الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْضَ عَبْدِهِ اسْتَتَمَّ عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ مَعَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ يُقَامُ عَلَيْهِ وَعَتَقَ. فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ
ــ
[الفواكه الدواني]
أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ إرْبٍ مِنْهَا إرْبًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إيمَانٌ بِاَللَّهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ قُلْت: أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا» وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَدْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ أَفْضَلُ مِنْهُ لِمَا فِي مُسْلِمٍ:«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِامْرَأَةٍ أَعْتَقَتْ رَقَبَةً: لَوْ كُنْت أَخْدَمْتِيهَا أَقَارِبَك لَكَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِك» اللَّخْمِيُّ، وَظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ نَاقِصَ عُضْوٍ لَا يَحْجُبُ النَّارَ عَنْ الْعُضْوِ الَّذِي يُقَابِلُهُ مِنْهُ وَهُوَ مُمْكِنٌ لِأَنَّ الْأَلَمَ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَيِّ عُضْوٍ شَاءَ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ:«إنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ النَّارَ أَنْ تَأْكُلَ مَوْضِعَ السُّجُودِ» وَعِتْقُ الذَّكَرِ أَفْضَلُ ثُمَّ أَعْلَى الرِّقَابِ ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَعْلَى ثَمَنًا كَافِرًا فَضَّلَهُ مَالِكٌ وَخَالَفَهُ أَصْبَغُ وَنَسَبَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ لِلْجُمْهُورِ.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قِيلَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَأَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُعْتَقُ مِنْ النَّارِ إلَّا بِعِتْقِ عَبْدَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَتْ دِيَتُهُ مِثْلَ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ كَانَ كَالْمَرْأَةِ، أَمَّا إنْ تَسَاوَيَا فَالْمُسْلِمُ أَفْضَلُ بِلَا خِلَافٍ.
قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَإِذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ كَالدَّيْنِ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّهُمَا ثَمَنًا.
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ: إنَّمَا يَكُونُ الْأَعْلَى ثَمَنًا أَفْضَلُ عِنْدَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: الْمُعْتِقُ وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ وَالرُّشْدُ وَعَدَمُ إحَاطَةِ الدُّيُونِ بِمَالِهِ فَقَالَ مُشِيرًا إلَى هَذَا الشَّرْطِ. (وَلَا يَجُوزُ عِتْقُ مَنْ أَحَاطَتْ الدُّيُونُ بِمَالِهِ) كَمَا لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ وَلَوْ بَعْدَ أَجَلِ تِلْكَ الدُّيُونِ إلَّا بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ إلَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، كَنَفَقَةِ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَكِسْوَتِهِمْ، وَكَالْأُضْحِيَّةِ وَنَفَقَةِ الْعِيدَيْنِ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ، وَلَهُ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْفَرْضِ لَكِنْ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ.
قَالَ خَلِيلٌ: إنَّمَا يَصِحُّ إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ بِلَا حَجْرٍ وَبِلَا إحَاطَةِ دَيْنٍ، وَيَدْخُلُ فِي الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَيَصِحُّ عِتْقُهُ وَيَلْزَمُ كَمَا يَلْزَمُ طَلَاقُهُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ فِي الثُّلُثِ، فَلَا يَصِحُّ عِتْقُ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا مَوْلَى عَلَيْهِ، وَأَمَّا عِتْقُ مَنْ أَحَاطَتْ الدُّيُونُ بِمَالِهِ فَلِلْغُرَمَاءِ رَدُّهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ وَيَسْكُتَ بِحَيْثُ يُعَدُّ رَاضِيًا، أَوْ يَطُولُ زَمَانُ الْعِتْقِ بِحَيْثُ يَشْتَهِرُ بِالْحُرِّيَّةِ، وَيَرِثُ الْوَارِثَاتِ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ عِلْمُهُ، أَوْ إلَّا أَنْ يَسْتَفِيدَ مَا يُوَفِّي مِنْهُ الدَّيْنَ فَيُنَفَّذُ وَلَا يُرَدُّ، كَمَا يُنَفَّذُ عِتْقُ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَمَّا عِتْقُهُمَا مَا يَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى الثُّلُثِ فَلِوَرَثَةِ الْمَرِيضِ وَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ وَالْإِجَازَةُ. وَالثَّانِي مِنْ الْأَرْكَانِ: الْمُعْتَقُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَشَرْطُهُ أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ وَلَوْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ، وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُبَعَّضُ وَالْمُكَاتَبُ يَصِحُّ تَنْجِيزُ عِتْقِ الْجَمِيعِ، وَأَمَّا مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَالْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي فَإِنَّ عِتْقَهُمْ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ. وَالثَّالِثُ مِنْ الْأَرْكَانِ: الصِّيغَةُ وَهِيَ صَرِيحَةٌ وَكِنَايَةٌ، فَالصَّرِيحُ كُلُّ مَا فِيهِ لَفْظُ الْعِتْقِ أَوْ التَّحْرِيرِ أَوْ الْفَكِّ أَوْ لَا مِلْكَ أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك، فَإِذَا قَالَ: أَعْتَقْت أَوْ فَكَكْت أَوْ حَرَّرْت رَقَبَتَك أَوْ أَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِلْعِتْقِ وَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ نَوَى صَرْفَهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ كَمَدْحٍ أَوْ خَلَفٍ أَوْ دَفْعِ مَكْسٍ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ عَجِبَ مِنْ عَمَلِ عَبْدِهِ أَوْ خَالَفَهُ عِنْدَ أَمْرِهِ بِشَيْءٍ فَقَالَ مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ، وَفِيهَا أَيْضًا: وَلَوْ مَرَّ عَلَى عُشَارٍ فَقَالَ هُوَ حُرٌّ عِنْدَ طَلَبِ الْمَكْسِ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْكِنَايَةُ فَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ ظَاهِرَةٌ وَخَفِيَّةٌ، فَالظَّاهِرَةُ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَّا بِنِيَّةِ صَرْفِهِ كَوَهَبْتُ لَك نَفْسَك وَمَلَّكْتُك نَفْسَك، وَالْخَفِيَّةُ مَا لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَاذْهَبْ وَاغْرُبْ وَاسْقِنِي الْمَاءَ مِمَّا لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْعِتْقِ، وَإِنَّمَا تَرَكَ الْمُصَنِّفُ التَّعَرُّضَ لِذَلِكَ رَوْمًا لِلِاخْتِصَارِ.
(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ عِتْقِ مَنْ لَمْ يَحُطَّ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَلَوْ كَافِرًا وَهُوَ كَذَلِكَ، حَيْثُ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ أَوْ سَيِّدُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَفِي الثَّلَاثِ يَلْزَمُ الْعِتْقُ وَلَوْ لَمْ يَبِنْ الْعَبْدُ عَنْ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَهُ فِي حَالِ كُفْرِهِمَا وَلَمْ يَحْصُلْ إسْلَامٌ مِنْهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ إلَّا إذَا بَانَ عَنْهُ الْعَبْدُ.
[الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ]
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْعِتْقِ الْمَقْصُودِ شَرَعَ فِي الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ اسْتَتَمَّ عَلَيْهِ) أَيْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: وَبِالْحُكْمِ مَعَهُ جَمِيعُهُ إنْ أَعْتَقَ جُزْءًا وَالْبَاقِي لَهُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا وَلَوْ يَدًا أَوْ رِجْلًا مِنْ عَبْدِهِ الَّذِي يَمْلِكُ جَمِيعَهُ فَإِنَّ الْبَاقِيَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا، وَقَوْلُهُ بَعْضَ عَبْدِهِ يَشْمَلُ الْقِنَّ الْمَحْضَ وَالْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا رَشِيدًا لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يُرَدُّ الْعَبْدُ أَوْ بَعْضُهُ، وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ أَحَدُهُمَا أَوْ يَبِينَ الْعَبْدُ عَنْ سَيِّدِهِ.
(تَنْبِيهٌ) فُهِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْضِ مَا يَشْمَلُ نَحْوَ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ وَأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ
لَهُ مَالٌ بَقِيَ سَهْمُ الشَّرِيكِ رَقِيقًا.
وَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ مُثْلَةً بَيِّنَةً مِنْ قَطْعِ جَارِحَةٍ وَنَحْوِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ.
وَمَنْ مَلَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدًا
ــ
[الفواكه الدواني]
الْبَعْضِ الِاتِّصَالُ بِالْعَبْدِ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَعْتَقَ نَحْوَ الشَّعْرِ وَالْكَلَامُ وَالرَّقِيقُ عَلَى قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى طَلَاقِ الزَّوْجَةِ بِذَلِكَ وَعَدَمِهِ، هَذَا حُكْمُ عِتْقِ بَعْضِ عَبْدٍ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ،
وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَ) الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُعْتِقِ (مَعَهُ فِيهِ شَرِكَةُ قُوِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ حِصَّتَهُ (نَصِيبُ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهِ) وَتُعْتَبَرُ (يَوْمَ يُقَامُ عَلَيْهِ وَعَتَقَ) عَلَيْهِ حِينَئِذٍ جَمِيعُهُ وَالْمَعْنَى بِإِيضَاحٍ: أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ تُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يَدْفَعَ الْقِيمَةَ بِالْفِعْلِ لِشَرِيكِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ بِالْعِتْقِ ثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا أَوْ الْعَبْدُ فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ وَالشَّرِيكَانِ كَفَرَةً فَلَا تَقْوِيمَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ ذِمِّيًّا وَالْعَبْدُ كَذَلِكَ وَغَيْرُ الْمُعْتِقِ مُسْلِمًا. ثَالِثُهَا: أَنْ يَعْتِقَ الشَّرِيكَ بِاخْتِيَارِهِ لَا إنْ وَرِثَ جُزْءًا مِنْ أَبِيهِ فَلَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ. رَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ الْعِتْقَ لِأَنَّهُ الَّذِي أَبَّدَ الرَّقَبَةَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ حُرَّ الْبَعْضِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَلَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَمْلِيَاءَ وَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ ابْتِدَاءً وَتَبِعَهُ الثَّانِي بِإِعْتَاقِ حِصَّتِهِ وَامْتَنَعَ الثَّالِثُ مِنْ الْعِتْقِ، فَإِنَّ حِصَّتَهُ تُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الثَّانِي بِتَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ الْمُبْتَدِئُ لِلْعِتْقِ مُعْسِرًا لَمْ تُقَوَّمْ حِصَّةُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي إلَّا بِرِضَاهُ، وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبًا وَجَهِلَ الْأَوَّلُ قُوِّمَتْ حِصَّةُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا إنْ أَيْسَرَ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُوسِرِ مِنْهُمَا. خَامِسُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ لِحِصَّتِهِ مُوسِرًا بِقِيمَةِ الشَّرِيكِ، فَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِهَا عَتَقَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ، وَالْمُعْسِرُ بِهِ لَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ رَضِيَ شَرِيكُهُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ.
وَسَادِسُهَا: أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْقِيمَةُ الَّتِي يُشْتَرَطُ يُسْرُهُ بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا زَائِدَةً عَلَى مَا يَتْرُكُ لِلْمُفْلِسِ وَإِلَى هَذَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ) أَيْ لِلْمُبْتَدِئِ الْعِتْقَ (مَالٌ) زِيَادَةً عَلَى مَا يَتْرُكُ لِلْمُفْلِسِ (بَقِيَ سَهْمُ الشَّرِيكِ) الَّذِي لَمْ يُعْتَقْ (رَقِيقًا) وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ وَلَوْ رَضِيَ شَرِيكُهُ بِاتِّبَاعِهِ، وَالشُّرُوطُ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا مُلَخَّصُ كَلَامِ خَلِيلٍ.
(تَنْبِيهٌ) إنَّمَا يُقَوَّمُ الْمَعْتُوقُ بِالسِّرَايَةِ عَلَى مَنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ بِمَالِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَقُوِّمَ كَامِلًا بِمَالِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ مِنْ الْعِتْقِ وَنُقِضَ لَهُ بَيْعٌ مِنْهُ وَتَأْجِيلُ الثَّانِي أَوْ تَدْبِيرُهُ وَلَا يَنْتَقِلُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أَحَدَهُمَا.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْعِتْقِ بِالْمُثْلَةِ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ مَثَّلَ) بِشَدِّ الْمُثَلَّثَةِ (بِعَبْدِهِ) الْمُرَادُ بِرَقِيقِهِ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ أَوْ بِرَقِيقِ رَقِيقِهِ أَوْ رَقِيقِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ (مُثْلَةً) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ عُقُوبَةً وَوَصَلَهَا بِقَوْلِهِ: (بَيِّنَةً) أَيْ ظَاهِرَةً وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ: (مِنْ قَطْعِ جَارِحَةٍ) كَيَدٍ أَوْ أُنْمُلَةٍ أَوْ فَقْءِ عَيْنٍ (وَنَحْوِهِ) أَيْ الْقَطْعِ كَوَسْمِ وَجْهِهِ بِالنَّارِ أَوْ فَقْءِ عَيْنِهِ قَاصِدًا تَعْيِيبَهُ (عَتَقَ عَلَيْهِ) هَذَا جَوَابُ مَنْ الشَّرْطِيَّةِ وَيَتَوَقَّفُ الْعِتْقُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَبِالْحُكْمِ إنْ عَمَدَ لِشَيْنٍ بِرَقِيقِهِ أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ أَوْ لِوَلَدٍ صَغِيرٍ غَيْرَ سَفِيهٍ وَعَبْدٍ ذِمِّيٍّ بِمُثْلَةٍ أَيْ وَغَيْرَ ذِمِّيٍّ بِمُثْلَةٍ وَغَيْرَ زَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَغَيْرَ مَدِينٍ، وَأَمْثِلَةُ الشَّيْنِ الْمُوجِبَةُ لِلْعِتْقِ كَقَطْعِ ظُفْرٍ وَقَطْعِ بَعْضٍ أُذُنٍ أَوْ جَسَدٍ أَوْ سِنٍّ أَوْ سَحْلِهَا أَوْ خَرْمِ أَنْفٍ أَوْ حَلْقِ شَعْرِ أَمَةٍ رَفِيعَةٍ أَوْ لِحْيَةِ تَاجِرٍ أَوْ وَسْمِ وَجْهٍ بِنَارٍ لَا غَيْرِهِ، وَفِي وَسْمِ وَجْهِهِ بِغَيْرِ النَّارِ قَوْلَانِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: أَنَّ حَلْقَ شَعْرِ الْأَمَةِ أَوْ لِحْيَةِ التَّاجِرِ لَا يَكُونُ مُثْلَةً لِسُرْعَةِ عَوْدِهِمَا، كَمَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْوَسْمَ بِالنَّارِ مُثْلَةٌ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ أَنْ يَقَعَ التَّمْثِيلُ عَمْدًا بِقَصْدِ الشَّيْنِ، وَيَكْفِي فِي الدَّلَالَةِ عَلَى قَصْدِهَا قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ، وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي نَفْيِ الْعَمْدِ وَهَلْ يَتْبَعُهُ مَالُهُ أَمْ لَا قَوْلَانِ، اقْتَصَرَ الْأَقْفَهْسِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَتْبَعُهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ يَتْبَعُهُ فِي الْعِتْقِ لَا فِي الْبَيْعِ إلَّا بِالشَّرْطِ مِنْ الْمُشْتَرِي.
الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا عَنْ خَلِيلٍ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْمُمَثِّلُ كَوْنَهُ مُكَلَّفًا رَشِيدًا حُرًّا وَيَعْتَبِرُ إسْلَامَهُ أَوْ إسْلَامَ الْعَبْدِ، فَلَا عِتْقَ عَلَى ذِمِّيٍّ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَرِيضًا أَوْ زَوْجَةً مَثَلًا بِمَا تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَيَّ الثُّلُثِ وَلَا مَدِينًا.
الثَّالِثُ: الدَّلِيلُ عَلَى الْعِتْقِ بِالْمُثْلَةِ مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ: «أَنَّهُ كَانَ لِزِنْبَاعٍ عَبْدٌ يُسَمَّى سَنْدَرًا أَوْ ابْنَ سَنْدَرٍ فَوَجَدَهُ يُقَبِّلُ جَارِيَةً لَهُ فَجَبَّهُ وَقَطَعَ أَنْفَهُ وَأُذُنَيْهِ فَأَتَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَا تُحَمِّلُوهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَمَا كَرِهْتُمْ فَبِيعُوا، وَمَا رَضِيتُمْ فَأَمْسِكُوا، وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ مُثِّلَ بِنَارٍ أَوْ حُرِقَ بِالنَّارِ فَهُوَ حُرٌّ وَهُوَ مَوْلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِ بِي، فَقَالَ: أُوصِي بِك كُلَّ مُسْلِمٍ» وَمَعْنَى مَوْلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنَّ الْعِتْقَ كَانَ بِسَبَبِهِمَا لَا أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُسْلِمِينَ. وَخَرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «جَاءَ مُسْتَصْرِخٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: وَيْحَك مَالَكَ؟ فَقَالَ سَنْدَرٌ: أَبْصَرَ لِسَيِّدِهِ جَارِيَةً فَغَارَ فَجَبَّ مَذَاكِيرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَلَيَّ بِالرَّجُلِ، فَطَلَبَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَنْ نُصْرَتِي؟ فَقَالَ: عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَوْ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» .
الرَّابِعُ: قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نَاجِي: يُمْكِنُ أَنْ يَقُومَ مِنْ
مِنْ وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ بَنَاتِهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ أَوْ أَخَاهُ لِأُمٍّ أَوْ أَبٍ أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا عَتَقَ عَلَيْهِ.
وَمَنْ أَعْتَقَ حَامِلًا كَانَ جَنِينُهَا حُرًّا مَعَهَا وَلَا يُعْتَقُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ مَنْ فِيهِ مَعْنًى مِنْ عِتْقٍ بِتَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَلَا أَعْمَى وَلَا أَقْطَعُ
ــ
[الفواكه الدواني]
كَلَامِ الْمُؤَلَّفِ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا مَثَّلَ بِزَوْجَتِهِ طَلُقَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ: طَلْقَةً بَائِنَةً، ابْنُ رُشْدٍ: مُثْلَةُ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ وَبَيْعُهُ لَهَا وَإِنْكَاحُهُ إيَّاهَا وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى.
قَالَ الْأُجْهُورِيُّ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْ مَثَّلَ بِزَوْجَتِهِ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ بَيْعِهَا وَتَزْوِيجِهَا.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْعِتْقِ النَّاجِزِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ وَبِالْمُثْلَةِ ذَكَرَ الْعِتْقَ بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ فَقَالَ: (وَمَنْ) شَرْطِيَّةٌ وَشَرْطُهَا (مَلَكَ أَبَوَيْهِ) نَسَبًا وَإِنْ عَلَيَا (أَوْ) مَلَكَ (أَحَدًا مِنْ وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ بَنَاتِهِ) وَإِنْ سَفَلُوا (أَوْ جَدَّهُ أَوْ جَدَّتَهُ) وَلَوْ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ (أَوْ) مَلَكَ (أَخَاهُ) أَوْ أُخْتَهُ (لِأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا عَتَقَ) كُلٌّ (عَلَيْهِ) فَقَوْلُهُ عَتَقَ جَوَابُ الشَّرْطِ، وَعِتْقُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَعَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ الْأَبَوَانِ وَإِنْ عَلَوْا، وَالْوَلَدُ وَإِنْ سَفَلَ، وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَلَوْ لِأُمٍّ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الشَّخْصَ إذَا مَلَكَ أَصْلَهُ وَإِنْ عَلَا أَوْ فَرْعَهُ وَإِنْ سَفَلَ أَوْ حَاشِيَتَهُ الْقَرِيبَةَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ، وَمَحَلُّ الْعِتْقِ حَيْثُ كَانَ الْمَالِكُ وَالْمَمْلُوكُ مُسْلِمَيْنِ، وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ رَشِيدًا، وَلَا فَرْقَ فِي الْمِلْكِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ الْبَتُّ اللَّازِمُ، أَوْ بِالْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ أَوْ قَبِلَ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْطَى بِالْفَتْحِ، وَلَا فَرْقَ مَعَ عِلْمِ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ دَيْنٌ أَمْ لَا، وَالضَّابِطُ أَنَّهُ أَعْتَقَ لِعِلْمِ الْمُعْطِي لِعَدَمِ قَبُولِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ لَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ عَتَقَ لِقَبُولِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِيهِ، وَحَيْثُ لَا قَبُولَ فَلَا يُبَاعُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَأَمَّا الْمَمْلُوكُ بِالْإِرْثِ أَوْ الشِّرَاءِ فَمَحَلُّ عِتْقِهِ حَيْثُ لَا دَيْنَ وَإِلَّا بِيعَ فِيهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: لَا بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُبَاعُ، وَقَوْلُنَا: حَيْثُ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَلَا تَعَرُّضَ لَهُمَا، وَقَوْلُنَا: الْبَيْعُ الصَّحِيحُ وَمِثْلُهُ الْفَاسِدُ إذَا فَاتَ لَا إنْ لَمْ يُفْتِ، أَوْ كَانَ عَلَى خِيَارٍ وَلَمْ تَنْقَضِ أَيَّامُ الْخِيَارِ فَلَا عِتْقَ، وَقَوْلُنَا: نَسَبًا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ مِلْكِ أَبَوَيْ الرَّضَاعِ أَوْ أَوْلَادِ الرَّضَاعِ أَوْ الْإِخْوَةِ مِنْهُ فَلَا عِتْقَ عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْعِتْقِ بِالْقَصْدِ وَالْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ وَالْعِتْقِ بِالْمُثْلَةِ وَالْعِتْقِ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ، شَرَعَ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ بِالتَّبَعِيَّةِ فَقَالَ:(وَمَنْ أَعْتَقَ) أَمَتَهُ حَالَةَ كَوْنِهَا (حَامِلًا) مِنْ غَيْرِهِ كَزَوْجِهَا أَوْ زِنًا (كَانَ جَنِينُهَا حُرًّا مَعَهَا) وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ، لِأَنَّ كُلَّ وَلَدٍ حَدَثَ مِنْ غَيْرِ مِلْكِ يَمِينٍ فَإِنَّهُ تَابِعٌ لِأُمِّهِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّيَّةِ، لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي الْأُصُولِ حُرَّةٌ حَامِلٌ بِرَقِيقٍ إلَّا عَلَى جِهَةِ النُّدُورِ، وَإِنَّمَا تُوجَدُ أَمَةٌ حَامِلٌ بِحُرٍّ، وَلِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ مَسَّتْهُ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا وَهُوَ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَقَ بِعِتْقِهَا، وَإِنَّمَا قُلْنَا عَلَى جِهَةِ النُّدُورِ لِمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ: قَدْ وُجِدَتْ حُرَّةٌ حَامِلٌ بِعَبْدٍ وَصُورَتُهَا: أَنْ يَكُونَ عَبْدٌ وَطِئَ جَارِيَتَهُ فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَأَعْتَقَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فَعِتْقُ الْأَمَةِ مَاضٍ وَقَادِرٌ عَلَيْهَا وَتَصِيرُ حُرَّةً وَالْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا رَقِيقٌ لِسَيِّدِ أَبِيهِ، وَلَمَّا نَقَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ ابْنُ نَاجِي فِي دَرْسِ شَيْخِهِ أَبِي مَهْدِيٍّ قَالَ: هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا وَضَعَتْهُ قَبْلَ عِتْقِ السَّيِّدِ الْعَبْدَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ حِينَ الْعِتْقِ لَتَبِعَ أُمَّهُ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْجَنِينِ عِنْدَ عِتْقِ الْأُمِّ لِأَنَّهُ كَجُزْءٍ مِنْهَا، وَمِثْلُ الْعِتْقِ بَيْعُ الْأُمِّ أَوْ رَهْنُهَا بِخِلَافِ هِبَتِهَا أَوْ التَّصَدُّقِ أَوْ الْإِيصَاءِ بِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ وَيَسْتَمِرُّ رَقِيقًا لِلْوَاهِبِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ عِتْقِ الْجَنِينِ بِعِتْقِ أُمِّهِ ظَاهِرٌ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَالِكِ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ بِأَنْ وُهِبَتْ الْأُمُّ لِشَخْصٍ وَاسْتَثْنَى الْوَاهِبُ وَلَدَهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا وَأَعْتَقَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَقِيلَ: يَدْخُلُ جَنِينُهَا فِي الْعِتْقِ وَيَصِيرُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ عِتْقِهَا، وَقِيلَ: إنَّمَا يَخْرُجُ حُرًّا بَعْدَ الْوَضْعِ وَعَلَى مُعْتِقِ الْأُمِّ قِيمَتُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ بِعِتْقِهَا وَبَعْدَ انْفِصَالِهِ يَأْخُذُهُ مَالِكُهُ، وَعَلَى عَدَمِ عِتْقِهِ أَصْلًا أَوْ بَعْدَ وَضْعِهِ تَصِيرُ حُرَّةً حَامِلَةً بِعَبْدٍ.
الثَّانِي: وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ عِتْقُ الْجَنِينِ فَقَطْ فَإِنَّ أُمَّهُ لَا تَتْبَعُهُ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ كَوْنُ الْوَلَدِ كَجُزْءٍ مِنْ أُمِّهِ فَإِنْ عَتَقَ الْكُلَّ تَبِعَهُ جُزْؤُهُ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ عِتْقُ الْوَلَدِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ دُونَهَا حَيْثُ لَا دَيْنَ عَلَى سَيِّدِ أُمِّهِ يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَا، وَإِلَّا رَقَّ حَيْثُ قَامَتْ الْغُرَمَاءُ قَبْلَ وَضْعِهِ مُطْلَقًا أَوْ لَوْ بَعْدَ وَضْعِهِ حَيْثُ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى عِتْقِهِ، وَإِلَّا مَضَى عِتْقُهُ وَتَابَعَ أُمَّهُ دُونَهُ بَعْدَ وَضْعِهَا.
الثَّالِثُ: عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّوْضِيحِ وَمَسْأَلَةِ الْأَمَةِ الْمَوْهُوبَةِ تَصَوُّرُ الْحُرَّةِ الْحَامِلَةِ بِالرَّقِيقِ، وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ كَوْنُ الرَّقِيقَةِ حَامِلَةً بِحُرٍّ فَفِي مَسَائِلَ سِتَّةٍ تُبَاعُ فِيهَا أُمُّ الْوَلَدِ:
الْأُولَى: الْأَمَةُ الْمَرْهُونَةُ يَطَؤُهَا الرَّاهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَإِنَّهَا تُبَاعُ بَعْدَ الْوَضْعِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ لَا يُبَاعُ.
الثَّانِيَةُ: الْأَمَةُ الْجَانِيَةُ يَطَؤُهَا سَيِّدُهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِجِنَايَتِهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ عَدِيمٌ فَإِنَّهَا تُسَلَّمُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَوَلَدُهَا حُرٌّ.
الثَّالِثَةُ: أَمَةُ التَّرِكَةِ يَطَؤُهَا أَحَدُ الْوَرَثَةِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ وَالْوَاطِئُ لَهَا عَدِيمٌ وَعَالِمٌ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهَا تُبَاعُ