الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْوِتْرُ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَالْخُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَصَلَاةُ الْخَوْفِ وَاجِبَةٌ أَمَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِهَا وَهُوَ فِعْلٌ يَسْتَدْرِكُونَ بِهِ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ،
وَالْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ مُسْتَحَبٌّ،
وَالْجَمْعُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ تَخْفِيفٌ وَقَدْ فَعَلَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ،
وَالْجَمْعُ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ،
وَجَمْعُ الْمُسَافِرِ فِي جِدِّ السَّيْرِ رُخْصَةٌ،
وَجَمْعُ الْمَرِيضِ يَخَافُ أَنْ
ــ
[الفواكه الدواني]
بِالْفُسْطَاطِ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم اجْتَمَعُوا عَلَى نَصْبِ مِحْرَابِهِ، وَالِاجْتِهَادُ فِي طَلَبِ الْجِهَةِ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ خَرَجَ عَنْ تِلْكَ الْبِقَاعِ الثَّلَاثِ، فَمَنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيَقْطَعُهَا وَلَوْ أَعْمَى مُنْحَرِفًا يَسِيرًا وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْخَطَأُ لِلْمُصَلِّي فِيهَا إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الصَّلَاةِ، وَتَجِبُ إعَادَتُهَا أَبَدًا وَلَوْ كَانَ الْخَطَأُ يَسِيرًا مِنْ أَعْمَى، وَلَا فَرْقَ فِي الْقِسْمَيْنِ بَيْنَ كَوْنِ الِانْحِرَافِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا، وَأَمَّا مَنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي غَيْرِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ اسْتَقْبَلَ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ، وَلَوْ كَانَ الِانْحِرَافُ كَثِيرًا حَيْثُ كَانَ الْمُنْحَرِفُ أَعْمَى وَبَصِيرًا وَانْحِرَافُهُ يَسِيرٌ وَإِنْ كَثُرَ انْحِرَافُهُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ لِبُطْلَانِهَا فِي حَقِّهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الِانْحِرَافُ إلَّا بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا تُعَادُ وَلَا فِي الْوَقْتِ إلَّا عَلَى الْبَصِيرِ الْمُنْحَرِفِ كَثِيرًا فَيُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأٌ بِصَلَاةٍ قُطِعَ غَيْرُ أَعْمَى وَمُنْحَرِفٌ يَسِيرًا فَيَسْتَقْبِلَانِهِ اوَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ، وَمَفْهُومُ الْخَطَإِ أَنَّ تَعَمُّدَ الِانْحِرَاف مُبْطِلٌ، وَأَمَّا مَنْ نَسِيَ مَطْلُوبِيَّةَ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ نَسِيَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ أَوْ جَهِلَ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مَعَ عِلْمِ كُلٍّ بِحُكْمِ الِاسْتِقْبَالِ فَقِيلَ يُعِيدُ صَلَاتَهُ أَبَدًا، وَقِيلَ فِي الْوَقْتِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي أَبَدًا خِلَافٌ، وَأَمَّا مَنْ جَهِلَ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ صَلَاتَهُ الْفَرْضَ أَبَدًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ.
[صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]
(وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ) فَرِيضَةٌ.
(وَ) كَذَلِكَ (السَّعْيُ إلَيْهَا) لِتَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ (فَرِيضَةٌ) عَلَى كُلِّ حُرٍّ ذَكَرٍ مُتَوَطِّنٍ وَإِنْ بَقَرِيَّةٍ نَائِيَةٍ عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ وَزَمَنِ السَّعْيِ بِحَيْثُ إذَا شَرَعَ فِيهِ يُدْرِكُ جَمِيعَ الصَّلَاةِ أَوْ مَعَ الْخُطْبَةِ، فَقَوْلُهُ فَرِيضَةٌ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّعْيِ.
[صَلَاة الْوِتْر]
(وَ) صَلَاةُ (الْوِتْرِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ رَكْعَةٌ (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَالْوِتْرُ سُنَّةٌ آكَدُ وَوَقْتُهُ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَشَفَقٍ لِلْفَجْرِ وَضَرُورِيَّةٌ لِلصُّبْحِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إيقَاعُهُ عَقِبَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ بِسَلَامٍ، وَيُكْرَهُ وَصْلُهُ إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ. (وَكَذَلِكَ صَلَاةُ) كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ (الْعِيدَيْنِ) سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، وَلَا أَفْضَلِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ فِي تَفْضِيلِ صَلَاةِ عِيدِ النَّحْرِ وَوَقْتِهَا مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ، وَإِنَّمَا تَقَعُ سُنَّةً مَعَ الْجَمَاعَةِ وَتُنْدَبُ لِمَا فَاتَتْهُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ الزَّوَالُ فَتَفُوتَ.
(وَ) كَذَلِكَ صَلَاةُ (الْخُسُوفِ) وَهُوَ ذَهَابُ كُلِّ أَوْ بَعْضِ ضَوْءِ الشَّمْسِ إلَّا مَا قَلَّ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. (وَ) كَذَلِكَ صَلَاةُ (الِاسْتِسْقَاءِ) سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَالْوِتْرُ سُنَّةٌ آكَدُ ثُمَّ عِيدٌ ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ، وَأَمَّا صَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ فَالْمَشْهُورُ نَدْبُهَا، وَعِنْدَ اجْتِمَاعِ الْكُسُوفِ وَالْعِيدِ تُقَدَّمُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَتُفْعَلُ فِي الْمَسْجِدِ، بِخِلَافِ صَلَاةِ الْعِيدِ فَيُنْدَبُ فِعْلُهَا فِي الصَّحْرَاءِ وَمِثْلُهَا الِاسْتِسْقَاءُ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ صَلَاةُ الْكُسُوفِ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَفُعِلَتْ فِي الْمَسْجِدِ لِئَلَّا تَفُوتَ تَأْخِيرُهَا لِلْمُصَلِّي بِانْجِلَائِهَا بِخِلَافِ الْعِيدِ لِأَنَّهُ لَا تَفُوتُ صَلَاتُهُ إلَّا بِالزَّوَالِ. (وَ) كَيْفِيَّةُ إيقَاعِ (صَلَاةِ) الْفَرْضِ فِي زَمَنِ (الْخَوْفِ) عَلَى مَا فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم (وَاجِبَةٌ) وُجُوبَ السُّنَنِ (أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانُهُ) وَتَعَالَى (بِهَا) فِي قَوْله تَعَالَى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: 102] الْآيَةَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ لَمْ تُنْسَخْ بِمَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَهَا إلَّا حَيْثُ لَمْ يُرْجَ انْكِشَافُ الْعَدُوِّ قَبْلَ ذَهَابِ الْوَقْتِ، فَإِنْ رَجَا انْكِشَافَهُ أَخَّرَهُمْ حَتَّى يَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ. (وَهُوَ) أَيْ فِعْلُهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِحَالِ الْخَوْفِ مِنْ قَسْمِ الْجَمَاعَةِ قِسْمَيْنِ. (فِعْلٌ يَسْتَدْرِكُونَ) أَيْ يُحَصِّلُونَ (بِهِ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ إيقَاعَ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ سُنَّةٌ.
(وَالْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ مُسْتَحَبٌّ) فِي حَقِّ مَنْ يَصِحُّ طَوَافُهُ فَلَا يُطْلَبُ مِنْ حَائِضٍ وَلَا نُفَسَاءَ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَنُدِبَ لِدُخُولِ غَيْرِ حَائِضٍ مَكَّةَ بِذِي طُوًى وَلَا يَتَدَلَّكُ فِيهِ إبْقَاءً لِلشَّعَثِ وَخَوْفَ قَتْلِ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَابِّ، وَهَذَا بِخِلَافِ غُسْلِ عَرَفَةَ فَيُنْدَبُ وَلَوْ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقُبْهُ طَوَافٌ وَلَا يَتَدَلَّكُ فِيهِ، بِخِلَافِ غُسْلِ الْإِحْرَامِ فَاغْتِسَالَاتُ الْحَجِّ ثَلَاثَةٌ.
[جَمْعِ الصَّلَاة]
(وَالْجَمْعُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ) الْكَثِيرِ وَلَوْ الْمُتَوَقَّعَ الَّذِي يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، أَوْ الطِّينِ الَّذِي يَمْنَعُ الْمَشْيَ بِالْمَدَاسِ مَعَ الظُّلْمَةِ، وَمِثْلُهُ الثَّلْجُ وَالْبَرَدُ، وَيُسْتَدَلُّ عَلَى كَثْرَةِ الْمُتَوَقَّعِ بِالْقَرَائِنِ وَخَبَرُ الْجَمْعِ قَوْلُهُ:(تَخْفِيفٌ) وَتَرْخِيصٌ وَهُوَ مَنْدُوبٌ، وَبَيَّنَ خَلِيلٌ صِفَتَهُ بِقَوْلِهِ: أُذِّنَ لِلْمَغْرِبِ كَالْعَادَةِ وَأُخِّرَ قَلِيلًا ثُمَّ صُلِّيَا وَلَاءً إلَّا قَدْرَ أَذَانٍ مُنْخَفِضٍ بِمَسْجِدٍ وَإِقَامَةٍ فَهُوَ جَمْعُ تَقْدِيمٍ، فَلَوْ جَمَعُوا لِأَجْلِ الْمَطَرِ الْمُتَوَقَّعِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَيَنْبَغِي الْإِعَادَةُ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي الْوَقْتِ كَخَائِفِ إغْمَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ قَدَّمَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْأُولَى ثُمَّ لِعَدَمِ حُصُولِ مَا خَافَهُ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الْعِشَاءِ عِنْدَ الْمَغْرِبِ بِقَوْلِهِ:(وَقَدْ فَعَلَهُ) أَيْ الْجَمْعَ لَيْلَةَ الْمَطَرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَ (الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ) بَعْدَهُ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنه وَعَنْ
يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ تَخْفِيفٌ وَكَذَلِكَ جَمْعُهُ لِعِلَّةٍ بِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَرْفَقُ بِهِ،
وَالْفِطْرُ فِي السَّفَرِ رُخْصَةٌ وَالْإِقْصَارُ فِيهِ وَاجِبٌ،،
ــ
[الفواكه الدواني]
الْجَمِيعِ، فَحُكْمُهُ مُسْتَمِرٌّ إلَى الْآنِ لَمْ يُنْسَخْ، وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ الْقَرَافِيُّ بِمَا مُحَصَّلُهُ: فِعْلُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا وَاجِبٌ وَهَذَا الْجَمْعُ مَنْدُوبٌ وَكَيْفَ يُتْرَكُ وَاجِبٌ لِتَحْصِيلِ مَنْدُوبٍ. وَأُجِيبَ عَنْ إشْكَالِهِ بِأَنَّهُ رُخْصَةٌ، وَإِيضَاحُ الْجَوَابِ أَنَّ فِعْلَ الصَّلَاةِ الْمُقَدَّمَةِ فِي وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ لَهَا غَيْرُ وَاجِبٍ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَالْإِشْكَالُ إنَّمَا كَانَ يُوجَدُ مَعَ بَقَاءِ الْوُجُوبِ فَافْهَمْ.
(وَالْجَمْعُ) بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمْعُ تَقْدِيمٍ (بِعَرَفَةَ وَ) كَذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمْعُ تَأْخِيرٍ. (الْمُزْدَلِفَةِ) بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ عَرَفَةَ (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ وَهُوَ مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي.
قَالَ خَلِيلٌ: وَجَمَعَ وَقَصَرَ إلَّا أَهْلَهَا كَمِنًى وَعَرَفَةَ، وَالضَّمِيرُ فِي وَجَمَعَ لِلْحَالِّ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَإِنْ عَجَزَ فَبَعْدَ الشَّفَقِ إنْ نَفَرَ مَعَ الْإِمَامِ، وَصِفَةُ الْجَمْعِ بِعَرَفَةَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَنْ يَخْطُبَ الْإِمَامُ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ وَأَقَامَ لِلظُّهْرِ وَصَلَّاهَا، ثُمَّ يُؤَذِّنُ لِلْعَصْرِ وَيُقِيمُ لَهَا وَيُصَلِّيهَا، وَصِفَةُ الْجَمْعِ بِالْمُزْدَلِفَةِ إذَا وَصَلَ إلَيْهَا أَنْ يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَحُطَّ رَحْلَهُ ثُمَّ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ، وَقِيلَ يَحُطُّ رَحْلَهُ ثُمَّ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ مُتَوَالِيَتَيْنِ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: مَحَلُّ الْجَمْعِ إذَا وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَسَارَ مَعَ النَّاسِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُمْ لِغَيْرِ عَجْزٍ، فَإِنْ وَقَفَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجْمَعُ لَا بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا وَإِنَّمَا يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا، وَإِنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَتَأَخَّرَ لِعَجْزٍ صَلَّاهُمَا مَجْمُوعَتَيْنِ بَعْدَ الشَّفَقِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ: أَنْ يَقِفَ مَعَ الْإِمَامِ وَيَنْفِرَ مَعَهُ وَحُكْمُهَا وَاضِحٌ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقِفَ مَعَهُ وَيَتَأَخَّرَ لِعَجْزٍ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ بَعْدَ الشَّفَقِ فِي أَيِّ مَحَلٍّ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقِفَ مَعَ الْإِمَامِ وَيَتَأَخَّرَ عَنْهُ اخْتِيَارًا فَلَا يَجْمَعُ إلَّا بِالْمُزْدَلِفَةِ: الرَّابِعَةُ: أَنْ لَا يَقِفَ مَعَ الْإِمَامِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ لَا بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا.
الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ جَمْعَ التَّأْخِيرِ لَا يُؤَذَّنُ فِيهِ لِأُولَى الصَّلَاتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ ثَانِيَتِهِمَا وَحَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ.
(وَجَمْعُ الْمُسَافِرِ) سَفَرًا مُبَاحًا فِي الْبَرِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. (فِي) حَالِ (جِدِّ السَّيْرِ) لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ مُهِمٍّ (رُخْصَةٌ) مَرْجُوحٌ فِعْلُهَا إذْ الْأَوْلَى تَرْكُهَا.
قَالَ خَلِيلٌ: وَرُخِّصَ لَهُ جَمْعُ الظُّهْرَيْنِ بِبَرٍّ وَإِنْ قَصَرَ وَلَمْ يَجِدْ بِلَا كُرْهٍ وَفِيهَا شَرْطُ الْجِدِّ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ بِمَنْهَلٍ زَالَتْ بِهِ وَنَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَأَخَّرَ الْعَصْرَ وَبَعْدَهُ خُيِّرَ فِيهَا، وَإِنْ زَالَتْ رَاكِبًا أَخَّرَهُمَا إنْ نَوَى الِاصْفِرَارَ أَوْ قَبْلَهُ وَإِلَّا فَفِي وَقْتَيْهِمَا، وَحُكْمُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ حُكْمُ الظُّهْرَيْنِ لَمَّا غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ نَازِلٌ أَوْ سَائِرٌ بِتَنْزِيلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَنْزِلَةَ الْغُرُوبِ، وَالثُّلُثِ الْأَوَّلِ مَنْزِلَةَ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ، وَمَا بَعْدَهُ لِلْفَجْرِ بِمَنْزِلَةِ الِاصْفِرَارِ سَوَاءٌ غَرَبَتْ عَلَيْهِ نَازِلًا أَوْ سَائِرًا، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ كَوْنِ الْمُسَافِرِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً، وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِ سَائِرًا عَلَى رَجُلَيْهِ أَوْ رَاكِبًا دَابَّةً، وَأَمَّا الْعَاصِي بِسَفَرِهِ أَوْ اللَّاهِي أَوْ الْمُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ فَلَا يَجْمَعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَجَمْعُ الْمَرِيضِ) الَّذِي (يَخَافُ أَنْ يُغْلَبَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (عَلَى عَقْلِهِ) عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمُشْتَرَكَيْنِ (تَخْفِيفٌ) أَيْ مُرَخَّصٌ فِيهِ لَهُ بِأَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ فِي وَقْتِ الْأُولَى.
قَالَ خَلِيلٌ: وَقَدَّمَ خَائِفُ الْإِغْمَاءِ وَالنَّاقِضِ وَالْمَيْدِ، وَإِذَا قَدَّمَ وَسَلَّمَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ اُسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَةُ الثَّانِيَةِ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ جَمْعِ الْمُسَافِرِ وَلَا حُكْمُ جَمْعِ الْخَائِفِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ جَمْعَ الْمُسَافِرِ خِلَافُ الْأَفْضَلِ، وَالْأَفْضَلُ فِعْلُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا، وَأَمَّا جَمْعُ الْخَائِفِ مِنْ نَحْوِ الْإِغْمَاءِ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَمُسْتَحَبٌّ كَمَا بَيَّنَهُ شُرَّاحُ خَلِيلٍ.
الثَّانِي: لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَخَلِيلٍ حُكْمُ مَنْ خَافَ مِنْ الْمَوْتِ عِنْدَ الثَّانِيَةِ أَوْ خَافَتْ الْحَيْضَ وَقَالَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ بَهْرَامُ: لَا يُشْرَعُ لَهُ الْجَمْعُ، وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ فُرُوقًا وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهَا، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ عِنْدِي أَحْرَوِيَّةُ الْجَمْعِ لِمَا ذُكِرَ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَطْلُبُ الْجَمْعَ لِلْخَوْفِ مِمَّا لَا يُسْقِطُ الصَّلَاةَ غَالِبًا كَالْإِغْمَاءِ وَالْحُمَّى لِسُرْعَةِ زَوَالِهِ فَالْجَمْعُ لِلْمُسْقِطِ أَوْلَى وَحُرِّرَ الْحُكْمُ.
(وَكَذَلِكَ) يُرَخَّصُ وَيُخَفَّفُ (جَمْعُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ لِلظُّهْرِ مَعَ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ مَعَ الْعِشَاءِ (لِعِلَّةٍ بِهِ) غَيْرِ مَا سَبَقَ كَحُصُولِ مَشَقَّةٍ تَلْحَقُهُ بِإِيقَاعِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا (فَيَكُونُ ذَلِكَ أَرْفَقُ بِهِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَكَالْمَبْطُونِ وَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَنْ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ بِالْوُضُوءِ أَوْ الْقِيَامِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ إذَا صَلَّاهُمَا مُفْتَرِقَتَيْنِ، وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ إذَا صَلَّاهُمَا مُجْتَمِعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَجْمَعُهُمَا جَمْعًا صُورِيًّا.
قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَقَالَ فِيهَا: وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ لِلْمَرِيضِ أَرْفَقُ بِهِ لِشِدَّةِ مَرَضٍ أَوْ بَطْنٍ مُنْخَرِقٍ مِنْ غَيْرِ مَخَافَةٍ عَلَى عَقْلٍ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَسَطِ وَقْتِ الظُّهْرِ.
قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: وَهُوَ آخِرُ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ حَمَلَ جَمَاعَةٌ قَوْلَهَا وَسَطَ الْوَقْتِ عَلَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ وَهُوَ آخَرُ الْقَامَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ مَغِيبُ الشَّفَقِ، وَفَسَّرَهُ بَعْضٌ بِرُبْعِ الْقَامَةِ، وَقِيلَ يَجْمَعُ جَمْعَ تَقْدِيمٍ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْأُولَى وَهَذَا فِي الْمَبْطُونِ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَنْ لَا يَضْبِطُ إسْهَالَ بَطْنِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَضْبِطُ وَقْتَ إسْهَالِ بَطْنِهِ أَوْ مُلَازَمَةِ حَدَثِهِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْأُولَى أَوْ تَأْخِيرَ الْأُولَى عِنْدَ الثَّانِيَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى