المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[آداب قارئ القرآن] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ٢

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ وَالْخُلْعِ وَالرَّضَاعِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[الْمُحْرِمَات فِي النِّكَاح]

- ‌[الْقَسْمُ بَيْن الزَّوْجَاتِ]

- ‌[شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[إسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا]

- ‌ الطَّلَاقُ

- ‌الْخُلْعُ

- ‌[أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ]

- ‌[مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ]

- ‌[عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ الْمُوجِبَةِ لِخِيَارِ كُلٍّ فِي صَاحِبِهِ]

- ‌[أَحْكَامِ الزَّوْجِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْإِيلَاء]

- ‌[الظِّهَار]

- ‌اللِّعَانُ

- ‌[صِفَةِ اللِّعَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْعَبْدِ]

- ‌[الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[أَسْبَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَوْ الْأَمَةِ فِي الطَّلَاقِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ]

- ‌عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا

- ‌وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَأَسْبَابُهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[بَاب السَّلَم]

- ‌الْعُهْدَةُ

- ‌[السَّلَمُ فِي الْعُرُوضِ]

- ‌[أَقَلِّ أَجَلِ السَّلَمِ]

- ‌[بَيْع الدِّين بالدين]

- ‌[الْبِيَاعَات الْمُنْهِيَ عَنْهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ]

- ‌[بَاب الْإِجَارَة]

- ‌[حُكْم الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الدَّوَابِّ]

- ‌[الْإِجَارَةُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تضمين الصناع]

- ‌[بَاب الشَّرِكَة]

- ‌[حُكْم الشَّرِكَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[بَاب الْقِرَاض]

- ‌[الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ]

- ‌[بَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُسَاقَاة]

- ‌[بَاب الْمُزَارَعَة]

- ‌[الصُّوَر الْمَمْنُوعَة فِي الْمُزَارَعَة]

- ‌[حُكْمِ شِرَاءِ الْعَرَايَا]

- ‌بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[الْإِيصَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَامِ الْوَصَايَا الْمُتَّحِدَةِ الرُّتْبَةِ وَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهَا]

- ‌[أَحْكَام التَّدْبِير]

- ‌[صفة إخْرَاج الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَام الْكِتَابَة]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَامِ الْعِتْق النَّاجِز]

- ‌[الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ]

- ‌[مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ]

- ‌[بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[مَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ]

- ‌[أَحْكَام الْهِبَة]

- ‌[هِبَة الْوَالِد جَمِيعَ مَالِهِ لِبَعْضِ أَوْلَادِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الْهِبَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَى]

- ‌[بَيَان حُكْمِ الْحُبُسِ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ]

- ‌[صِفَةِ قَسْمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب الرَّهْن]

- ‌ضَمَانُ الرَّهْنِ

- ‌[مُسْتَحِقّ غَلَّةَ الرَّهْنِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[حُكْمِ الِاتِّجَارِ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[بَاب اللُّقَطَة]

- ‌[أَحْكَام الضَّالَّةِ]

- ‌[التَّعَدِّي عَلَى مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[بَاب الْغَصْب]

- ‌بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ

- ‌[ثُبُوت الْقَتْل بِالْقَسَامَةِ]

- ‌[صفة الْقَسَامَة وَحَقِيقَتَهَا]

- ‌[صِفَةِ حَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَمَنْ يَحْلِفُهَا]

- ‌[مَا تَكُون فِيهِ الْقَسَامَة]

- ‌[الْعَفْو عَنْ الدَّم]

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[مِقْدَار الدِّيَة]

- ‌[دِيَةِ الْأَطْرَافِ وَالْمَعَانِي]

- ‌[الْقِصَاص فِي الْجِرَاح]

- ‌[تَحْمِل الْعَاقِلَة شَيْئًا مِنْ الدِّيَة مَعَ الْجَانِي]

- ‌[مُسْتَحَقّ دِيَةِ الْمَقْتُولِ]

- ‌[أَحْكَامِ كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ

- ‌[أَحْكَامِ الْمُحَارِب]

- ‌[بَاب الزِّنَا]

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَا]

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[بَاب القذف]

- ‌ شُرُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[كَرَّرَ شُرْبَ الْخَمْرِ أَوْ كَرَّرَ فِعْلَ الزِّنَا]

- ‌[صِفَةِ الْمَحْدُودِ]

- ‌[بَاب السَّرِقَة]

- ‌[مَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ]

- ‌[حُكْم الشَّفَاعَةِ فِيمَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَدٌّ]

- ‌(بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ)

- ‌[وَجَدَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْحَقِّ بَعْدَ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ]

- ‌[أَقْسَام الشَّهَادَة]

- ‌[مَا تَشْهَدُ فِيهِ النِّسَاءُ]

- ‌ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ

- ‌[شَهَادَة الزَّوْج لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[شَهَادَةُ وَصِيٍّ لِيَتِيمِهِ بِشَيْءٍ عَلَى آخَرَ]

- ‌ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ

- ‌[مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَمَنْ لَا يَصِحُّ]

- ‌[الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَكَالَة]

- ‌[حُكْمِ الصُّلْحِ]

- ‌[بَعْض مَسَائِل الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْفَلَسِ]

- ‌[بَعْضَ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ]

- ‌[شُرُوط الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[شُرُوط الْقِسْمَة]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْإِقْرَارِ]

- ‌[حُكْمِ مَا إذَا مَاتَ أَجِيرُ الْحَجِّ قَبْلَ التَّمَام]

- ‌[بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْوَارِثَاتِ مِنْ النِّسَاءِ]

- ‌[الْفُرُوض فِي الْمِيرَاث]

- ‌[إرْثِ الْبَنَاتِ مَعَ الْأَخَوَاتِ]

- ‌[أَنْوَاع الحجب]

- ‌[مِيرَاث الْإِخْوَة لإم]

- ‌[مَوَانِعِ الْإِرْث]

- ‌مِيرَاثُ الْجَدِّ

- ‌[إرْث الْجَدَّة]

- ‌[اجْتِمَاعِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَوْل]

- ‌[كَيْفِيَّةُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَتَأْصِيلِهَا وَكَيْفِيَّةُ قَسْمِ التَّرِكَةِ]

- ‌بَابٌ: جُمَلٌ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[حُكْم السِّوَاك]

- ‌[الْقُنُوت فِي الصَّلَاة]

- ‌[صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[صَلَاة الْوِتْر]

- ‌[جَمْعِ الصَّلَاة]

- ‌رَكْعَتَا الْفَجْرِ

- ‌صَلَاةُ الضُّحَى

- ‌ قِيَامُ رَمَضَانَ

- ‌[الْفِطْر فِي السَّفَر]

- ‌ طَلَبُ الْعِلْمِ

- ‌[صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْجِهَاد قَيْءٍ سَبِيل اللَّه]

- ‌ غَضُّ الْبَصَرِ

- ‌[صَلَاة النَّوَافِل فِي الْبُيُوت]

- ‌[صَوْنُ اللِّسَانِ عَنْ الْكَذِبِ]

- ‌[الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ فِي زَمَنِ خُرُوجِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاس]

- ‌أَكْلِ الطَّيِّبِ

- ‌[أَكْلَ الْمَيْتَةِ]

- ‌ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ

- ‌ شُرْبَ الْخَمْرِ

- ‌[الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ]

- ‌[أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاع وَأَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[بِرُّ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[الِاسْتِغْفَار لِلْوَالِدَيْنِ]

- ‌[حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ]

- ‌الْهِجْرَانُ الْجَائِزُ

- ‌[مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ]

- ‌[سَمَاعَ الْأَمْرِ الْبَاطِلِ]

- ‌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌[حُكْم التَّوْبَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الْفِطْرَةِ وَالْخِتَانِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَاللِّبَاسِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌ صِبَاغُ الشَّعْرِ

- ‌ لِبَاسِ الْحَرِيرِ

- ‌ التَّخَتُّمِ بِالْحَدِيدِ

- ‌[التَّخَتُّم بِالذَّهَبِ]

- ‌[جَرّ الرَّجُلُ إزَارَهُ فِي الْأَرْضِ]

- ‌ وَصْلِ الشَّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

- ‌[آدَابِ الْأَكْلِ الْمُقَارِنَةِ لَهُ]

- ‌[الْآدَابِ الْمُقَارِنَةِ لِلشُّرْبِ]

- ‌[بَابٌ فِي السَّلَامِ وَالِاسْتِئْذَانِ وَالتَّنَاجِي]

- ‌[صِفَةُ السَّلَامِ]

- ‌[الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ السَّفَرِ أَوْ النَّوْمِ]

- ‌[آدَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ]

- ‌[بَابٌ فِي حُكْم التَّعَالُجِ]

- ‌الرُّقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ

- ‌[التَّدَاوِي بِالْكَيِّ]

- ‌[الْكَلَامِ عَلَى الطِّيَرَة]

- ‌[صِفَةِ الرُّقْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ]

- ‌[اتِّخَاذ الْكِلَاب فِي الْبُيُوت]

- ‌[الرِّفْق بِالْمَمْلُوكِ]

- ‌[بَابٌ فِي الرُّؤْيَا وَالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ وَغَيْرهَا]

- ‌[اللَّعِب بِالنَّرْدِ]

- ‌[اللَّعِب بِالشِّطْرَنْجِ]

- ‌[حُكْم المسابقة]

- ‌[صُوَرِ الْمُسَابَقَةِ]

- ‌[قَتْلَ جَمِيعِ الْحَشَرَاتِ بِالنَّارِ]

- ‌[قَتْلِ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَد]

- ‌[التَّفَاخُرَ بِالْآبَاءِ]

- ‌[أَفْضَلِ الْعُلُومِ]

- ‌[الثَّمَرَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ]

- ‌[الْمُحَافَظَةِ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[آداب قارئ القرآن]

الْحَمَّامِ إلَّا الْآيَاتِ الْيَسِيرَةَ وَلَا يُكْثِرُ وَيَقْرَأُ الرَّاكِبُ وَالْمُضْطَجِعُ وَالْمَاشِي مِنْ قَرْيَةٍ إلَى قَرْيَةٍ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ لِلْمَاشِي إلَى السُّوقِ وَقَدْ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ لِلْمُتَعَلِّمِ وَاسِعٌ

وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي سَبْعٍ فَذَلِكَ حَسَنٌ وَالتَّفَهُّمُ مَعَ قِلَّةِ الْقِرَاءَةِ أَفْضَلُ وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام لَمْ يَقْرَأْهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ

وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ رُكُوبِهِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ

ــ

[الفواكه الدواني]

لَا يَجِدُوا مَحِلًّا يَبِيتُونَ بِهِ وَإِلَّا جَازَ، لِأَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبَاحُ لِأَجْلِهَا الْمَحْظُورَاتُ فَكَيْفَ بِالْمَكْرُوهِ كَمَا هُنَا وَذَلِكَ كَمَا فِي مِصْرَ الْيَوْمَ فَإِنَّ بَعْضَ الْغُرَبَاءِ لَا يُمْكِنُهُ الْبَيَاتُ فِي الْفُنْدُقِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ دَابَّةٌ أَوْ مِنْ ذَوِي الْمَالِ بِحَيْثُ يَسْتَطِيعُ كِرَاءَ مَحَلٍّ، وَأَمَّا غَيْرُ مَالِكٍ كَالشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ أَجَازَ الْبَيَاتَ فِي الْمَسَاجِدِ لِلْغُرَبَاءِ وَلَوْ فِي الْحَاضِرَةِ، بِدَلِيلِ أَهْلِ الصُّفَّةِ الَّذِينَ كَانُوا فِي مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُمْ كَانُوا مُقِيمِينَ بِهِ لَيْلًا نَهَارًا. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ أَهْلَ الصُّفَّةِ كَانُوا مُشْتَغِلِينَ بِالْعِبَادَةِ، وَيَجُوزُ لِمَنْ تَجَرَّدَ لِلْعِبَادَةِ السُّكْنَى فِي الْمَسْجِدِ فَضْلًا عَنْ الْبَيَاتِ.

(تَنْبِيهٌ) نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى بَيَاتِ الْغَرِيبِ فِي الْمَسْجِدِ وَسَكَتَ عَنْ دَابَّتِهِ وَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَجِدْ مَحَلًّا يَحْفَظُهَا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَخَافَ عَلَيْهَا مِنْ اللُّصُوصِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُدْخِلَهَا الْمَسْجِدَ، كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُ إنَاءٍ يَبُولُ فِيهِ إنْ كَانَ يَخَافُ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ مِنْ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ سَبْقِ بَوْلِهِ، لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ مَوْضُوعَةٌ لِلْعِبَادَةِ لِتَحْصِيلِ الثَّوَابِ لِفَاعِلِهَا، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ مُحَصِّلٌ الثَّوَابَ.

[آدَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ]

ثُمَّ شَرَعَ فِي آدَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَنْبَغِي) أَيْ يُكْرَهُ (أَنْ يَقْرَأَ) الشَّخْصُ (فِي الْحَمَّامِ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَوَاضِعِ الْأَقْذَارِ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ لِأَنَّ مَوَاضِعَ الْأَقْذَارِ مَحَلُّ الشَّيَاطِينِ يُنَزَّهُ الْقُرْآنُ عَنْهَا، وَلَمَّا ضَمَّنَ يَقْرَأُ مَعْنَى يَتَقَرَّبُ قَالَ:(إلَّا الْآيَاتِ الْيَسِيرَةَ) وَقَوْلُهُ: (وَلَا يُكْثِرُ) زِيَادَةُ إيضَاحٍ لِمَا قَبْلَهُ. وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ اشْتِغَالِ الرَّاكِبِ وَمَا مَعَهُ عَدَمُ جَوَازِ قِرَاءَتِهِ قَالَ: (وَ) يَجُوزُ أَنْ (يَقْرَأَ الرَّاكِبُ وَالْمُضْطَجِعُ وَالْمَاشِي مِنْ قَرْيَةٍ إلَى قَرْيَةٍ) أَوْ إلَى حَائِطِهِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ أَعْظَمُ الْأَذْكَارِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103] وَيَحْصُلُ لِلْمَاشِي مِنْ قَرْيَةٍ إلَى أُخْرَى تَوْنِيسِ الْقَلْبِ بِالْقِرَاءَةِ وَالْأَمْنُ مِنْ كُلِّ مَخُوفٍ.

(وَيُكْرَهُ ذَلِكَ) الْمَذْكُورُ مِنْ فِعْلِ الْقِرَاءَةِ (لِلْمَاشِي إلَى السُّوقِ) حَيْثُ كَانَ فِي الطَّرِيقِ إنية الْأَقْذَارِ كَأَسْوَاقِ الْحَاضِرَةِ وَلِكَثْرَةِ الْمَارِّينَ بِهَا فَيَفُوتُهُ التَّدَبُّرُ بِالِاشْتِغَالِ بِالْمَارِّ بِهَا، وَرُبَّمَا يُنْسَبُ إلَى الرِّيَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعِلَلِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْكَرَاهَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ سِرًّا أَوْ جَهْرًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَارِئُ مُتَعَلِّمًا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِقَرِينَةٍ قَوْلِهِ:(وَقَدْ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ كَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ الْكَثِيرَةِ فِي الْحَمَّامِ أَوْ فِي حَالِ الْمَشْيِ إلَى السُّوقِ (لِلْمُتَعَلِّمِ وَاسِعٌ) أَيْ جَائِزٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلِذَا حَكَاهُ بِقِيلِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مَوَاضِعِ كَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ صِفَتِهَا الْمَطْلُوبَةِ وَغَيْرِهَا بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي سَبْعِ) لَيَالٍ (فَذَلِكَ حَسَنٌ) أَيْ مَنْدُوبٌ (وَ) لَكِنَّ (التَّفَهُّمَ مَعَ قِلَّةِ الْقِرَاءَةِ) وَلَوْ زَادَتْ مُدَّتُهَا عَلَى سَبْعِ لَيَالٍ (أَفْضَلُ) مِنْ قِرَاءَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ عليه الصلاة والسلام مُتَرَسِّلَةً بِحَيْثُ لَوْ شَاءَ السَّامِعُ عَدَّ حُرُوفِ مَا يَقْرَؤُهُ لَأَمْكَنَهُ، لِأَنَّ الْمُتَأَمِّلَ فِي قِرَاءَتِهِ يَقِفُ عَلَى أَحْكَامِهِ وَمَوَاعِظِهِ وَعَلَى وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، وَهَذَا يَحْمِلُهُ عَلَى تِلَاوَتِهِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي حُصُولَ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ الْقَارِئُ الْمَعْنَى خِلَافًا لِفَتْوَى بَعْضِ الشُّيُوخِ. ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ الْقِرَاءَةِ الْقَلِيلَةِ عَلَى الْكَثِيرَةِ مَعَ التَّدَيُّنِ بِقَوْلِهِ: (وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْرَأْهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ» مَعَ مَعْرِفَتِهِ صلى الله عليه وسلم لِمَعَانِيهِ وَفَهْمِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَقْرَأْهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ لَيَالٍ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا قِيلَ إنَّ بَعْضَ الْأَكَابِرِ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ لِأَنَّ الْأَوْلِيَاءَ يُفْسَحُ لَهُمْ فِي الزَّمَنِ كَمَا تُطْوَى لَهُمْ الْأَرْضُ، وَكَرَامَاتُهُمْ لَا يُنَازِعُ فِيهَا إلَّا مَحْرُومٌ سَوَاءٌ كَانُوا أَحْيَاءً أَوْ أَمْوَاتًا.

(تَتِمَّةٌ) تَشْتَمِلُ عَلَى ثَوَابِ الْقَارِئِ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ لِلْقَارِئِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَبِطَهَارَةٍ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا إنْ صَلَّى قَاعِدًا بِكُلِّ حَرْفٍ خَمْسُونَ حَسَنَةً، وَإِنْ كَانَ مُصَلِّيًا قَائِمًا يَكُونُ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَالْقِرَاءَةُ فِي الْمُصْحَفِ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْأَدْعِيَةِ الَّتِي تُطْلَبُ عِنْدَ إرَادَةِ السَّفَرِ بِقَوْلِهِ: (يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ) أَيْ مَرِيدُ السَّفَرِ (أَنْ يَقُولَ عِنْدَ رُكُوبِهِ) أَيْ عِنْدَ وَضْعِ رِجْلِهِ فِي الرِّكَابِ (بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ) أَيْ الْحَافِظُ (فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ) أَيْ الْمُتَكَفِّلُ بِأُمُورِهِمْ عَنِّي (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ وَعْثَاءِ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَأَلِفٍ مَمْدُودَةٍ أَيْ مِنْ مَشَقَّةِ (السَّفَرِ وَ) مِنْ (كَآبَةِ) بِالْكَافِ الْمَفْتُوحَةِ بَعْدَهَا مَدَّةٌ أَيْ سُوءُ (الْمُنْقَلَبُ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ الرُّجُوعُ أَيْ أَعُوذُ بِك مِنْ الرُّجُوعِ خَائِبًا مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ حَاجَتِي.

(وَ) مِنْ (سُوءِ الْمَنْظَرِ) بِفَتْحِ الظَّاءِ أَيْ مَا يُسِيءُ النَّظَرُ إلَيْهِ (فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَالْوَلَدِ) اسْتَعَاذَ بِهِ سبحانه وتعالى مِنْ رُجُوعِهِ إلَى أَهْلِهِ فِي حَالَةٍ يَحْصُلُ لَهُ فِيهَا الْحُزْنُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ حَدِيثٌ رَوَاهُ أَهْلُ الصَّحِيحِ وَغَيْرُهُمْ وَإِنْ وَقَعَ فِي لَفْظِهِ اخْتِلَافٌ.

(وَ) يُسْتَحَبُّ لِمَنْ تَلَبَّسَ بِالسَّفَرِ أَنْ (يَقُولَ) عِنْدَ

ص: 336

وَيَقُولُ الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَى عَلَى الدَّابَّةِ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ

وَتُكْرَهُ التِّجَارَةُ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ وَبَلَدِ السُّودَانِ

وَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ»

وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا سَفَرَ يَوْمٍ فَأَكْثَرَ إلَّا فِي حَجِّ الْفَرِيضَةِ خَاصَّةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ فَذَلِكَ لَهَا.

ــ

[الفواكه الدواني]

مَشْيِهِ إنْ كَانَ مَاشِيًا وَيَقُولَ (الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَى عَلَى الدَّابَّةِ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا بِهِ مُقْرِنِينَ) أَيْ مُطِيقِينَ وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا السَّفِينَةَ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ. {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 14] أَيْ رَاجِعُونَ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ ذِكْرُهُ شَرَعَ فِي أَحْكَامٍ تَتَعَلَّقُ بِالسَّفَرِ بِقَوْلِهِ: (وَتُكْرَهُ التِّجَارَةُ) الَّتِي يُرِيدُ السَّفَرُ بِهَا (إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ) الْمُرَادُ الْكَافِرُ لِمَا فِيهِ مِنْ إذْلَالِ دِينِ التَّاجِرِ وَالتَّغْرِيرِ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ جُرْحَةً فِي شَهَادَتِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ فِي قَوَادِحِ الشَّهَادَةِ: وَتِجَارَةُ الْأَرْضِ حَرْبٌ لِأَنَّ الْمُقِيمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ تَجْرِي عَلَيْهِ أَخْلَاقُهُمْ وَرُبَّمَا يَتَطَبَّعُ بِطِبَاعِهِمْ، وَلَا يَأْمَنُ مِنْ جَبْرِهِ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ أَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ مِنْ الْمَعَاصِي.

(وَ) كَذَا تُكْرَهُ التِّجَارَةُ إلَى (بَلَدِ السُّودَانِ) الْكُفَّارِ وَيَحْتَمِلُ وَلَوْ غَيْرُ كُفَّارٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَخَاطِرِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَعَلَى الثَّانِي عَكْسُهُ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ السَّفَرَ إلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ وَلِنَحْوِ فَكِّ أَسِيرٍ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، كَمَا لَوْ أَدْخَلَتْهُ الرِّيحُ بَلَدَهُمْ غَلَبَةً، وَالْكَرَاهَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَنْزِيهِيَّةٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ ارْتِكَابُ الْمُحَرَّمِ عِنْدَهُمْ، وَلَا يُقَالُ: يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ جَعْلُهُ مِنْ قَوَادِحِ الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا، لِأَنَّا نَقُولُ: الْقَدْحُ يَكُونُ بِالْمَكْرُوهِ وَبِكُلِّ مُزَوَّرٍ وَلَوْ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ.

وَلَمَّا كَانَ السَّفَرُ مَظِنَّةً لِارْتِكَابِ الْمَعْصِيَةِ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَا يُنَفِّرُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ: (وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ» وَتَمَامُهُ: «يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهِمَتَهُ مِنْ وُجْهَتِهِ فَلْيُعَجِّلْ الْأَوْبَةَ إلَى أَهْلِهِ» . وَقَوْلُهُ: قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ يَحْتَمِلُ عَذَابَ الدُّنْيَا وَيَحْتَمِلُ مَا هُوَ أَعَمُّ لِأَنَّ الدُّنْيَا مُمْتَزِجَةٌ مَعَ الْآخِرَةِ، لِأَنَّ كُلَّ خَيْرٍ وَسُرُورٍ فِي الدُّنْيَا إنَّمَا هُوَ مِنْ الْجَنَّةِ، وَكُلَّ هَمٍّ وَغَمٍّ وَعَذَابٍ فِي الدُّنْيَا إنَّمَا هُوَ مِنْ النَّارِ، وَإِنَّمَا كَانَ قِطْعَةً مِنْ الْعَذَابِ لِأَنَّ فِيهِ فُرْقَةَ الْأَحْبَابِ وَمُجَاهِدَةَ النَّفْسِ وَتَشْتِيتَ الْخَاطِرِ وَمُذَكِّرٌ لِفِرَاقِ الدُّنْيَا، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ مُخَالَطَةُ مَنْ لَا تُشْتَهَى مُخَالَطَتُهُ، وَكَفَى بِمَا ذُكِرَ عَذَابًا فِي الْحِسِّ وَالْمَعْنَى حَتَّى قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: لَوْلَا أَنِّي أَزِيدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقُلْت الْعَذَابُ قِطْعَةٌ مِنْ السَّفَرِ، وَقَوْلُهُ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ:«يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ مِنْ نَوْمِهِ» إلَخْ الْمُرَادُ يَمْنَعُهُ كَمَالُ نَوْمِهِ وَلَذَّةُ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ، وَالنَّهِمَةُ الْمُرَادُ بِهَا الْحَاجَةُ.

وَلَمَّا كَانَ السَّفَرُ مَظِنَّةَ الْخَلْوَةِ وَالْمُخَالَطَةِ بِالْأَجَانِبِ قَالَ: (وَلَا يَنْبَغِي) بِمَعْنَى لَا يَحِلُّ (أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ مَعَ غَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا) كَأَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا وَمَنْ فِي حُكْمِهَا كَزَوْجِهَا (سَفَرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَأَكْثَرَ) سَوَاءً فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ، وَلَا مَفْهُومَ لِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْلُوَ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ مِنْهُ بِمَحْرَمٍ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ حَدِيثٌ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَرَدَ بِرِوَايَاتٍ كَثِيرَةٍ سِوَى هَذِهِ، وَحُمِلَ اخْتِلَافُهَا عَلَى اخْتِلَافِ السَّائِلِينَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَفْهُومَ الرِّوَايَاتِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ السَّفَرُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ شُمُولُهُ لِلشَّابَّةِ وَالْمُتَجَالَّةِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ لِابْنِ رُشْدٍ بِالشَّابَّةِ، وَأَمَّا الْمُتَجَالَّةُ فَيَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الَّتِي انْقَطَعَ أَرَبُ الرِّجَالِ مِنْهَا جُمْلَةً وَسَافَرَتْ مَعَ مَنْ مِثْلُهُ لَا يُتَوَهَّمُ مَيْلُهُ إلَيْهَا ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ سَفَرِ الْمَرْأَةِ مَعَ غَيْرِ مَحْرَمٍ مَسْأَلَةً بِقَوْلِهِ:(إلَّا فِي حَجِّ الْفَرِيضَةِ خَاصَّةً فِي قَوْلِ مَالِكٍ) رضي الله عنه حَيْثُ كَانَ سَفَرُهَا (فِي رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ فَذَلِكَ) جَائِزٌ (لَهَا) قَالَ خَلِيلٌ مُشْبِهًا فِي الْوُجُوبِ: كَرُفْقَةٍ أُمِنَتْ بِفَرْضٍ أَيْ فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ مَعَهَا وَالْفَرْضُ يَشْمَلُ كُلَّ فَرْضٍ، كَمَا إذَا أَسْلَمَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ أُسِرَتْ وَأَمْكَنَهَا الْهُرُوبُ، وَيَشْمَلُ حَجَّ النَّذْرِ وَالْقَضَاءِ وَالْحِنْثِ وَالرُّجُوعِ إلَى الْمَنْزِلِ لِإِتْمَامِ الْعِدَّةِ إذَا خَرَجَتْ ضَرُورَةً فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: إلَّا فِي حَجِّ الْفَرِيضَةِ لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَاخْتُلِفَ فِي الرُّفْقَةِ فَهَلْ يَكْفِي فِيهَا مَحْضُ النِّسَاءِ أَوْ مَحْضُ الرِّجَالِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْمَجْمُوعِ، تَرَدُّدٌ لِلشُّيُوخِ فِي فَهْمِ قَوْلِ الْإِمَامِ تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ هَلْ الْوَاوُ عَلَى بَابِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ مَجْمُوعِ الصِّنْفَيْنِ أَوْ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَيَكْفِي أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِنِسَاءٍ أَوْ رِجَالٍ أَوْ بِالْمَجْمُوعِ تَرَدُّدٌ، وَحُكْمُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ حُكْمُ الْمَرْأَةِ، وَإِذَا امْتَنَعَ الْمَحْرَمُ أَوْ الزَّوْجُ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ لَزِمَهَا، وَمَفْهُومُ حَجِّ الْفَرِيضَةِ أَنَّ حَجَّ النَّفْلِ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَسْفَارِ الْغَيْرِ الْوَاجِبَةِ لَا يَحِلُّ لَهَا السَّفَرُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ وَإِنَّمَا يَحِلُّ لَهَا مَعَ الْمَحْرَمِ أَوْ الزَّوْجِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مُوَافِقٌ لِلرَّاجِحِ، وَإِنَّمَا قَصَرَهَا عَلَى مَالِكٍ لِكَوْنِ الْمَسْأَلَةِ مَنْسُوبَةً لَهُ، لَا لِلتَّبَرِّي مِنْ قَوْلِهِ فِيهَا كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي أُمُورٍ مُهِمَّةٍ يَحْتَاجُ الشَّخْصُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ:

ص: 337