المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِدَيْنٍ فَرَضِيَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ أَفْلَسَ هَذَا - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ٢

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ وَالْخُلْعِ وَالرَّضَاعِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[الْمُحْرِمَات فِي النِّكَاح]

- ‌[الْقَسْمُ بَيْن الزَّوْجَاتِ]

- ‌[شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[إسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا]

- ‌ الطَّلَاقُ

- ‌الْخُلْعُ

- ‌[أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ]

- ‌[مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ]

- ‌[عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ الْمُوجِبَةِ لِخِيَارِ كُلٍّ فِي صَاحِبِهِ]

- ‌[أَحْكَامِ الزَّوْجِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْإِيلَاء]

- ‌[الظِّهَار]

- ‌اللِّعَانُ

- ‌[صِفَةِ اللِّعَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْعَبْدِ]

- ‌[الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[أَسْبَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَوْ الْأَمَةِ فِي الطَّلَاقِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ]

- ‌عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا

- ‌وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَأَسْبَابُهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[بَاب السَّلَم]

- ‌الْعُهْدَةُ

- ‌[السَّلَمُ فِي الْعُرُوضِ]

- ‌[أَقَلِّ أَجَلِ السَّلَمِ]

- ‌[بَيْع الدِّين بالدين]

- ‌[الْبِيَاعَات الْمُنْهِيَ عَنْهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ]

- ‌[بَاب الْإِجَارَة]

- ‌[حُكْم الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الدَّوَابِّ]

- ‌[الْإِجَارَةُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تضمين الصناع]

- ‌[بَاب الشَّرِكَة]

- ‌[حُكْم الشَّرِكَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[بَاب الْقِرَاض]

- ‌[الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ]

- ‌[بَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُسَاقَاة]

- ‌[بَاب الْمُزَارَعَة]

- ‌[الصُّوَر الْمَمْنُوعَة فِي الْمُزَارَعَة]

- ‌[حُكْمِ شِرَاءِ الْعَرَايَا]

- ‌بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[الْإِيصَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَامِ الْوَصَايَا الْمُتَّحِدَةِ الرُّتْبَةِ وَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهَا]

- ‌[أَحْكَام التَّدْبِير]

- ‌[صفة إخْرَاج الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَام الْكِتَابَة]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَامِ الْعِتْق النَّاجِز]

- ‌[الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ]

- ‌[مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ]

- ‌[بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[مَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ]

- ‌[أَحْكَام الْهِبَة]

- ‌[هِبَة الْوَالِد جَمِيعَ مَالِهِ لِبَعْضِ أَوْلَادِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الْهِبَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَى]

- ‌[بَيَان حُكْمِ الْحُبُسِ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ]

- ‌[صِفَةِ قَسْمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب الرَّهْن]

- ‌ضَمَانُ الرَّهْنِ

- ‌[مُسْتَحِقّ غَلَّةَ الرَّهْنِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[حُكْمِ الِاتِّجَارِ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[بَاب اللُّقَطَة]

- ‌[أَحْكَام الضَّالَّةِ]

- ‌[التَّعَدِّي عَلَى مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[بَاب الْغَصْب]

- ‌بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ

- ‌[ثُبُوت الْقَتْل بِالْقَسَامَةِ]

- ‌[صفة الْقَسَامَة وَحَقِيقَتَهَا]

- ‌[صِفَةِ حَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَمَنْ يَحْلِفُهَا]

- ‌[مَا تَكُون فِيهِ الْقَسَامَة]

- ‌[الْعَفْو عَنْ الدَّم]

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[مِقْدَار الدِّيَة]

- ‌[دِيَةِ الْأَطْرَافِ وَالْمَعَانِي]

- ‌[الْقِصَاص فِي الْجِرَاح]

- ‌[تَحْمِل الْعَاقِلَة شَيْئًا مِنْ الدِّيَة مَعَ الْجَانِي]

- ‌[مُسْتَحَقّ دِيَةِ الْمَقْتُولِ]

- ‌[أَحْكَامِ كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ

- ‌[أَحْكَامِ الْمُحَارِب]

- ‌[بَاب الزِّنَا]

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَا]

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[بَاب القذف]

- ‌ شُرُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[كَرَّرَ شُرْبَ الْخَمْرِ أَوْ كَرَّرَ فِعْلَ الزِّنَا]

- ‌[صِفَةِ الْمَحْدُودِ]

- ‌[بَاب السَّرِقَة]

- ‌[مَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ]

- ‌[حُكْم الشَّفَاعَةِ فِيمَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَدٌّ]

- ‌(بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ)

- ‌[وَجَدَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْحَقِّ بَعْدَ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ]

- ‌[أَقْسَام الشَّهَادَة]

- ‌[مَا تَشْهَدُ فِيهِ النِّسَاءُ]

- ‌ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ

- ‌[شَهَادَة الزَّوْج لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[شَهَادَةُ وَصِيٍّ لِيَتِيمِهِ بِشَيْءٍ عَلَى آخَرَ]

- ‌ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ

- ‌[مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَمَنْ لَا يَصِحُّ]

- ‌[الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَكَالَة]

- ‌[حُكْمِ الصُّلْحِ]

- ‌[بَعْض مَسَائِل الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْفَلَسِ]

- ‌[بَعْضَ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ]

- ‌[شُرُوط الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[شُرُوط الْقِسْمَة]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْإِقْرَارِ]

- ‌[حُكْمِ مَا إذَا مَاتَ أَجِيرُ الْحَجِّ قَبْلَ التَّمَام]

- ‌[بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْوَارِثَاتِ مِنْ النِّسَاءِ]

- ‌[الْفُرُوض فِي الْمِيرَاث]

- ‌[إرْثِ الْبَنَاتِ مَعَ الْأَخَوَاتِ]

- ‌[أَنْوَاع الحجب]

- ‌[مِيرَاث الْإِخْوَة لإم]

- ‌[مَوَانِعِ الْإِرْث]

- ‌مِيرَاثُ الْجَدِّ

- ‌[إرْث الْجَدَّة]

- ‌[اجْتِمَاعِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَوْل]

- ‌[كَيْفِيَّةُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَتَأْصِيلِهَا وَكَيْفِيَّةُ قَسْمِ التَّرِكَةِ]

- ‌بَابٌ: جُمَلٌ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[حُكْم السِّوَاك]

- ‌[الْقُنُوت فِي الصَّلَاة]

- ‌[صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[صَلَاة الْوِتْر]

- ‌[جَمْعِ الصَّلَاة]

- ‌رَكْعَتَا الْفَجْرِ

- ‌صَلَاةُ الضُّحَى

- ‌ قِيَامُ رَمَضَانَ

- ‌[الْفِطْر فِي السَّفَر]

- ‌ طَلَبُ الْعِلْمِ

- ‌[صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْجِهَاد قَيْءٍ سَبِيل اللَّه]

- ‌ غَضُّ الْبَصَرِ

- ‌[صَلَاة النَّوَافِل فِي الْبُيُوت]

- ‌[صَوْنُ اللِّسَانِ عَنْ الْكَذِبِ]

- ‌[الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ فِي زَمَنِ خُرُوجِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاس]

- ‌أَكْلِ الطَّيِّبِ

- ‌[أَكْلَ الْمَيْتَةِ]

- ‌ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ

- ‌ شُرْبَ الْخَمْرِ

- ‌[الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ]

- ‌[أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاع وَأَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[بِرُّ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[الِاسْتِغْفَار لِلْوَالِدَيْنِ]

- ‌[حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ]

- ‌الْهِجْرَانُ الْجَائِزُ

- ‌[مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ]

- ‌[سَمَاعَ الْأَمْرِ الْبَاطِلِ]

- ‌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌[حُكْم التَّوْبَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الْفِطْرَةِ وَالْخِتَانِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَاللِّبَاسِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌ صِبَاغُ الشَّعْرِ

- ‌ لِبَاسِ الْحَرِيرِ

- ‌ التَّخَتُّمِ بِالْحَدِيدِ

- ‌[التَّخَتُّم بِالذَّهَبِ]

- ‌[جَرّ الرَّجُلُ إزَارَهُ فِي الْأَرْضِ]

- ‌ وَصْلِ الشَّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

- ‌[آدَابِ الْأَكْلِ الْمُقَارِنَةِ لَهُ]

- ‌[الْآدَابِ الْمُقَارِنَةِ لِلشُّرْبِ]

- ‌[بَابٌ فِي السَّلَامِ وَالِاسْتِئْذَانِ وَالتَّنَاجِي]

- ‌[صِفَةُ السَّلَامِ]

- ‌[الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ السَّفَرِ أَوْ النَّوْمِ]

- ‌[آدَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ]

- ‌[بَابٌ فِي حُكْم التَّعَالُجِ]

- ‌الرُّقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ

- ‌[التَّدَاوِي بِالْكَيِّ]

- ‌[الْكَلَامِ عَلَى الطِّيَرَة]

- ‌[صِفَةِ الرُّقْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ]

- ‌[اتِّخَاذ الْكِلَاب فِي الْبُيُوت]

- ‌[الرِّفْق بِالْمَمْلُوكِ]

- ‌[بَابٌ فِي الرُّؤْيَا وَالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ وَغَيْرهَا]

- ‌[اللَّعِب بِالنَّرْدِ]

- ‌[اللَّعِب بِالشِّطْرَنْجِ]

- ‌[حُكْم المسابقة]

- ‌[صُوَرِ الْمُسَابَقَةِ]

- ‌[قَتْلَ جَمِيعِ الْحَشَرَاتِ بِالنَّارِ]

- ‌[قَتْلِ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَد]

- ‌[التَّفَاخُرَ بِالْآبَاءِ]

- ‌[أَفْضَلِ الْعُلُومِ]

- ‌[الثَّمَرَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ]

- ‌[الْمُحَافَظَةِ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: بِدَيْنٍ فَرَضِيَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ أَفْلَسَ هَذَا

بِدَيْنٍ فَرَضِيَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ أَفْلَسَ هَذَا إلَّا أَنْ يَغُرَّهُ مِنْهُ

وَإِنَّمَا الْحَوَالَةُ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ وَإِلَّا فَهِيَ حَمَالَةٌ

وَلَا يَغْرَمُ الْحَمِيلُ إلَّا فِي عُدْمِ الْغَرِيمِ أَوْ غَيْبَتِهِ

وَيَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ أَوْ تَفْلِيسِهِ كُلُّ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ مَا كَانَ لَهُ

ــ

[الفواكه الدواني]

لَمْ يَجِدْهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فَذَلِكَ لَهُ» قَالَ خَلِيلٌ: وَلَهُ رَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ قُبِضَ وَأَخَذَهَا وَأَخْذُ بَعْضِهِ وَحَاصَّ بِالْفَائِتِ

[بَعْضَ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ]

وَكَانَ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُؤَخِّرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عِنْدَ بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَوْ يُقَدِّمَ مَا أَخَّرَهُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الْفَلَسِ وَوَسَّطَ بَيْنَهَا بَعْضَ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ: (وَالضَّامِنُ غَارِمٌ) حَيْثُ ضَمِنَ ضَمَانَ مَالٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ الضَّامِنَ مُشْتَقٌّ مِنْ الضَّمَانِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الِالْتِزَامُ، وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَيَتَنَوَّعُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: ضَمَانُ مَالٍ، وَضَمَانُ وَجْهٍ، وَضَمَانُ طَلَبٍ، فَضَمَانُ الْمَالِ الْتِزَامُ دَيْنٍ لَا يُسْقِطُهُ عَمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَضَمَانُ الْوَجْهِ عِبَارَةٌ عَنْ إحْضَارِ الْغَرِيمِ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَإِنَّمَا يَبْرَأُ فِيهِ الضَّامِنُ بِتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَبَرِيءَ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ وَإِنْ بِسَجْنٍ أَوْ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ إنْ حَلَّ الْحَقُّ وَضَمَانُ الطَّلَبِ عِبَارَةٌ عَنْ التَّفْتِيشِ عَلَى الْغَرِيمِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ، ثُمَّ يُخْبِرُ صَاحِبَ الدَّيْنِ بِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ قَصَّرَ أَوْ فَرَّطَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَغَرِمَ إنْ فَرَّطَ أَوْ هَرَبَ بِهِ وَعُوقِبَ، وَشَرْطُ الضَّامِنِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ بِمَا يَضْمَنُهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ فِي قَدْرِ الثُّلُثِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى:{وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالْمِنْحَةُ الشَّاةُ الْمُسْتَعَارَةُ لِيَنْتَفِعَ بِلَبَنِهَا، وَقَوْلُهُ: الدَّيْنُ مَقْضِيٌّ أَيْ يَجِبُ قَضَاؤُهُ، وَالزَّعِيمُ الْكَفِيلُ، وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَدْ حَكَاهُ شُيُوخٌ عِدَّةٌ.

(تَنْبِيهٌ) لَا يَغْرَمُ ضَامِنُ الْمَالِ إلَّا إذَا غَابَ الْغَرِيمُ أَوْ أَفْلَسَ لَا إنْ حَضَرَ مُوسِرًا كَمَا يَأْتِي، إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمِنَ فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْغُرْمَ وَلَوْ مَعَ حُضُورِ الْغَرِيمِ مَلِيًّا.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى ضَامِنِ الْمَالِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى ضَامِنِ الْوَجْهِ بِقَوْلِهِ: (وَحَمِيلُ الْوَجْهِ) وَمِثْلُهُ الْعَيْنُ أَوْ الْأُذُنُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إحْضَارِ ذَاتِ الْمَدِينِ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، فَالْوَجْهُ عِبَارَةٌ عَنْ الذَّاتِ (إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ) أَيْ بِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ (غَرِمَ) جَمِيعَ الْحَقِّ (حَتَّى يَشْتَرِطَ أَنْ لَا يَغْرَمَ) قَالَ خَلِيلٌ: وَبَرِيءَ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ وَإِنْ بِسَجْنٍ أَوْ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ إنْ حَلَّ الْحَقُّ وَلَوْ عَدِيمًا، وَإِلَّا أُغْرِمَ بَعْدَ خَفِيفِ تَلَوُّمٍ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ غَرِيمِهِ كَالْيَوْمِ، وَلَا يَسْقُطُ بِإِحْضَارِهِ لِمَنْ حَكَمَ بِهِ لَا إنْ ثَبَتَ عَدَمُهُ أَوْ مَوْتُهُ فِي غَيْبَتِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ وَرَجَعَ بِهِ.

وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ مَسَائِلِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ وَسَطُ الْحَوَالَةِ بَيْنَ مَسَائِلِهِ، وَحَقِيقَةُ الْحَوَالَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ تَبْرَأُ بِهَا الْأُولَى، وَأَحْسَنُ مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ: هِيَ طَرْحُ الدَّيْنِ عَنْ ذِمَّةٍ بِمِثْلِهِ فِي أُخْرَى، وَالْأَصْلُ فِيهَا الْإِبَاحَةُ وَقِيلَ النَّدْبُ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عِيَاضٌ فَلْيَتْبَعْ بِسُكُونِ التَّاءِ وَرُوِيَ بِتَشْدِيدِهَا، وَمَعْنَى أُتْبِعَ أُحِيلَ وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا بِقَوْلِهِ:(وَمَنْ أُحِيلَ بِدَيْنٍ) ثَابِتٍ لَهُ عَلَى شَخْصٍ (فَرَضِيَ) ذَلِكَ الْمُحَالُ بِالْحَوَالَةِ (فَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ لِلْمُحَالِ (عَلَى الْأَوَّلِ) الَّذِي هُوَ الْمُحِيلُ (وَإِنْ أَفْلَسَ هَذَا) الْمُحَالُ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَغُرَّهُ مِنْهُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ عَالِمًا بِإِفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَيَتَحَوَّلُ حَقُّ الْمُحَالِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَفْلَسَ أَوْ جَحَدَ، إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُحِيلُ بِإِفْلَاسِهِ فَقَطْ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ إنْ ظَنَّ بِهِ الْعِلْمَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْغُرُورِ وَعَدَمُ الْعِلْمِ

[شُرُوط الْحَوَالَةِ]

وَلَا بُدَّ لِلْحَوَالَةِ مِنْ شُرُوطٍ أَشَارَ إلَى بَعْضِهَا بِقَوْلِهِ: (وَإِنَّمَا الْحَوَالَةُ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ وَإِلَّا فَهِيَ حَمَالَةٌ) وَالْمَعْنَى: أَنَّ شَرْطَ الْحَوَالَةِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُحِيلِ دَيْنٌ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَيْنٌ فَإِنَّهَا تَكُونُ حَمَالَةٌ أَيْ كَفَالَةٌ وَضَمَانًا وَلَوْ وَقَعَتْ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ تَبْرَأُ بِهَا ذِمَّةُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، بِخِلَافِ الْحَمَالَةِ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى بَعْدَ إثْبَاتِهِ الدَّفْعَ، وَأَشَارَ خَلِيلٌ إلَى شُرُوطِهَا بِقَوْلِهِ: شَرْطُ الْحَوَالَةِ رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ فَقَطْ، وَثُبُوتُ دَيْنٍ لَازِمٍ لَا رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُحَالِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَازِمًا، فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَى مَا تَدَايَنَهُ نَحْوِ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَصَرْفِهِ فِيمَا لَهُ عَنْهُ غِنًى، وَمِنْ شُرُوطِهَا حُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ فَقَطْ، وَإِقْرَارُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ مَعَ حُضُورِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ رِضَاهُ لِاحْتِمَالِ إبْدَائِهِ مَطْعَنًا فِي الْبَيِّنَةِ أَوْ إثْبَاتِهِ الْبَرَاءَةَ مِنْ الدَّيْنِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَقِيَّةِ الْكَلَامِ عَلَى الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَغْرَمُ الْحَمِيلُ) مَا ضَمِنَهُ مِنْ الْمَالِ (إلَّا فِي عُدْمِ الْغَرِيمِ أَوْ غَيْبَتِهِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَلَا يُطَالَبُ إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا أَوْ لَمْ يَبْعُدْ إثْبَاتُهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ صَاحِبُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ الْغُرْمَ مَعَ وُجُودِ مَنْ هُوَ

ص: 240

عَلَى غَيْرِهِ

وَلَا تُبَاعُ رَقَبَةُ الْمَأْذُونِ فِيمَا عَلَيْهِ وَلَا يُتَّبَعُ بِهِ سَيِّدُهُ

وَيُحْبَسُ الْمِدْيَانُ لِيُسْتَبْرَأَ وَلَا حَبْسَ عَلَى مُعْدِمٍ

وَمَا

ــ

[الفواكه الدواني]

عَلَيْهِ مَلِيًّا، أَوْ يَكُونُ ضَمِنَ فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ وَهِيَ: الْمِلَاءُ وَالْعُدْمُ وَالْغَيْبَةُ وَالْحُضُورُ وَالْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مُلْدًا، وَأَنْ يَكُونَ مَنْ لَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَإِلَّا غَرِمَ مَعَ وُجُودِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّمُ مَلِيًّا.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى بَقِيَّةِ مَسَائِلِ الْفَلَسِ بِقَوْلِهِ: (وَيَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ) أَيْ الْغَرِيمِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ (أَوْ تَفْلِيسِهِ كُلُّ دَيْنٍ عَلَيْهِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَحَلَّ بِهِ وَبِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ قَتَلَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ، وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ مَا عَلَيْهِ لِاتِّهَامِ صَاحِبِ الدَّيْنِ بِقَتْلِهِ عَلَى قَصْدِ اسْتِعْجَالِهِ الْحُلُولَ.

وَثَانِيهِمَا: أَنْ لَا يَكُونَ مَنْ عَلَيْهِ شَرَطَ عَدَمَ حُلُولِهِ بِمَوْتِهِ أَوْ فَلَسِهِ وَإِلَّا عُمِلَ بِالشَّرْطِ، وَالْمُرَادُ بِالْفَلَسِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ كُلِّ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ الْفَلَسُ الْأَخَصُّ، لَا مُجَرَّدُ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ فَلَا يَحِلُّ بِهِ مَا أَحَلَّ، وَأَشَارَ إلَى مَفْهُومِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ:(وَلَا يَحِلُّ) بِمَوْتِهِ أَوْ فَلَسِهِ كُلُّ (مَا كَانَ لَهُ) مِنْ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ (عَلَى غَيْرِهِ) لِبَقَاءِ ذِمَّةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، فَلَوْ شَرَطَ صَاحِبُ الْحَقِّ حُلُولَهُ بِمَوْتِهِ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْعَمَلَ بِالشَّرْطِ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ وَاقِعٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَإِلَّا أَفْسَدَ الْبَيْعَ لِأَدَائِهِ إلَى الْأَجَلِ الْمَجْهُولِ، وَلَمَّا كَانَ الرَّقِيقُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَالْحُرِّ فِي جَوَازِ تَفْلِيسِهِ وَالْحُكْمِ عَلَيْهِ بِبَيْعِ جَمِيعِ مَا يَمْلِكُهُ مِمَّا بِيَدِهِ وَلَوْ كُتُبًا أَوْ عَقَارًا

قَالَ: (وَلَا تُبَاعُ رَقَبَةُ الْمَأْذُونِ لَهُ) فِي التِّجَارَةِ (فِيمَا عَلَيْهِ) مِنْ الدُّيُونِ عِنْدَ تَفْلِيسِهِ (وَلَا يُتَّبَعُ بِهِ سَيِّدُهُ) وَإِنَّمَا يُقْضَى الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ مِمَّا لَهُ سَلَاطَةٌ عَلَيْهِ كَانَ بِيَدِهِ أَمْ لَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ وَأَخَذَ مِمَّا بِيَدِهِ وَإِنْ مُسْتَوْلَدَتَهُ كَعَطِيَّتِهِ، وَهَلْ إنْ مُنِحَ لِلدَّيْنِ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ لَا غَلَّتَهُ وَرَقَبَتَهُ، وَالْمُرَادُ الْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَأَمَّا الَّتِي كَانَتْ بِيَدِهِ قَبْلَ الْإِذْنِ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا الدَّيْنُ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِ خَلِيلٍ: كَالْحُرِّ أَنَّهُ لَا يُفَلِّسُهُ إلَّا الْحَاكِمُ لَا الْغُرَمَاءُ وَلَا السَّيِّدُ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِمَنْ لَا يَتَّهِمُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ لَا بَعْدَهُ، وَمَحَلُّ عَدَمِ اتِّبَاعِ السَّيِّدِ بِمَا عَلَى الْمَأْذُونِ مَا لَمْ يَكُنْ قَالَ لِلْغُرَمَاءِ: عَامِلُوهُ وَجَمِيعُ مَا عَامَلْتُمُوهُ بِهِ عَلَيَّ، وَإِلَّا أُتْبِعَ لِكَوْنِهِ يَصِيرُ ضَامِنًا.

(تَنْبِيهٌ) كَمَا لَا تُبَاعُ رَقَبَةُ الْمَأْذُونِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِسَيِّدِهِ، كَذَلِكَ وَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ لَا يُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ كَرَقَبَةِ أَبِيهِ لَا حَقَّ لِلْغُرَمَاءِ فِيهَا، وَلِذَا لَوْ قَامَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ قَبْلَ وَضْعِ أَمَتِهِ أَخَّرَ بَيْعَهَا حَتَّى تَضَعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْبَيْعِ، وَمَا عَجَزَ الْمَأْذُونُ عَنْ وَفَائِهِ مِنْ الدُّيُونِ يُتْبَعُ بِهِ إنْ عَتَقَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ عَنْهُ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ إنْ أَخَذَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَهُ عَنْهُ وَلَا يُتْبَعُ بِهِ إنْ عَتَقَ، كَالْمَأْذُونِ يَأْخُذُ شَيْئًا غَيْرَ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَإِنَّ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُهُ عَنْهُ، وَمَا لَمْ يُسْقِطْهُ السَّيِّدُ مِمَّا لَهُ إسْقَاطُهُ يُتْبَعُ بِهِ الرَّقِيقُ بَعْدَ عِتْقِهِ

وَلَمَّا كَانَ الْغَرِيمُ الَّذِي قَامَتْ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: الْأُولَى أَنْ يُجْهَلَ حَالُهُ فَهَذَا يُحْبَسُ إنْ طَالَبَهُ الْغُرَمَاءُ وَادَّعَى عَدَمَ الْمَالِ وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَيُحْبَسُ الْمِدْيَانُ) الْمَجْهُولُ الْحَالِ إذَا ادَّعَى الْعَدَمَ وَغَايَةُ الْحَبْسِ (لِيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ) بِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ وَمَحَلُّ حَبْسِهِ مَا لَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ وَالتَّأْخِيرَ إلَى إثْبَاتِ عُسْرِهِ وَإِلَّا أُخِّرَ بِحَمِيلٍ وَلَوْ بِوَجْهِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: حُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ، وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لَهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ الْحَمِيلُ غَرِمَ مَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ، وَثُبُوتُ عُسْرِهِ يَكُونُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّهُمَا لَا يَعْرِفَانِ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ عَلَى الْبَتِّ وَيَزِيدُ فِي يَمِينِهِ: وَإِنْ وَجَدْت الْمَالَ لَأَقْضِيَنَّهُ عَاجِلًا، وَإِنْ كُنْت مُسَافِرًا عَجَّلْت الْأَوْبَةَ، وَبَعْدَ الْحَلِفِ يَجِبُ إطْلَاقُهُ وَانْتِظَارُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ وَطَالَ حَبْسُهُ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ لَكِنْ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا مَالَ عِنْدَهُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ إنْ طَالَ حَبْسُهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَالشَّخْصِ، وَالْمُرَادُ بِالْمِدْيَانِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَحَاطَتْ الدُّيُونُ بِمَالِهِ أَمْ لَا، سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، إلَّا أَنَّ الذَّكَرَ يُحْبَسُ مَعَ الذُّكُورِ، وَالْأُنْثَى مَعَ النِّسَاءِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَحَبْسُ النِّسَاءِ عِنْدَ أَمِينَةٍ خَالِيَةٍ وَذَاتِ أَمِينٍ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ، وَمِثْلُهُ الشَّابُّ الَّذِي يُخْشَى عَلَيْهِ يُحْبَسُ مُنْفَرِدًا، وَلَا يَجُوزُ وَضْعُ حَدِيدٍ وَنَحْوِهِ فِي عُنُقِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْعَدَاءِ، وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْمَلَأِ وَأَلَدَّ بِدَفْعِ الْحَقِّ فَهَذَا يُسْجَنُ وَيُضْرَبُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ عُلِمَ بِالنَّاضِّ لَمْ يُؤَخِّرْ وَضُرِبَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَلَأِ بِمُلَابَسَةِ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ فَإِنْ تَفَالَسَ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ، وَإِنْ وَعَدَ بِالْقَضَاءِ وَسَأَلَ تَأْخِيرًا كَالْيَوْمِ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ وَإِلَّا سُجِنَ، وَالْحَالَةُ وَالثَّالِثَةُ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ:(وَلَا حَبْسَ) جَائِزٌ (عَلَى مُعْدِمٍ) ثَابِتِ الْعَدَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ فَائِدَةٌ.

ص: 241