المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَحَرَّمَ مِنْ النِّسَاءِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا إيَّاهُ،   وَأَمَرَ بِ‌ ‌أَكْلِ الطَّيِّبِ وَهُوَ - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ٢

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ وَالْخُلْعِ وَالرَّضَاعِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[الْمُحْرِمَات فِي النِّكَاح]

- ‌[الْقَسْمُ بَيْن الزَّوْجَاتِ]

- ‌[شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[إسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا]

- ‌ الطَّلَاقُ

- ‌الْخُلْعُ

- ‌[أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ]

- ‌[مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ]

- ‌[عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ الْمُوجِبَةِ لِخِيَارِ كُلٍّ فِي صَاحِبِهِ]

- ‌[أَحْكَامِ الزَّوْجِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْإِيلَاء]

- ‌[الظِّهَار]

- ‌اللِّعَانُ

- ‌[صِفَةِ اللِّعَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْعَبْدِ]

- ‌[الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[أَسْبَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَوْ الْأَمَةِ فِي الطَّلَاقِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ]

- ‌عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا

- ‌وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَأَسْبَابُهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[بَاب السَّلَم]

- ‌الْعُهْدَةُ

- ‌[السَّلَمُ فِي الْعُرُوضِ]

- ‌[أَقَلِّ أَجَلِ السَّلَمِ]

- ‌[بَيْع الدِّين بالدين]

- ‌[الْبِيَاعَات الْمُنْهِيَ عَنْهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ]

- ‌[بَاب الْإِجَارَة]

- ‌[حُكْم الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الدَّوَابِّ]

- ‌[الْإِجَارَةُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تضمين الصناع]

- ‌[بَاب الشَّرِكَة]

- ‌[حُكْم الشَّرِكَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[بَاب الْقِرَاض]

- ‌[الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ]

- ‌[بَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُسَاقَاة]

- ‌[بَاب الْمُزَارَعَة]

- ‌[الصُّوَر الْمَمْنُوعَة فِي الْمُزَارَعَة]

- ‌[حُكْمِ شِرَاءِ الْعَرَايَا]

- ‌بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[الْإِيصَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَامِ الْوَصَايَا الْمُتَّحِدَةِ الرُّتْبَةِ وَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهَا]

- ‌[أَحْكَام التَّدْبِير]

- ‌[صفة إخْرَاج الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَام الْكِتَابَة]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَامِ الْعِتْق النَّاجِز]

- ‌[الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ]

- ‌[مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ]

- ‌[بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[مَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ]

- ‌[أَحْكَام الْهِبَة]

- ‌[هِبَة الْوَالِد جَمِيعَ مَالِهِ لِبَعْضِ أَوْلَادِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الْهِبَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَى]

- ‌[بَيَان حُكْمِ الْحُبُسِ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ]

- ‌[صِفَةِ قَسْمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب الرَّهْن]

- ‌ضَمَانُ الرَّهْنِ

- ‌[مُسْتَحِقّ غَلَّةَ الرَّهْنِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[حُكْمِ الِاتِّجَارِ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[بَاب اللُّقَطَة]

- ‌[أَحْكَام الضَّالَّةِ]

- ‌[التَّعَدِّي عَلَى مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[بَاب الْغَصْب]

- ‌بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ

- ‌[ثُبُوت الْقَتْل بِالْقَسَامَةِ]

- ‌[صفة الْقَسَامَة وَحَقِيقَتَهَا]

- ‌[صِفَةِ حَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَمَنْ يَحْلِفُهَا]

- ‌[مَا تَكُون فِيهِ الْقَسَامَة]

- ‌[الْعَفْو عَنْ الدَّم]

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[مِقْدَار الدِّيَة]

- ‌[دِيَةِ الْأَطْرَافِ وَالْمَعَانِي]

- ‌[الْقِصَاص فِي الْجِرَاح]

- ‌[تَحْمِل الْعَاقِلَة شَيْئًا مِنْ الدِّيَة مَعَ الْجَانِي]

- ‌[مُسْتَحَقّ دِيَةِ الْمَقْتُولِ]

- ‌[أَحْكَامِ كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ

- ‌[أَحْكَامِ الْمُحَارِب]

- ‌[بَاب الزِّنَا]

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَا]

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[بَاب القذف]

- ‌ شُرُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[كَرَّرَ شُرْبَ الْخَمْرِ أَوْ كَرَّرَ فِعْلَ الزِّنَا]

- ‌[صِفَةِ الْمَحْدُودِ]

- ‌[بَاب السَّرِقَة]

- ‌[مَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ]

- ‌[حُكْم الشَّفَاعَةِ فِيمَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَدٌّ]

- ‌(بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ)

- ‌[وَجَدَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْحَقِّ بَعْدَ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ]

- ‌[أَقْسَام الشَّهَادَة]

- ‌[مَا تَشْهَدُ فِيهِ النِّسَاءُ]

- ‌ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ

- ‌[شَهَادَة الزَّوْج لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[شَهَادَةُ وَصِيٍّ لِيَتِيمِهِ بِشَيْءٍ عَلَى آخَرَ]

- ‌ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ

- ‌[مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَمَنْ لَا يَصِحُّ]

- ‌[الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَكَالَة]

- ‌[حُكْمِ الصُّلْحِ]

- ‌[بَعْض مَسَائِل الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْفَلَسِ]

- ‌[بَعْضَ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ]

- ‌[شُرُوط الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[شُرُوط الْقِسْمَة]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْإِقْرَارِ]

- ‌[حُكْمِ مَا إذَا مَاتَ أَجِيرُ الْحَجِّ قَبْلَ التَّمَام]

- ‌[بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْوَارِثَاتِ مِنْ النِّسَاءِ]

- ‌[الْفُرُوض فِي الْمِيرَاث]

- ‌[إرْثِ الْبَنَاتِ مَعَ الْأَخَوَاتِ]

- ‌[أَنْوَاع الحجب]

- ‌[مِيرَاث الْإِخْوَة لإم]

- ‌[مَوَانِعِ الْإِرْث]

- ‌مِيرَاثُ الْجَدِّ

- ‌[إرْث الْجَدَّة]

- ‌[اجْتِمَاعِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَوْل]

- ‌[كَيْفِيَّةُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَتَأْصِيلِهَا وَكَيْفِيَّةُ قَسْمِ التَّرِكَةِ]

- ‌بَابٌ: جُمَلٌ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[حُكْم السِّوَاك]

- ‌[الْقُنُوت فِي الصَّلَاة]

- ‌[صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[صَلَاة الْوِتْر]

- ‌[جَمْعِ الصَّلَاة]

- ‌رَكْعَتَا الْفَجْرِ

- ‌صَلَاةُ الضُّحَى

- ‌ قِيَامُ رَمَضَانَ

- ‌[الْفِطْر فِي السَّفَر]

- ‌ طَلَبُ الْعِلْمِ

- ‌[صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْجِهَاد قَيْءٍ سَبِيل اللَّه]

- ‌ غَضُّ الْبَصَرِ

- ‌[صَلَاة النَّوَافِل فِي الْبُيُوت]

- ‌[صَوْنُ اللِّسَانِ عَنْ الْكَذِبِ]

- ‌[الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ فِي زَمَنِ خُرُوجِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاس]

- ‌أَكْلِ الطَّيِّبِ

- ‌[أَكْلَ الْمَيْتَةِ]

- ‌ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ

- ‌ شُرْبَ الْخَمْرِ

- ‌[الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ]

- ‌[أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاع وَأَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[بِرُّ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[الِاسْتِغْفَار لِلْوَالِدَيْنِ]

- ‌[حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ]

- ‌الْهِجْرَانُ الْجَائِزُ

- ‌[مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ]

- ‌[سَمَاعَ الْأَمْرِ الْبَاطِلِ]

- ‌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌[حُكْم التَّوْبَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الْفِطْرَةِ وَالْخِتَانِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَاللِّبَاسِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌ صِبَاغُ الشَّعْرِ

- ‌ لِبَاسِ الْحَرِيرِ

- ‌ التَّخَتُّمِ بِالْحَدِيدِ

- ‌[التَّخَتُّم بِالذَّهَبِ]

- ‌[جَرّ الرَّجُلُ إزَارَهُ فِي الْأَرْضِ]

- ‌ وَصْلِ الشَّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

- ‌[آدَابِ الْأَكْلِ الْمُقَارِنَةِ لَهُ]

- ‌[الْآدَابِ الْمُقَارِنَةِ لِلشُّرْبِ]

- ‌[بَابٌ فِي السَّلَامِ وَالِاسْتِئْذَانِ وَالتَّنَاجِي]

- ‌[صِفَةُ السَّلَامِ]

- ‌[الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ السَّفَرِ أَوْ النَّوْمِ]

- ‌[آدَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ]

- ‌[بَابٌ فِي حُكْم التَّعَالُجِ]

- ‌الرُّقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ

- ‌[التَّدَاوِي بِالْكَيِّ]

- ‌[الْكَلَامِ عَلَى الطِّيَرَة]

- ‌[صِفَةِ الرُّقْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ]

- ‌[اتِّخَاذ الْكِلَاب فِي الْبُيُوت]

- ‌[الرِّفْق بِالْمَمْلُوكِ]

- ‌[بَابٌ فِي الرُّؤْيَا وَالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ وَغَيْرهَا]

- ‌[اللَّعِب بِالنَّرْدِ]

- ‌[اللَّعِب بِالشِّطْرَنْجِ]

- ‌[حُكْم المسابقة]

- ‌[صُوَرِ الْمُسَابَقَةِ]

- ‌[قَتْلَ جَمِيعِ الْحَشَرَاتِ بِالنَّارِ]

- ‌[قَتْلِ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَد]

- ‌[التَّفَاخُرَ بِالْآبَاءِ]

- ‌[أَفْضَلِ الْعُلُومِ]

- ‌[الثَّمَرَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ]

- ‌[الْمُحَافَظَةِ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: وَحَرَّمَ مِنْ النِّسَاءِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا إيَّاهُ،   وَأَمَرَ بِ‌ ‌أَكْلِ الطَّيِّبِ وَهُوَ

وَحَرَّمَ مِنْ النِّسَاءِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا إيَّاهُ،

وَأَمَرَ بِ‌

‌أَكْلِ الطَّيِّبِ

وَهُوَ الْحَلَالُ فَلَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَأْكُلَ إلَّا طَيِّبًا وَلَا تَلْبَسَ إلَّا طَيِّبًا وَلَا تَرْكَبَ إلَّا طَيِّبًا وَلَا تَسْكُنَ إلَّا طَيِّبًا وَتَسْتَعْمِلَ سَائِرَ مَا تَنْتَفِعُ بِهِ طَيِّبًا وَمِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ مُشْتَبِهَاتٌ مَنْ تَرَكَهَا سَلِمَ وَمَنْ،

ــ

[الفواكه الدواني]

خُرُوجِ (دَمِ حَيْضِهِنَّ أَوْ) زَمَنِ خُرُوجِ دَمِ (نِفَاسِهِنَّ) وَكَذَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ.

قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْمَمْنُوعِ: أَوْ تَحْتَ إزَارٍ وَلَوْ بَعْدَ نَقَاءٍ وَتَيَمُّمٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَهُمَا خَارِجَانِ، فَلَا يَحِلُّ التَّمَتُّعُ بِغَيْرِ النَّظَرِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ وَطْءٍ وَلَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ، وَأَمَّا النَّظَرُ فَلَا حَرَجَ فِيهِ، وَأَمَّا التَّمَتُّعُ بِغَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ مِمَّا هُوَ فَوْقَ السُّرَّةِ أَوْ نَزَلَ عَنْ الرُّكْبَةِ أَوْ بِهِمَا فَلَا حَرَجَ فِيهِ وَلَوْ بِالْوَطْءِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«الْحَائِضُ تَشُدُّ إزَارَهَا وَشَأْنُهُ بِأَعْلَاهَا» قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] أَيْ يَرَيْنَ عَلَامَةَ الطُّهْرِ، فَإِذَا تَطَهَّرْنَ أَيْ بِالْمَاءِ {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] فَلَا يَحِلُّ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا قَبْلَ الْغُسْلِ وَلَوْ تَيَمَّمَتْ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ فَيَحِلَّ بَعْدَ التَّيَمُّمِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: إذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَا ظَهَرَ لَك مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِجْمَاعِ الْمُوهِمِ لِحُرْمَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا فَوْقَ الْإِزَارِ أَيْ فَوْقَ السُّرَّةِ، وَحُرْمَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهِنَّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إمَّا تَعَبُّدِيَّةٌ وَقِيلَ لِمَا يُصِيبُ الْوَاطِئَ أَوْ الْوَلَدَ مِنْ نَحْوِ الْجُذَامِ أَوْ الْبَرَصِ أَوْ الْفَزَعِ أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ.

الثَّانِي: الْحُرْمَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمَةِ بَلْ الْكَافِرَةُ كَذَلِكَ، فَيَحْرُمُ عَلَى زَوْجِ الْكَافِرَةِ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا قَبْلَ غُسْلِهَا، وَيُجْبِرُهَا عَلَى الْغُسْلِ حَتَّى يَحِلَّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَمِثْلُهَا الْمَجْنُونَةُ.

قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَيُجْبِرُ الْمُسْلِمُ امْرَأَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ شَارِحُهَا: وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ مِنْهَا النِّيَّةُ إذْ لَا تَجِبُ إلَّا فِي الْغُسْلِ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَأَمَّا الْغُسْلُ لِحِلِّ الْوَطْءِ فَلَا قَالَهُ فِي الْبَيَانِ. وَلِذَا يُقَالُ لَنَا: غُسْلُ فَرْضٍ يَصِحُّ وَلَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَيُقَالُ هُوَ غُسْلُ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ حَيْضِهَا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ لِحِلِّ الْوَطْءِ فَقَطْ، وَلِذَا لَوْ أَسْلَمَتْ لَوَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِيَرْتَفِعَ حَدَثُهَا لِتَصِحَّ صَلَاتُهَا. (وَحَرَّمَ) اللَّهُ سبحانه وتعالى (مِنْ النِّسَاءِ) نِكَاحَ كُلِّ (مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا إيَّاهُ) فِي بَابِ النِّكَاحِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَحَرَّمَ اللَّهُ سبحانه وتعالى مِنْ النِّسَاءِ سَبْعًا بِالْقَرَابَةِ وَسَبْعًا بِالرَّضَاعِ وَالصِّهْرِ، وَقَوْلُهُ: وَحَرَّمَ اللَّهُ وَطْءَ الْكَوَافِرِ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ.

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: مَا تَقَدَّمَ فِيهِ اسْتِعْمَالُ مَا فِي الْعَاقِلِ أَوْ هُوَ قَلِيلٌ أَوْ هُوَ عَلَى تَنْزِيلِ النَّاقِصِ فِي الْعَقْلِ مَنْزِلَةَ مَا لَا عَقْلَ فِيهِ وَهُوَ سَائِغٌ.

[أَكْلِ الطَّيِّبِ]

(وَأَمَرَ) اللَّهُ سبحانه وتعالى عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ (بِأَكْلِ الطَّيِّبِ) وَشُرْبِهِ وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَهُوَ الْحَلَالُ) بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: 51] وَ {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] وَالْحَلَالُ فِيهِ خِلَافٌ، وَالرَّاجِحُ مِنْهُ أَنَّهُ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مَا جُهِلَ أَصْلُهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: لَا يَنْبَغِي الْيَوْمَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ أَصْلِ شَيْءٍ. ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانَ أَنَّ الْأَمْرَ بِأَكْلِ الطَّيِّبِ عَلَى الْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ: (فَلَا يَحِلُّ لَك) أَيُّهَا الْمُكَلَّفُ (أَنْ تَأْكُلَ) أَوْ تَشْرَبَ (إلَّا طَيِّبًا) أَيْ حَلَالًا. (وَلَا تَلْبَسَ إلَّا) مَلْبُوسًا (طَيِّبًا وَلَا تَرْكَبَ إلَّا) مَرْكُوبًا (طَيِّبًا وَلَا تَسْكُنَ إلَّا) مَسْكَنًا (طَيِّبًا وَ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْك أَنْ (تَسْتَعْمِلَ سَائِرَ) أَيْ جَمِيعَ (مَا تَنْتَفِعُ بِهِ طَيِّبًا) وَنَبَّهَ سُبْحَانَهُ بِتَقْدِيمِ أَكْلِ الطَّيِّبِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي آيَةِ: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172] وَآيَةِ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: 51] عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ صَاحِبُهُ إلَّا بَعْدَ إصْلَاحِ الرِّزْقِ بِاكْتِسَابِهِ مِنْ بَابِ حِلٍّ لِمَا فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إلَّا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ» وَالسُّحْتُ الْحَرَامُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ مَنْ فِي بَطْنِهِ حَرَامٌ. وَعَنْهُ أَيْضًا: مَنْ أَكَلَ لُقْمَةً مِنْ حَرَامٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ عَمَلُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ حَثٌّ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي الْقُوتِ، وَتَحْصِيلِهِ مِنْ جِهَةٍ تَسْكُنُ إلَيْهَا نَفْسُهُ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ لِلْغَيْرِ حَقًّا فِيهِ، وَلِذَلِكَ وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ:«يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ الْمُؤْمِنُ؟ قَالَ: الَّذِي إذَا أَصْبَحَ سَأَلَ مِنْ أَيْنَ قُرْصَاهُ، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ الْمُؤْمِنُ؟ قَالَ: الَّذِي إذَا أَمْسَى سَأَلَ مِنْ أَيْنَ قُرْصَاهُ، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ عَلِمَهُ النَّاسُ لَتَكَلَّفُوهُ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمُوا وَلَكِنَّهُمْ قَدْ غَشَمُوا الْمَعِيشَةَ غَشْمًا» .

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: تَعَسَّفُوا تَعَسُّفًا، وَالْجَمْعُ بَيْنَ تَسْتَعْمِلُ وَتَنْتَفِعُ بَعْضُ تَكْرَارٍ لِسَبَبٍ ارْتَكَبَهُ الشَّيْخُ إيضَاحًا لِلطَّلَبِ. وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ حَلِّ مَجْهُولِ الْأَصْلِ دُخُولُ الْمُتَشَابِهِ قَالَ كَالْمُسْتَدْرِكِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ:(وَمِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ) الْحَلَالِ أَشْيَاءُ (مُشْتَبِهَاتٌ) بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَهِيَ مَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حِلِّهَا وَحُرْمَتِهَا، وَقِيلَ: مَا لَمْ يَرِدْ فِيهَا نَصٌّ بِتَحْرِيمٍ وَلَا تَحْلِيلٍ. (مِنْ تَرَكَهَا سَلِمَ

ص: 283

أَخَذَهَا كَانَ كَالرَّاتِعِ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ.

وَحَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَكَلَ الْمَالَ بِالْبَاطِلِ وَمِنْ الْبَاطِلِ الْغَصْبُ وَالتَّعَدِّي وَالْخِيَانَةُ وَالرِّبَا وَالسُّحْتُ وَالْقِمَارُ وَالْغَرَرُ وَالْغِشُّ وَالْخَدِيعَةُ وَالْخِلَابَةُ،

وَحَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَكْلَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ،

ــ

[الفواكه الدواني]

وَمَنْ أَخَذَهَا) أَيْ اسْتَعْمَلَهَا (كَانَ كَالرَّاتِعِ) أَيْ الرَّاعِي (حَوْلَ الْحِمَى) أَيْ الْمَحَلِّ الْمَحْمِيِّ لِغَيْرِهِ (يُوشِكُ) أَيْ يَقْرُبُ (أَنْ يَقَعَ فِيهِ) سَرِيعًا وَهَذِهِ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنُهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ» الْحَدِيثَ. وَمَعْنَاهُ: أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ حِلَّ بَعْضِ أَشْيَاءَ وَحَرَّمَ بَعْضَ أَشْيَاءَ بَيَانًا ظَاهِرًا بِحَيْثُ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، وَبَقِيَتْ أَشْيَاءُ اخْتَلَفَتْ فِيهَا الْعُلَمَاءُ لِتَعَارُضِ أَدِلَّةِ الْحِلِّ وَالتَّحْرِيمِ فِيهَا وَهُوَ الْمُتَشَابِهُ، وَقِيلَ: مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ، وَمَعْنَى اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ احْتَاطَ لِنَفْسِهِ وَطَلَبَ الْبَرَاءَةَ لِدِينِهِ، وَمَعْنَى الْوُقُوعِ فِي الْمُتَشَابِهِ اسْتِعْمَالُهُ لِقَوْلِهِ:«وَقَعَ فِي الْحَرَامِ» ، وَالْوَاقِعُ فِي الْحَرَامِ يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ سَطْوَةِ الْبَارِي سبحانه وتعالى، كَمَا يُخْشَى عَلَى مَنْ رَعَى فِي حِمَى غَيْرِهِ مِنْ سَطْوَةِ مَالِكِهِ، وَالْحِمَى الْمَحَلُّ الَّذِي يَحْمِيهِ صَاحِبُ الشَّوْكَةِ وَيَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ الرَّعْيِ فِيهِ، وَالْقَصْدُ مِنْ الْحَدِيثِ الدَّلَالَةُ عَلَى اجْتِنَابِ الْمُتَشَابِهِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى اسْتِعْمَالِ مُحَقَّقِ الْحَمْلِ.

(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِنْ تَفْسِيرِ الْمُتَشَابِهِ بِمَا تَعَارَضَتْ فِيهِ أَدِلَّةُ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ أَوْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ أَنَّ الْحَلَالَ مَا اتَّفَقَتْ الْأَدِلَّةُ عَلَى حِلِّهِ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي تَفْسِيرِ الْحَلَالِ بِأَنَّهُ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِلَّهِ وَلَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مَا جُهِلَ أَصْلُهُ، لِأَنَّ الْمُرَادَ جَهْلُهُ مِنْ جِهَةِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْفَاكِهَانِيِّ: لَا يَنْبَغِي الْيَوْمَ السُّؤَالُ عَنْ الْأَشْيَاءِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَصْلَهُ مِنْ حَيْثُ دَلَالَةُ الدَّلِيلِ عَلَى حِلِّهِ أَوْ حُرْمَتِهِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ وَيَكُونُ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْحِلُّ حَتَّى يَثْبُتَ دَلِيلُ التَّحْرِيمِ، وَأَمَّا مَا دَلَّ عَلَى حِلِّهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ جَائِزَةٌ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ الْمُتَشَابِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْأَوْجُهُ وَلَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي كَثُرَ فِيهِ النَّهْبُ وَالْغَصْبُ وَنَدَرَ فِيهِ الْحَلَالُ وَحَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ، وَلَمَّا قَدَّمَ الْأَمْرَ بِأَكْلِ الْحَلَالِ وَكَانَ الْأَمْرُ يَقَعُ بِغَيْرِ الْوَاجِبِ بَيَّنَ هُنَا أَنَّهُ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ:

(وَحَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَكْلَ) أَيْ تَنَاوُلَ (الْمَالِ) الْمَمْلُوكِ لِلْغَيْرِ اخْتِيَارًا (بِالْبَاطِلِ) أَيْ بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِي الْحِلَّ، قَالَ تَعَالَى:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] وَلِذَلِكَ شَرَعَ اللَّهُ الْبَيْعَ لِيَتَوَصَّلَ بِهِ الشَّخْصُ إلَى إبَاحَةِ مَالِ غَيْرِهِ، وَقَيَّدْنَا بِالْمَمْلُوكِ لِلْغَيْرِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ نَحْوِ السَّمَكِ وَثِمَارِ الْجِبَالِ وَحَيَوَانِهَا الَّذِي يُصَادُ مِنْهَا فَإِنَّ الْجَمِيعَ حَلَالٌ، وَبِالِاخْتِيَارِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ حَالِ الضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مَالُ الْغَيْرِ وَلِوُجُوبِ مُوَاسَاةِ الْمُضْطَرِّ، وَيُقَدَّمُ مَالُ الْغَيْرِ عَلَى الْمَيْتَةِ وَيُقَاتِلُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ لَهُ سَرِقَتُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ وَنَحْوَهُ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ رضي الله عنه، وَلَكِنْ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ طَلَبِهِ مِنْ مَالِكِهِ وَلَوْ بِالشِّرَاءِ وَيَمْتَنِعُ، وَلَا ثَمَنَ عَلَى الْمُضْطَرِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ.

(تَنْبِيهٌ) وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَكْلِ مِمَّا يَمُرُّ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ نَحْوِ الْفُولِ وَالْفَوَاكِهِ وَلَبَنِ الْغَنَمِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ، وَمُحَصِّلُهُ الْجَوَازُ لِلْمُحْتَاجِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَاجِ فَقِيلَ بِالْجَوَازِ وَقِيلَ بِعَدَمِهِ، وَثَالِثُهَا الْجَوَازُ لِلصِّدِّيقِ دُونَ غَيْرِهِ، وَرَابِعُهَا يَجُوزُ فِي اللَّبَنِ دُونَ الْفَوَاكِهِ وَالثِّمَارِ، وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ مِنْ تِلْكَ الْأَقْوَالِ الْمَنْعُ لِعُمُومِ: لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْعُمُومِ، كَمَا يَشْهَدُ بِهِ الْحِسُّ وَالْعِيَانُ فِي هَذَا الزَّمَانِ بِوَضْعِهِمْ الْحَرَسَ عَلَى نَحْوِ الْفُولِ وَالذُّرَةِ وَسَائِرِ الثِّمَارِ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنْوَاعَ الْبَاطِلِ بِقَوْلِهِ:(وَمِنْ الْبَاطِلِ الْغَصْبُ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى حُرْمَتِهِ وَهُوَ أَخْذُ الْمَالِ قَهْرًا تَعَدِّيًا بِلَا حِرَابَةٍ.

(وَ) مِنْ الْبَاطِلِ أَيْضًا (التَّعَدِّي) وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ تَمَلُّكِ الذَّاتِ، وَمِنْهُ التَّجَاوُزُ عَنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالْمُتَعَدِّي جَانٍ عَلَى بَعْضٍ غَالِبًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ تَمَلُّكِ الذَّاتِ لِيَمْتَازَ عَنْ الْغَصْبِ.

(وَ) مِنْ الْبَاطِلِ أَيْضًا (الْخِيَانَةُ) وَهِيَ أَخْذُ الْمَالِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَأْذُونِ فِي دُخُولِهِ لِلْآخِذِ، كَأَخْذِ الضَّيْفِ أَوْ أَخْذِ الْأَمِينِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي ائْتُمِنَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْخِيَانَةُ أَنْ يَخُونَ الشَّخْصُ غَيْرَهُ فِي أَمَانَتِهِ أَوْ فِي نَفْسِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي مَحْرَمِهِ وَتَكُونُ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَحَرَّمَ خِيَانَةَ أَسِيرٍ ائْتُمِنَ طَائِعًا، وَقَدْ تُطْلَقُ الْخِيَانَةُ عَلَى إظْهَارِ مَا خَالَفَ الْوَاقِعَ، كَأَنْ يُظْهِرَ الشَّخْصُ أَنَّهُ عَالِمٌ أَوْ صَالِحٌ أَوْ زَاهِدٌ وَلَا شَكَّ فِي حُرْمَةِ هَذَا. (وَ) مِنْ الْبَاطِلِ أَيْضًا (الرِّبَا) بِالْقَصْرِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ الزِّيَادَةُ كَبَيْعٍ أَوْ إقْرَاضِ دِرْهَمٍ بِاثْنَيْنِ أَوْ النَّسَاءِ وَهُوَ التَّأْخِيرُ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَحَرُمَ فِي نَقْدٍ وَطَعَامٍ رِبَا فَضْلٍ وَنَسَاءٍ.

(وَ) مِنْ الْبَاطِلِ أَيْضًا (السُّحْتُ) وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالرِّشْوَةِ عَلَى إمْضَاءِ الْحُكْمِ وَبِمَا يَأْخُذُهُ الشَّاهِدُ عَلَى شَهَادَتِهِ.

وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ مَهْرُ الْبَغِيِّ وَهُوَ مَا تَأْخُذُهُ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ يَزْنِي بِهَا، وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ وَثَمَنُ الْكَلْبِ وَالْقِرْدِ وَالسُّؤَالُ لِلتَّكْثِيرِ، وَثَمَنُ

ص: 284