الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأُمِّ وَلَدِهِ.
وَلَا نَفَقَةَ لِلزَّوْجَةِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا أَوْ يُدْعَى إلَى الدُّخُولِ وَهِيَ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا.
[شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]
وَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ جَائِزٌ وَهُوَ أَنْ
ــ
[الفواكه الدواني]
وَإِنْ لَمْ تَمْتَثِلْ فَلَهُ ضَرْبُهَا إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ بِأَنْ لَا يَكْسِرَ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ لَحْمًا، وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي أَنَّهُ ضَرَبَهَا لِوَجْهٍ، كَمَا يُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي ضَرْبِ الْعَبْدِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ائْتَمَنَ الرِّجَالَ عَلَى النِّسَاءِ وَالسَّادَاتِ عَلَى الْعَبِيدِ، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِي ذَلِكَ لِدَاعِي الْحَاجَةِ وَحِرْصًا عَلَى الْإِفَادَةِ.
وَلَمَّا كَانَ الْإِنْفَاقُ عَلَى الزَّوْجَاتِ مُشَارِكًا لِلْقَسْمِ فِي الْوُجُوبِ قَالَ: (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ الْبَالِغِ الْمُوسِرِ وَلَوْ عَبْدًا (النَّفَقَةُ) وَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَا بِهِ قِوَامُ مُعْتَادِ حَالِ الْآدَمِيِّ دُونَ سَرَفٍ.
قَالَ خَلِيلٌ: يَجِبُ لِمُمَكَّنَةِ مُطِيقَةِ الْوَطْءِ عَلَى الْبَالِغِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مُشْرِفًا قُوتٌ وَإِدَامٌ وَكِسْوَةٌ (وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا (السُّكْنَى) وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى (بِقَدْرِ وُجْدِهِ) أَيْ وُسْعِهِ أَيْ الزَّوْجِ وَحَالِ الْمَرْأَةِ، قَالَ خَلِيلٌ: وَمَسْكَنٌ بِالْعَادَةِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا وَالسِّعْرِ وَإِنْ أَكُولَةً، وَتُزَادُ الْمُرْضِعُ مَا تَتَقَوَّى بِهِ إلَّا الْمَرِيضَةُ وَقَلِيلَةُ الْأَكْلِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا مَا تَأْكُلُ، وَعَلَيْهِ الْمَاءُ لِشُرْبِهَا وَطَهَارَتِهَا، وَالزَّيْتُ وَالْحَطَبُ وَالْمِلْحُ وَاللَّحْمُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ، وَالْحَصِيرُ وَالسَّرِيرُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَأُجْرَةُ الْقَابِلَةِ وَالزِّينَةُ الَّتِي تَتَضَرَّرُ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِهَا كَالْكُحْلِ وَالدُّهْنِ الْمُعْتَادَيْنِ، وَالْإِخْدَامُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ مَلِيًّا وَهِيَ أَهْلٌ لِلْإِخْدَامِ أَوْ كَانَ مَلِيًّا، وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ الَّذِينَ لَا يَمْتَهِنُونَ نِسَاءَهُمْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخْدِمَهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا، وَلَا يَلْزَمُهُ لَهَا الدَّوَاءُ لِمَرَضِهَا وَلَا أُجْرَةُ نَحْوِ الْحِجَامَةِ وَلَا الْمُعَالَجَةُ فِي الْمَرَضِ وَلَا كِسْوَتُهَا الْحَرِيرَ وَلَا ثِيَابُ الْمَخْرَجِ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ نِسَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ رضي الله عنه.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ مُطْلَقًا عَلَى الزَّوْجِ الْبَالِغِ الْمُوسِرِ، سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، سَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، صَحِيحَةً أَوْ مَرِيضَةً، وَلَوْ ذَاتَ مَانِعٍ مِنْ الْوَطْءِ كَرَتَقٍ أَوْ جُذَامٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُهَا.
الثَّانِي: الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الزَّوْجَةِ قَوْله تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، الزَّوْجَةُ تَقُولُ: إمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي» وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِهَا، فَهِيَ وَاجِبَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُوسِرِ، وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ، وَاخْتُلِفَ فِي الْوَاجِبِ فَقِيلَ الْأَعْيَانُ لَا الْأَثْمَانُ، وَيَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُ خَلِيلٍ: يَجِبُ لِلْمَرْأَةِ قُوتٌ وَإِدَامٌ وَهُوَ وَجِيهٌ فِي النَّظَرِ، إذْ قَدْ تَتَعَذَّرُ الْأَثْمَانُ عَلَى الزَّوْجِ وَذَلِكَ كَأَهْلِ الْبَوَادِي وَالْقُرَى، وَأَيْضًا الْقَصْدُ تَحْصِيلُ مَا بِهِ قِوَامُ الْآدَمِيِّ، وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْقَسْمَ إنَّمَا يَجِبُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ، بَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَالسَّرَارِي الْمَوْطُوآتِ بِالْمِلْكِ بِقَوْلِهِ:(وَلَا قَسْمَ) وَاجِبٌ عَلَى السَّيِّدِ (فِي الْمَبِيتِ لِأَمَتِهِ) الْقِنِّ (وَلَا لِأُمِّ وَلَدِهِ) لِأَنَّ الرَّقِيقَةَ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ، وَإِنَّمَا لِلْمَمْلُوكِ عَلَى السَّيِّدِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَلِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ الْخِدْمَةُ الَّتِي يُطِيقُهَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَلَوْ تَضَرَّرَتْ الْجَارِيَةُ مِنْ تَرْكِ الْوَطْءِ وَاحْتَاجَتْ لِلزَّوَاجِ لَا يُجْبَرُ سَيِّدُهَا وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» فَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَجِبُ لِلشَّخْصِ وَمِنْ حَقِّهِ، وَالْوَطْءُ لَا حَقَّ فِيهِ لِلرَّقِيقِ عَلَى سَيِّدِهِ فَافْهَمْ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ شُرَّاحُ خَلِيلٍ.
ثُمَّ بَيَّنَ شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا نَفَقَةَ لِلزَّوْجَةِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا) وَلَوْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ أَوْ بِهَا مَانِعٌ مِنْ رَتَقٍ وَنَحْوِهِ: (أَوْ يُدْعَى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ لِيُدْعَى وَفَاعِلُ يَدْخُلَ (الزَّوْجُ) عَلَى طَرِيقِ التَّنَازُعِ وَصِلَةُ يُدْعَى (إلَى الدُّخُولِ وَهِيَ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا) وَالزَّوْجُ بَالِغٌ وَمُوسِرٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا لَهَا النَّفَقَةُ بِشَرْطِ بُلُوغِ الزَّوْجِ وَيُسْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ لِلْوَطْءِ لِصِغَرِهَا أَوْ مَرَضِهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنَّمَا يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ إذَا دُعِيَتْ إلَى الدُّخُولِ مَعَ إطَاقَتِهَا وَبُلُوغِ الزَّوْجِ، لَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ لِصِغَرِهَا أَوْ مَرَضِهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا مَانِعٌ مِنْ رَتَقٍ وَنَحْوِهِ أَوْ اشْتَدَّ مَرَضُهَا بِحَيْثُ أَخَذَتْ فِي السِّيَاقِ وَالدَّعْوَى إلَى الدُّخُولِ إمَّا مِنْهَا أَوْ مِنْ وَلِيِّهَا الْمُجْبِرِ إذَا كَانَ زَوْجُهَا حَاضِرًا أَوْ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَائِبًا فَيَكْفِي فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ طُلِبَتْ لِلدُّخُولِ لَمُكِّنَتْ، وَلَا يُشْتَرَطُ طَلَبُهَا بِالْفِعْلِ لِتَعَذُّرِهِ عَلَيْهَا فِي غَيْبَةِ الزَّوْجِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَبِيًّا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَى وَلِيِّهِ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَافْتَضَّهَا لِأَنَّهَا الْمُسَلِّطَةُ لَهُ عَلَى نَفْسِهَا إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً أَوْ وَلِيُّهَا إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ نَفَقَةَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَجِبُ بِشَرْطَيْنِ: بُلُوغُ الزَّوْجِ، وَيُسْرُهُ، وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا بِأَرْبَعِ شُرُوطٍ: بُلُوغُ الزَّوْجِ، وَإِطَاقَتُهَا، وَالدَّعْوَى لِلدُّخُولِ، وَيُسْرُ الزَّوْجِ، وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِطَاقَةِ عَدَمُ الْمَانِعِ مِنْ الْوَطْءِ، وَالدَّعْوَى حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا بَيَّنَّا.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: سَكَتَ الْمُصَنَّفُ عَنْ الْوَاجِبِ لِلرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْوَاجِبَ لَهَا، وَبَيَّنَ خَلِيلٌ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا لِلرَّجُلِ بِقَوْلِهِ: وَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ مِنْ عَجْنٍ وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ وَاسْتِقَاءِ مَاءٍ مِنْ الدَّارِ أَوْ مِنْ الصَّحْرَاءِ إنْ كَانَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا
يَعْقِدَاهُ وَلَا يَذْكُرَانِ صَدَاقًا ثُمَّ لَا يَدْخُلُ بِهَا حَتَّى يَفْرِضَ لَهَا فَإِنْ فَرَضَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَهِيَ مُخَيَّرَةٌ فَإِنْ كَرِهَتْهُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يُرْضِيَهَا أَوْ يَفْرِضَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا فَيَلْزَمُهَا.
وَإِذَا ارْتَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ انْفَسَخَ
ــ
[الفواكه الدواني]
كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَشْرَافِ الَّذِينَ لَا يَمْتَهِنُونَ نِسَاءَهُمْ، وَإِلَّا لَزِمَهُ إخْدَامُهَا لِذَلِكَ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَلَا يَلْزَمُهَا مَا كَانَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّكَسُّبَاتِ كَالْغَزْلِ وَالنَّسْجِ، وَأَمَّا غَسْلُ الثِّيَابِ وَخِيَاطَتِهَا فَيَنْبَغِي فِيهِ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ، قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا.
الثَّانِي: قَدْ يَعْرِضُ لِلنَّفَقَةِ مَا يُسْقِطُهَا عَنْ الزَّوْجِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا وَالدُّخُولِ بِالْمَرْأَةِ، وَذَلِكَ كَنُشُوزِ الْمَرْأَةِ بِأَنْ تَمْنَعَهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَلَوْ غَيْرَ الْوَطْءِ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِهَا، وَكَخُرُوجِهَا مِنْ مَحَلِّ زَوْجِهَا وَإِقَامَتِهَا فِي غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَرِضَاهُ، وَلِغَيْرِ ظُلْمٍ لَحِقَهَا، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا بِالْحَاكِمِ لَا إنْ خَرَجَتْ بِإِذْنِهِ أَوْ لِظُلْمٍ لَحِقَهَا، وَلَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا أَوْ خَرَجَتْ بِاخْتِيَارِهَا وَكَانَ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهَا وَلَوْ بِالْحَاكِمِ فَتَجِبُ وَلَا تَسْقُطُ فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ فِي الْعِصْمَةِ، وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَلَهَا النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِهَا وَلَوْ خَرَجَتْ بِاخْتِيَارِهَا وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا، وَمِمَّا يُسْقِطُ نَفَقَتَهَا أَيْضًا أَكْلُهَا مَعَهُ وَلَوْ كَانَتْ مُقَرِّرَةً بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً، وَالْكِسْوَةُ كَالنَّفَقَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ وَكَانَتْ مُقَرِّرَةً فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا الزَّوْجُ بِكِسْوَتِهَا مَعَهُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَطْلُقَ عَلَى زَوْجِهَا إنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَتِهَا إنْ كَانَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا غَيْرَ عَالِمَةٍ بِفَقْرِهِ، لَا إنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِفَقْرِهِ، أَوْ أَنَّهُ مِنْ السُّؤَالِ إلَّا بِتَرْكِهِ، أَوْ يَكُونُ مَشْهُورًا بِالْعَطَاءِ وَيَنْقَطِعُ عَنْهُ، وَإِنْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ يَكُونُ طَلَاقُهَا رَجْعِيًّا وَلَوْ أَوْقَعَهُ الْحَاكِمُ، وَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ لَهَا إلَّا إذَا وَجَدَ يَسَارًا يَظُنُّ مَعَهُ دَوَامَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِنْفَاقِ، رَاجِعْ شُرَّاحَ خَلِيلٍ
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ شَرَعَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بِقَوْلِهِ: (وَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ جَائِزٌ) الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ الْقَادِرِ عَلَى الْمَالِ فِي الْحَالِ وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَهُوَ أَنْ يَعْقِدَاهُ وَ) الْحَالُ أَنَّهُمَا (لَا يَذْكُرَانِ صَدَاقًا) وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ: نِكَاحُ التَّفْوِيضِ مَا عُقِدَ دُونَ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ وَلَا إسْقَاطِهِ وَلَا صَرْفِهِ لِحُكْمِ أَحَدٍ، وَأَمَّا لَوْ عَقَدَا عَلَى إسْقَاطِهِ لَكَانَ فَاسِدًا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَمَا عُقِدَ عَلَى صَرْفِ قَدْرِهِ لِحُكْمِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ يُسَمَّى نِكَاحَ التَّحْكِيمِ وَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا كَنِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَلَوْ كَانَ الْمُحَكَّمُ فِي صَرْفِ قَدْرِهِ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً، وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهِ قَوْله تَعَالَى:{لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236] فَإِنْ طَلَّقَ فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا صَدَاقَ لَهَا، وَبَعْضُهُمْ قَاسَهُ عَلَى هِبَةِ الثَّوَابِ حَيْثُ تَجُوزُ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ قَدْرِ الثَّوَابِ مَعَ أَنَّهَا كَالْبَيْعِ.
(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا مَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْجَوَابُ عَنْ مُعَارَضَةِ جَوَازِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ مَعَ كَوْنِ الصَّدَاقِ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ، وَالشَّيْءُ لَا يُوجَدُ بِدُونِ رُكْنِهِ، وَهُوَ أَنَّ الرُّكْنِيَّةَ أَنْ لَا يَدْخُلَا عَلَى إسْقَاطِهِ فَيَصْدُقُ بِأَنْ يُسَمِّيَاهُ وَقْتَ الْعَقْدِ أَوْ يَذْكُرَا التَّفْوِيضَ أَوْ يَسْكُتَانِ بِالْمَرَّةِ، وَالْمُضِرُّ اشْتِرَاطُ إسْقَاطِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا التَّفْوِيضُ فَهُوَ فِي حُكْمِ التَّسْمِيَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ:(وَلَا يَدْخُلُ بِهَا) الزَّوْجُ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ (حَتَّى يَفْرِضَ لَهَا) صَدَاقًا لِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَمْكِينُهَا مِنْ نَفْسِهَا قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْ الصَّدَاقِ وَلَوْ رُبُعَ دِينَارٍ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ جَوَازِ الْفَرْضِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَحِيحًا، وَأَمَّا لَوْ طَرَأَ لَهُ الْمَرَضُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَهُوَ صَحِيحٌ فَفِي جَوَازِ فَرْضِهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ كَوْنِ الزَّوْجَةِ وَارِثَةً فَلَا يَجُوزُ الْفَرْضُ لَهَا قَوْلًا وَاحِدًا، وَكَوْنِهَا غَيْرَ وَارِثَةٍ فَقَوْلَانِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ فَرَضَ فِي مَرَضِهِ فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ وَارِثَةٍ كَالذِّمِّيَّةِ وَالْأَمَةِ فَقَوْلَانِ: قِيلَ: يَصِحُّ وَيَكُونُ الْمَفْرُوضُ وَصِيَّةً مِنْ الثُّلُثِ، وَقِيلَ: يَبْطُلُ فَرْضُهُ لِأَنَّهُ لِأَجْلِ الْوَطْءِ وَلَمْ يَحْصُلْ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمَنْكُوحَةَ تَفْوِيضًا إنَّمَا تَسْتَحِقُّ الصَّدَاقَ بِالْوَطْءِ لَا بِالْمَوْتِ وَلَا بِالطَّلَاقِ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَلْزَمُهَا مِنْ الْمَفْرُوضِ وَمَا لَا يَلْزَمُهَا بِقَوْلِهِ:(وَإِنْ فَرَضَ) الزَّوْجُ (لَهَا) أَيْ لِلْمَنْكُوحَةِ تَفْوِيضًا فِي حَالِ صِحَّتِهِ (صَدَاقَ مِثْلِهَا لَزِمَهَا) الرِّضَا بِهِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَاهِبِ لِلثَّوَابِ، وَهُوَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الثَّوَابِ إنْ كَانَ قَدْرَ الْقِيمَةِ، وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ أَنْ يَفْرِضَ الْمِثْلَ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ أَصْلُ الْفَرْضِ (وَإِنْ كَانَ) مَا فَرَضَهُ (أَقَلَّ) مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ (فَهِيَ مُخَيَّرَةٌ) بَيْنَ الرِّضَا بِهِ إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَعَدَمِ الرِّضَا بِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الرَّشِيدَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا الرِّضَا بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ.
قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْجَائِزِ: وَالرِّضَا بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ لِلْمُرَشِّدَةِ وَلِلْأَبِ فِي مُجْبَرَتِهِ (فَإِنْ كَرِهَتْ) الرَّشِيدَةُ الْأَقَلَّ أَوْ كَانَتْ الْمَنْكُوحَةُ تَفْوِيضًا غَيْرَ رَشِيدَةٍ وَامْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ فَرْضِ الْمِثْلِ لَهُمَا (فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) إنْ شَاءَتْ الرَّشِيدَةُ وَوَلِيُّ غَيْرِهَا (إلَّا أَنْ يُرْضِيَهَا) أَيْ الرَّشِيدَةَ أَوْ وَلِيَّ غَيْرِهَا (أَوْ) إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ بِأَنْ (يَفْرِضَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا) قَبْلَ فِرَاقِهَا (فَيَلْزَمُهَا) وَلَا خِيَارَ لَهَا وَمِثْلُهَا وَلِيُّ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ: فَإِنْ فَرَضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا لِحَمْلِ مَا سَبَقَ عَلَى