المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الإجارة على حفظ القرآن] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ٢

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ وَالْخُلْعِ وَالرَّضَاعِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[الْمُحْرِمَات فِي النِّكَاح]

- ‌[الْقَسْمُ بَيْن الزَّوْجَاتِ]

- ‌[شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[إسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا]

- ‌ الطَّلَاقُ

- ‌الْخُلْعُ

- ‌[أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ]

- ‌[مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ]

- ‌[عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ الْمُوجِبَةِ لِخِيَارِ كُلٍّ فِي صَاحِبِهِ]

- ‌[أَحْكَامِ الزَّوْجِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْإِيلَاء]

- ‌[الظِّهَار]

- ‌اللِّعَانُ

- ‌[صِفَةِ اللِّعَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْعَبْدِ]

- ‌[الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[أَسْبَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَوْ الْأَمَةِ فِي الطَّلَاقِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ]

- ‌عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا

- ‌وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَأَسْبَابُهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[بَاب السَّلَم]

- ‌الْعُهْدَةُ

- ‌[السَّلَمُ فِي الْعُرُوضِ]

- ‌[أَقَلِّ أَجَلِ السَّلَمِ]

- ‌[بَيْع الدِّين بالدين]

- ‌[الْبِيَاعَات الْمُنْهِيَ عَنْهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ]

- ‌[بَاب الْإِجَارَة]

- ‌[حُكْم الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الدَّوَابِّ]

- ‌[الْإِجَارَةُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تضمين الصناع]

- ‌[بَاب الشَّرِكَة]

- ‌[حُكْم الشَّرِكَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[بَاب الْقِرَاض]

- ‌[الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ]

- ‌[بَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُسَاقَاة]

- ‌[بَاب الْمُزَارَعَة]

- ‌[الصُّوَر الْمَمْنُوعَة فِي الْمُزَارَعَة]

- ‌[حُكْمِ شِرَاءِ الْعَرَايَا]

- ‌بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[الْإِيصَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَامِ الْوَصَايَا الْمُتَّحِدَةِ الرُّتْبَةِ وَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهَا]

- ‌[أَحْكَام التَّدْبِير]

- ‌[صفة إخْرَاج الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَام الْكِتَابَة]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَامِ الْعِتْق النَّاجِز]

- ‌[الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ]

- ‌[مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ]

- ‌[بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[مَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ]

- ‌[أَحْكَام الْهِبَة]

- ‌[هِبَة الْوَالِد جَمِيعَ مَالِهِ لِبَعْضِ أَوْلَادِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الْهِبَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَى]

- ‌[بَيَان حُكْمِ الْحُبُسِ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ]

- ‌[صِفَةِ قَسْمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب الرَّهْن]

- ‌ضَمَانُ الرَّهْنِ

- ‌[مُسْتَحِقّ غَلَّةَ الرَّهْنِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[حُكْمِ الِاتِّجَارِ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[بَاب اللُّقَطَة]

- ‌[أَحْكَام الضَّالَّةِ]

- ‌[التَّعَدِّي عَلَى مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[بَاب الْغَصْب]

- ‌بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ

- ‌[ثُبُوت الْقَتْل بِالْقَسَامَةِ]

- ‌[صفة الْقَسَامَة وَحَقِيقَتَهَا]

- ‌[صِفَةِ حَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَمَنْ يَحْلِفُهَا]

- ‌[مَا تَكُون فِيهِ الْقَسَامَة]

- ‌[الْعَفْو عَنْ الدَّم]

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[مِقْدَار الدِّيَة]

- ‌[دِيَةِ الْأَطْرَافِ وَالْمَعَانِي]

- ‌[الْقِصَاص فِي الْجِرَاح]

- ‌[تَحْمِل الْعَاقِلَة شَيْئًا مِنْ الدِّيَة مَعَ الْجَانِي]

- ‌[مُسْتَحَقّ دِيَةِ الْمَقْتُولِ]

- ‌[أَحْكَامِ كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ

- ‌[أَحْكَامِ الْمُحَارِب]

- ‌[بَاب الزِّنَا]

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَا]

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[بَاب القذف]

- ‌ شُرُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[كَرَّرَ شُرْبَ الْخَمْرِ أَوْ كَرَّرَ فِعْلَ الزِّنَا]

- ‌[صِفَةِ الْمَحْدُودِ]

- ‌[بَاب السَّرِقَة]

- ‌[مَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ]

- ‌[حُكْم الشَّفَاعَةِ فِيمَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَدٌّ]

- ‌(بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ)

- ‌[وَجَدَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْحَقِّ بَعْدَ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ]

- ‌[أَقْسَام الشَّهَادَة]

- ‌[مَا تَشْهَدُ فِيهِ النِّسَاءُ]

- ‌ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ

- ‌[شَهَادَة الزَّوْج لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[شَهَادَةُ وَصِيٍّ لِيَتِيمِهِ بِشَيْءٍ عَلَى آخَرَ]

- ‌ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ

- ‌[مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَمَنْ لَا يَصِحُّ]

- ‌[الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَكَالَة]

- ‌[حُكْمِ الصُّلْحِ]

- ‌[بَعْض مَسَائِل الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْفَلَسِ]

- ‌[بَعْضَ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ]

- ‌[شُرُوط الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[شُرُوط الْقِسْمَة]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْإِقْرَارِ]

- ‌[حُكْمِ مَا إذَا مَاتَ أَجِيرُ الْحَجِّ قَبْلَ التَّمَام]

- ‌[بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْوَارِثَاتِ مِنْ النِّسَاءِ]

- ‌[الْفُرُوض فِي الْمِيرَاث]

- ‌[إرْثِ الْبَنَاتِ مَعَ الْأَخَوَاتِ]

- ‌[أَنْوَاع الحجب]

- ‌[مِيرَاث الْإِخْوَة لإم]

- ‌[مَوَانِعِ الْإِرْث]

- ‌مِيرَاثُ الْجَدِّ

- ‌[إرْث الْجَدَّة]

- ‌[اجْتِمَاعِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَوْل]

- ‌[كَيْفِيَّةُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَتَأْصِيلِهَا وَكَيْفِيَّةُ قَسْمِ التَّرِكَةِ]

- ‌بَابٌ: جُمَلٌ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[حُكْم السِّوَاك]

- ‌[الْقُنُوت فِي الصَّلَاة]

- ‌[صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[صَلَاة الْوِتْر]

- ‌[جَمْعِ الصَّلَاة]

- ‌رَكْعَتَا الْفَجْرِ

- ‌صَلَاةُ الضُّحَى

- ‌ قِيَامُ رَمَضَانَ

- ‌[الْفِطْر فِي السَّفَر]

- ‌ طَلَبُ الْعِلْمِ

- ‌[صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْجِهَاد قَيْءٍ سَبِيل اللَّه]

- ‌ غَضُّ الْبَصَرِ

- ‌[صَلَاة النَّوَافِل فِي الْبُيُوت]

- ‌[صَوْنُ اللِّسَانِ عَنْ الْكَذِبِ]

- ‌[الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ فِي زَمَنِ خُرُوجِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاس]

- ‌أَكْلِ الطَّيِّبِ

- ‌[أَكْلَ الْمَيْتَةِ]

- ‌ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ

- ‌ شُرْبَ الْخَمْرِ

- ‌[الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ]

- ‌[أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاع وَأَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[بِرُّ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[الِاسْتِغْفَار لِلْوَالِدَيْنِ]

- ‌[حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ]

- ‌الْهِجْرَانُ الْجَائِزُ

- ‌[مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ]

- ‌[سَمَاعَ الْأَمْرِ الْبَاطِلِ]

- ‌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌[حُكْم التَّوْبَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الْفِطْرَةِ وَالْخِتَانِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَاللِّبَاسِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌ صِبَاغُ الشَّعْرِ

- ‌ لِبَاسِ الْحَرِيرِ

- ‌ التَّخَتُّمِ بِالْحَدِيدِ

- ‌[التَّخَتُّم بِالذَّهَبِ]

- ‌[جَرّ الرَّجُلُ إزَارَهُ فِي الْأَرْضِ]

- ‌ وَصْلِ الشَّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

- ‌[آدَابِ الْأَكْلِ الْمُقَارِنَةِ لَهُ]

- ‌[الْآدَابِ الْمُقَارِنَةِ لِلشُّرْبِ]

- ‌[بَابٌ فِي السَّلَامِ وَالِاسْتِئْذَانِ وَالتَّنَاجِي]

- ‌[صِفَةُ السَّلَامِ]

- ‌[الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ السَّفَرِ أَوْ النَّوْمِ]

- ‌[آدَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ]

- ‌[بَابٌ فِي حُكْم التَّعَالُجِ]

- ‌الرُّقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ

- ‌[التَّدَاوِي بِالْكَيِّ]

- ‌[الْكَلَامِ عَلَى الطِّيَرَة]

- ‌[صِفَةِ الرُّقْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ]

- ‌[اتِّخَاذ الْكِلَاب فِي الْبُيُوت]

- ‌[الرِّفْق بِالْمَمْلُوكِ]

- ‌[بَابٌ فِي الرُّؤْيَا وَالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ وَغَيْرهَا]

- ‌[اللَّعِب بِالنَّرْدِ]

- ‌[اللَّعِب بِالشِّطْرَنْجِ]

- ‌[حُكْم المسابقة]

- ‌[صُوَرِ الْمُسَابَقَةِ]

- ‌[قَتْلَ جَمِيعِ الْحَشَرَاتِ بِالنَّارِ]

- ‌[قَتْلِ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَد]

- ‌[التَّفَاخُرَ بِالْآبَاءِ]

- ‌[أَفْضَلِ الْعُلُومِ]

- ‌[الثَّمَرَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ]

- ‌[الْمُحَافَظَةِ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[الإجارة على حفظ القرآن]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الفواكه الدواني]

أَوْ عَلَى بِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ نَسْجِهِ فَغَرِقَتْ الدَّارُ ذَاتُ الْحَائِطِ وَحُرِقَ الثَّوْبُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُسْتَأْجِرِ سِوَى مَا ذُكِرَ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ فِي هَذِهِ الْمُلْحَقَاتِ، وَقَيَّدْنَا انْهِدَامَ الدَّارِ بِكُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ كَانَ الْمُنْهَدِمُ مِنْهَا شَيْئًا خَفِيفًا بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالسَّاكِنِ كَهَدْمِ شُرَّافَةٍ فَإِنَّهُ كَالْعَدَمِ، وَأَمَّا لَوْ انْهَدَمَ مِنْهَا مَا يَحْصُلُ بِهَدْمِهِ الضَّرَرُ عَلَى السَّاكِنِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ فَسْخِ الْكِرَاءِ عَنْ نَفْسِهِ وَيَدْفَعُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحَسَبِ مَا سَكَنَ، وَبَيْنَ أَنْ يَسْتَمِرَّ سَاكِنًا وَيَدْفَعَ جَمِيعَ الْكِرَاءِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا النَّقْصُ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ وَلَا يَضُرُّ بِالسَّاكِنِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ خِيَارٌ لِلْمُكْتَرِي وَيَلْزَمُهُ السُّكْنَى وَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحَسَبِ النَّقْصِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَادِثَ فِي الدَّارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَقَدْ بَيَّنَّا أَحْكَامَهَا.

(تَنْبِيهٌ) . لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ مَا لَوْ طَلَبَ الْمُكْتَرِي مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يُصْلِحَهَا لَهُ بَعْدَ حُصُولِ انْهِدَامِهَا، وَالْحُكْمُ عَدَمُ الْجَبْرِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَلَمْ يُجْبَرْ مُؤَجِّرٌ عَلَى إصْلَاحٍ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ الِانْهِدَامُ يَضُرُّ بِالسَّاكِنِ وَخِيَرَتُهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ، فَإِنْ أَصْلَحَهَا الْمُكْتَرِي مِنْ عِنْدِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّبَرُّعِ وَلَهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا أَوْ يَأْمُرُهُ بِأَخْذِ أَنْقَاضِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ وَقْفًا فَيَلْزَمُ الْمُكْرِيَ الْإِصْلَاحُ لِحَقِّ الْوَقْفِ، وَإِنْ أَصْلَحَهَا الْمُكْتَرِي مِنْ مَالِهِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ قَائِمًا، وَلَوْ أَصْلَحَ غَيْرَ مُسْتَنِدٍ لِإِذْنٍ مِنْ النَّاظِرِ حَيْثُ أَصْلَحَ مَا يَحْتَاجُ لِلْإِصْلَاحِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ، وَيَنْبَغِي أَخْذُ النَّفَقَةِ مِنْ فَائِضِ الْوَقْفِ، وَإِلَّا فَمِنْ غَلَّتِهِ الْمُسْتَقْبَلَةِ.

[الْإِجَارَةُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ]

وَلَمَّا وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ مُخْتَارَ إمَامِهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا بَأْسَ بِتَعْلِيمِ الْمُعَلِّمِ الْقُرْآنَ) بِأُجْرَةٍ (عَلَى الْحُذَّاقِ) أَيْ عَلَى الْحِفْظِ لِلْقُرْآنِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْحُذَّاقِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحِفْظِ غَيْبًا أَوْ مَعْرِفَةِ قِرَاءَتِهِ بِالْحَاضِرِ، كَمَا يَقَعُ لِلْأَعَاجِمِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ فِي الْمُصْحَفِ.

قَالَ خَلِيلٌ: عَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُشَاهِرَةً أَوْ عَلَى الْحُذَّاقِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» ، وَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ رضي الله عنه: لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا كَرِهَ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ وَالْكِتَابَةَ بِأُجْرَةٍ، وَاحْتَرَزَ بِالْقُرْآنِ عَنْ الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ كَالنَّحْوِ وَالْأُصُولِ وَالْفَرَائِضِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِ مَا ذُكِرَ مَكْرُوهَةٌ. وَفَرَّقَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ بَيْنَ جَوَازِهَا عَلَى الْقُرْآنِ وَكَرَاهَتِهَا عَلَى تَعْلِيمِ غَيْرِهِ، بِأَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا عَدَاهُ مِمَّا هُوَ ثَابِتٌ بِالِاجْتِهَادِ فَإِنَّ فِيهِ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ، وَأَيْضًا تَعْلِيمُ الْفِقْهِ بِأُجْرَةٍ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ، وَأَيْضًا أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِهِ يُؤَدِّي إلَى تَقْلِيلِ طَالِبِهِ.

(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: كَمَا يَسْتَحِقُّ الْمُعَلِّمُ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ لَهُ يَسْتَحِقُّ الْحَذَاقَةَ، وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِالْإِصْرَافَةِ إنْ اُشْتُرِطَتْ أَوْ جَرَتْ بِهَا الْعَادَةُ، وَيُقْضَى لِلْمُعَلِّمِ بِهَا عَلَى الْأَبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اُشْتُرِطَ عَدَمُهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَأَخَذَهَا، وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ، كَمَا قَالَ شُرَّاحُهُ: الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْحَذَاقَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالْإِصْرَافَةِ وَلَا حَدَّ فِيهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالرُّجُوعُ فِيهَا إلَى حَالِ الْأَبِ مِنْ يُسْرٍ وَعُسْرٍ، وَيُنْظَرُ فِيهَا أَيْضًا إلَى حَالِ الصَّبِيِّ، فَإِنْ كَانَ حَافِظًا كَثُرَتْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَمَحَلُّهَا مِنْ السُّوَرِ مَا تَقَرَّرَ بِهِ الْعُرْفُ نَحْوُ:" وَالضُّحَى " وَ " سَبِّحْ " وَ " عَمَّ " وَ " تَبَارَكَ " فَإِنْ أَخْرَجَ الْأَبُ وَلَدَهُ مِنْ عِنْدِ الْمُعَلِّمِ قَبْلَ وُصُولِهَا، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي إلَيْهَا يَسِيرًا لَزِمَتْ الْأَبَ، وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْ إلَّا بِشَرْطٍ فَيَلْزَمُ مِنْهَا بِحَسَبِ مَا مَضَى، وَلَا يُقْضَى بِهَا فِي مِثْلِ الْأَعْيَادِ، وَإِنَّمَا تُسْتَحَبُّ، وَإِذَا مَاتَ الْأَبُ أَوْ الْوَلَدُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِهَا سَقَطَتْ، كَمَا تَسْقُطُ إذَا مَاتَ الْمُعَلِّمُ وَلَا طَلَبَ لِوَرَثَتِهِ بِشَيْءٍ.

الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنْ لَا بَأْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُرَادُ بِهِ الْجَوَازُ بِمَعْنَى إلَّا إذَا، فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الْإِجَارَةِ عَلَى التَّعْلِيمِ الْمَذْكُورِ، إمَّا لِنَفْسِهِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ، أَوْ لِتَعْلِيمِ الصَّبِيِّ الَّذِي فِي كَنَفِهِ مِنْ وَلَدِهِ أَوْ خَادِمِهِ، وَمِثْلُهُمَا لِزَوْجِهِ، لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يُعَلِّمَ نَحْوَ الصَّبِيِّ مَا يَعْتَقِدُهُ فِي اللَّهِ وَفِي الرَّسُولِ، وَكَذَا سَائِرُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَكَذَا مَعْرِفَةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَطَهَارَتِهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّمَهُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا يُصَلِّي بِهِ مِنْ فَاتِحَةٍ، وَيُسَنُّ تَعْلِيمُهُ مَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَمَنْدُوبٌ، وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ مَا يَشْمَلُ الْقَاضِيَ، فَإِنَّهُ كَالْأَبِ عِنْدَ فَقْدِهِ وَفَقْدِ الْوَصِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ.

الثَّالِثُ: كَمَا يُقْضَى لِلْمُعَلِّمِ بِالْإِصْرَافَةِ زِيَادَةً عَلَى الْأُجْرَةِ، يُطْلَبُ مِنْهُ زِيَادَةً عَلَى التَّعْلِيمِ لِلْقُرْآنِ تَعْلِيمُهُ الْأَدَبَ وَلَوْ بِالضَّرْبِ عَلَى مَا يَحْصُلُ مِنْهُ مِنْ نَحْوِ سَبٍّ وَكَذِبٍ وَسَرِقَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْرُمُ فِعْلُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ، كَمَا يَضْرِبُهُ عَلَى الْهُرُوبِ مِنْ الْمَكْتَبِ، وَيَرْجِعُ فِي الضَّرْبِ وَالتَّأْدِيبِ إلَى اجْتِهَادِ الْمُعَلِّمِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَلِّمِينَ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ، وَيُطْلَبُ مِنْهُ أَيْضًا أَنْ يَلِيَ تَعْلِيمَهُمْ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ تَعْلِيمَ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَجُرُّ إلَى الْفَسَادِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ فِي مَحَلِّ التَّعْلِيمِ وَفِي التَّعْلِيمِ وَفِي صِفَةِ جُلُوسِهِمْ عِنْدَهُ، وَلَا يَجُوزُ

ص: 114

الطَّبِيبِ عَلَى الْبُرْءِ.

وَلَا يُنْتَقَضُ الْكِرَاءُ بِمَوْتِ الرَّاكِبِ أَوْ السَّاكِنِ.

وَلَا بِمَوْتِ غَنَمِ الرِّعَايَةِ وَلْيَأْتِ بِمِثْلِهَا

، وَمَنْ اكْتَرَى

ــ

[الفواكه الدواني]

لَهُ تَفْضِيلُ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُ هَدِيَّتِهِمْ أَوْ يَسْتَخْدِمُهُمْ أَوْ يُرْسِلُهُمْ إلَى نَحْوِ جِنَازَةٍ أَوْ مَوْلُودٍ لِيَقُولُوا شَيْئًا وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ مَا يُدْفَعُ لَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ جُرْحَةً فِي شَهَادَتِهِ وَإِمَامَتِهِ. إلَّا مَا فَضَلَ مِنْ غِذَائِهِمْ مِمَّا تَسْمَحُ بِهِ النُّفُوسُ غَالِبًا، وَإِلَّا مَا كَانَ مِنْ الْخِدْمَةِ مُعْتَادًا، وَخَفَّ بِحَيْثُ لَا يَشْغَلُ الْوَلَدَ فَيَجُوزُ، كَمَا يَجُوزُ تَرْكُ تَعْلِيمِهِمْ فِي نَحْوِ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ لِئَلَّا تَسْأَمَ أَنْفُسُهُمْ بِدَوَامِ التَّعْلِيمِ.

وَلَمَّا كَانَتْ مُشَارَطَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْبُرْءِ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ عَلَى التَّعْلِيمِ لِلْقُرْآنِ عَلَى الْحُذَّاقِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ إلَّا بِالتَّمَامِ ذَكَرَهَا عَقِبَهَا بِقَوْلِهِ: (وَمُشَارَطَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْبُرْءِ جَائِزَةٌ) وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَجُوزُ مُعَاقَدَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْبُرْءِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَإِذَا بَرِئَ الْمَرِيضُ أَخَذَهَا الطَّبِيبُ، وَإِلَّا لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا، وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الدَّوَاءِ مِنْ عِنْدِ الْعَلِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْ عِنْدِ الطَّبِيبِ، عَلَى أَنَّهُ إنْ بَرِئَ الْعَلِيلُ يَدْفَعُ الْأُجْرَةَ وَثَمَنَ الدَّوَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ يَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ الدَّوَاءِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجُزْ تِلْكَ الصُّورَةُ لِأَدَائِهَا إلَى اجْتِمَاعِ جُعْلٍ وَبَيْعٍ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعَاقَدَةَ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ وَعَلَى الْبُرْءِ وَعَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَاءِ وَكِرَاءِ السَّفِينَةِ وَالْمُغَارَسَةِ وَهِيَ إعْطَاءُ الرَّجُلِ أَرْضَهُ لِمَنْ يَغْرِسُ فِيهَا شَيْئًا مِنْ الْأَشْجَارِ، وَإِذَا بَلَغَتْ حَدًّا مَعْرُوفًا تَصِيرُ الْأَرْضُ وَالْأَشْجَارُ بَيْنَهُمَا مُشَابِهَةً لِلْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَةِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعَامِلُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ شَابَهَتْ الْجَعَالَةَ، وَلَمَّا كَانَ إذَا تَرَكَ الْأَوَّلَ وَكَمَّلَ غَيْرُهُ الْعَمَلَ يَكُونُ لِلْأَوَّلِ بِحِسَابِهِ لَا بِنِسْبَةِ الثَّانِي شَابَهَتْ الْإِجَارَةَ، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ. (تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ مَوْضُوعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا تَعَاقَدَ عَلَى شَرْطِ حُصُولِ الْبُرْءِ.

1 -

وَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْمُدَاوَاةِ فِي زَمَنِ الْمَرَضِ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ، وَهُوَ اسْتِئْجَارُهُ عَلَى مُدَاوَاتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ، فَإِنْ تَمَّتْ الْمُدَّةُ وَبَرِئَ أَوْ لَمْ يَبْرَأْ فَلَهُ الْأُجْرَةُ كُلُّهَا، وَإِنْ بَرِئَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ فَلَهُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ وَالدَّوَاءِ مِنْ عِنْدِ الْعَلِيلِ، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِاحْتِمَالِ الْبُرْءِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَتَكُونُ سَلَفًا. وَقِسْمَانِ فِيهِمَا خِلَافٌ. أَحَدُهُمَا أَنْ يُعَاقِدَهُ عَلَى أَنْ يُدَاوِيَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إلَّا أَنَّ الدَّوَاءَ مِنْ عِنْدِ الطَّبِيبِ فَقِيلَ يَجُوزُ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ اجْتِمَاعِ الْجُعْلِ وَالْبَيْعِ. وَثَانِيهِمَا: أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَعَاقِدُك بِكَذَا عَلَى عِلَاجِ هَذَا الْمَرِيضِ حَتَّى يَبْرَأَ، فَإِنْ بَرِئَ كَانَ لَهُ الْجُعْلُ، وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَكُونُ الدَّوَاءُ مِنْ عِنْدِ الطَّبِيبِ، فَقِيلَ يَجُوزُ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ الذَّاتِ الْمُعَيَّنَةِ الَّتِي تُسْتَوْفَى مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ دَابَّةً أَوْ دَارًا أَوْ شَخْصًا، شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ التَّعَذُّرُ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةُ مِنْ رَاكِبٍ أَوْ سَاكِنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا بِقَوْلِهِ:(وَلَا يُنْتَقَضُ) أَيْ لَا يَنْفَسِخُ عَقْدُ (الْكِرَاءِ بِمَوْتٍ) أَوْ تَعَذُّرِ (الرَّاكِبِ) لِدَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ (أَوْ السَّاكِنِ) الْمُكْتَرِي لِلدَّارِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ كَانَ الرَّاكِبُ عَرُوسًا يُزَفُّ عَلَى الْمَرْكُوبِ فِي زَمَنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَيَلْزَمُ وَارِثَ الْمَيِّتِ الْخَلَفُ أَوْ يَدْفَعُ جَمِيعَ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ، وَمَنْ مَعَهُ مِمَّا يُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةُ وَالْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ، وَأَمَّا لَوْ اكْتَرَى الدَّابَّةَ لِيُزَفَّ عَلَيْهَا الْعَرُوسُ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ: إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِمَرَضٍ أَوْ عُذْرٍ لَمْ يَلْزَمْ كِرَاؤُهَا، وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ اخْتِيَارًا لَزِمَ الْكِرَاءُ، وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يُكْرِيَهَا فِي مِثْلِهِ.

(وَلَا) يُنْتَقَضُ الْكِرَاءُ أَيْضًا (بِمَوْتِ غَنَمِ) أَيْ مَاشِيَةِ (الرِّعَايَةِ وَلْيَأْتِ) رَبُّهَا لِلرَّاعِي (بِمِثْلِهَا) ؛ لِأَنَّ الْغَنَمَ مِمَّا تُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وُجُوبُ الْخَلَفِ سَوَاءٌ شَرَطَا ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَمْ لَا، كَانَتْ الْغَنَمُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ وَقَعَتْ صَحِيحَةً، وَإِلَّا فَلَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى رِعَايَةِ نَحْوِ الْغَنَمِ فِيهِ تَفْصِيلٌ مُحَصَّلُهُ: إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى رِعَايَتِهَا إلَّا بِشَرْطِ أَنَّ كُلَّ مَا مَاتَ أَوْ سُرِقَ مِنْهَا يَخْلُفُهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا الْخَلَفَ لَمْ يَجُزْ الْعَقْدُ وَتُفْسَخُ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى رَعْيِهَا وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْخَلَفُ، وَيَلْزَمُ رَبَّهَا الْخَلَفُ أَوْ دَفْعُ جَمِيعِ الْكِرَاءِ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْخَلَفَ وَاجِبٌ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا حَيْثُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً، فَإِنْ عُقِدَتْ عَلَى شَرْطِ الْخَلَفِ عِنْدَ تَعَيُّنِهَا أَوْ بِغَيْرِ الْخَلَفِ عِنْدَ عَدَمِ تَعَيُّنِهَا، فَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّهَا مِنْ الْخَلَفِ لَزِمَهُ دَفْعُ جَمِيعِ الْكِرَاءِ، وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا خَلَفٌ لِوُجُوبِ فَسْخِهَا، وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِمِثْلِهَا أَنَّهُ لَوْ أَخْلَفَ الْغَنَمَ بِغَيْرِهَا كَبَقَرٍ أَوْ مَعْزٍ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ ابْتِدَاءً عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ، وَأَتَى لَهُ بِمَعْزٍ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِمَا فِي رَعْيِهَا مِنْ الْمَشَقَّةِ، كَمَا لَا يَلْزَمُهُ رَعْيُ أَوْلَادِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى رَعْيِهِ إلَّا لِعُرْفٍ كَمَا هُوَ الْآنَ، وَحَيْثُ لَا عُرْفَ يَلْزَمُ رَبَّهَا الْإِتْيَانُ بِرَاعٍ لَهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْعَاهَا مَعَ الْأُمَّهَاتِ؛ لِأَنَّ رَعْيَ الْوَلَدِ مَعَ الْأُمِّ يُتْعِبُ رَاعِيَ الْأُمِّ لَا لِحُرْمَةِ التَّفْرِقَةِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالْعَاقِلِ.

(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى رِعَايَةِ عَدَدٍ مِنْ الْغَنَمِ، وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِهَا وَلَا بَيَانِ عَدَدِهَا بِأَنْ قَالَ: أَسْتَأْجِرُك عَلَى أَنْ تَرْعَى لِي غَنَمًا، فَإِنَّ هَذَا الْعَقْدَ جَائِزٌ وَيَأْتِي لَهُ بِمَا

ص: 115

كِرَاءً مَضْمُونًا فَمَاتَتْ الدَّابَّةُ فَلْيَأْتِ بِغَيْرِهَا.

مَاتَ الرَّاكِبُ لِلدَّابَّةِ أَوْ السَّفِينَةِ وَإِنْ مَاتَ الرَّاكِبُ لَمْ يَنْفَسِخْ الْكِرَاءُ وَلْيَكْتَرُوا مَكَانَهُ غَيْرَهُ.

وَمَنْ اكْتَرَى مَاعُونًا أَوْ غَيْرَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي هَلَاكِهِ بِيَدِهِ، وَهُوَ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ.

وَالصُّنَّاعُ ضَامِنُونَ لِمَا غَابُوا عَلَيْهِ عَمِلُوهُ

ــ

[الفواكه الدواني]

يَقْدِرُ عَلَى رَعْيِهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ جَمِيعَ مَنَافِعِهِ، وَلَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا وَلَوْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ عَدَمَ رَعْيِ غَيْرِهَا، فَإِنْ فَعَلَ كَانَ الْأَجْرُ لِرَبِّ الْغَنَمِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى رِعَايَةِ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا فَالشَّرْطُ لَازِمٌ، فَإِنْ خَالَفَ وَرَعَى مَعَهَا غَيْرَهَا فَالْأَجْرُ لِرَبِّ الْغَنَمِ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ عَدَمَ رَعْيِ غَيْرِهَا فَيَجُوزُ لَهُ إنْ كَانَ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ بِشَرِيكٍ، وَإِلَى هَذَا الْإِشَارَةِ بِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَلَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ ثِقَلٍ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ، وَإِلَّا فَأَجْرُهُ لِمُسْتَأْجَرِهِ كَأَجِيرٍ لِخِدْمَةٍ آجَرَ نَفْسَهُ.

الثَّانِي: لَا يَجُوزُ لِلرَّاعِي أَنْ يَأْتِيَ بِرَاعٍ بَدَلَهُ حَيْثُ كَانَ مُعَيَّنًا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ شَرَطَ ذَلِكَ أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ فَيَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ. (تَتِمَّةٌ) . لَوْ مَاتَتْ الْغَنَمُ أَوْ سُرِقَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا مَلَكَ مِنْ الْغَنَمِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ، وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ تَوَلَّى الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ كَمُكْتَرِي الدَّابَّةِ أَوْ الْبَيْتِ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ، فِيمَا إذَا ذُبِحَ مِنْهَا شَيْئًا وَادَّعَى خَوْفَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْبَحْهَا يَضْمَنُ حَيْثُ ظَهَرَ مِنْهُ تَفْرِيطٌ، وَالْكَلَامُ فِي الرَّاعِي الْمُكَلَّفِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ أَقْرَضَ أَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا أَوْ بَاعَهُ فَأَتْلَفَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ بِإِذْنِ أَهْلِهِ، وَقَالَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ: وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى الرِّعَايَةِ مُسْتَلْزِمٌ لِلتَّأْمِينِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي مَفْهُومِ الْمُعَيَّنَةِ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ اكْتَرَى) دَابَّةً أَوْ سَفِينَةً (كِرَاءً مَضْمُونًا)، وَهُوَ مَا لَمْ تُعَيَّنْ فِيهِ الدَّابَّةُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا مَعَ حُضُورِهَا بِأَنْ قَالَ: أَكَتْرِي مِنْك دَابَّةً أَوْ سَفِينَةً أَوْ دَابَّتَك أَوْ سَفِينَتَك، وَلَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً بِالْمَجْلِسِ حَيْثُ لَمْ يُشِرْ إلَيْهَا وَلَوْ كَانَ يَعْرِفُهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ تَعَيُّنِهَا بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا لَا يُنَافِي وُجُوبَ بَيَانِ جِنْسِهَا وَنَوْعِهَا وَذُكُورَتِهَا وَأُنُوثَتِهَا حَتَّى يَصِحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا (فَمَاتَتْ الدَّابَّةُ) الْمَضْمُونَةُ أَوْ انْكَسَرَتْ السَّفِينَةُ (فَلْيَأْتِ) الْمُكْرِي قَهْرًا عَلَيْهِ لِلْمُكْتَرِي (بِغَيْرِهَا) لِعَدَمِ فَسْخِ الْكِرَاءِ بِمَوْتِهِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُتَعَلِّقَةٌ بِذِمَّةِ الْمُكْرِي لَا بِعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ، بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ فَإِنَّهَا كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ يَنْفَسِخُ الْكِرَاءُ بِمَوْتِهِ، وَلَا يُقَالُ: الدَّابَّةُ تُسْتَوْفَى مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ وَالْكِرَاءُ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الِاسْتِيفَاءُ مِنْ نَوْعِهَا لَا مِنْ عَيْنِهَا وَشَخْصِهَا، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِ مَنْفَعَةِ الذَّاتِ الْمَضْمُونَةِ فِي الذِّمَّةِ وَكَوْنِ الْمُكْرِي إذَا أَتَى بِدَابَّةٍ لِلْمُكْتَرِي وَرَكِبَهَا لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ غَيْرِهَا،؛ لِأَنَّهُ بِرُكُوبِهِ عَلَيْهَا اسْتَحَقَّ مَنْفَعَتَهَا، حَتَّى لَوْ فَلِسَ الْمُكْرِي بَعْدَ قَبْضِهَا يَكُونُ الْمُكْتَرِي أَحَقَّ بِهَا إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ لِصَيْرُورَتِهَا كَالْمُعَيَّنَةِ بِرُكُوبِهِ عَلَيْهَا.

وَلَمَّا كَانَ الرَّاكِبُ مِمَّا تُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةُ وَالْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ قَالَ: (وَإِنْ مَاتَ الرَّاكِبُ) لِلدَّابَّةِ أَوْ السَّفِينَةِ (لَمْ يَنْفَسِخْ الْكِرَاءُ) بِمَوْتِهِ (وَلْيَكْتَرُوا) أَيْ وَرَثَةُ الرَّاكِبِ أَوْ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَرَثَةٌ (مَكَانَهُ غَيْرَهُ) مِمَّا هُوَ مُسَاوٍ لِلْمَيِّتِ أَوْ دُونَهُ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ مَاتَ الرَّاكِبُ إلَخْ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَلَا يُنْتَقَضُ الْكِرَاءُ بِمَوْتِ الرَّاكِبِ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا ارْتَكَبَ ذَلِكَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: وَلْيَكْتَرُوا مَكَانَهُ غَيْرَهُ.

(تَنْبِيهٌ) . لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى اشْتِرَاطِ تَعْيِينِ الرَّاكِبِ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَعْيِينُهُ عِنْدَ عَقْدِ الْكِرَاءِ بَلْ يَصِحُّ عَقْدُ الْكِرَاءِ عَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَعَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ لَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْفَادِحُ، وَهُوَ الْعَظِيمُ الثَّقِيلُ، وَمِثْلُهُ الْمَرِيضُ الْمَعْرُوفُ بِكَثْرَةِ النَّوْمِ أَوْ بِعَقْرِ الدَّوَابِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَقِيلًا، وَالْأُنْثَى لَيْسَتْ مِنْ الْفَادِحِ مُطْلَقًا، فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ وَأَتَاهُ بِامْرَأَةٍ لَزِمَهُ حَمْلُهَا حَيْثُ لَمْ تَكُنْ ثَقِيلَةً، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى حَمْلِ رَجُلٍ فَأَتَى لَهُ بِامْرَأَةٍ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ حَمْلِهَا بِخِلَافِ عَكْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهِ، وَمَا لَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ، شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَأْجِرُ عِنْدَ تَلَفِهِ، وَمَا لَا يَضْمَنُهُ بِقَوْلِهِ:(وَمَنْ اكْتَرَى مَاعُونًا) كَصَحْفَةٍ وَقِدْرٍ (أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ سَائِرِ الْأَعْيَانِ الْمُكْتَرَاةِ فَهَلَكَ (فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي هَلَاكِهِ بِيَدِهِ، وَهُوَ مُصَدَّقٌ) فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَى مَا اسْتَأْجَرَهُ، وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ إنْ كَانَ مِنْهُمَا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِيَدِهِ عَمَّا لَوْ أَكْرَاهُ الْمُكْتَرِي لِغَيْرِهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ أَكْرَاهُ لِغَيْرِ أَمِينٍ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَضَمِنَ إنْ أَكْرَى لِغَيْرِ أَمِينٍ أَوْ لِمَنْ هُوَ أَثْقَلُ مِنْهُ أَوْ أَضَرُّ أَوْ لِمَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْأَمَانَةِ، بِخِلَافِ لَوْ أَكْرَى لِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِي الْأَمَانَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَحُكْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى إجَارَةِ الْمُسْتَأْجَرِ لِمَا اسْتَأْجَرَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمُؤَجِّرِ الْجَوَازُ إنْ كَانَ دَارًا، وَالْمَنْعُ إنْ كَانَ ثَوْبًا، وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَفِي إجَارَتِهَا لِلْغَيْرِ خِلَافٌ، وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ تَصْدِيقَهُ بِقَوْلِهِ:(إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ) فِي دَعْوَاهُ كَأَنْ يَقُولَ: هَلَكَتْ الدَّابَّةُ مَثَلًا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِرُؤْيَتِهَا عِنْدَهُ فِي آخِرِ الشَّهْرِ، أَوْ يَدَّعِي الْهَلَاكَ فِي مَحَلٍّ فَيُسْأَلُ أَهْلُهُ فَيُنْكِرُونَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيَضْمَنُ.

1 -

وَإِذَا ادَّعَى الْمُكْتَرِي ضَيَاعَ الشَّيْءِ الْمُكْتَرَى قَبْلَ الِانْتِفَاعِ بِهِ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ الْأُجْرَةَ لَا يُصَدَّقُ وَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّ الْكِرَاءَ قَدْ لَزِمَ ذِمَّتَهُ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

(تَنْبِيهَانِ)

الْأَوَّلُ: تَلَخَّصَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرَّاعِي وَعَلَى الْمُكْتَرِي التَّصْدِيقُ فِي الْهَلَاكِ أَوْ الضَّيَاعِ بَعْدَ حَلِفِ الْمُتَّهَمِ

ص: 116