المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْمِيرَاثُ مِنْهُ إنْ مَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ   وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ٢

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ وَالْخُلْعِ وَالرَّضَاعِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[الْمُحْرِمَات فِي النِّكَاح]

- ‌[الْقَسْمُ بَيْن الزَّوْجَاتِ]

- ‌[شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[إسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا]

- ‌ الطَّلَاقُ

- ‌الْخُلْعُ

- ‌[أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ]

- ‌[مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ]

- ‌[عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ الْمُوجِبَةِ لِخِيَارِ كُلٍّ فِي صَاحِبِهِ]

- ‌[أَحْكَامِ الزَّوْجِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْإِيلَاء]

- ‌[الظِّهَار]

- ‌اللِّعَانُ

- ‌[صِفَةِ اللِّعَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْعَبْدِ]

- ‌[الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[أَسْبَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَوْ الْأَمَةِ فِي الطَّلَاقِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ]

- ‌عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا

- ‌وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَأَسْبَابُهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[بَاب السَّلَم]

- ‌الْعُهْدَةُ

- ‌[السَّلَمُ فِي الْعُرُوضِ]

- ‌[أَقَلِّ أَجَلِ السَّلَمِ]

- ‌[بَيْع الدِّين بالدين]

- ‌[الْبِيَاعَات الْمُنْهِيَ عَنْهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ]

- ‌[بَاب الْإِجَارَة]

- ‌[حُكْم الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الدَّوَابِّ]

- ‌[الْإِجَارَةُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تضمين الصناع]

- ‌[بَاب الشَّرِكَة]

- ‌[حُكْم الشَّرِكَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[بَاب الْقِرَاض]

- ‌[الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ]

- ‌[بَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُسَاقَاة]

- ‌[بَاب الْمُزَارَعَة]

- ‌[الصُّوَر الْمَمْنُوعَة فِي الْمُزَارَعَة]

- ‌[حُكْمِ شِرَاءِ الْعَرَايَا]

- ‌بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[الْإِيصَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَامِ الْوَصَايَا الْمُتَّحِدَةِ الرُّتْبَةِ وَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهَا]

- ‌[أَحْكَام التَّدْبِير]

- ‌[صفة إخْرَاج الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَام الْكِتَابَة]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَامِ الْعِتْق النَّاجِز]

- ‌[الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ]

- ‌[مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ]

- ‌[بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[مَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ]

- ‌[أَحْكَام الْهِبَة]

- ‌[هِبَة الْوَالِد جَمِيعَ مَالِهِ لِبَعْضِ أَوْلَادِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الْهِبَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَى]

- ‌[بَيَان حُكْمِ الْحُبُسِ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ]

- ‌[صِفَةِ قَسْمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب الرَّهْن]

- ‌ضَمَانُ الرَّهْنِ

- ‌[مُسْتَحِقّ غَلَّةَ الرَّهْنِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[حُكْمِ الِاتِّجَارِ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[بَاب اللُّقَطَة]

- ‌[أَحْكَام الضَّالَّةِ]

- ‌[التَّعَدِّي عَلَى مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[بَاب الْغَصْب]

- ‌بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ

- ‌[ثُبُوت الْقَتْل بِالْقَسَامَةِ]

- ‌[صفة الْقَسَامَة وَحَقِيقَتَهَا]

- ‌[صِفَةِ حَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَمَنْ يَحْلِفُهَا]

- ‌[مَا تَكُون فِيهِ الْقَسَامَة]

- ‌[الْعَفْو عَنْ الدَّم]

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[مِقْدَار الدِّيَة]

- ‌[دِيَةِ الْأَطْرَافِ وَالْمَعَانِي]

- ‌[الْقِصَاص فِي الْجِرَاح]

- ‌[تَحْمِل الْعَاقِلَة شَيْئًا مِنْ الدِّيَة مَعَ الْجَانِي]

- ‌[مُسْتَحَقّ دِيَةِ الْمَقْتُولِ]

- ‌[أَحْكَامِ كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ

- ‌[أَحْكَامِ الْمُحَارِب]

- ‌[بَاب الزِّنَا]

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَا]

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[بَاب القذف]

- ‌ شُرُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[كَرَّرَ شُرْبَ الْخَمْرِ أَوْ كَرَّرَ فِعْلَ الزِّنَا]

- ‌[صِفَةِ الْمَحْدُودِ]

- ‌[بَاب السَّرِقَة]

- ‌[مَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ]

- ‌[حُكْم الشَّفَاعَةِ فِيمَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَدٌّ]

- ‌(بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ)

- ‌[وَجَدَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْحَقِّ بَعْدَ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ]

- ‌[أَقْسَام الشَّهَادَة]

- ‌[مَا تَشْهَدُ فِيهِ النِّسَاءُ]

- ‌ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ

- ‌[شَهَادَة الزَّوْج لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[شَهَادَةُ وَصِيٍّ لِيَتِيمِهِ بِشَيْءٍ عَلَى آخَرَ]

- ‌ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ

- ‌[مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَمَنْ لَا يَصِحُّ]

- ‌[الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَكَالَة]

- ‌[حُكْمِ الصُّلْحِ]

- ‌[بَعْض مَسَائِل الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْفَلَسِ]

- ‌[بَعْضَ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ]

- ‌[شُرُوط الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[شُرُوط الْقِسْمَة]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْإِقْرَارِ]

- ‌[حُكْمِ مَا إذَا مَاتَ أَجِيرُ الْحَجِّ قَبْلَ التَّمَام]

- ‌[بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْوَارِثَاتِ مِنْ النِّسَاءِ]

- ‌[الْفُرُوض فِي الْمِيرَاث]

- ‌[إرْثِ الْبَنَاتِ مَعَ الْأَخَوَاتِ]

- ‌[أَنْوَاع الحجب]

- ‌[مِيرَاث الْإِخْوَة لإم]

- ‌[مَوَانِعِ الْإِرْث]

- ‌مِيرَاثُ الْجَدِّ

- ‌[إرْث الْجَدَّة]

- ‌[اجْتِمَاعِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَوْل]

- ‌[كَيْفِيَّةُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَتَأْصِيلِهَا وَكَيْفِيَّةُ قَسْمِ التَّرِكَةِ]

- ‌بَابٌ: جُمَلٌ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[حُكْم السِّوَاك]

- ‌[الْقُنُوت فِي الصَّلَاة]

- ‌[صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[صَلَاة الْوِتْر]

- ‌[جَمْعِ الصَّلَاة]

- ‌رَكْعَتَا الْفَجْرِ

- ‌صَلَاةُ الضُّحَى

- ‌ قِيَامُ رَمَضَانَ

- ‌[الْفِطْر فِي السَّفَر]

- ‌ طَلَبُ الْعِلْمِ

- ‌[صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْجِهَاد قَيْءٍ سَبِيل اللَّه]

- ‌ غَضُّ الْبَصَرِ

- ‌[صَلَاة النَّوَافِل فِي الْبُيُوت]

- ‌[صَوْنُ اللِّسَانِ عَنْ الْكَذِبِ]

- ‌[الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ فِي زَمَنِ خُرُوجِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاس]

- ‌أَكْلِ الطَّيِّبِ

- ‌[أَكْلَ الْمَيْتَةِ]

- ‌ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ

- ‌ شُرْبَ الْخَمْرِ

- ‌[الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ]

- ‌[أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاع وَأَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[بِرُّ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[الِاسْتِغْفَار لِلْوَالِدَيْنِ]

- ‌[حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ]

- ‌الْهِجْرَانُ الْجَائِزُ

- ‌[مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ]

- ‌[سَمَاعَ الْأَمْرِ الْبَاطِلِ]

- ‌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌[حُكْم التَّوْبَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الْفِطْرَةِ وَالْخِتَانِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَاللِّبَاسِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌ صِبَاغُ الشَّعْرِ

- ‌ لِبَاسِ الْحَرِيرِ

- ‌ التَّخَتُّمِ بِالْحَدِيدِ

- ‌[التَّخَتُّم بِالذَّهَبِ]

- ‌[جَرّ الرَّجُلُ إزَارَهُ فِي الْأَرْضِ]

- ‌ وَصْلِ الشَّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

- ‌[آدَابِ الْأَكْلِ الْمُقَارِنَةِ لَهُ]

- ‌[الْآدَابِ الْمُقَارِنَةِ لِلشُّرْبِ]

- ‌[بَابٌ فِي السَّلَامِ وَالِاسْتِئْذَانِ وَالتَّنَاجِي]

- ‌[صِفَةُ السَّلَامِ]

- ‌[الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ السَّفَرِ أَوْ النَّوْمِ]

- ‌[آدَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ]

- ‌[بَابٌ فِي حُكْم التَّعَالُجِ]

- ‌الرُّقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ

- ‌[التَّدَاوِي بِالْكَيِّ]

- ‌[الْكَلَامِ عَلَى الطِّيَرَة]

- ‌[صِفَةِ الرُّقْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ]

- ‌[اتِّخَاذ الْكِلَاب فِي الْبُيُوت]

- ‌[الرِّفْق بِالْمَمْلُوكِ]

- ‌[بَابٌ فِي الرُّؤْيَا وَالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ وَغَيْرهَا]

- ‌[اللَّعِب بِالنَّرْدِ]

- ‌[اللَّعِب بِالشِّطْرَنْجِ]

- ‌[حُكْم المسابقة]

- ‌[صُوَرِ الْمُسَابَقَةِ]

- ‌[قَتْلَ جَمِيعِ الْحَشَرَاتِ بِالنَّارِ]

- ‌[قَتْلِ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَد]

- ‌[التَّفَاخُرَ بِالْآبَاءِ]

- ‌[أَفْضَلِ الْعُلُومِ]

- ‌[الثَّمَرَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ]

- ‌[الْمُحَافَظَةِ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: الْمِيرَاثُ مِنْهُ إنْ مَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ   وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا

الْمِيرَاثُ مِنْهُ إنْ مَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ

وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ بِمِلْكٍ وَلَا نِكَاحٍ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْمَرِيضِ مِنْ ثُلُثِهِ الْأَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَقَوْلُهُ فِي الثُّلُثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَأَمَّا لَوْ صَحَّ فِي مَرَضِهِ لَصَحَّ نِكَاحُهُ، وَأَمَّا لَوْ فَسَخَ فِي حَيَاتِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لِلْمَرْأَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْبِنَاءِ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ لَهَا الْمُسَمَّى تَأْخُذُهُ مِنْ ثُلُثِهِ مُبَدَّأً، وَإِنْ صَحَّ بَعْدَ الْفَسْخِ وَالْبِنَاءِ فَإِنَّهَا تَأْخُذُهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، فَقَوْلُهُ فِي الثُّلُثِ يُفِيدُ أَنَّ عَلَى الْمَرِيضِ بَعْدَ بِنَائِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثُلُثِهِ وَمِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ حَيْثُ مَاتَ بَعْدَ دُخُولِهِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَرِيضُ قَبْلَ فَسْخِ نِكَاحِهِ وَقَبْلَ بِنَائِهِ لَا شَيْءَ لِلْمَرْأَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ فِيهِ إذَا مَاتَ أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ الصَّدَاقُ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا فَسَدَ لِعَقْدِهِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَمْ يُؤْثِرْ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فِيهِ الصَّدَاقُ بِالْمَوْتِ قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ، وَمُرَادُهُ بِالصَّدَاقِ الْأَقَلِّ مِنْ الْمُسَمَّى وَالثُّلُثِ وَصَدَاقِ الْمِثْلِ، إذْ لَا يُوجِبُ الْمَوْتُ أَكْثَرَ مِمَّا يُوجِبُهُ الدُّخُولُ، وَهَذَا حُكْمُ مَرَضِ الزَّوْجِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَرِيضُ الزَّوْجَةَ فَإِنَّهُ يُعَجَّلْ بِفَسْخِهِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَلَهَا الْمُسَمَّى.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلِلْمَرِيضَةِ بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى يُقْضَى لَهَا بِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، لِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَتُقَرَّرُ بِالْوَطْءِ وَإِنْ حَرُمَ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يُقَرَّرُ لَهَا بِهِ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا حُكْمُ مَرَضِ الزَّوْجَةِ فَقَطْ وَالزَّوْجِ فَقَطْ، وَبَقِيَ حُكْمُ مَا لَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ مَرِيضَيْنِ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا أَنَّهُ يُغَلَّبُ جَانِبُ الزَّوْجِ، فَعَلَيْهِ إنْ دَخَلَ الْأَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ الثُّلُثِ وَالْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ الزَّوْجُ بِالْمَرَضِ وَبَقِيَ أَيْضًا لَوْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ فِي وُقُوعِ الْعَقْدِ فِي الْمَرَضِ أَوْ الصِّحَّةِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِأَحَدِهِمَا بِوُقُوعِ الْعَقْدِ فِي الْمَرَضِ، وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِلْآخَرِ بِوُقُوعِهِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَتَعَادَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ، فَالظَّاهِرُ عَلَى جَرْيِ الْقَوَاعِدِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ.

(وَ) إذَا مَاتَ الزَّوْجُ الْمَرِيضُ قَبْلَ فَسْخِ النِّكَاحِ (لَا مِيرَاثَ لَهَا) لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ النِّكَاحِ فِي الْمَرَضِ إنَّمَا هُوَ لِمَا فِيهِ مِنْ إدْخَالِ وَارِثٍ، وَقَدْ نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ إدْخَالِهِ كَمَا نَهَى عَنْ إخْرَاجِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَوْ طَلَّقَ الْمَرِيضُ) مَرَضًا مَخُوفًا (امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا) أَوْ اثْنَتَيْنِ إنْ كَانَ عَبْدًا (لَزِمَهُ ذَلِكَ وَكَانَ لَهَا الْمِيرَاثُ مِنْهُ إذَا مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ) الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَنَفَذَ خُلْعُ الْمَرِيضِ وَوَرَثَتِهِ دُونَهُ إلَى أَنْ قَالَ: وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَوَرِثَتْ أَزْوَاجًا وَإِنْ فِي عِصْمَةٍ، وَأَمَّا لَوْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ صِحَّةً بَيِّنَةً ثُمَّ مَاتَ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا، كَمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ مَاتَتْ فِي زَمَنِ مَرَضِهِ لَمْ يَرِثْهَا، وَقَيَّدْنَا الْمَرَضَ بِالْمَخُوفِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْخَفِيفِ فَلَا إرْثَ لَهَا إنْ مَاتَ فِيهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمِيرَاثِ مِنْ الْأَحْكَامِ فَحُكْمُ الْمُطَلَّقَةِ فِي الْمَرَضِ حُكْمُ غَيْرِهَا مِمَّنْ طَلُقَتْ فِي غَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ جَمِيعِ الصَّدَاقِ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، وَالنِّصْفِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ، وَعَدَمِ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهَا، وَإِنْ قَتَلَتْهُ خَطَأً وَرِثَتْ مِنْ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ، وَإِنْ قَتَلَتْهُ عَمْدًا عُدْوَانًا لَمْ تَرِثْهُ مِنْ مَالٍ وَلَا دِيَةٍ، وَمَفْهُومُ ثَلَاثًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ‌

‌ الطَّلَاقُ

دُونَ الثَّلَاثِ فَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَكَالثَّلَاثِ فَتَرِثُهُ دُونَهُ، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَمَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ يَتَوَارَثَانِ، وَبَعْدَ انْقِضَائِهَا تَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا، وَمَفْهُومُ الْمَرِيضِ أَنَّ الصَّحِيحَ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ مِنْ صَاحِبِ الْمَرَضِ الْخَفِيفِ إذَا طَلَّقَ طَلَاقًا بَائِنًا وَلَوْ دُونَ الثَّلَاثِ لَا تَوَارُثَ وَرَجْعِيًّا يَتَوَارَثَانِ.

[الطَّلَاق]

ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً يُعْلَمُ عِلْمُهَا مِمَّا مَرَّ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ) الْمُرَادُ زَوْجَتُهُ (ثَلَاثًا) إنْ كَانَ حُرًّا أَوْ اثْنَتَيْنِ إنْ كَانَ عَبْدًا سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فِي الصُّورَتَيْنِ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الطَّلَاقِ الزَّوْجُ عَكْسُ الْعِدَّةِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ وَصْفُ الْمَرْأَةِ وَفَاعِلُ الطَّلَاقِ الرَّجُلُ:(لَمْ تَحِلَّ لَهُ) بَعْدَ ذَلِكَ (بِمِلْكٍ وَلَا نِكَاحٍ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) قَالَ خَلِيلٌ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَبْتُوتَةِ: حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ قَدْرَ الْحَشَفَةِ بِلَا مَنْعٍ، وَقَالَ تَعَالَى:{حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وَفِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إنِّي كُنْت عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْت بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: فَاعْتَرَضَ وَلَمْ يُصِبْهَا فَفَارَقَهَا، فَتَبَسَّمَ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:«أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ؟ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك» وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُسَيْلَةِ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِنْزَالُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، فَهِيَ هُنَا مَجَازٌ عَلَاقَتُهُ السَّبَبِيَّةُ وَالْمُسَبَّبِيَّة.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ مَسَائِلِ النِّكَاحِ، شَرَعَ فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ لُغَةً إزَالَةُ الْقَيْدِ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي إرْسَالِ الْعِصْمَةِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ كَالْمُوثَقَةِ وَالْمُطَلِّقُ لَهَا كَأَنَّهُ أَطْلَقَهَا مِنْ وَثَاقِهَا، وَلِذَلِكَ تَقُولُ النَّاسُ لِلزَّوْجِ: هِيَ فِي حِبَالِك إذَا كَانَتْ تَحْتَ يَدِك وَفِي عِصْمَتِك، وَأَمَّا حَقِيقَتُهُ إصْلَاحًا فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حَلِيَّةَ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ مُوجِبًا، تَكَرُّرُهَا مَرَّتَيْنِ لِلْحُرِّ، وَمَرَّةً لِذِي رِقٍّ حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ، فَقَوْلُهُ مُوجِبًا بِالنَّصْبِ حَالٌ إمَّا مِنْ ضَمِيرِ تَرْفَعُ أَوْ مِنْ

ص: 30

وَطَلَاقُ الثَّلَاثِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ بِدْعَةٌ وَيَلْزَمُ إنْ وَقَعَ وَطَلَاقُ السُّنَّةِ مُبَاحٌ وَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَقْرَبْهَا فِيهِ طَلْقَةً ثُمَّ لَا يُتْبِعَهَا طَلَاقًا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الَّتِي تَحِيضُ مَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي الْحُرَّةِ أَوْ الثَّانِيَةِ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْمُبْتَدَأِ، وَيَنْقَسِمُ إلَى بِدْعِيٍّ وَإِلَى سُنِّيٍّ، وَالْبِدْعِيُّ إلَى مَكْرُوهٍ وَإِلَى مُحَرَّمٍ، وَأَشَارَ إلَى الْبِدْعِيِّ بِقَوْلِهِ:(وَطَلَاقُ الثَّلَاثِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ بِدْعَةٌ) أَيْ مُحْدَثَةٌ، وَفِي حُكْمِ الْكَلِمَةِ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي كَلِمَاتٍ نَسَقًا كَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ تَوْكِيدٍ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِدْعَةً، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] وَأَيْضًا قَدْ وَقَعَ أَنَّ رَجُلًا قَدْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَتَغَيَّظَ وَقَالَ: «أَتَهْزَأُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ؟» وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِ تِلْكَ الْبِدْعَةِ فَقِيلَ الْكَرَاهَةُ وَقِيلَ التَّحْرِيمُ (وَ) عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (يَلْزَمُ إنْ وَقَعَ) وَاعْلَمْ أَنَّ أَرْكَانَ الطَّلَاقِ أَرْبَعَةٌ أَشَارَ إلَيْهَا خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَرُكْنُهُ أَهْلٌ وَقَصْدٌ وَمَحَلٌّ وَلَفْظٌ، فَالْأَهْلُ الْمَوْقِعُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا، وَالْمَحَلُّ الْعِصْمَةُ الْمَمْلُوكَةُ لِلزَّوْجِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا، كَقَوْلِهِ لَهُ لِامْرَأَةٍ عِنْدَ خِطْبَتِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، الْقَصْدُ الْمُرَادُ بِهِ قَصْدُ التَّلَفُّظِ بِالصِّيغَةِ الصَّرِيحَةِ أَوْ الْكِنَايَةِ، أَوْ قَصْدُ حِلِّ الْعِصْمَةِ بِالْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ وَالصِّيغَةُ الصَّرِيحَةُ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَالْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ: كَأَنْتِ بَتَّةٌ أَوْ حَبْلُك عَلَى غَارِبِك، وَالْخَفِيَّةُ نَحْوُ: اذْهَبِي أَوْ كَلِّمِي أَوْ اشْرَبِي مِنْ كُلِّ مَا لَمْ يُوضَعْ لِلطَّلَاقِ وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ الْإِشَارَةُ إلَى بَيَانِ ذَلِكَ مَعَ بَسْطِنَا الْكَلَامَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ صَرِيحِهِ وَكِنَايَتِهِ، وَأَشَارَ إلَى بَيَانِ السُّنِّيِّ وَيُعْلَمُ مِنْهُ بَقِيَّةُ أَقْسَامِ الْبِدْعِيِّ بِقَوْلِهِ:(وَطَلَاقُ السُّنَّةِ) أَيْ الَّذِي أَذِنَتْ فِيهِ السُّنَّةُ (مُبَاحٌ) أَيْ جَائِزٌ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الطَّلَاقَ سُنَّةٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» وَأَضَافَهُ إلَى السُّنَّةِ، وَإِنْ جَاءَ الْإِذْنُ فِيهِ أَيْضًا مِنْ الْكِتَابِ فِي قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] لِأَنَّ قُيُودَهُ مِنْ السُّنَّةِ وَأَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَ) أَيْ طَلَاقُ السُّنَّةِ (أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ طَلْقَةً) وَاحِدَةً قَالَ خَلِيلٌ: طَلَاقُ السُّنَّةِ وَاحِدَةٌ بِطُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ بِلَا عِدَّةٍ.

قَالَ شُرَّاحُهُ: بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الطَّلْقَةُ كَامِلَةً وَأَنْ يُوقِعَهَا عَلَى جَمِيعِ الْمَرْأَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ سُنِّيًّا لِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَأُدِّبَ الْمُجَزِّئُ كَمُطَلَّقِ جُزْءٍ وَإِنْ كَيَدٍ، وَمِنْ الشُّرُوطِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ:(ثُمَّ لَا يُتْبِعَهَا) أَيْ الطَّلْقَةَ الْوَاحِدَةَ (طَلَاقًا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ) فَلَوْ أَرْدَفَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ طَلْقَةً أُخْرَى كَانَ بِدْعِيًّا مَكْرُوهًا، وَلِذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا لِتَطْوِيلِهِ الْعِدَّةَ إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ عِنْدَ الرَّجْعَةِ الْفِرَاقَ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْقُيُودَ الَّتِي بِهَا يَكُونُ الطَّلَاقُ سُنِّيًّا أَنْ يَقَعَ فِي طُهْرٍ وَأَنْ لَا يَمَسَّهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ، وَأَنْ يَكُونَ وَاحِدَةً، وَأَنْ تَكُونَ كَامِلَةً، وَأَنْ يُوقِعَهَا عَلَى جَمِيعِ الْمَرْأَةِ، وَأَنْ لَا يُرْدِفَ عَلَيْهَا طَلْقَةً دَاخِلَ الْعِدَّةِ، فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْهَا كَانَ الطَّلَاقُ بِدْعِيًّا، وَالْبِدْعِيُّ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ وَحَرَامٌ فِي زَمَنِهِ، وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ إنْ طَلَّقَهَا فِيهِ، كَمَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا إذَا طَلَّقَهَا بَيْنَ دَمَيْنِ تَلَفَّقَ ثَانِيهِمَا لِمَا قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ غَيْرَ حَرَامٍ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمُعَاوَدَةِ الدَّمِ، وَإِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَكُرِهَ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّجْعَةِ، كَقَبْلِ الْغُسْلِ مِنْهُ أَوْ التَّيَمُّمِ الْجَائِزِ وَمُنِعَ فِيهِ وَوَقَعَ وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَوْ لِمُعَاوَدَةِ الدَّمِ لِمَا يُضَافُ فِيهِ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَسَيُشِيرُ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا ذُكِرَ إمَّا صَرِيحًا أَوْ تَلْوِيحًا.

(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الطَّلَاقَ يَنْقَسِمُ إلَى أَقْسَامٍ: الْإِبَاحَةُ وَالسُّنِّيَّةُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْحُرْمَةُ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْوُجُوبُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ يَلْزَمُ عَلَى عَدَمِهِ الْإِضْرَارُ بِالْمَرْأَةِ، إمَّا مِنْ جِهَةِ الْعَجْزِ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مَعَ عَدَمِ رِضَاهَا بِتَرْكِهَا مِنْ الزَّوْجِ، أَوْ الْعَجْزِ عَنْ الْوَطْءِ مَعَ طَلَبِهَا لَهُ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ النَّدْبُ وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ زَانِيَةً أَوْ تَارِكَةَ الصَّلَاةِ وَلَا تَنْزَجِرُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ فِرَاقُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَلْبُهُ مُتَعَلِّقًا بِحُبِّهَا فَلَهُ مَسْكُهَا وَلَوْ زَانِيَةً لِخَبَرِ: «إنَّ لِي زَوْجَةً لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فَارِقْهَا.

قَالَ: إنِّي أُحِبُّهَا، قَالَ: فَأَمْسِكْهَا» صَحَّحَهُ النَّسَائِيُّ، فَيَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الطَّلَاقَ يُحَرِّمُ الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا لِإِزَالَةِ الْعِصْمَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ لِلْحِلِّ.

1 -

شَرَعَ يَذْكُرُ مَا يَرْفَعُ الْحُرْمَةَ وَتَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ وَهُوَ الرَّجْعَةُ بِقَوْلِهِ: (وَلَهُ) أَيْ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلَاقًا غَيْرَ بَائِنٍ بِحِلِّ وَطْئِهِ (الرَّجْعَةُ) وَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: رَفْعُ الزَّوْجِ أَوْ الْحَاكِمِ حُرْمَةَ الْمُتْعَةِ بِالزَّوْجَةِ لِطَلَاقِهَا فَتَخْرُجُ الْمُرَاجَعَةُ وَهِيَ لِلْعَقْدِ عَلَى الْبَائِنِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْحَاكِمِ ذَكَرَهُ لِإِدْخَالِ رَجْعَةِ الْحَاكِمِ زَوْجَةَ مَنْ طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ وَامْتَنَعَ مِنْ رَجْعَتِهَا، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَرْتَجِعُ لَهُ قَهْرًا كَمَا يَأْتِي، وَتَعْتَرِيهَا أَحْكَامٌ خَمْسَةٌ كَمَا تَعْتَرِي الطَّلَاقَ وَالنِّكَاحَ، وَأَمْثِلَتُهَا تُعْرَفُ مِنْ أَمْثِلَةِ أَحْكَامِ الطَّلَاقِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَمَّا كَانَ حُكْمُهَا الْأَصْلِيُّ الْجَوَازَ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُحْرِمًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مُفْلِسًا أَوْ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ لِقَوْلِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ: خَمْسَةٌ تَجُوزُ رَجْعَتُهُمْ وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهُمْ وَشَرْطُهَا (فِي) الْمَرْأَةِ الْمُطَلَّقَةِ (الَّتِي تَحِيضُ) وَطَلُقَتْ

ص: 31

فِي الْأَمَةِ.

فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ أَوْ مِمَّنْ قَدْ يَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ طَلَّقَهَا مَتَى شَاءَ وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ وَتُرْتَجَعُ الْحَامِلُ مَا لَمْ تَضَعْ وَالْمُعْتَدَّةُ بِالشُّهُورِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ وَالْأَقْرَاءُ هِيَ الْأَطْهَارُ.

وَيُنْهَى أَنْ يُطَلِّقَ فِي الْحَيْضِ فَإِنْ طَلَّقَ لَزِمَهُ

ــ

[الفواكه الدواني]

دُونَ الثَّلَاثِ فِي غَيْرِ زَمَنِ حَيْضٍ (مَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي) الزَّوْجَةِ الْمُطَلَّقَةِ (الْحُرَّةِ) وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا (أَوْ) أَيْ وَمَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْحَيْضَةِ (الثَّانِيَةِ فِي) حَقِّ الزَّوْجَةِ (الْأَمَةِ) وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعِدَّةِ بِالزَّوْجَةِ، فَإِنْ دَخَلَتْ الْحُرَّةُ فِي الثَّالِثَةِ وَالزَّوْجَةُ الْأَمَةُ فِي الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهَا لِبَيْنُونَتِهَا وَحِلِّهَا لِلْأَزْوَاجِ، فَإِنْ قِيلَ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالُوهُ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِدَّةِ هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ؟ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ دَمَ الْحَيْضِ الْأَصْلُ اسْتِمْرَارُهُ وَانْقِطَاعُهُ قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ نَادِرٌ، فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَصْلِ الْغَالِبِ، وَإِنْ فُرِضَ انْقِطَاعُهُ قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ إلَى النِّسَاءِ الْعَارِفَاتِ، وَإِنْ انْقَطَعَ فِي بَعْضِ يَوْمٍ رُجِعَ إلَى قَوْلِ النِّسَاءِ الْعَارِفَاتِ.

1 -

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْمُطَلَّقَةِ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ الْمُطَلَّقَةِ فِي الْحَيْضِ، وَحُكْمُهَا أَنَّ لِزَوْجِهَا رَجْعَتَهَا مَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الرَّابِعَةِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ الثَّالِثَةِ إنْ كَانَتْ أَمَةً، فَإِنْ دَخَلَتْ الْحُرَّةُ فِي الرَّابِعَةِ وَالْأَمَةُ فِي الثَّالِثَةِ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ، لَكِنْ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تُعَجِّلَ الزَّوَاجَ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ حُصُولِ مَا يُعَدُّ حَيْضَةً فِي بَابِ الْعِدَّةِ وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ.

الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ شَرْطَ الرَّجْعَةِ كَوْنُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ النِّكَاحِ وَلَوْ كَانَ فَاسِدًا ابْتِدَاءً وَفَاتَ بِالدُّخُولِ وَحَصَلَ وَطْءٌ مُبَاحٌ بَعْدَ الْفَوَاتِ، فَالْبَائِنُ بِدُونِ الثَّلَاثِ لَا تَحِلُّ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، وَصَدَاقٍ وَرِضَا الزَّوْجَةِ كَالْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الْمُطَلَّقَةِ بِعِوَضٍ وَلَوْ مَعَ إبْرَاءٍ أَوْ لَمْ تَصِحَّ الْبَرَاءَةُ أَوْ عِنْدَ حَاكِمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَوْقَعَهُ عَلَى مُولٍ أَوْ مُعْسِرٍ فَإِنَّهُ رَجْعِيٌّ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ صِفَةَ الرَّجْعَةِ الْكَامِلَةِ وَهِيَ مَا كَانَتْ بِالنِّيَّةِ وَالْقَوْلِ، كَارْتَجَعْتُ زَوْجَتِي، وَأَعَدْت حِلَّهَا لِعِصْمَتِي، وَهَذِهِ رَجْعَةٌ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَتْ بِالْقَوْلِ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فَتَصِحُّ وَذَلِكَ كَارْتَجَعْتُ زَوْجَتِي مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، لَكِنْ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ، وَصَحَّحَ ابْنُ رُشْدٍ الرَّجْعَةَ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ لَكِنْ فِي الْبَاطِنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْقَوْلُ مُحْتَمِلًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ رَجْعَةٍ فَلَا يَكْفِي فِي الرَّجْعَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ: أَعَدْت حِلَّهَا أَوْ رَفَعْت التَّحْرِيمَ عَنْهَا، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ رَفَعْت تَحْرِيمَهَا عَلَى الْغَيْرِ، وَأَشَارَ خَلِيلٌ إلَى جَمِيعِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: يَرْتَجِعُ مَنْ يَنْكِحُ وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ فِي عِدَّةِ صَحِيحٍ حَلَّ وَطْؤُهُ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتهَا، أَوْ نِيَّةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ، أَوْ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ وَلَوْ هَزْلًا فِي الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ، لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمَلٍ بِلَا نِيَّةٍ كَأَعَدْتُ الْحِلَّ أَوْ رَفَعْت التَّحْرِيمَ، وَلَا يَفْعَلُ دُونَهَا كَوَطْءٍ، وَشَرْطُهَا أَيْضًا عِلْمُ الْخَلْوَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَلَوْ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ، وَتَقَارُنُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْوَطْءِ، فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ دُخُولُهُمَا لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ، وَمِنْ شُرُوطِ الرَّجْعَةِ زِيَادَةً عَلَى مَا سَبَقَ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّلَاقِ مِنْ الْمُولِي أَنْ يَنْحَلَ عَنْهُ الْإِيلَاءُ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلطَّلَاقِ عَلَى الْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ وُجُودُ الْيَسَارِ الَّذِي يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ وَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِقَوْلِ خَلِيلٍ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ: أَنَّ الرَّجْعَةَ الْكَامِلَةَ تَكُونُ بِالْقَوْلِ وَالنِّيَّةِ أَوْ الْقَوْلِ الصَّرِيحِ فَقَطْ أَوْ النِّيَّةِ وَحْدَهَا عَلَى الْأَظْهَرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ زَمَنِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ لِمَنْ تَحِيضُ شَرَعَ فِي زَمَنِ بَيَانِهِ لِغَيْرِهَا بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ كَانَتْ) الْمَرْأَةُ الَّتِي أَرَادَ زَوْجُهَا أَنْ يُطَلِّقَهَا (مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ) لِصِغَرٍ (أَوْ) كَانَتْ (مِمَّنْ قَدْ يَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ) لِكِبَرِ سِنِّهَا (طَلَّقَهَا مَتَى شَاءَ) إذْ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا فِي طَلْقَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ، إذْ لَا يَكُونُ الْبِدْعِيُّ مِنْهَا إلَّا الزَّائِدَ عَلَى الثِّنْتَيْنِ لِلْحُرِّ أَوْ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِلرَّقِيقِ، لِأَنَّ طَلَاقَ ذَاتِ الْأَشْهُرِ لَا يُوجِبُ تَطْوِيلَ عِدَّةٍ.

(وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ) يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَهَا زَوْجُهَا مَتَى شَاءَ لِلْأَمْنِ مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً بِالْحَيْضِ وَمِمَّنْ يَجُوزُ طَلَاقُهَا مَتَى شَاءَ الزَّوْجُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَوْ فِي حَالِ حَيْضِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ، وَلَمَّا كَانَتْ عِدَّةُ الْحَامِلِ وَلَوْ فِي وَفَاةِ حَمْلِهَا قَالَ:(وَتُرْتَجَعُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ (الْحَامِلُ) وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَجُوزُ لِمُطَلِّقِ الْحَامِلِ أَنْ يَرْتَجِعَهَا (مَا لَمْ تَضَعْ) الْحَمْلَ كُلَّهُ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا وَتَفُوتُ رَجْعَتُهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَمْلِ الْكَبِيرِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ دَمًا مُجْتَمِعًا، فَلَوْ وَضَعَتْ إحْدَى التَّوْأَمَيْنِ أَوْ بَعْضَ وَاحِدٍ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَلَهُ رَجْعَتُهَا.

(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَوَاتُ الرَّجْعَةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَاحِقًا بِالزَّوْجِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَاحِقًا وَلَوْ احْتِمَالًا حَتَّى تَنْقَضِيَ بِوَضْعِهِ الْعِدَّةُ، فَلَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَهِيَ حَامِلٌ حَمْلًا غَيْرَ لَاحِقٍ بِهِ بِأَنْ وَضَعَتْهُ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهُ رَجْعَتُهَا مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ وَتُعِدُّ نِفَاسَهَا حَيْضَةً، وَقَوْلُنَا: وَلَوْ احْتِمَالًا لِإِدْخَالِ الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ لِأَنَّهُ كَاللَّاحِقِ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ بِهِ.

(وَ) تُرْتَجَعُ الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (الْمُعْتَدَّةُ بِالشُّهُورِ) إمَّا لِصِغَرِهَا أَوْ يَأْسِهَا أَوْ لِاسْتِحَاضَتِهَا، وَلَمْ تُمَيِّزْ دَمَ

ص: 32

وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ وَاَلَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا يُطَلِّقُهَا مَتَى شَاءَ وَالْوَاحِدَةُ تُبِينُهَا وَالثَّلَاثُ تُحَرِّمُهَا إلَّا بَعْدَ

ــ

[الفواكه الدواني]

الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ، أَوْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِمَرَضٍ، أَوْ تَأَخَّرَ بِلَا سَبَبٍ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مَرِيضَةً وَلَا مُرْضِعَةً.

(مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا) أَيْ مُدَّةُ عَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِانْقِضَاءِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ، أَوْ يَائِسَةً أَوْ بِمُضِيِّ سَنَةٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا اسْتِبْرَاءٌ لِزَوَالِ الرِّيبَةِ، وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لِلْعِدَّةِ إنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ أَوْ تَأَخَّرَ بِلَا سَبَبٍ أَوْ مَرِضَتْ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةً ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ كَعِدَّةِ مَنْ لَمْ تَرَ الْحَيْضَ وَالْيَائِسَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي الِاعْتِدَادِ بِالشُّهُودِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ كَالِاعْتِدَادِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ مِنْ الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ فِي الِاعْتِدَادِ بِالْأَقْرَاءِ، وَقَوْلُنَا فِي الْمُسْتَحَاضَةِ وَلَمْ تُمَيِّزْ لِأَنَّ الَّتِي تُمَيِّزُ دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ إمَّا بِرَائِحَةٍ أَوْ لَوْنٍ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ كَغَيْرِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ: وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الَّتِي تَحِيضُ مَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْحَيْضَةِ إلَخْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَاءِ فِي الْآيَةِ الْحَيْضُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَالْأَقْرَاءُ) فِي آيَةِ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228](هِيَ الْأَطْهَارُ الَّتِي بَيْنَ الدَّمَيْنِ) وَهَذَا عَلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْمُرَادُ بِهَا الْحِيَضُ جَمْعُ حَيْضَةٍ، وَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ أَنَّ لَفْظَ الْقُرُوءِ مَوْضُوعٌ بِالِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْأَطْهَارِ وَالدِّمَاءِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا، وَدَلِيلُ مَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُ قَوْله تَعَالَى:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ فِي زَمَانِ عِدَّتِهِنَّ، وَبَيَّنَ ذَلِكَ عليه الصلاة والسلام بِقَوْلِهِ:«بِأَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ» فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ تَعْتَدُّ بِهِ وَأَنَّهُ مِنْ أَقْرَائِهَا، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْأَقْرَاءِ الْحَيْضَ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ لَكَانَ الْمُطَلِّقُ مُطَلِّقًا لِغَيْرِ الْعِدَّةِ، وَمِنْ ثَمَرَةِ الْخِلَافِ حِلُّهَا بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ الْأَخِيرِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَطْهَارُ وَعَدَمُ حِلِّهَا حَتَّى تَتِمَّ الْحَيْضَةُ بِرُؤْيَةِ عَلَامَةِ الطُّهْرِ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَاءِ الْحَيْضُ، وَالْأَقْرَاءُ جَمْعُ قَرْءٍ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، فَإِنْ قِيلَ: مُقْتَضَى تَفْسِيرِ الْأَقْرَاءِ بِالْأَطْهَارِ عَدَمَ حِلِّهَا بِقُرْأَيْنِ وَبَعْضِ قُرْءٍ مَعَ أَنَّهَا لَوْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ طُهْرٍ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِهِ وَلَوْ لَحْظَةً.

قَالَ خَلِيلٌ: وَاعْتَدَّتْ بِطُهْرِ الطَّلَاقِ وَإِنْ لَحْظَةً، فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْجَمْعَ يُطْلَقُ عَلَى مَا زَادَ عَلَى الِاثْنَيْنِ وَلَوْ كَانَ الزَّائِدُ بَعْضَ وَاحِدٍ نَحْوَ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ شَهْرَانِ وَعَشَرَةٌ

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الطَّلَاقَ السُّنِّيَّ مُبَاحٌ لِوُقُوعِهِ فِي طُهْرٍ ذَكَرَ مُقَابِلَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيُنْهَى) الزَّوْجُ الْمُكَلَّفُ نَهْيَ تَحْرِيمٍ عَنْ (أَنْ يُطَلِّقَ) زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ (فِي) حَالِ (الْحَيْضِ) أَوْ النِّفَاسِ حَتَّى تَطْهُرَ بِالْمَاءِ أَوْ التَّيَمُّمِ الْجَائِزِ لِمَا وَرَدَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَتَغَيَّظَ وَقَالَ لَهُ:«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ» .

وَأَخَذَ الْعُلَمَاءُ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ طَلَاقِ الْحَائِضِ، وَقَيَّدْنَا بِالْمَدْخُولِ بِهَا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ غَيْرَهَا يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا مَتَى شَاءَ، كَمَا يَجُوزُ لَهُ طَلَاقُ الْحَامِلِ مَتَى شَاءَ كَمَا تَقَدَّمَ.

(فَإِنْ طَلَّقَ) فِي زَمَنِ حَيْضِهَا عَالِمًا بِهِ (لَزِمَهُ) الطَّلَاقُ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَمُنِعَ فِيهِ وَوَقَعَ (وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ) أَيْ يُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ إذَا أَوْقَعَ أَقَلَّ مِنْ الثَّلَاثِ أَوْ أَوْقَعَ وَاحِدَةً إنْ كَانَ عَبْدًا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَوْ لِمُعْتَادَةِ الدَّمِ لِمَا يُضَافُ فِيهِ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْأَرْجَحِ، فَإِنْ أَبَى هَدَّدَهُ بِالسِّجْنِ، فَإِنْ أَبَى سَجَنَهُ، فَإِنْ أَبَى هَدَّدَهُ بِضَرْبٍ، فَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ ضَرَبَهُ إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ، وَيَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَلْزَمَهُ الرَّجْعَةَ وَيَرْتَجِعُهَا لَهُ بِأَنْ يَقُولَ: ارْتَجَعْت لَك زَوْجَتَك، وَتَصِحُّ تِلْكَ الرَّجْعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الزَّوْجِ قَوْلٌ وَلَا نِيَّةٌ، وَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِرَجْعَةِ الْحَاكِمِ وَيَتَوَارَثَانِ، لِأَنَّ نِيَّةَ الْحَاكِمِ تَقُومُ مَقَامَ نِيَّتِهِ، وَنَظِيرُ هَذَا مَنْ يُجْبِرُهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ الْحَاكِمُ عَلَى النِّكَاحِ، فَلَوْ ارْتَجَعَ لَهُ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَيْهَا بَلْ ارْتَجَعَ لَهُ ابْتِدَاءً، فَاسْتَظْهَرَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ أَنَّهُ إنْ فَهِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَرْتَجِعُ، وَلَوْ فَعَلَ مَعَهُ جَمِيعَ مَا سَبَقَ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ عَلَى مَا يَنْبَغِي وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّ جَبْرَهُ ابْتِدَاءً عَلَى الرَّجْعَةِ بِمَا سَبَقَ مِنْ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ وَغَايَةُ الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ.

(مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ) فَإِنْ انْقَضَتْ بَانَتْ وَلَمْ تَحِلَّ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَرِضَاهَا كَابْتِدَاءِ نِكَاحِ أَجْنَبِيَّةٍ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: فُهِمَ مِنْ الْحَدِيثِ السَّابِقِ أَنَّهُ إنْ رَاجَعَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ إمْسَاكُهَا حَتَّى تَصْطَلِحَ وَيَزُولَ مِنْهَا الْغَيْظُ الْحَاصِلُ بِطَلَاقِهَا فِي حَيْضِهَا، وَلَا تَصْطَلِحُ إلَّا بِوَطْءٍ فِي طُهْرٍ مِنْ الْحَيْضِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، لِأَنَّهُ بَعْدَ الْوَطْءِ لَا يُطَلِّقُ لِأَنَّهُ مَسَّهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إمْسَاكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَةٍ أُخْرَى غَيْرِ حَيْضَةِ الطَّلَاقِ؛ الثَّانِي: مَحَلُّ الْجَبْرِ الْمَذْكُورِ إذَا تَصَادَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا بِأَنْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ وَقَعَ فِي الْحَيْضِ، وَقَالَ الرَّجُلُ بَلْ طَلُقَتْ فِي الطُّهْرِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى نَظَرِ النِّسَاءِ، خِلَافًا لِابْنِ يُونُسَ لِأَنَّ النِّسَاءِ

ص: 33