المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَمَا ذُبِحَ لِغَيْرِ - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ٢

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ وَالْخُلْعِ وَالرَّضَاعِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[الْمُحْرِمَات فِي النِّكَاح]

- ‌[الْقَسْمُ بَيْن الزَّوْجَاتِ]

- ‌[شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[إسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا]

- ‌ الطَّلَاقُ

- ‌الْخُلْعُ

- ‌[أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ]

- ‌[مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ]

- ‌[عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ الْمُوجِبَةِ لِخِيَارِ كُلٍّ فِي صَاحِبِهِ]

- ‌[أَحْكَامِ الزَّوْجِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْإِيلَاء]

- ‌[الظِّهَار]

- ‌اللِّعَانُ

- ‌[صِفَةِ اللِّعَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْعَبْدِ]

- ‌[الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[أَسْبَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَوْ الْأَمَةِ فِي الطَّلَاقِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ]

- ‌عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا

- ‌وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَأَسْبَابُهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[بَاب السَّلَم]

- ‌الْعُهْدَةُ

- ‌[السَّلَمُ فِي الْعُرُوضِ]

- ‌[أَقَلِّ أَجَلِ السَّلَمِ]

- ‌[بَيْع الدِّين بالدين]

- ‌[الْبِيَاعَات الْمُنْهِيَ عَنْهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ]

- ‌[بَاب الْإِجَارَة]

- ‌[حُكْم الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الدَّوَابِّ]

- ‌[الْإِجَارَةُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تضمين الصناع]

- ‌[بَاب الشَّرِكَة]

- ‌[حُكْم الشَّرِكَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[بَاب الْقِرَاض]

- ‌[الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ]

- ‌[بَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُسَاقَاة]

- ‌[بَاب الْمُزَارَعَة]

- ‌[الصُّوَر الْمَمْنُوعَة فِي الْمُزَارَعَة]

- ‌[حُكْمِ شِرَاءِ الْعَرَايَا]

- ‌بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[الْإِيصَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَامِ الْوَصَايَا الْمُتَّحِدَةِ الرُّتْبَةِ وَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهَا]

- ‌[أَحْكَام التَّدْبِير]

- ‌[صفة إخْرَاج الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَام الْكِتَابَة]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَامِ الْعِتْق النَّاجِز]

- ‌[الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ]

- ‌[مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ]

- ‌[بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[مَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ]

- ‌[أَحْكَام الْهِبَة]

- ‌[هِبَة الْوَالِد جَمِيعَ مَالِهِ لِبَعْضِ أَوْلَادِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الْهِبَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَى]

- ‌[بَيَان حُكْمِ الْحُبُسِ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ]

- ‌[صِفَةِ قَسْمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب الرَّهْن]

- ‌ضَمَانُ الرَّهْنِ

- ‌[مُسْتَحِقّ غَلَّةَ الرَّهْنِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[حُكْمِ الِاتِّجَارِ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[بَاب اللُّقَطَة]

- ‌[أَحْكَام الضَّالَّةِ]

- ‌[التَّعَدِّي عَلَى مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[بَاب الْغَصْب]

- ‌بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ

- ‌[ثُبُوت الْقَتْل بِالْقَسَامَةِ]

- ‌[صفة الْقَسَامَة وَحَقِيقَتَهَا]

- ‌[صِفَةِ حَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَمَنْ يَحْلِفُهَا]

- ‌[مَا تَكُون فِيهِ الْقَسَامَة]

- ‌[الْعَفْو عَنْ الدَّم]

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[مِقْدَار الدِّيَة]

- ‌[دِيَةِ الْأَطْرَافِ وَالْمَعَانِي]

- ‌[الْقِصَاص فِي الْجِرَاح]

- ‌[تَحْمِل الْعَاقِلَة شَيْئًا مِنْ الدِّيَة مَعَ الْجَانِي]

- ‌[مُسْتَحَقّ دِيَةِ الْمَقْتُولِ]

- ‌[أَحْكَامِ كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ

- ‌[أَحْكَامِ الْمُحَارِب]

- ‌[بَاب الزِّنَا]

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَا]

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[بَاب القذف]

- ‌ شُرُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[كَرَّرَ شُرْبَ الْخَمْرِ أَوْ كَرَّرَ فِعْلَ الزِّنَا]

- ‌[صِفَةِ الْمَحْدُودِ]

- ‌[بَاب السَّرِقَة]

- ‌[مَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ]

- ‌[حُكْم الشَّفَاعَةِ فِيمَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَدٌّ]

- ‌(بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ)

- ‌[وَجَدَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْحَقِّ بَعْدَ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ]

- ‌[أَقْسَام الشَّهَادَة]

- ‌[مَا تَشْهَدُ فِيهِ النِّسَاءُ]

- ‌ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ

- ‌[شَهَادَة الزَّوْج لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[شَهَادَةُ وَصِيٍّ لِيَتِيمِهِ بِشَيْءٍ عَلَى آخَرَ]

- ‌ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ

- ‌[مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَمَنْ لَا يَصِحُّ]

- ‌[الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَكَالَة]

- ‌[حُكْمِ الصُّلْحِ]

- ‌[بَعْض مَسَائِل الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْفَلَسِ]

- ‌[بَعْضَ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ]

- ‌[شُرُوط الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[شُرُوط الْقِسْمَة]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْإِقْرَارِ]

- ‌[حُكْمِ مَا إذَا مَاتَ أَجِيرُ الْحَجِّ قَبْلَ التَّمَام]

- ‌[بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْوَارِثَاتِ مِنْ النِّسَاءِ]

- ‌[الْفُرُوض فِي الْمِيرَاث]

- ‌[إرْثِ الْبَنَاتِ مَعَ الْأَخَوَاتِ]

- ‌[أَنْوَاع الحجب]

- ‌[مِيرَاث الْإِخْوَة لإم]

- ‌[مَوَانِعِ الْإِرْث]

- ‌مِيرَاثُ الْجَدِّ

- ‌[إرْث الْجَدَّة]

- ‌[اجْتِمَاعِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَوْل]

- ‌[كَيْفِيَّةُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَتَأْصِيلِهَا وَكَيْفِيَّةُ قَسْمِ التَّرِكَةِ]

- ‌بَابٌ: جُمَلٌ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[حُكْم السِّوَاك]

- ‌[الْقُنُوت فِي الصَّلَاة]

- ‌[صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[صَلَاة الْوِتْر]

- ‌[جَمْعِ الصَّلَاة]

- ‌رَكْعَتَا الْفَجْرِ

- ‌صَلَاةُ الضُّحَى

- ‌ قِيَامُ رَمَضَانَ

- ‌[الْفِطْر فِي السَّفَر]

- ‌ طَلَبُ الْعِلْمِ

- ‌[صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْجِهَاد قَيْءٍ سَبِيل اللَّه]

- ‌ غَضُّ الْبَصَرِ

- ‌[صَلَاة النَّوَافِل فِي الْبُيُوت]

- ‌[صَوْنُ اللِّسَانِ عَنْ الْكَذِبِ]

- ‌[الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ فِي زَمَنِ خُرُوجِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاس]

- ‌أَكْلِ الطَّيِّبِ

- ‌[أَكْلَ الْمَيْتَةِ]

- ‌ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ

- ‌ شُرْبَ الْخَمْرِ

- ‌[الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ]

- ‌[أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاع وَأَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[بِرُّ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[الِاسْتِغْفَار لِلْوَالِدَيْنِ]

- ‌[حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ]

- ‌الْهِجْرَانُ الْجَائِزُ

- ‌[مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ]

- ‌[سَمَاعَ الْأَمْرِ الْبَاطِلِ]

- ‌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌[حُكْم التَّوْبَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الْفِطْرَةِ وَالْخِتَانِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَاللِّبَاسِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌ صِبَاغُ الشَّعْرِ

- ‌ لِبَاسِ الْحَرِيرِ

- ‌ التَّخَتُّمِ بِالْحَدِيدِ

- ‌[التَّخَتُّم بِالذَّهَبِ]

- ‌[جَرّ الرَّجُلُ إزَارَهُ فِي الْأَرْضِ]

- ‌ وَصْلِ الشَّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

- ‌[آدَابِ الْأَكْلِ الْمُقَارِنَةِ لَهُ]

- ‌[الْآدَابِ الْمُقَارِنَةِ لِلشُّرْبِ]

- ‌[بَابٌ فِي السَّلَامِ وَالِاسْتِئْذَانِ وَالتَّنَاجِي]

- ‌[صِفَةُ السَّلَامِ]

- ‌[الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ السَّفَرِ أَوْ النَّوْمِ]

- ‌[آدَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ]

- ‌[بَابٌ فِي حُكْم التَّعَالُجِ]

- ‌الرُّقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ

- ‌[التَّدَاوِي بِالْكَيِّ]

- ‌[الْكَلَامِ عَلَى الطِّيَرَة]

- ‌[صِفَةِ الرُّقْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ]

- ‌[اتِّخَاذ الْكِلَاب فِي الْبُيُوت]

- ‌[الرِّفْق بِالْمَمْلُوكِ]

- ‌[بَابٌ فِي الرُّؤْيَا وَالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ وَغَيْرهَا]

- ‌[اللَّعِب بِالنَّرْدِ]

- ‌[اللَّعِب بِالشِّطْرَنْجِ]

- ‌[حُكْم المسابقة]

- ‌[صُوَرِ الْمُسَابَقَةِ]

- ‌[قَتْلَ جَمِيعِ الْحَشَرَاتِ بِالنَّارِ]

- ‌[قَتْلِ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَد]

- ‌[التَّفَاخُرَ بِالْآبَاءِ]

- ‌[أَفْضَلِ الْعُلُومِ]

- ‌[الثَّمَرَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ]

- ‌[الْمُحَافَظَةِ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَمَا ذُبِحَ لِغَيْرِ

وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَمَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَمَا أَعَانَ عَلَى مَوْتِهِ تَرَدٍّ مِنْ جَبَلٍ أَوْ وَقْذَةٍ بِعَصًا أَوْ غَيْرِهَا وَالْمُنْخَنِقَةُ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَى ذَلِكَ كَالْمَيْتَةِ وَذَلِكَ إذَا صَارَتْ بِذَلِكَ إلَى حَالٍ لَا حَيَاةَ بَعْدَهُ فَلَا ذَكَاةَ فِيهَا،

ــ

[الفواكه الدواني]

الْجَاهِ وَهُوَ مَا يَأْخُذُهُ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِهِ عَلَى شَفَاعَةٍ سَوَاءٌ اشْتَرَطَهُ الشَّافِعُ عَلَى الْمَشْفُوعِ لَهُ أَمْ لَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَأْخُذُهُ الْكَبِيرُ مِنْ الْمُسَافِرِينَ عَلَى أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ مَوْضِعِ الْخَوْفِ إلَى الْأَمْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ غَيْرَهُ لِيَدُلَّهُ عَلَى الطَّرِيقِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَحُرْمَةُ السُّحْتِ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ. فَفِي الْحَدِيثِ:«كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ بِالسُّحْتِ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» .

(وَ) مِنْ أَنْوَاعِ الْبَاطِلِ (الْقِمَارُ) وَهُوَ مَا يَأْخُذُهُ الشَّخْصُ مِنْ غَيْرِهِ بِسَبَبِ الْمُغَالَبَةِ عِنْدَ اللَّعِبِ بِنَحْوِ الطَّابِ أَوْ الْمُسَابِقَةِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ.

(وَ) مِنْ أَنْوَاعِ الْبَاطِلِ أَيْضًا (الْغَرَرُ) الَّذِي لَا يَغْتَفِرُهُ الشَّرْعُ وَهُوَ الْكَثِيرُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَاغْتُفِرَ غَرَرٌ يَسِيرٌ لِلْحَاجَةِ كَالشُّرْبِ مِنْ السِّقَاءِ وَدُخُولِ الْحَمَّامِ، بِخِلَافِ الْكَثِيرِ كَشِرَاءِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْبَحْرِ وَالْمُزَابَنَةُ كَبَيْعِ الثَّمَرِ بِمِثْلِهِ عَلَى أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ. (وَ) مِنْ أَنْوَاعِ الْبَاطِلِ أَيْضًا (الْغِشُّ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ الْمَكْسُورَةِ وَالشَّيْنِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ إظْهَارُ خِلَافِ مَا فِي الْوَاقِعِ كَخَلْطِ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ لِتَكْثِيرِهِ، وَكَخَلْطِ السَّمْنِ بِمَا يُشْبِهُ لَوْنَهُ لِيَظْهَرَ لِلْغَيْرِ أَنَّ الْجَمِيعَ جَيِّدٌ، وَمِنْ الْغِشِّ الْكِيمْيَاءُ وَوَضْعُ نَحْوِ الْكَتَّانِ فِي النَّدَى لِيَثْقُلَ، وَتَلَطُّخُ الثِّيَابُ بِالنَّشَا، وَسَقْيُ الْحَيَوَانِ الْمَاءَ عِنْدَ إرَادَةِ بَيْعِهِ بَعْدَ إطْعَامِهِ شَيْئًا مِنْ الْمِلْحِ، وَخَلْطُ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْغِشَّ كَمَا يَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ يَكُونُ فِي الْأَدْيَانِ، كَأَنْ يَرَى الشَّخْصُ غَيْرَهُ أَنَّهُ صَالِحٌ أَوْ عَالِمٌ أَوْ زَاهِدٌ وَهُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةً وَهِيَ: لَوْ أَعْطَاك شَخْصٌ شَيْئًا لِوَصْفٍ يَعْتَقِدُهُ فِيك مِنْ تِلْكَ الْأَوْصَافِ وَأَنْتَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَك قَبُولُهُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعَطَاءِ عَلَى شَرْطٍ. وَالْغِشُّ حُرْمَتُهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» . (وَ) مِنْ أَنْوَاعِ الْبَاطِلِ أَيْضًا (الْخَدِيعَةُ) وَهِيَ لَبَنُ الْكِلَابِ أَوْ تَحْسِينُ الْفِعْلِ لِلْغَيْرِ لِقَصْدِ التَّوَصُّلِ إلَى غَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ كَمَا يَفْعَلُهُ التَّاجِرُ مَعَ مُرِيدِ الشِّرَاءِ.

(وَ) مِنْ الْبَاطِلِ أَيْضًا (الْخِلَابَةُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ هِيَ الْخَدِيعَةُ فَعَطْفُهَا عَلَيْهَا مِنْ عَطْفِ الشَّيْءِ عَلَى مُرَادِفِهِ الْمُخَالِفِ لَهُ فِي اللَّفْظِ الْمُوَافِقِ لَهُ فِي الْمَعْنَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَنْوَاعَ الْبَاطِلِ لَا خِلَافَ فِي حُرْمَتِهَا، مَنْ اسْتَحَلَّ شَيْئًا مِنْهَا كَفَرَ، وَإِنْ كَانَتْ حُرْمَتُهُ مَعْلُومَةً مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَمَنْ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنْ الْبَاطِلِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَالٍ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ أَوْ عَرَضُهُ لِرَبِّهِ أَوْ وَارِثِهِ حَيْثُ عَرَفَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْحَرَامِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْغَيْرِ شَرَعَ فِي الْحَرَامِ لِتَحْرِيمِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ:

[أَكْلَ الْمَيْتَةِ]

(وَحَرَّمَ اللَّهُ) عز وجل (أَكْلِ الْمَيْتَةِ) مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَحَقِيقَةُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ كُلُّ مَا خَرَجَتْ رُوحُهُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ مِمَّا يَفْتَقِرُ إلَيْهَا، وَذَلِكَ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الْوَحْشِيَّةِ الْبَرِّيَّةِ وَلَوْ جَرَادَةً تَمُوتُ حَتْفَ أَنْفِهَا، وَأَمَّا لِلضَّرُورَةِ فَيَجُوزُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَلِلضَّرُورَةِ مَا يَسُدُّ غَيْرَ آدَمِيٍّ وَخَمْرٍ، وَأَمَّا الْحَيَوَانَاتُ الْبَحْرِيَّةُ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى ذَكَاةٍ فَتَحِلُّ مَيْتَتُهَا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» . (وَ) وَحَرَّمَ اللَّهُ سبحانه وتعالى (الدَّمَ) الْمَسْفُوحَ الْخَارِجَ مِنْ مَحَلِّهِ وَلَوْ بِغَيْرِ سَبَبٍ وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ أَوْ خَارِجٍ مِنْ الْمُذَكَّى بَعْدَ تَقْطِيعِ لَحْمِهِ لَا مَا بَقِيَ فِي الْعُرُوقِ وَلَمْ يَنْفَصِلْ مِنْ اللَّحْمِ بِحَالٍ فَيَجُوزُ أَكْلُهُ كَدَمِ حُوتٍ طُبِخَ أَوْ شُوِيَ مِنْ غَيْرِ تَقْطِيعِهِ، هَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ خَلِيلٍ دُونَ مَا قَرَّرَهُ شَيْخُ شُيُوخِنَا.

(وَ) حَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَكْلَ (لَحْمِ) وَشُرْبَ لَبَنِ (الْخِنْزِيرِ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمَكْسُورَةِ، وَالْمُرَادُ الْخِنْزِيرُ الْبَرِّيُّ لِإِبَاحَةِ أَكْلِ خِنْزِيرِ الْمَاءِ وَكَلْبِهِ وَآدَمِيِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ حُرْمَةِ خِنْزِيرِ الْبَرِّ فَقِيلَ لِلتَّعَبُّدِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الْغَيْرَةَ. (وَ) حَرَّمَ اللَّهُ سبحانه وتعالى أَيْضًا أَكْلَ (مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ:(وَ) هُوَ (مَا ذُبِحَ) أَيْ ذُكِّيَ (لِغَيْرِ اللَّهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] وَعُورِضَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الضَّحَايَا وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِطَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَلَى هَذَا الْإِشْكَالِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ، الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَّاهُ نَحْوُ الْمَجُوسِيِّ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَا تَقَدَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَّاهُ أَهْلِ الْكِتَابِ مِمَّا هُوَ حَلَالٌ لَهُمْ وَمَمْلُوكٌ لَهُمْ فَإِنَّهُ مُبَاحٌ لَنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] . وَالثَّانِي: أَنَّ هَذَا مُتَنَاوِلٌ حَتَّى لِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا ذَكَرَ عَلَيْهِ اسْمَ غَيْرِ اللَّهِ بِأَنْ ذَبَحَ بِاسْمِ الصَّنَمِ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ، لِأَنَّ حِلَّ مَا ذَكَّاهُ الْكِتَابِيُّ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَذْكُرَ عَلَيْهِ نَحْوَ اسْمِ الصَّنَمِ.

(وَ) حَرَّمَ اللَّهُ سبحانه وتعالى أَيْضًا أَكْلَ (مَا أَعَانَ عَلَى مَوْتِهِ تَرَدٍّ) أَيْ سُقُوطٌ. (مِنْ) فَوْقُ نَحْوُ (جَبَلٍ أَوْ) أَعَانَ عَلَى مَوْتِهِ (وَقْذَةٌ) أَيْ ضَرْبَةٌ (بِعَصًا أَوْ غَيْرِهَا) مِنْ حَجَرٍ.

(وَ) حَرَّمَ اللَّهُ أَيْضًا (الْمُنْخَنِقَةَ) أَيْ الْمَمْسُوكَةَ بِعُنُقِهَا (بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ) وَكَذَا النَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ شَيْئًا مِنْهَا قَالَ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3]

ص: 285

وَلَا بَأْسَ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ وَيَشْبَعَ وَيَتَزَوَّدَ فَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا طَرَحَهَا وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهَا إذَا دُبِغَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُبَاعُ وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى جُلُودِ السِّبَاعِ إذَا ذُكِّيَتْ وَبَيْعِهَا وَيُنْتَفَعُ بِصُوفِ الْمَيْتَةِ وَشَعْرِهَا وَمَا يُنْزَعُ

ــ

[الفواكه الدواني]

وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} . (إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ) الشَّخْصُ (إلَى) أَكْلِ (ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ نَحْوِ الْمُتَرَدِّيَةِ وَالنَّطِيحَةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ (كَالْمَيْتَةِ) بِغَيْرِ تَرَدٍّ وَنَحْوِهِ. (وَذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ حِلِّهَا إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِشَرْطٍ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ. (إذَا صَارَتْ) أَيْ الْمُتَرَدِّيَةُ وَمَا مَعَهَا (بِذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ التَّرَدِّي وَالْخَنْقِ (إلَى حَالٍ لَا حَيَاةَ) مَرْجُوَّةَ لَهَا (بَعْدَهُ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْفُذَ التَّرَدِّي أَوْ الْخَنْقُ مَقْتَلَهَا بِأَنْ قَطَعَ نُخَاعَهَا أَوْ نَثَرَ دِمَاغَهَا أَوْ حَشْوَتَهَا. ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ كَالْمَيْتَةِ قَوْلَهُ: (فَلَا ذَكَاةَ) تَصِحُّ (فِيهَا) وَلَا يُنْظَرَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْحَيَاةِ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهَا لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا، وَلَا يُقَالُ: الْمَأْيُوسُ مِنْ حَيَاتِهِ تُعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ، لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَأْيُوسُ مِنْ حَيَاتِهِ مِنْ غَيْرِ إنْفَاذِ مَقْتَلٍ تُمْكِنُ حَيَاتُهُ بِصِحَّتِهِ، بِخِلَافِ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ تَسْتَحِيلُ حَيَاتُهُ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالْمَيِّتِ بِالْفِعْلِ وَالْمَيِّتُ لَا تُعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ فَافْهَمْ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: إذَا صَارَتْ إلَخْ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَصِرْ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ بِأَنْ نُطِحَتْ أَوْ تَرَدَّتْ أَوْ خُنِقَتْ وَلَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلٌ مِنْ مَقَاتِلِهَا فَإِنَّهَا تَصِحُّ ذَكَاتُهَا لِقَوْلِ خَلِيلٍ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَفِيهَا أَكْلُ مَا دُقَّ عُنُقُهُ أَوْ مَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إنْ لَمْ يَنْخَعْهَا، وَلَمَّا اُخْتُلِفَ فِي دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ السَّابِقَةِ فِي قَوْله: إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ قَالَ: (وَلَا بَأْسَ) أَنْ يُؤْذَنَ (لِلْمُضْطَرِّ) وَهُوَ مَنْ وَصَلَ فِي الْجُوعِ إلَى مَا لَا يَسْتَطِيعُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْإِشْرَافِ عَلَى الْمَوْتِ (أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ) وَيَشْرَبَ سَائِرَ الْمَائِعَاتِ النَّجِسَةِ سِوَى مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ وَسِوَى الْخَمْرِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلِلضَّرُورَةِ مَا يَسُدُّ غَيْرَ آدَمِيٍّ وَخَمْرٍ إلَّا لِغُصَّةٍ، وَقَدَّمَ الْمَيِّتَ عَلَى خِنْزِيرٍ وَصَيْدٍ لِمُحْرِمٍ لَا عَلَى لَحْمِهِ، وَأَمَّا مَيْتَةُ الْآدَمِيِّ فَلَا تُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ، وَصَحَّحَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَكْلَهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالنَّصُّ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ لِمُضْطَرٍّ وَصَحَّحَ أَكْلَهُ أَيْضًا، وَلَا فَرْقَ فِي تِلْكَ الْأَحْكَامِ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَيَحِلُّ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَلَوْ كَانَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ، بِخِلَافِ قَصْرِ الصَّلَاةِ وَالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ، وَفَسَّرْنَا لَا بَأْسَ بِالْإِذْنِ لِوُجُوبِ أَكْلِ الْمُضْطَرِّ الْمَيْتَةَ لِحِفْظِ حَيَاتِهِ عَلَى إبَاحَةِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ قَوْله تَعَالَى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] وَلَمَّا جَرَى خِلَافٌ فِي صِفَةِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ بَيْنَ الْمَشْهُورِ مِنْهُ بِقَوْلِهِ: (وَ) يَجُوزُ لَهُ إذَا أَكَلَ الْمَيْتَةَ أَنْ (يَشْبَعَ وَيَتَزَوَّدَ) إلَى مَحَلٍّ يُظَنُّ فِيهِ وُجُودَ مَا يُغْنِي عَنْهَا مِنْ الْمُبَاحِ وَلَوْ بِالشِّرَاءِ فِي ذِمَّتِهِ. (فَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا طَرَحَهَا) وُجُوبًا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ الْفَتْوَى، وَمُقَابِلُهُ يَقْتَصِرُ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ وَهُوَ ضَعِيفٌ حَتَّى اعْتَرَضُوا عَلَى قَوْلِ خَلِيلٍ وَلِلضَّرُورَةِ مَا يَسُدُّ، وَادَّعَوْا بِأَنَّهُ مُصَحَّفُ يُشْبِعُ وَمَعَ ذَلِكَ يَكُونُ سَاكِتًا عَنْ التَّزَوُّدِ، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُوفٍ بِالْمَشْهُورِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّهُ كَمَا يُبَاحُ تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ لِجُوعِهِ يُبَاحُ لَهُ سَائِرُ الْمَائِعَاتِ النَّجِسَةِ لِعَطَشِهِ سِوَى الْخَمْرِ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ لِلْعَطَشِ لِأَنَّهُ يَزِيدُهُ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَأَمَّا شُرْبُهُ لِإِسَاغَةِ الْغُصَّةِ فَيَجُوزُ عَلَى كَلَامِ خَلِيلٍ وَيَحْرُمُ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ.

الثَّانِي: قَدْ أَسَلَفْنَا أَنَّ الْمُضْطَرَّ يُقَدِّمُ طَعَامَ الْغَيْرِ عَلَى الْمَيْتَةِ إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ، لَكِنْ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا يُذْهِبُ أَلَمَ الْجُوعِ فَلَا يَشْبَعُ وَلَا يَتَزَوَّدُ وَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَرَاجِعْ مَا سَبَقَ.

وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ طَهَارَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ عَدَمُ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهَا مُطْلَقًا قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهَا) أَيْ مَيْتَةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ (إذَا دُبِغَ) بِمَا أَزَالَ الرِّيحَ وَالدُّسُومَةَ وَالرُّطُوبَةَ وَحَفِظَهُ مِنْ الِاسْتِحَالَةِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَرَخَّصَ فِيهِ مُطْلَقًا إلَّا مِنْ خِنْزِيرٍ بَعْدَ دَبْغِهِ فِي يَابِسٍ وَمَاءٍ، وَأَمَّا فِي الْمَائِعَاتِ غَيْرِ الْمَاءِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَاءَ لَهُ قُوَّةُ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الدَّبْغُ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا حَرُمَ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِ الْآدَمِيِّ وَالْخِنْزِيرِ وَلَوْ بَعْدَ الدَّبْغِ لِشَرَفِ الْآدَمِيِّ وَقَذَارَةِ الْخِنْزِيرِ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ طَهَارَةِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» لِحَمْلِهِ عِنْدَنَا عَلَى الطَّهَارَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ لَا الطَّهَارَةُ الْحَقِيقِيَّةُ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى مُطْلَقٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّطْهِيرُ كَاسْتِحَالَةِ الذَّاتِ النَّجِسَةِ، كَانْقِلَابِ الْخَمْرِ خَلًّا، وَالدَّمِ مِسْكًا أَوْ لَبَنًا، وَالنَّجَاسَةِ رَمَادًا عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَالدِّبَاغُ لَا يُحِيلُ الْجِلْدَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ:(وَلَا) يَصِحُّ أَنْ (يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا) أَنْ (يُبَاعَ) لِاشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِيمَا يُصَلَّى فِيهِ وَمَا يُبَاعُ قَالَ خَلِيلٌ: وَشُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ طَهَارَةٌ، وَشُرِطَ لِصَلَاةٍ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ، وَلَمَّا كَانَ جِلْدُ مَكْرُوهِ الْأَكْلِ كَجِلْدِ مُبَاحِ الْأَكْلِ بِالذَّكَاةِ قَالَ:(وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى جُلُودِ السِّبَاعِ) وَهِيَ كُلُّ مَا لَهُ جَرَاءَةٌ أَيْ شِدَّةٌ عَلَى الِافْتِرَاسِ وَالْعَدَاءِ بِشَرْطٍ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إذَا ذُكِّيَتْ) وَلَوْ بِقَصْدِ أَخْذِ جِلْدِهَا فَقَطْ.

(وَ) كَذَا لَا بَأْسَ عَلَيْهِ فِي (بَيْعِهَا) وَأَوْلَى غَيْرُ الْبَيْعِ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ

ص: 286