الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَلْتَعِنُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ ثُمَّ يُخَمِّسُ بِاللَّعْنَةِ ثُمَّ تَلْتَعِنُ هِيَ أَرْبَعًا أَيْضًا وَتُخَمِّسُ بِالْغَضَبِ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى.
وَإِنْ نَكَلَتْ هِيَ رُجِمَتْ إنْ كَانَتْ حُرَّةً مُحْصَنَةً بِوَطْءٍ تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ أَوْ زَوْجٍ غَيْرِهِ وَإِلَّا جُلِدَتْ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ جُلِدَ حَدَّ الْقَذْفِ ثَمَانِينَ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ.
وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفْتَدِيَ مِنْ زَوْجِهَا بِصَدَاقِهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ إذَا لَمْ
ــ
[الفواكه الدواني]
الْخِلَافِ التَّوَارُثُ، إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ وَقَبْلَ لِعَانِهَا فَعَلَى الْمَشْهُورِ يَتَوَارَثَانِ لَا عَلَى مُقَابِلِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِعَانًا شَرْعِيًّا بِحَيْثُ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَحْكَامُ إلَّا إذَا وَقَعَ بِحُكْمِ قَاضٍ
[صِفَةِ اللِّعَانِ]
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ صِفَةِ اللِّعَانِ بِقَوْلِهِ: (وَ) صِفَتُهُ أَنْ (يَبْدَأَ الزَّوْجُ فَيَلْتَعِنَ) أَيْ يَذْكُرَ (أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ) بِأَنْ يَقُولَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، إنْ كَانَ اللَّعْنُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ، وَهَذَا أَنْسَبُ مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ يَقُولُ فِي اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَزَنَتْ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الزِّنَا كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْ الزَّانِي، وَأَمَّا لَوْ كَانَ اللِّعَانُ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا فَإِنَّهُ يَقُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَرَأَيْتهَا تَزْنِي، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ: الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَلَى أَشْهَدُ بِاَللَّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ وَجَبَتْ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْحُقُوقِ، وَلِذَا قَالَ خَلِيلٌ: وَشَهِدَ بِاَللَّهِ أَرْبَعًا لَرَأَيْتهَا تَزْنِي، أَوْ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، وَقَوْلُ الْمَلَاعِنِ لَرَأَيْتهَا لَعَلَّهُ فِي الرُّؤْيَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ تَيَقُّنِ الزِّنَا بِحِسٍّ أَوْ جَسٍّ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَقُولُ: تَيَقَّنْتهَا تَزْنِي بَدَلَ رَأَيْتهَا، وَحَرِّرْهُ (ثُمَّ) بَعْدَ الْأَرْبَعِ شَهَادَاتٍ (يُخَمِّسُ بِاللَّعْنَةِ) بِأَنْ يَقُولَ: وَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ، أَوْ يَقُولَ: وَأَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ كَمَا فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ الْأَوْلَى، وَلَيْسَ فِي الْخَامِسَةِ لَفْظُ أَشْهَدُ بَلْ هِيَ لَفْظُ اللَّعْنَةِ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ قَوْلُ خَلِيلٍ وَوَصْلُ خَامِسَةٍ وَلِأَنَّهُ يُوهِمُ ذِكْرَ أَشْهَدُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (ثُمَّ) بَعْدَ تَمَامِ لِعَانِ الزَّوْجِ (تَلْتَعِنُ هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ بِأَنْ تَذْكُرَ (أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ أَيْضًا) تَرُدُّ بِهَا شَهَادَاتِ الرَّجُلِ بِأَنْ تَقُولَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا رَآنِي أَزْنِي إنْ كَانَ لِرُؤْيَةِ الزِّنَا، وَإِنْ كَانَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ مَا زَنَيْت، إنْ كَانَ قَالَ فِي شَهَادَاتِهِ لَزَنَتْ، وَإِنْ كَانَ قَالَ: مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، تَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ مِنْهُ.
(وَتُخَمِّسُ بِالْغَضَبِ كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ) بِأَنْ تَقُولَ: وَ {غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] أَوْ لَقَدْ كَذَبَ فِيهِمَا.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ بُدَاءَةِ الزَّوْجِ وَبَيَّنَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ حُكْمَهُ الْوُجُوبُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَبَقَ حُكْمَ مَا لَوْ بَدَأَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْخِلَافِ فِي إعَادَتِهَا وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ.
الثَّانِي: لَمْ يُعْلَمْ أَيْضًا حُكْمُ ذِكْرِ أَشْهَدُ وَحُكْمُهُ الْوُجُوبُ فِي حَقِّ النَّاطِقِ، فَلَا يَكْفِي أَحْلِفُ وَلَا أُقْسِمُ، كَمْ يَجِبُ لَفْظُ اللَّعْنِ فِي خَامِسَةِ الرَّجُلِ، وَالْغَضَبِ فِي خَامِسَةِ الْمَرْأَةِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَوَجَبَ أَشْهَدُ وَاللَّعْنُ وَالْغَضَبُ وَبِأَشْرَفِ الْبَلَدِ كَالْمَسْجِدِ لِلْمُسْلِمَةِ وَالْكَنِيسَةِ لِلذِّمِّيَّةِ، وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى الدُّخُولِ مَعَهَا فِي الْكَنِيسَةِ، وَلَا تَدْخُلُ هِيَ مَعَهُ الْمَسْجِدَ، وَيَجِبُ كَوْنُهُ بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ لِتَظْهَرَ الشَّعِيرَةُ، وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ إثْرَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَقَيَّدْنَا وُجُوبَ أَشْهَدُ بِالنَّاطِقِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْأَخْرَسِ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ بِالْكِتَابَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ.
قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيُلَاعِنُ الْأَخْرَسُ بِالْكِتَابَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ إنْ فُهِمَ، كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَنِكَاحُهُ وَطَلَاقُهُ، وَالزَّوْجَةُ الْخَرْسَاءُ كَذَلِكَ، وَالصَّمَّاءُ يَقْذِفُهَا زَوْجُهَا تُلَاعِنُ بِمَا يُفْهَمُ مِنْهَا.
قَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الطَّلَاقِ اللِّسَانُ لَمْ أُرِدْ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، فَلَوْ اُعْتُقِلَ لِسَانُ النَّاطِقِ قَبْلَ اللِّعَانِ فَإِنْ كَانَ يُرْجَى زَوَالُ عُذْرِهِ عَنْ قُرْبٍ أُمْهِلَ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ أَوْ يُرْجَى عَنْ بُعْدٍ فَيُلَاعِنُ بِالْكِتَابَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مِنْ اللِّعَانِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ نَكَلَتْ هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ بَعْدَ إتْيَانِ الزَّوْجِ بِشَهَادَاتِهِ (رُجِمَتْ) أَيْ ضُرِبَتْ بِالْحِجَارَةِ إلَى أَنْ تَمُوتَ. (إنْ كَانَتْ حُرَّةً مُحْصَنَةً) بِفَتْحِ الصَّادِ (بِوَطْءٍ تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ) الْمَلَاعِنِ (أَوْ) مِنْ (زَوْجٍ غَيْرِهِ) فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَازِمٍ، وَحَصَلَ فِيهِ وَطْءٌ مُبَاحٌ بِانْتِشَارِ الزَّوْجِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ. (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُحْصَنَةً (جُلِدَتْ مِائَةَ جَلْدَةٍ) حَيْثُ كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً مُكَلَّفَةً، فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَنِصْفُ الْحَدِّ، وَالذِّمِّيَّةُ يَلْزَمُهَا الْأَدَبُ لِأَذِيَّتِهَا لِزَوْجِهَا وَرُدَّتْ لِحُكَّامِ مِلَّتِهَا بَعْدَ تَأْدِيبِهَا لِاحْتِمَالِ اسْتِحْقَاقِهَا الْحَدَّ عِنْدَهُمْ بِنُكُولِهَا. (وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ) بَعْدَ رَمْيِهِ زَوْجَتَهُ بِالزِّنَا أَوْ قَوْلِهِ لَهَا: مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي وَامْتَنَعَ مِنْ اللِّعَانِ وَالْحَالُ أَنَّ زَوْجَتَهُ عَفِيفَةٌ (جُلِدَ) أَيْ حُدَّ لِقَذْفِهَا (حَدَّ الْقَذْفِ ثَمَانِينَ) جَلْدَةً حَيْثُ كَانَ حُرًّا مُكَلَّفًا، وَكَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً مُسْلِمَةً عَفِيفَةً. (وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ) لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا وَالزَّوْجَةُ بَالِغَةً فَإِنْ رَمَاهَا بِالزِّنَا فَلَا لِعَانَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ، وَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ انْتَفَى عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ وَعَلَيْهَا الْحَدُّ، وَإِنْ كَانَ بَالِغًا وَهِيَ صَغِيرَةٌ فَإِنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ مُطِيقَةً اُلْتُعِنَ دُونَهَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَيَتَلَاعَنَانِ، فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ، وَإِنْ لَاعَنَ وَنَكَلَتْ حُدَّتْ
يَكُنْ عَنْ ضَرَرٍ بِهَا فَإِنْ كَانَ عَنْ ضَرَرٍ بِهَا رَجَعَتْ بِمَا أَعْطَتْهُ وَلَزِمَهُ الْخُلْعُ وَالْخُلْعُ طَلْقَةٌ لَا رَجْعَةَ فِيهَا إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ بِرِضَاهَا.
وَالْمُعْتَقَةُ تَحْتَ الْعَبْدِ لَهَا الْخِيَارُ أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ أَوْ تُفَارِقَهُ
وَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ.
وَطَلَاقُ الْعَبْدِ
ــ
[الفواكه الدواني]
الْبِكْرُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْوَطْءُ بَعْدَ بُلُوغِهَا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا مُكَلَّفًا وَالزَّوْجَةُ حُرَّةً مُكَلَّفَةً تَلَاعَنَا، فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ لِلْقَذْفِ حَيْثُ كَانَتْ كِتَابِيَّةً وَأَمَةً فَلَا يُحَدُّ لَهَا.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ النَّاكِلَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ يُحَدُّ بِمُجَرَّدِ امْتِنَاعِهِ مِنْ اللِّعَانِ وَلَوْ قَالَ أَرْجِعُ لِلِّعَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ خَلِيلٌ: وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ قَبْلُ كَالْمَرْأَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَاعْتَرَضَهُ الْأُجْهُورِيُّ قَائِلًا: الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ، الرَّجُلُ لَا يَقْبَلُ وَالْمَرْأَةُ تَقْبَلُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ نُكُولَهَا كَإِقْرَارِهَا بِالزِّنَا وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ، وَنُكُولُ الرَّجُلِ كَإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِقَذْفِ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ بِهِ، وَالتَّفْصِيلُ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ.
الثَّانِي: اعْلَمْ أَنَّ الثَّمَرَةَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى اللِّعَانِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ، ثَلَاثَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى لِعَانِ الزَّوْجِ، أَوَّلُهَا: رَفْعُ الْحَدِّ عَنْهُ إذَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ حُرَّةً مُسْلِمَةً، أَوْ الْأَدَبُ إذَا كَانَتْ أَمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً. ثَانِيهَا: إيجَابُ الْحَدِّ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ وَلَوْ أَمَةً، أَوْ الْأَدَبِ عَلَى الذِّمِّيَّةِ إنْ لَمْ يُلَاعِنْ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْمُصَدَّقَةِ.
ثَالِثُهَا: قَطْعُ نَسَبِ الْوَلَدِ. وَثَلَاثَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى لِعَانِ الزَّوْجَةِ، أَوَّلُهَا: رَفْعُ الْحَدِّ عَنْهَا. ثَانِيهَا: فَسْخُ نِكَاحِهَا اللَّازِمِ.
ثَالِثُهَا: تَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا
ثُمَّ أَشَارَ إلَى مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْخُلْعِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ الْوَعْدُ بِهَا فَقَالَ: (وَ) يَجُوزُ (لِلْمَرْأَةِ) الرَّشِيدَةِ (أَنْ تَفْتَدِيَ مِنْ زَوْجِهَا) وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ صَبِيًّا (بِصَدَاقِهَا) جَمِيعِهِ (أَوْ) بِ (أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ) بِنَصٍّ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، أَمَّا الْقُرْآنُ فَآيَةُ:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] وَأَمَّا السُّنَّةُ فَحَدِيثُ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَدْ انْعَقَدَ عَلَى جَوَازِهِ لِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ عَلَيْهِ، وَيَفُوزُ الزَّوْجُ بِكُلِّ مَا افْتَدَتْ بِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ. (إذَا لَمْ يَكُنْ) الِافْتِدَاءُ نَاشِئًا (عَنْ ضَرَرٍ بِهَا) غَيْرِ شَرْعِيٍّ (فَإِنْ كَانَ) مُسَبَّبًا (عَنْ ضَرَرٍ) أَوْقَعَهُ (بِهَا) فَلَا يَفُوزُ بِهِ وَ (رَجَعَتْ) عَلَيْهِ (بِمَا أَعْطَتْهُ) لَهُ (وَلَزِمَهُ الْخُلْعُ) بَعْدَ إثْبَاتِهَا الضَّرَرَ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَرُدَّ الْمَالُ بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ عَلَى الضَّرَرِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا السَّمَاعِ كَوْنُهُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ، بَلْ لَوْ ذَكَرَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا سَمِعَتْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْخَدَمِ وَنَحْوِهِمْ عُمِلَ بِشَهَادَتِهَا أَوْ امْرَأَتَيْنِ، وَقَالَ خَلِيلٌ أَيْضًا: وَرُدَّ الْمَالُ بِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ، وَلَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ بَيِّنَةِ الضَّرَرِ، وَقَيَّدْنَا بِالرَّشِيدَةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الصَّغِيرَةِ وَالسَّفِيهَةِ وَالرَّقِيقَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا عَلَى مَالٍ فَيَلْزَمُ الطَّلَاقُ وَيُرَدُّ الْمَالُ.
قَالَ خَلِيلٌ: لَا مِنْ صَغِيرَةٍ وَسَفِيهَةٍ وَذَاتِ رِقٍّ وَرُدَّ الْمَالُ وَبَانَتْ كَمَا يُرَدُّ بِتَبَيُّنِ كَوْنِهَا بَائِنًا مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْخُلْعِ، أَوْ فَاسِدَةَ النِّكَاحِ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ كَخَامِسَةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ أَوْ مُتَّصِفَةٍ بِعَيْبٍ مُوجِبٍ لِلْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْعَيْبَ الْمُطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ كَالْعَدَمِ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ عَلَى مَا بَيَّنَهُ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ، وَقَيَّدْنَا الضَّرَرَ بِغَيْرِ الشَّرْعِيِّ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ ضَرَبَهَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ أَوْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ أَوْ شَتَمَتْهُ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي إمْسَاكِهَا مَعَ تَأْدِيبِهَا أَوْ يُفَارِقُهَا وَلَوْ بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ وَلَا تَرْجِعُ بِهِ.
(تَنْبِيهٌ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ وَلَا خَلِيلٌ حُكْمَ مَا لَوْ كَانَ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ يَثْبُتُ أَنَّ الطَّلَاقَ لِضَرَرٍ بِهَا، فَهَلْ لِلْأَجْنَبِيِّ الرُّجُوعُ بِهِ كَالزَّوْجَةِ أَوْ لَا؟ وَاسْتَظْهَرَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ الرُّجُوعَ إلَى قَصْدِ الدَّافِعِ، فَإِنْ قَصَدَ بِدَفْعِهِ الصَّدَقَةَ لَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ، وَنَظِيرُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مَنْ دَفَعَ لِعَبْدٍ مَالًا يُوفِي بِهِ نُجُومَ الْكِتَابَةِ وَإِنْ قَصَدَ تَخْلِيصَهَا أَوْ تَجَرَّدَ دَفْعُهُ عَنْ قَصْدٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ نَظَرًا إلَى مَا يَغْلِبُ قَصْدُ النَّاسِ إلَيْهِ. (وَالْخُلْعُ طَلْقَةٌ لَا رَجْعَةَ فِيهَا) وَهَذَا مَحْضُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ: وَالْخُلْعُ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ لَا رَجْعَةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَعَادَهُ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ) فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا بِوَلِيٍّ وَصَدَاقٍ وَشُهُودٍ (بِرِضَاهَا) إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ رِضَا الْمُجْبِرِ، وَيَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ وَلَوْ قَبْلَ زَوْجٍ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَحْصُلُ بِدَفْعِ الْعِوَضِ وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَعِلْمِهَا، وَمِثْلُهُ لَوْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا، كَمَا أَنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا إذَا وَقَعَ بِعِوَضٍ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ لَا بِشَرْطِ نَفْيِ الرَّجْعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بَائِنًا، بَلْ يَكُونُ رَجْعِيًّا بِشَرْطِ عَدَمِ النَّصِّ عَلَى الْخُلْعِ، وَعَدَمِ دَفْعِ عِوَضٍ عِنْدَهُ كَمَا فِي شُرَّاحِ خَلِيلٍ،
وَلَمَّا كَانَ فِرَاقُ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ نَاسَبَ ذِكْرَهُ عَقِبَ مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ بِقَوْلِهِ: (وَ) الزَّوْجَةُ الْأَمَةُ (الْمُعْتَقَةُ) كُلُّهَا عِتْقًا نَاجِزًا وَهِيَ (تَحْتَ الْعَبْدِ لَهَا الْخِيَارُ) فِي (أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ) تَحْتَهُ بَعْدَ عِتْقِهَا (أَوْ) أَيْ وَلَهَا الْخِيَارُ فِي أَنْ (تُفَارِقَهُ) وَتَسْتَقِلَّ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ نَفْسِهَا إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَغَيْرُهَا يَنْظُرُ لَهَا السُّلْطَانُ، فَإِنْ نَظَرَتْ فِي نَفْسِهَا مَضَى إنْ كَانَ صَوَابًا وَيَجِبُ وَقْفُهَا وَالْحَيْلُولَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ حَتَّى تَخْتَارَ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ طَلْقَتَيْنِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ فَقَطْ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ إنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا نِصْفَ لَهَا لِمَجِيءِ الْفِرَاقِ مِنْ قِبَلِهَا، كَزَوْجَةِ الْأَبْرَصِ أَوْ الْأَجْذَمِ وَقَيَّدْنَا بِكُلِّهَا، وَبِنَاجِزٍ