المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الرجوع عن الشهادة] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ٢

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ وَالْخُلْعِ وَالرَّضَاعِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[الْمُحْرِمَات فِي النِّكَاح]

- ‌[الْقَسْمُ بَيْن الزَّوْجَاتِ]

- ‌[شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[إسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا]

- ‌ الطَّلَاقُ

- ‌الْخُلْعُ

- ‌[أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ]

- ‌[مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ]

- ‌[عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ الْمُوجِبَةِ لِخِيَارِ كُلٍّ فِي صَاحِبِهِ]

- ‌[أَحْكَامِ الزَّوْجِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْإِيلَاء]

- ‌[الظِّهَار]

- ‌اللِّعَانُ

- ‌[صِفَةِ اللِّعَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْعَبْدِ]

- ‌[الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[أَسْبَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَوْ الْأَمَةِ فِي الطَّلَاقِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ]

- ‌عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا

- ‌وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَأَسْبَابُهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[بَاب السَّلَم]

- ‌الْعُهْدَةُ

- ‌[السَّلَمُ فِي الْعُرُوضِ]

- ‌[أَقَلِّ أَجَلِ السَّلَمِ]

- ‌[بَيْع الدِّين بالدين]

- ‌[الْبِيَاعَات الْمُنْهِيَ عَنْهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ]

- ‌[بَاب الْإِجَارَة]

- ‌[حُكْم الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الدَّوَابِّ]

- ‌[الْإِجَارَةُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تضمين الصناع]

- ‌[بَاب الشَّرِكَة]

- ‌[حُكْم الشَّرِكَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[بَاب الْقِرَاض]

- ‌[الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ]

- ‌[بَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُسَاقَاة]

- ‌[بَاب الْمُزَارَعَة]

- ‌[الصُّوَر الْمَمْنُوعَة فِي الْمُزَارَعَة]

- ‌[حُكْمِ شِرَاءِ الْعَرَايَا]

- ‌بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[الْإِيصَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَامِ الْوَصَايَا الْمُتَّحِدَةِ الرُّتْبَةِ وَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهَا]

- ‌[أَحْكَام التَّدْبِير]

- ‌[صفة إخْرَاج الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَام الْكِتَابَة]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَامِ الْعِتْق النَّاجِز]

- ‌[الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ]

- ‌[مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ]

- ‌[بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[مَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ]

- ‌[أَحْكَام الْهِبَة]

- ‌[هِبَة الْوَالِد جَمِيعَ مَالِهِ لِبَعْضِ أَوْلَادِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الْهِبَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَى]

- ‌[بَيَان حُكْمِ الْحُبُسِ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ]

- ‌[صِفَةِ قَسْمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب الرَّهْن]

- ‌ضَمَانُ الرَّهْنِ

- ‌[مُسْتَحِقّ غَلَّةَ الرَّهْنِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[حُكْمِ الِاتِّجَارِ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[بَاب اللُّقَطَة]

- ‌[أَحْكَام الضَّالَّةِ]

- ‌[التَّعَدِّي عَلَى مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[بَاب الْغَصْب]

- ‌بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ

- ‌[ثُبُوت الْقَتْل بِالْقَسَامَةِ]

- ‌[صفة الْقَسَامَة وَحَقِيقَتَهَا]

- ‌[صِفَةِ حَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَمَنْ يَحْلِفُهَا]

- ‌[مَا تَكُون فِيهِ الْقَسَامَة]

- ‌[الْعَفْو عَنْ الدَّم]

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[مِقْدَار الدِّيَة]

- ‌[دِيَةِ الْأَطْرَافِ وَالْمَعَانِي]

- ‌[الْقِصَاص فِي الْجِرَاح]

- ‌[تَحْمِل الْعَاقِلَة شَيْئًا مِنْ الدِّيَة مَعَ الْجَانِي]

- ‌[مُسْتَحَقّ دِيَةِ الْمَقْتُولِ]

- ‌[أَحْكَامِ كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ

- ‌[أَحْكَامِ الْمُحَارِب]

- ‌[بَاب الزِّنَا]

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَا]

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[بَاب القذف]

- ‌ شُرُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[كَرَّرَ شُرْبَ الْخَمْرِ أَوْ كَرَّرَ فِعْلَ الزِّنَا]

- ‌[صِفَةِ الْمَحْدُودِ]

- ‌[بَاب السَّرِقَة]

- ‌[مَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ]

- ‌[حُكْم الشَّفَاعَةِ فِيمَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَدٌّ]

- ‌(بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ)

- ‌[وَجَدَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْحَقِّ بَعْدَ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ]

- ‌[أَقْسَام الشَّهَادَة]

- ‌[مَا تَشْهَدُ فِيهِ النِّسَاءُ]

- ‌ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ

- ‌[شَهَادَة الزَّوْج لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[شَهَادَةُ وَصِيٍّ لِيَتِيمِهِ بِشَيْءٍ عَلَى آخَرَ]

- ‌ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ

- ‌[مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَمَنْ لَا يَصِحُّ]

- ‌[الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَكَالَة]

- ‌[حُكْمِ الصُّلْحِ]

- ‌[بَعْض مَسَائِل الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْفَلَسِ]

- ‌[بَعْضَ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ]

- ‌[شُرُوط الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[شُرُوط الْقِسْمَة]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْإِقْرَارِ]

- ‌[حُكْمِ مَا إذَا مَاتَ أَجِيرُ الْحَجِّ قَبْلَ التَّمَام]

- ‌[بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْوَارِثَاتِ مِنْ النِّسَاءِ]

- ‌[الْفُرُوض فِي الْمِيرَاث]

- ‌[إرْثِ الْبَنَاتِ مَعَ الْأَخَوَاتِ]

- ‌[أَنْوَاع الحجب]

- ‌[مِيرَاث الْإِخْوَة لإم]

- ‌[مَوَانِعِ الْإِرْث]

- ‌مِيرَاثُ الْجَدِّ

- ‌[إرْث الْجَدَّة]

- ‌[اجْتِمَاعِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَوْل]

- ‌[كَيْفِيَّةُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَتَأْصِيلِهَا وَكَيْفِيَّةُ قَسْمِ التَّرِكَةِ]

- ‌بَابٌ: جُمَلٌ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[حُكْم السِّوَاك]

- ‌[الْقُنُوت فِي الصَّلَاة]

- ‌[صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[صَلَاة الْوِتْر]

- ‌[جَمْعِ الصَّلَاة]

- ‌رَكْعَتَا الْفَجْرِ

- ‌صَلَاةُ الضُّحَى

- ‌ قِيَامُ رَمَضَانَ

- ‌[الْفِطْر فِي السَّفَر]

- ‌ طَلَبُ الْعِلْمِ

- ‌[صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْجِهَاد قَيْءٍ سَبِيل اللَّه]

- ‌ غَضُّ الْبَصَرِ

- ‌[صَلَاة النَّوَافِل فِي الْبُيُوت]

- ‌[صَوْنُ اللِّسَانِ عَنْ الْكَذِبِ]

- ‌[الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ فِي زَمَنِ خُرُوجِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاس]

- ‌أَكْلِ الطَّيِّبِ

- ‌[أَكْلَ الْمَيْتَةِ]

- ‌ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ

- ‌ شُرْبَ الْخَمْرِ

- ‌[الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ]

- ‌[أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاع وَأَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[بِرُّ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[الِاسْتِغْفَار لِلْوَالِدَيْنِ]

- ‌[حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ]

- ‌الْهِجْرَانُ الْجَائِزُ

- ‌[مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ]

- ‌[سَمَاعَ الْأَمْرِ الْبَاطِلِ]

- ‌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌[حُكْم التَّوْبَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الْفِطْرَةِ وَالْخِتَانِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَاللِّبَاسِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌ صِبَاغُ الشَّعْرِ

- ‌ لِبَاسِ الْحَرِيرِ

- ‌ التَّخَتُّمِ بِالْحَدِيدِ

- ‌[التَّخَتُّم بِالذَّهَبِ]

- ‌[جَرّ الرَّجُلُ إزَارَهُ فِي الْأَرْضِ]

- ‌ وَصْلِ الشَّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

- ‌[آدَابِ الْأَكْلِ الْمُقَارِنَةِ لَهُ]

- ‌[الْآدَابِ الْمُقَارِنَةِ لِلشُّرْبِ]

- ‌[بَابٌ فِي السَّلَامِ وَالِاسْتِئْذَانِ وَالتَّنَاجِي]

- ‌[صِفَةُ السَّلَامِ]

- ‌[الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ السَّفَرِ أَوْ النَّوْمِ]

- ‌[آدَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ]

- ‌[بَابٌ فِي حُكْم التَّعَالُجِ]

- ‌الرُّقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ

- ‌[التَّدَاوِي بِالْكَيِّ]

- ‌[الْكَلَامِ عَلَى الطِّيَرَة]

- ‌[صِفَةِ الرُّقْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ]

- ‌[اتِّخَاذ الْكِلَاب فِي الْبُيُوت]

- ‌[الرِّفْق بِالْمَمْلُوكِ]

- ‌[بَابٌ فِي الرُّؤْيَا وَالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ وَغَيْرهَا]

- ‌[اللَّعِب بِالنَّرْدِ]

- ‌[اللَّعِب بِالشِّطْرَنْجِ]

- ‌[حُكْم المسابقة]

- ‌[صُوَرِ الْمُسَابَقَةِ]

- ‌[قَتْلَ جَمِيعِ الْحَشَرَاتِ بِالنَّارِ]

- ‌[قَتْلِ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَد]

- ‌[التَّفَاخُرَ بِالْآبَاءِ]

- ‌[أَفْضَلِ الْعُلُومِ]

- ‌[الثَّمَرَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ]

- ‌[الْمُحَافَظَةِ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[الرجوع عن الشهادة]

اعْتَرَفَ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ قَالَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ

وَمَنْ قَالَ رَدَدْت إلَيْك مَا وَكَّلْتنِي عَلَيْهِ أَوْ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ دَفَعْت إلَيْك ثَمَنَهُ أَوْ

ــ

[الفواكه الدواني]

مُقِيمِ غَيْرِهَا (فَإِنْ اسْتَوَيَا) كَانَ الْوَاجِبُ اسْتَوَيَتَا أَيْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْعَدَالَةِ وَلَمْ يُوجَدْ مُرَجَّحٌ مِمَّا قَدَّمْنَا.

(حَلَفَا وَكَانَ) الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مَقْسُومًا (بَيْنَهُمَا) لِتَسَاقُطِهِمَا، وَفُهِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ حَدَّ التَّوَاتُرِ لِإِفَادَتِهِ الْعِلْمَ حِينَئِذٍ

[الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ مَسَائِلِ التَّرْجِيحِ، شَرَعَ فِي أَحْكَامِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِقَوْلِهِ:(وَإِذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ بَعْدَ) بَتِّ (الْحُكْمِ) بِشَهَادَتِهِ (أُغْرِمَ مَا أَتْلَفَ بِشَهَادَتِهِ إنْ اعْتَرَفَ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ) بِأَنْ شَهِدَ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (قَالَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْجَمِيعِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: أُغْرِمَ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِي رُجُوعِهِ، وَإِنَّمَا أُغْرِمَ لِاعْتِرَافِهِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: إنْ اعْتَرَفَ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ، بَلْ لَوْ قَالَ شُبِّهَ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: رَجَعْت عَنْ شَهَادَتِي وَسَكَتَ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ سَبَبِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ يُغَرَّمُ، فَمَا مَشَى عَلَيْهِ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ كَمَا قَرَّرْنَا، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: رَجَعَ بَعْدَ الْحُكْمِ عَنْ الرُّجُوعِ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِالشَّهَادَةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ عَنْهَا.

قَالَ خَلِيلٌ مُشِيرًا إلَى تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ: وَغَرِمَا مَالًا وَدِيَةً وَلَوْ تَعَمَّدَا، وَإِذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا غُرِّمَ نِصْفَ الْحَقِّ، وَإِذَا كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَةٍ بِقَتْلٍ فَإِنْ قَالَا: غَلِطْنَا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا، وَأَمَّا لَوْ قَالَا: تَعَمَّدْنَا فَالدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمَا، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: مَا أَتْلَفَ أَنَّ الشَّاهِدَ لَوْ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا كَمَا لَوْ رَجَعَ عَنْ طَلَاقِ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ عَنْ عِتْقِ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ عَنْ عَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ فَلَا غُرْمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ سَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ إلَّا الِاسْتِمْتَاعَ وَالْقِصَاصَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا قِيمَةَ لَهُ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا حُكْمَ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَاسْتِيفَاءُ مَا وَقَعَ بِهِ الْحُكْمُ وَحُكْمُ الرُّجُوعِ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ مَا وَقَعَ بِهِ الْحُكْمُ فَلَمْ يَذْكُرْهُ، وَذَكَرَ فِيهِ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ تَفْصِيلًا بِقَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِمَالٍ مَضَى اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ بِقِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَمْضِي كَمَا فِي الْحُكْمِ بِالْمَالِ، وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا يَمْضِي وَلَا يُسْتَوْفَى الدَّمُ لِحُرْمَتِهِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ، وَرَجَعَ إلَى هَذَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَحْسَنَهُ وَالْقِيَاسُ الْأَوَّلُ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الرُّجُوعَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَنْ يَكُونَ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا وَفِي هَذِهِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ اتِّفَاقًا.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَالِاسْتِيفَاءِ وَفِي هَذِهِ يَمْضِي الْحُكْمُ وَلَا يُنْتَقَضُ اتِّفَاقًا.

الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَحْكُومِ بِهِ فَيَمْضِي فِي الْمَالِ اتِّفَاقًا وَفِي الْحُدُودِ الْخِلَافُ السَّابِقُ.

الثَّانِي: الشَّاهِدُ الرَّاجِعُ عَنْ شَهَادَتِهِ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ، وَلَا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالَتُهُ عَلَى أَشْهَرِ الْقَوْلَيْنِ.

[أَحْكَام الْوَكَالَة]

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْوَكَالَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْوَكَالَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا التَّفْوِيضُ وَحَقِيقَتُهَا عُرْفًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نِيَابَةُ ذِي حَقٍّ غَيْرِ ذِي إمْرَةٍ، وَلَا عِبَادَةَ لِغَيْرِهِ فِيهِ غَيْرَ مَشْرُوطَةٍ بِمَوْتِهِ، فَتُخْرِجُ نِيَابَةُ إمَامِ الطَّاعَةِ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ صَاحِبَ صَلَاةٍ وَالْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ إنَّمَا يُقَالُ لَهَا نِيَابَةٌ لَا وَكَالَةٌ، وَقَوْلُهُ: غَيْرَ مَشْرُوطَةٍ بِمَوْتِهِ خَرَجَتْ الْوَصِيَّةُ وَحُكْمُ الْوَكَالَةِ الْجَوَازُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَعَقْدُهَا مُنْحَلٌّ قِيلَ مُطْلَقًا وَقِيلَ إلَّا أَنْ يَقَعَ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ فَكَّهُمَا وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْ، دَلَّ عَلَى جَوَازِهَا الْكِتَابُ:{قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} [السجدة: 11] وَالسُّنَّةُ مِنْ «تَوْكِيلِهِ عليه الصلاة والسلام أَبَا رَافِعٍ وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ عَلَى تَزْوِيجِ مَيْمُونَةَ» ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهَا، وَأَرْكَانُهَا:

الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ وَالْمُوَكَّلُ فِيهِ وَالصِّيغَةُ، فَالْمُوَكِّلُ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إذْنٍ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَخْرُجُ الْمَحْجُورُ لِصِبًا أَوْ سَفَهٍ أَوْ رِقٍّ، فَلَا يَصِحُّ لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ إلَّا الصَّغِيرَةُ فِي لَوَازِمِ الْعِصْمَةِ، وَإِلَّا الصَّبِيُّ وَالسَّفِيهُ فِي الدَّعْوَى عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ لَهُمَا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ، وَإِلَّا تَوَكَّلَ الرَّقِيقُ لِمَنْ يَشْتَرِيهِ مِنْ سَيِّدِهِ، وَالْوَكِيلُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنُوبَ عَنْ غَيْرِهِ فِيهِ إذَا كَانَ مِمَّا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَلَمْ يَكُنْ مَا يَمْنَعُ مِنْهَا، فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ عَدُوِّ شَخْصٍ عَلَى قَضَاءِ دَيْنٍ مِنْهُ، وَلَا تَوْكِيلُ ذِمِّيٍّ عَلَى مُسْلِمٍ كَمَا يَفْعَلُهُ ظَلَمَةُ مِصْرَ مِنْ تَوْكِيلِ النَّصَارَى عَلَى قَبْضِ الْخَرَاجِ مِنْ الْمُسْلِمِ فَهَذَا حَرَامٌ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، وَلَا تَوْكِيلُ مَحْجُورٍ لِسَفَهٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ صِبًا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَصَرَّفُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ إلَّا بِإِذْنٍ فَكَيْفَ يَتَصَرَّفُونَ فِي مَالِ غَيْرِهِمْ؟ وَأَجَازَ اللَّخْمِيُّ تَوْكِيلَهُمْ.

وَالْمُوَكَّلُ فِيهِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ قَابِلَ النِّيَابَةِ، قَالَ خَلِيلٌ: صِحَّةُ الْوَكَالَةِ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ مِنْ عَقْدٍ وَفَسْخٍ وَقَبْضِ حَقٍّ وَإِبْرَاءٍ وَإِنْ جَهِلَهُ الثَّلَاثَةُ، وَالصِّيغَةُ هِيَ كُلُّ مَا دَلَّ عُرْفًا عَلَى جَعْلِ التَّصَرُّفِ لِغَيْرِهِ مَعَ قَبُولِ الْمُفَوَّضِ لَهُ، قِيلَ عَلَى الْفَوْرِ، وَقِيلَ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعَادَةِ فَقَالَ:(وَمَنْ قَالَ) لِمَنْ وَكَّلَهُ عَلَى دَفْعِ شَيْءٍ لِشَخْصٍ (رَدَدْت إلَيْك مَا وَكَّلْتنِي عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى دَفْعِهِ مِثَالُهُ

ص: 229