الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْيَدِ وَشِبْهُهُ وَلَا مَنْ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ.
وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ الصَّبِيِّ وَلَا الْمَوْلَى عَلَيْهِ.
وَالْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.
وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا
ــ
[الفواكه الدواني]
دُونَ وَلَدِهَا.
الرَّابِعَةُ: أَمَةُ الْمُفْلِسِ يَطَؤُهَا بَعْدَ وَقْفِهَا لِلْبَيْعِ وَتَحْمِلُ فَإِنَّهَا تُبَاعُ بَعْدَ الْوَضْعِ دُونَ وَلَدِهَا.
الْخَامِسَةُ: الْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ يَطَؤُهَا أَحَدُ الشُّرَكَاءِ مَعَ عُسْرِهِ وَتَحْمِلُ فَإِنَّهَا تُبَاعُ بَعْدَ وَضْعِهَا دُونَ وَلَدِهَا.
السَّادِسَةُ: أَمَةُ الْقِرَاضِ يَطَؤُهَا الْعَامِلُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَمَةَ الْمُكَاتَبِ، وَلَمَّا كَانَ الْعِتْقُ مَنْدُوبًا وَلَوْ لِرَقَبَةٍ مَعِيبَةٍ عَيْبًا فَاحِشًا أَوْ فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ إجْزَاءُ الْجَمِيعِ حَتَّى فِي الْعِتْقِ الْوَاجِبِ قَالَ:(وَلَا) يُجْزِئُ أَنْ (يُعْتَقُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ) كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَوْ الْيَمِينِ أَوْ الْمُشْتَرَاةِ مِنْ الزَّكَاةِ وَنَائِبُ فَاعِلِ يُعْتَقُ (مَنْ فِيهِ مَعْنًى مِنْ عِتْقٍ بِتَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا) كَأُمِّ وَلَدٍ أَوْ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ أَوْ مُبَعَّضٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ مَنْ ذُكِرَ مِنْ عِنْدِ الْمُكَفِّرِ أَوْ اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ، وَإِمَّا لَمْ يَجُزْ مَا ذَكَرَ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي رَقِيقِهَا أَنْ تَكُونَ حُرِّيَّتُهُ لِخُصُوصِهَا. (وَلَا) يُجْزِئُ أَيْضًا فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ عِتْقُ (أَعْمَى وَلَا أَقْطَعِ الْيَدِ) أَوْ الرِّجْلِ أَوْ الْأُصْبُعِ (وَشِبْهِهِ) كَالْأَشَلِّ وَمَنْ فِيهِ عَيْبٌ غَيْرُ خَفِيفٍ (وَ) كَذَا (لَا يُجْزِئُ) فِيهَا عِتْقُ (مَنْ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَيَّدَ الرَّقَبَةَ بِالْمُؤْمِنَةِ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ وَالْمُطْلَقَةُ تُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدَةِ، وَأَمَّا ذَاتُ الْعَيْبِ الْخَفِيفِ فَيُجْزِئُ عِتْقُهَا، كَالْأَعْوَرِ وَذِي مَرَضٍ خَفِيفٍ أَوْ عَرَجٍ خَفِيفٍ أَوْ ذَاهِبِ مَا دُونَ الْأُصْبُعِ أَوْ بَعْضِ أُذُنٍ أَوْ أَنْفٍ لَا جَمِيعِ كُلٍّ، كَمَا يُجْزِئُ عِتْقُ الْمَغْصُوبِ وَالْمَرْهُونِ وَالْجَانِي حَيْثُ فَكَالْبَقَاءِ الْجَمِيعُ عَلَى الْمِلْكِ السَّابِقِ.
(تَنْبِيهٌ) مَفْهُومُ الْوَاجِبَةِ الْإِجْزَاءُ فِي غَيْرِ الْوَاجِبَةِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ عِتْقِ غَيْرِ الْمُجْزِئِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَهُوَ لُزُومُ الْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ يُجْزِئُ، فَلَا تَرْجِعُ الرَّقَبَةُ رَقِيقَةً بَعْدَ عِتْقِهَا.
وَلَمَّا كَانَ شَرْطُ الْمُعْتِقِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ (عِتْقُ الصَّبِيِّ) وَلَا الْمَجْنُونِ لِفَقْدِ شَرْطِ الْعِتْقِ وَهُوَ التَّكْلِيفُ (وَلَا الْمَوْلَى عَلَيْهِ) لِفَقْدِ الرُّشْدِ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ رُشْدٍ: لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ إلَّا بِأَرْبَعَةِ أَوْصَافٍ: الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْحُرِّيَّةُ وَكَمَالُ الرُّشْدِ وَهُوَ حُسْنُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي صِحَّةَ وَصِيَّةِ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ لِأَنَّ شَرْطَهَا التَّمْيِيزُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْمِلْكُ لِمَا أَوْصَى بِهِ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ مِنْهُمَا لِعَدَمِ لُزُومِهَا وَلِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِحَقِّ أَنْفُسِهِمَا، فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِمَا فِيهَا لَكَانَ الْحَجْرُ لِحَقِّ غَيْرِهِمَا، وَمَفْهُومُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ يَصِحُّ عِتْقُهُ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ، قَالَ خَلِيلٌ: وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِمَا الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ إذَا رَشَدَ بَعْدَهُ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: يُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ جَوَازِ عَقْدِ السَّفِيهِ عِتْقُ أُمِّ وَلَدِهِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّ لَهُ عِتْقَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا الِاسْتِمْتَاعُ وَقَلِيلُ الْخِدْمَةِ كَمَا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ وَيَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ وَالْكَفَّارَةُ، وَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ فَيُكَفِّرَ بِالْأَقَلِّ قِيمَةً فِيمَا لَا تَرْتِيبَ فِيهِ.
الثَّانِي: لَوْ أَعْتَقَ الْوَلِيُّ عَبْدَ مَحْجُورٍ مِنْ صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، إنْ كَانَ أَبًا جَازَ عِتْقُهُ لِعَبْدِ مَحْجُورٍ بِعِوَضٍ قَدْرَ الْقِيمَةِ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ جَازَ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْعِتْقِ لِمُضِيِّ الْعِتْقِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْوَلِيُّ وَصِيًّا أَوْ أَبًا مُعْسِرًا أَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ الصَّغِيرِ فَرُدَّ الْعِتْقُ فِي هَذِهِ كُلِّهَا، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ خَلِيلٍ وَشُرَّاحِهِ إنْ عَتَقَ الْوَلِيُّ وَلَوْ غَيْرَ أَبٍ رَقِيقَ مَحْجُورٍ بِعِوَضٍ قَدْرَ الْقِيمَةِ فَأَكْثَرَ جَازَ حَيْثُ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْعَبْدِ، وَالْمُخْتَصُّ بِالْأَبِ الْعِتْقُ عَلَى غَيْرِ مَالٍ، فَيَجُوزُ لِلْأَبِ الْمُوسِرِ دُونَ الْوَصِيِّ، وَمَفْهُومُ الْعِتْقِ لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ وَهَبَهُ لَا يَمْضِي فِعْلُهُ وَيُرَدُّ وَلَوْ مِنْ الْأَبِ الْمُوسِرِ.
[مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ]
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْعِتْقِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ، شَرَعَ فِي بَيَانِ مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ وَهُوَ أَحَدُ خَوَاصِّ الْعِتْقِ فَقَالَ:(وَالْوَلَاءُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمَدِّ مِنْ الْوَلَايَةِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَهُوَ مِنْ النَّسَبِ وَالْعِتْقِ وَأَصْلُهُ مِنْ الْوَلْيِ وَهُوَ الْقُرْبُ، وَأَمَّا مِنْ الْإِمَارَةِ وَالتَّقْدِيمِ فَبِالْكَسْرِ وَقِيلَ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا، وَالْمَوْلَى لُغَةً يُقَالُ لِلْمُعْتَقِ وَالْمُعْتِقِ وَأَبْنَائِهِمَا، وَالنَّاظِرِ وَابْنِ الْعَمِّ وَالْقَرِيبِ وَالْعَاصِبِ وَالْحَلِيفِ وَالْقَائِمِ بِالْأَمْرِ وَنَاظِرِ الْيَتِيمِ وَالنَّافِعِ الْمُحِبِّ، وَالْمُرَادُ هُنَا وَلَايَةُ الْإِنْعَامِ وَالْعِتْقِ وَسَبَبُهُ زَوَالُ الْمِلْكِ بِالْحُرِّيَّةِ، فَمَنْ زَالَ مِلْكُهُ بِالْحُرِّيَّةِ عَنْ رَقِيقٍ فَهُوَ مَوْلَاهُ سَوَاءٌ نَجَزَ أَوْ عَلَّقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ بِعِوَضٍ أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُعَرِّفْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَرَّفَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا حُكْمَ الْعُصُوبَةِ عِنْدَ عَدَمِهَا كَائِنٌ. (لِمَنْ أَعْتَقَ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، فَيَشْمَلُ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَالْوَلَاءُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْوَلَاءُ بِالْجَرِّ، وَعِتْقُ الْغَيْرِ يَشْمَلُ النَّاجِزَ وَلِأَجَلٍ وَالتَّدْبِيرَ وَالْكِتَابَةَ كَأَنْ يَقُولَ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ عَنْ فُلَانٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ مَيِّتًا فَيَكُونَ الْوِلَاءُ لِوَرَثَتِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ تَطَوُّعًا أَوْ وَاجِبًا، كَعِتْقِهِ فِي كَفَّارَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ مَنْذُورًا أَوْ بِسَبَبِ حَلِفٍ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ قَاطَعَهُ فَأَدَّى وَخَرَجَ حُرًّا، أَوْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ بِحُكْمٍ لَزِمَهُ، أَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ، أَوْ أَعْتَقَ عَبْدُهُ عَبْدًا بِإِذْنِهِ، أَوْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ بِسِرَايَةٍ أَوْ مُثْلَةٍ أَوْ لِقَرَابَةٍ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُعْتَقُ الْوَلَاءَ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ: أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَقُ مِلْكًا لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ، وَأَنْ يَكُونَ أَعْتَقَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ حُرًّا، وَأَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الدَّيْنِ، فَإِنْ أَعْتَقَ الْكَافِرُ عَبْدًا مُسْلِمًا فَإِنْ وَلَّاهُ يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِمُعْتِقِهِ الْكَافِرِ وَلَوْ أَسْلَمَ
هِبَتُهُ وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ رَجُلٍ فَالْوَلَاءُ لِلرَّجُلِ.
وَلَا يَكُونُ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ.
وَوَلَاءُ مَا أَعْتَقْت الْمَرْأَةُ لَهَا وَوَلَاءُ مَنْ يَجُرُّهُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَبْدٍ أَعْتَقَتْهُ.
وَلَا تَرِثُ مَا أَعْتَقَ غَيْرُهَا مِنْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ.
وَمِيرَاثُ
ــ
[الفواكه الدواني]
بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ أَعْتَقَ الْعَبْدُ الَّذِي لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ عِنْدَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَأَجَازَهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ لَا لِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِلْعَبْدِ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ لِعَبْدِهِ حَتَّى أَعْتَقَهُ، وَمِثْلُ عَدَمِ الْعِلْمِ لَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ، أَوْ كَانَ الْعَبْدُ مِمَّنْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَكُونُ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ لَا لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَ مُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ رَقِيقًا فَإِنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ وَوَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَتَخَلَّصَ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ الْكَافِرَ الْمُعْتَقَ لِعَبْدٍ مُسْلِمٍ، وَالرَّقِيقُ الْمُعْتَقُ لِعَبْدِهِ عَلَى مَا مَرَّ، وَالْمُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةَ، فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ لَا وَلَاءَ لَهُمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ»
(تَنْبِيهٌ) كَمَا يَكُونُ لِلْمُعْتِقِ وَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَهُ يَكُونُ لَهُ وَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَهُ الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ وَوَلَاءُ أَوْلَادِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَجَرَّ وَلَدَ الْمُعْتَقِ كَأَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ وَإِلَّا لَرَقَّ أَوْ عَتَقَ لِآخَرَ، وَشَرْطُ جَرِّ وَلَاءِ مَنْ أَعْتَقَهُ الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ عَدَمُ حُرِّيَّتِهِ فِي الْأَصْلِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُرُّ وَلَاءَ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَهُ الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ، مِثَالُهُ لَوْ أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا ثُمَّ هَرَبَ السَّيِّدُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ نَاقِضًا لِعَهْدِهِ فَسُبِيَ وَبِيعَ وَأُعْتِقَ فَإِنَّهُ لَا يَجُرُّ إلَى مُعْتِقِهِ وَلَاءَ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ لُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ بَلْ وَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ وَإِنْ كَانَ مُعْتَقًا لِأَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ أَيْ قَبْلَ هُرُوبِهِ وَقَبْلَ عِتْقِهِ.
قَالَ الْجَعْدِيُّ: وَلَا يَكُونُ وَلَاءُ وَلَدِ الْمَرْأَةِ لِمَوَالِيهَا إلَّا فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: أَنْ يَكُونَ أَبُوهُمْ عَبْدًا، أَوْ يَكُونُوا مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ أَبٍ لَاعِنٍ فِيهِمْ وَنَفَاهُمْ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ يَكُونَ الْأَبُ حَرْبِيًّا بِدَارِ الْحَرْبِ.
وَلَمَّا كَانَ الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) أَيْ الْوَلَاءِ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ (وَلَا هِبَتُهُ)«لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَهِبَتِهِ» وَإِنَّمَا قُلْنَا: وَلَوْ حُكْمًا إشَارَةً إلَى قَوْلِهِ: (وَمَنْ أَعْتَقَ) رَقِيقَهُ (عَنْ رَجُلٍ) الْمُرَادُ عَنْ شَخْصٍ (فَالْوَلَاءُ لِلرَّجُلِ) الَّذِي أَعْتَقَ عَنْهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ يَقْدِرُ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهُ، وَشَرْطُ كَوْنِهِ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ كَوْنُهُ حُرًّا مُسْلِمًا، أَمَّا إنْ كَانَ رَقِيقًا فَإِنَّ وَلَاءَ الَّذِي أَعْتَقَ عَنْهُ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ كَافِرًا يَكُونُ وَلَاءُ الَّذِي أَعْتَقَ عَنْهُ مُسْلِمًا لِلْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَى مُسْلِمٍ.
وَلَمَّا جَرَى خِلَافٌ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ شَخْصٍ هَلْ يَكُونُ لَهُ وَلَاءٌ عَلَيْهِ أَمْ لَا، بَيَّنَ الْمَشْهُورَ عِنْدَ الْإِمَامِ بِقَوْلِهِ:(وَ) إذَا أَسْلَمَ كَافِرٌ عَلَى يَدَيْ حُرٍّ مُسْلِمٍ (لَا يَكُونُ الْوَلَاءُ) عَلَى الَّذِي أَسْلَمَ (لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ وَ) إنَّمَا (هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ الْوَلَاءَ الْمَذْكُورَ سَبَبُ زَوَالِ الْمِلْكِ بِالْحُرِّيَّةِ، وَقَصْدُ الْمُصَنِّفُ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ رَاهْوَيْهِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَيْثُ قَالُوا: إنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ، وَدَلِيلُ الْمَشْهُورِ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «جَاءَتْ بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: إنِّي كَاتَبْت أَهْلِي عَلَى تِسْعَةِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ وُقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي.
قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: إنْ أَحَبَّ أَهْلُك أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ» إلَى قَوْلِهِ فِي آخِرِهِ: «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَأَتَى بِصِيغَةِ الْحَصْرِ بِقَوْلِهِ: إنَّمَا، وَمَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ فَلَهُ وَلَاؤُهُ» وَذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ أَجَابَ عَنْهُ ابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ فِي نُصْرَتِهِ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ وَتَوَلِّي دَفْنَهُ إذَا مَاتَ، لَا أَنَّهُ يَرِثُ مَالَهُ كَمَا يَدَّعِيهِ الْمُخَالِفُ.
(وَ) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ (وَلَاءُ مَا أَعْتَقْت الْمَرْأَةُ لَهَا، وَ) كَذَا (وَلَاءُ مَنْ يَجُرُّهُ) وَلَاؤُهُ لَهُمَا (مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَبْدٍ أَعْتَقَتْهُ) قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا تَرِثُ أُنْثَى إنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ بِعِتْقٍ أَوْ جَرَّهُ وَلَاءٌ بِوِلَادَةٍ أَوْ عِتْقٍ، وَقَالَ فِيهَا: وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ وَلَدُ مَنْ أَعْتَقْنَ مِنْ وَلَدِ الذُّكُورِ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا، وَلَا شَيْءَ لَهُنَّ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَافْهَمْ، وَقَوْلُهُ: لَا تَرِثُهُ أُنْثَى الْمُرَادُ لَا تَرِثُ بِهِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُوَرَّثُ وَإِنَّمَا يُوَرَّثُ بِهِ الْمَالُ.
(تَنْبِيهٌ) فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُنَاقَشَةُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَهُوَ التَّعْبِيرُ بِمَا فِي قَوْلِهِ: مَا أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ وَمَا لِمَا لَا يَعْقِلُ وَإِثْبَاتُ التَّاءِ فِي أَعْتَقَتْهُ مَعَ أَنَّ فَاعِلَ أَعْتَقَ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ عَائِدٌ عَلَى الْوَلَدِ أَوْ الْعَبْدِ فَهُوَ مُذَكَّرٌ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِهَا عَلَى لُغَةٍ قَلِيلَةٍ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْجَوَابِ عَنْ إثْبَاتِ التَّاءِ فِي أَعْتَقَتْهُ، وَأَحْسَنُ مَا أُجِيبَ بِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُعْتِقَةُ أَوْ لَا أَسْنَدَ إلَيْهَا الْفِعْلَ إقَامَةً لِسَبَبِ مَقَامِ الْمُبَاشَرَةِ فَحِينَ تَسَبَّبَتْ فِي الْعِتْقِ الْأَوَّلِ أَسْنَدَ إلَيْهَا الْعِتْقَ الثَّانِي.
وَثَانِيهِمَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَذَلِكَ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَلِدُ مَنْ أَعْتَقَتْهُ لَهَا وَلَاؤُهُ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ أَوْ لَا، مَعَ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ كَمَا فِي خَلِيلٍ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَجَرُّ وَلَدِ الْمُعْتَقِ كَأَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ بِأَنَّ كَانُوا مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ حَصَلَ فِيهِمْ لِعَانٌ.
وَلَمَّا كَانَتْ النِّسَاءُ لَا تَسْتَحِقُّ إلَّا وَلَاءَ مَنْ بَاشَرْنَ عِتْقَهُ أَوْ جَرَّهُ إلَيْهِنَّ وَلَاءُ مَنْ أَعْتَقْنَ بِعِتْقٍ أَوْ وِلَادَةٍ قَالَ: (وَلَا تَرِثُ) الْأُنْثَى وَلَا (مَا أَعْتَقَ) هـ (غَيْرُهَا) وَبَيَّنَ ذَلِكَ الْغَيْرَ بِقَوْلِهِ: (مِنْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ) فَإِذَا أَعْتَقَ الْأَبُ رَقَبَةً وَخَلَفَ ابْنًا وَبِنْتًا فَوَلَاءُ تِلْكَ الرَّقَبَةِ لِلِابْنِ دُونَ الْبِنْتِ لِأَنَّهَا لَمْ تُبَاشِرْ عِتْقَهَا لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا.
قَالَ