بِنِصْفِ الْكِرَاءِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ انْفَسَخَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى أَخْذِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. فَقَدْ قَالَ خَلِيلٌ: وَجَازَ الرِّضَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ الْهَالِكَةِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ أَوْ نُقِدَ أَوْ اُضْطُرَّ فَيَجُوزُ، كَمَا إذَا كَانَ فِي مَفَازَةٍ أَوْ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مُسْتَعْتَبٍ بِأَنْ لَا يَجِدَ فِيهِ مَا يَكْتَرِيهِ، فَإِنْ نَقَدَ وَلَمْ يَحْصُلْ اضْطِرَارٌ فَلَا يَجُوزُ الرِّضَى بِبَدَلِ الْمُعَيَّنَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ يَفْسَخُ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي مَنَافِعَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا، وَهِيَ مَنَافِعُ الْمَأْخُوذِ بَدَلًا، وَلَا يُقَالُ: الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ عِنْدَ أَخْذِ الْبَدَلِ مَعَ الِاضْطِرَارِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: كَثِيرًا مَا يُبَاحُ مَا كَانَ مُحَرَّمًا لِلضَّرُورَةِ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ، وَسَيَأْتِي مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِعَيْنِهَا أَنَّ الْمَضْمُونَةَ وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُعَيَّنْ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ بِأَنْ قَالَ: أَكْتَرِي مِنْك دَابَّةً أَوْ دَابَّتَك وَلَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً، وَمُشَاهَدَةً وَلَكِنْ لَمْ يُشِرْ إلَيْهَا، أَوْ قَالَ لَهُ: دَابَّتَك الْفُلَانِيَّةَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ لَهُ سِوَاهَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهَا، وَيَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَنْ يَأْتِيَ لِلْمُكْتَرِي بِبَدَلِهَا كَمَا يَأْتِي.

(وَكَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ (الْأَجِيرُ) الْمُسْتَأْجَرَةُ عَيْنُهُ لِخِدْمَةِ بَيْتٍ أَوْ رِعَايَةِ غَنَمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مُدَّةً مَعْلُومَةً. (يَمُوتُ) أَوْ يَحْصُلُ لَهُ مَا يَمْنَعُ الِاسْتِيفَاءَ مِنْهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ فِي الْمُدَّةِ وَلَهُ بِحِسَابٍ مَا عَمِلَ، وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا الْمُسْتَأْجَرَةُ عَيْنُهُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مَضْمُونَةً فِي ذِمَّتِهِ فَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَوَلِّي أَمْرِ التَّرِكَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْهَا مَنْ يُتِمُّ الْعَمَلَ.

(وَ) كَذَلِكَ (الدَّارُ) الْمُعَيَّنَةُ تُكْتَرَى مُدَّةً مَعْلُومَةً (تَنْهَدِمُ) كُلُّهَا أَوْ جُلُّهَا أَوْ يَتَعَذَّرُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِسَبَبِ غَصْبٍ وَنَحْوِهِ (قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ) فَإِنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ يُفْسَخُ وَيَرْجِعَانِ لِلْمُحَاسَبَةِ، وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ عَيْنٍ تُسْتَوْفَى مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِهَا، بِخِلَافِ الذَّاتِ الَّتِي تُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ، كَالرَّاكِبِ لِلدَّابَّةِ أَوْ السَّاكِنِ فِي الدَّارِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا بِهِ إلَّا صَبِيٌّ تَعَلَّمَ وَرَضَعَ وَفَرَسُ نَزْوٍ وَرُوِّضَ. وَأُلْحِقَ بِهَذِهِ الْأَرْبَعِ بَعْضُ مَسَائِلَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهَا، وَهِيَ مِمَّا تُسْتَوْفَى بِهِ، مِنْهَا الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى حَصْدِ زَرْعٍ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ سِوَاهُ فَاحْتَرَقَ،

ص: 113