المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الجهاد قيء سبيل الله] - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ٢

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ وَالْخُلْعِ وَالرَّضَاعِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[الْمُحْرِمَات فِي النِّكَاح]

- ‌[الْقَسْمُ بَيْن الزَّوْجَاتِ]

- ‌[شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[إسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا]

- ‌ الطَّلَاقُ

- ‌الْخُلْعُ

- ‌[أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ]

- ‌[مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ]

- ‌[عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ الْمُوجِبَةِ لِخِيَارِ كُلٍّ فِي صَاحِبِهِ]

- ‌[أَحْكَامِ الزَّوْجِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْإِيلَاء]

- ‌[الظِّهَار]

- ‌اللِّعَانُ

- ‌[صِفَةِ اللِّعَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْعَبْدِ]

- ‌[الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[أَسْبَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَوْ الْأَمَةِ فِي الطَّلَاقِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ]

- ‌عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا

- ‌وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَأَسْبَابُهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[بَاب السَّلَم]

- ‌الْعُهْدَةُ

- ‌[السَّلَمُ فِي الْعُرُوضِ]

- ‌[أَقَلِّ أَجَلِ السَّلَمِ]

- ‌[بَيْع الدِّين بالدين]

- ‌[الْبِيَاعَات الْمُنْهِيَ عَنْهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ]

- ‌[بَاب الْإِجَارَة]

- ‌[حُكْم الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الدَّوَابِّ]

- ‌[الْإِجَارَةُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تضمين الصناع]

- ‌[بَاب الشَّرِكَة]

- ‌[حُكْم الشَّرِكَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[بَاب الْقِرَاض]

- ‌[الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ]

- ‌[بَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُسَاقَاة]

- ‌[بَاب الْمُزَارَعَة]

- ‌[الصُّوَر الْمَمْنُوعَة فِي الْمُزَارَعَة]

- ‌[حُكْمِ شِرَاءِ الْعَرَايَا]

- ‌بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[الْإِيصَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَامِ الْوَصَايَا الْمُتَّحِدَةِ الرُّتْبَةِ وَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهَا]

- ‌[أَحْكَام التَّدْبِير]

- ‌[صفة إخْرَاج الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَام الْكِتَابَة]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَامِ الْعِتْق النَّاجِز]

- ‌[الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ]

- ‌[مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ]

- ‌[بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[مَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ]

- ‌[أَحْكَام الْهِبَة]

- ‌[هِبَة الْوَالِد جَمِيعَ مَالِهِ لِبَعْضِ أَوْلَادِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الْهِبَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَى]

- ‌[بَيَان حُكْمِ الْحُبُسِ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ]

- ‌[صِفَةِ قَسْمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب الرَّهْن]

- ‌ضَمَانُ الرَّهْنِ

- ‌[مُسْتَحِقّ غَلَّةَ الرَّهْنِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[حُكْمِ الِاتِّجَارِ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[بَاب اللُّقَطَة]

- ‌[أَحْكَام الضَّالَّةِ]

- ‌[التَّعَدِّي عَلَى مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[بَاب الْغَصْب]

- ‌بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ

- ‌[ثُبُوت الْقَتْل بِالْقَسَامَةِ]

- ‌[صفة الْقَسَامَة وَحَقِيقَتَهَا]

- ‌[صِفَةِ حَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَمَنْ يَحْلِفُهَا]

- ‌[مَا تَكُون فِيهِ الْقَسَامَة]

- ‌[الْعَفْو عَنْ الدَّم]

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[مِقْدَار الدِّيَة]

- ‌[دِيَةِ الْأَطْرَافِ وَالْمَعَانِي]

- ‌[الْقِصَاص فِي الْجِرَاح]

- ‌[تَحْمِل الْعَاقِلَة شَيْئًا مِنْ الدِّيَة مَعَ الْجَانِي]

- ‌[مُسْتَحَقّ دِيَةِ الْمَقْتُولِ]

- ‌[أَحْكَامِ كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ

- ‌[أَحْكَامِ الْمُحَارِب]

- ‌[بَاب الزِّنَا]

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَا]

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[بَاب القذف]

- ‌ شُرُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[كَرَّرَ شُرْبَ الْخَمْرِ أَوْ كَرَّرَ فِعْلَ الزِّنَا]

- ‌[صِفَةِ الْمَحْدُودِ]

- ‌[بَاب السَّرِقَة]

- ‌[مَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ]

- ‌[حُكْم الشَّفَاعَةِ فِيمَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَدٌّ]

- ‌(بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ)

- ‌[وَجَدَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْحَقِّ بَعْدَ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ]

- ‌[أَقْسَام الشَّهَادَة]

- ‌[مَا تَشْهَدُ فِيهِ النِّسَاءُ]

- ‌ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ

- ‌[شَهَادَة الزَّوْج لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[شَهَادَةُ وَصِيٍّ لِيَتِيمِهِ بِشَيْءٍ عَلَى آخَرَ]

- ‌ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ

- ‌[مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَمَنْ لَا يَصِحُّ]

- ‌[الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَكَالَة]

- ‌[حُكْمِ الصُّلْحِ]

- ‌[بَعْض مَسَائِل الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْفَلَسِ]

- ‌[بَعْضَ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ]

- ‌[شُرُوط الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[شُرُوط الْقِسْمَة]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْإِقْرَارِ]

- ‌[حُكْمِ مَا إذَا مَاتَ أَجِيرُ الْحَجِّ قَبْلَ التَّمَام]

- ‌[بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْوَارِثَاتِ مِنْ النِّسَاءِ]

- ‌[الْفُرُوض فِي الْمِيرَاث]

- ‌[إرْثِ الْبَنَاتِ مَعَ الْأَخَوَاتِ]

- ‌[أَنْوَاع الحجب]

- ‌[مِيرَاث الْإِخْوَة لإم]

- ‌[مَوَانِعِ الْإِرْث]

- ‌مِيرَاثُ الْجَدِّ

- ‌[إرْث الْجَدَّة]

- ‌[اجْتِمَاعِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَوْل]

- ‌[كَيْفِيَّةُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَتَأْصِيلِهَا وَكَيْفِيَّةُ قَسْمِ التَّرِكَةِ]

- ‌بَابٌ: جُمَلٌ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[حُكْم السِّوَاك]

- ‌[الْقُنُوت فِي الصَّلَاة]

- ‌[صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[صَلَاة الْوِتْر]

- ‌[جَمْعِ الصَّلَاة]

- ‌رَكْعَتَا الْفَجْرِ

- ‌صَلَاةُ الضُّحَى

- ‌ قِيَامُ رَمَضَانَ

- ‌[الْفِطْر فِي السَّفَر]

- ‌ طَلَبُ الْعِلْمِ

- ‌[صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْجِهَاد قَيْءٍ سَبِيل اللَّه]

- ‌ غَضُّ الْبَصَرِ

- ‌[صَلَاة النَّوَافِل فِي الْبُيُوت]

- ‌[صَوْنُ اللِّسَانِ عَنْ الْكَذِبِ]

- ‌[الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ فِي زَمَنِ خُرُوجِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاس]

- ‌أَكْلِ الطَّيِّبِ

- ‌[أَكْلَ الْمَيْتَةِ]

- ‌ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ

- ‌ شُرْبَ الْخَمْرِ

- ‌[الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ]

- ‌[أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاع وَأَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[بِرُّ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[الِاسْتِغْفَار لِلْوَالِدَيْنِ]

- ‌[حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ]

- ‌الْهِجْرَانُ الْجَائِزُ

- ‌[مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ]

- ‌[سَمَاعَ الْأَمْرِ الْبَاطِلِ]

- ‌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌[حُكْم التَّوْبَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الْفِطْرَةِ وَالْخِتَانِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَاللِّبَاسِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌ صِبَاغُ الشَّعْرِ

- ‌ لِبَاسِ الْحَرِيرِ

- ‌ التَّخَتُّمِ بِالْحَدِيدِ

- ‌[التَّخَتُّم بِالذَّهَبِ]

- ‌[جَرّ الرَّجُلُ إزَارَهُ فِي الْأَرْضِ]

- ‌ وَصْلِ الشَّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

- ‌[آدَابِ الْأَكْلِ الْمُقَارِنَةِ لَهُ]

- ‌[الْآدَابِ الْمُقَارِنَةِ لِلشُّرْبِ]

- ‌[بَابٌ فِي السَّلَامِ وَالِاسْتِئْذَانِ وَالتَّنَاجِي]

- ‌[صِفَةُ السَّلَامِ]

- ‌[الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ السَّفَرِ أَوْ النَّوْمِ]

- ‌[آدَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ]

- ‌[بَابٌ فِي حُكْم التَّعَالُجِ]

- ‌الرُّقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ

- ‌[التَّدَاوِي بِالْكَيِّ]

- ‌[الْكَلَامِ عَلَى الطِّيَرَة]

- ‌[صِفَةِ الرُّقْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ]

- ‌[اتِّخَاذ الْكِلَاب فِي الْبُيُوت]

- ‌[الرِّفْق بِالْمَمْلُوكِ]

- ‌[بَابٌ فِي الرُّؤْيَا وَالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ وَغَيْرهَا]

- ‌[اللَّعِب بِالنَّرْدِ]

- ‌[اللَّعِب بِالشِّطْرَنْجِ]

- ‌[حُكْم المسابقة]

- ‌[صُوَرِ الْمُسَابَقَةِ]

- ‌[قَتْلَ جَمِيعِ الْحَشَرَاتِ بِالنَّارِ]

- ‌[قَتْلِ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَد]

- ‌[التَّفَاخُرَ بِالْآبَاءِ]

- ‌[أَفْضَلِ الْعُلُومِ]

- ‌[الثَّمَرَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ]

- ‌[الْمُحَافَظَةِ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[الجهاد قيء سبيل الله]

عَلَى مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ فَرِيضَةٌ يَحْمِلُهَا مَنْ قَامَ بِهَا وَكَذَلِكَ مُوَارَاتُهُمْ بِالدَّفْنِ وَغُسْلُهُمْ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ.

وَكَذَلِكَ‌

‌ طَلَبُ الْعِلْمِ

فَرِيضَةٌ عَامَّةٌ يَحْمِلُهَا مَنْ قَامَ بِهَا إلَّا مَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ،

وَفَرِيضَةُ الْجِهَادِ عَامَّةٌ يَحْمِلُهَا مَنْ قَامَ بِهَا إلَّا أَنْ يَغْشَى الْعَدُوُّ مَحَلَّةَ قَوْمٍ فَيَجِبُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ قِتَالُهُمْ إذَا كَانُوا مِثْلَيْ عَدَدِهِمْ،

وَالرِّبَاطُ فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ وَسَدُّهَا وَحِيَاطَتُهَا وَاجِبٌ يَحْمِلُهُ مَنْ قَامَ بِهِ.

وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَرِيضَةٌ،

وَالِاعْتِكَافُ نَافِلَةٌ،

وَالتَّنَفُّلُ بِالصَّوْمِ مُرَغَّبٌ فِيهِ وَكَذَلِكَ،

ــ

[الفواكه الدواني]

وَفِيهِ قَدْ صَلَّى نَبِيُّ الْمَرْحَمَةِ

قِيَامَهُ بِلَيْلَتَيْنِ فَاعْلَمْهُ

أَوْ بِثَلَاثٍ ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ لَهُ

خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ فِعْلُهُ

ثُمَّتْ كَانَ الْجَمْعُ فِيهِ مِنْ عُمَرَ

لِمَا وَعَاهُ مِنْ عَلِيٍّ مِنْ خَبَرٍ

مِنْ أَنَّهُ تَنْزِلُ أَمْلَاكٌ كِرَامٌ

بِرَمَضَانَ كُلَّ عَامٍ لِلْقِيَامِ

فَمَنْ لَهُمْ قَدْ مَسَّ أَوْ مَسُّوهُ

يَسْعَدْ وَالشِّقْوَةُ لَا تَعْرَوْهُ

وَمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه: نِعْمَتْ الْبِدْعَةُ هَذِهِ مُرَادُهُ أَنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهَا مَعَ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ شَبِيهٌ بِالْبِدْعَةِ لَا أَنَّ الصَّلَاةَ نَفْسَهَا بِدْعَةٌ، لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ الْحَدِيثِ اخْتِصَاصُ صَلَاةِ النَّفْلِ فِي اللَّيْلِ بِخُصُوصِ رَمَضَانَ قَالَ:(وَالْقِيَامُ) بِمَعْنَى الصَّلَاةِ فِي جُزْءٍ (مِنْ اللَّيْلِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ مِنْ النَّوَافِلِ الْمُرَغَّبِ فِيهَا) لِأَنَّ فِيهِ حُضُورَ الْقَلْبِ لِتَفَرُّغِهِ مِنْ الشَّوَاغِلِ، وَلِأَنَّ الْقِيَامَ فِي اللَّيْلِ مِنْ شِعَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ قَالَ تَعَالَى:{قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا} [المزمل: 2] وَنَاشِئَةُ اللَّيْلِ هِيَ الْقِيَامُ بَعْدَ النَّوْمِ، وَأَفْضَلُ اللَّيْلِ الثُّلُثُ الْأَخِيرُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ مَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ صَلَاةَ الْقِيَامِ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِرَمَضَانَ وَإِنَّمَا الْمُخْتَصُّ بِهِ تَأْكِيدُ النَّدْبِ، وَإِنَّمَا جُعِلَ فِي الْمَسَاجِدِ فِي رَمَضَانَ لِيَحْصُلَ لِعَامَّةِ النَّاسِ الِانْتِفَاعُ بِسَمَاعِ جَمِيعِ الْقُرْآنِ فِي أَفْضَلِ الشُّهُورِ.

[صَلَاة الْجِنَازَة]

(وَالصَّلَاةُ عَلَى مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ) وَلَوْ حُكْمًا مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا فِي بَابِ الْجَنَائِزِ (فَرِيضَةٌ) عَلَى جِهَةِ الْكِفَايَةِ (يَحْمِلُهَا مَنْ قَامَ بِهَا) عَنْ غَيْرِهِ مَنْ لَمْ يَقُمْ بِهَا، وَقِيلَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ. (وَكَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ الصَّلَاةِ فِي مُطْلَقِ الْوُجُوبِ (مُوَارَاتُهُمْ بِالدَّفْنِ) فَإِنَّهَا فَرْضٌ بِاتِّفَاقٍ وَلِذَلِكَ قُلْنَا التَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْوُجُوبِ. (وَغُسْلُهُمْ) أَيْ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ. (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى جِهَةِ الْكِفَايَةِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُوَارَاتَهُمْ بِالْكَفَنِ وَالدَّفْنِ لَا نِزَاعَ فِي وُجُوبِهِ عَلَى جِهَةِ الْكِفَايَةِ، وَأَمَّا غُسْلُهُمْ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ فَفِيهِمَا خِلَافٌ بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ.

[طَلَب الْعِلْم]

(وَكَذَلِكَ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَامَّةٌ) عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ (يَحْمِلُهَا مَنْ قَامَ بِهَا) عَنْ مَنْ لَمْ يَقُمْ بِهَا. (إلَّا مَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ) الْمُرَادُ الشَّخْصُ الْمُكَلَّفُ (فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ) كَمَعْرِفَةِ عَقَائِدِ الْإِيمَانِ وَأَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ، وَكَذَا أَحْكَامُ الْمُعَامَلَاتِ لِمَنْ يَتَعَاطَاهَا، لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى أَمْرٍ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الْفِقْهُ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَأُصُولٍ وَكَلَامٍ وَنَحْوِ لُغَةٍ بِإِقْرَاءٍ أَوْ تَأْلِيفٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} [التوبة: 122] وقَوْله تَعَالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] فَجَعَلَ مِنْ النَّاسِ سَائِلًا وَمَسْئُولًا، وَخَبَرُ:«اُطْلُبُوا الْعِلْمَ وَلَوْ بِالصِّينِ» . فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي وُجُوبِ طَلَبِ الْعِلْمِ بِمَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ مَعْرِفَتُهُ.

[الْجِهَاد قَيْءٍ سَبِيل اللَّه]

(وَفَرِيضَةُ الْجِهَادِ) فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ قِتَالُ الْكُفَّارِ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ (عَامَّةٌ) عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ حُرٍّ ذَكَرٍ قَادِرٍ. (وَيَحْمِلُهَا مَنْ قَامَ بِهَا) وَيَسْقُطُ عَنْ غَيْرِهِ بَاقِي الْمُكَلَّفِينَ. (إلَّا أَنْ يَغْشَى) أَيْ يَفْجَأَ (الْعَدُوُّ) الْكَافِرُ (مَحَلَّةَ قَوْمٍ) أَيْ مَنْزِلَهُمْ (فَيَجِبُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ) جَمِيعُهُمْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ الْأَحْرَارُ وَالْعَبِيدُ (قِتَالُهُمْ) قَالَ خَلِيلٌ: وَتَعَيَّنَ بِفَجْءِ الْعَدُوِّ وَإِنْ عَلَى امْرَأَةٍ وَعَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ إنْ عَجَزُوا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْفِرَارُ مِنْ الْكُفَّارِ. (إذَا كَانُوا) أَيْ الْكُفَّارُ (مِثْلَيْ عَدَدِهِمْ) أَيْ الْمُسْلِمِينَ قَالَ خَلِيلٌ بِالْعِطْفِ عَلَى الْمُحَرَّمِ: وَفِرَارٌ إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ فَإِنْ زَادَ عَدَدُ الْكُفَّارِ عَنْ مِثْلَيْ الْمُسْلِمِينَ جَازَ لِلْمُسْلِمِينَ الْفِرَارُ، إلَّا أَنْ يَبْلُغَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الْفِرَارُ، وَلَوْ كَانَتْ الْكُفَّارُ عَدَدَ الرِّمَالِ حَيْثُ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ، فَقَوْلُ خَلِيلٍ: وَلَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا الْوَاوُ لِلْحَالِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ أَيْ لَا إنْ نَقَصُوا عَنْ نِصْفٍ فَيَجُوزُ الْفِرَارُ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا.

(وَالرِّبَاطُ) أَيْ الْإِقَامَةُ (فِي ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ وَسَدُّهَا وَحِيَاطَتُهَا) أَيْ حِفْظُهَا (وَاجِبٌ) عَلَى جِهَةِ الْكِفَايَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ (يَحْمِلُهُ مَنْ قَامَ بِهِ) عَنْ غَيْرِهِ كَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَفِيهِ فَضْلٌ كَبِيرٌ حَتَّى قِيلَ إنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ، وَقَدْ صَحَّ: «مَنْ رَابَطَ فِي

ص: 272

صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَرَجَبَ وَشَعْبَانَ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَالتَّرْوِيَةِ وَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِغَيْرِ الْحَاجِّ أَفْضَلُ مِنْهُ لِلْحَاجِّ.

وَزَكَاةُ الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ فَرِيضَةٌ،

وَزَكَاةُ الْفِطْرِ سُنَّةٌ فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ.

وَحَجُّ الْبَيْتِ فَرِيضَةٌ،

وَالْعُمْرَةُ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ،

وَالتَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ،

وَالنِّيَّةُ بِالْحَجِّ فَرِيضَةٌ،

وَالطَّوَافُ لِلْإِفَاضَةِ فَرِيضَةٌ،

وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَرِيضَةٌ وَالطَّوَافُ الْمُتَّصِلُ بِهِ،

ــ

[الفواكه الدواني]

سَبِيلِ اللَّهِ فَوَاقَ نَاقَةٍ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ» . وَالثُّغُورُ بِالْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ ثَغْرٍ كَفَلْسٍ وَفُلُوسٍ الْفُرَجُ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ وَيُتَوَقَّعُ مِنْهَا الْخَوْفُ، وَلَا يُعَدُّ الْإِنْسَانُ مُرَابِطًا بِحَيْثُ يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ الْمَذْكُورُ إلَّا مَا كَانَ مُقِيمًا بِنَفْسِهِ لِمُجَرَّدِ ذَلِكَ.

(وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَرِيضَةٌ) عَلَى الْمُكَلَّفِينَ الْمُطِيقِينَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَاسْتِيفَاءِ شُرُوطِهِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ، دَلَّ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ، مَنْ شَكَّ فِيهَا يُكَفَّرُ وَيُسْتَتَابُ، وَهُوَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي اسْتِعْمَالِ لَفْظِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَهْرٍ وَلَا قَرِينَةَ وَعَدَمُ صِحَّةِ كَوْنِهِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، مَنْ صَامَهُ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.

(وَالِاعْتِكَافُ) وَهُوَ لُزُومُ مَسْجِدٍ مُبَاحٍ لِقُرْبَةٍ قَاصِرَةٍ عَلَى الذِّكْرِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَالصَّوْمُ بِصَوْمٍ مَعْزُومٍ عَلَى دَوَامِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً سِوَى وَقْتِ خُرُوجِهِ لِجُمُعَةٍ أَوْ لِمَعْنِيِّهِ الْمَمْنُوعِ فِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ كَقَضَاءِ حَاجَةٍ. (نَافِلَةٌ) مِنْ نَوَافِلِ الْغَيْرِ يُفْعَلُ فِي رَمَضَانَ وَفِي غَيْرِهِ لِلتَّشَبُّهِ بِالْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ فِي اسْتِغْرَاقِ سَائِرِ الْأَوْقَاتِ بِالْعِبَادَةِ حَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَصِحَّتُهُ بِإِسْلَامٍ وَعَقْلٍ وَتَمْيِيزٍ وَمُطْلَقِ صَوْمٍ وَمَسْجِدٍ مُبَاحٍ وَقَدْ فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم.

(وَالتَّنَفُّلُ) بِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ فِي أَوْقَاتِ الْجَوَازِ مَنْدُوبٌ شَرْعًا خُصُوصًا (بِالصَّوْمِ) فَإِنَّهُ (مُرَغَّبٌ فِيهِ) بِشَهَادَةِ الْأَدِلَّةِ الَّتِي مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] فَإِنَّهُ قِيلَ: إنَّهُمْ هُمْ الصَّائِمُونَ، وَمِنْهَا مَا جَاءَ:«أَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» ، وَمَعْنَى إجْزَائِهِ بِهِ أَنَّهُ تَعَالَى إذَا حَاسَبَ عَبْدَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَظَالِمِ مِنْ سَائِرِ أَعْمَالِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ تَعَالَى يَتَحَمَّلُ عَنْهُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّةَ، وَلِذَلِكَ يُسْتَحَبُّ صِيَامُ الدَّهْرِ وَالْجُمُعَةِ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - كَانَتْ تَصُومُ الدَّهْرَ حَضَرًا وَسَفَرًا. وَلَمَّا كَانَ صَوْمُ بَعْضِ الْأَيَّامِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ، كَمَا أَنَّ صَوْمَ بَعْضِ الشُّهُورِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:(وَكَذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْمُرَغَّبِ فِي صَوْمِهِ «صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِالْمَدِّ وَهُوَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ، فَإِنَّهُ لَمَّا سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِهِ قَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ» وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ يَوْمُ تَاسُوعَاءَ، وَأَمَّا صَوْمُ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَاَلَّتِي بَعْدَهُ، وَالتَّكْفِيرُ مَنُوطٌ بِالْأَفْضَلِيَّةِ، وَكَانَ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَرْضًا قَبْلَ رَمَضَانَ ثُمَّ نُسِخَتْ فَرْضِيَّتُهُ.

(وَ) مِنْ الْمُرَغَّبِ فِي صَوْمِهِ شَهْرُ (رَجَبَ) بِالصَّرْفِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ التَّرْجِيبِ وَهُوَ التَّعْظِيمُ، وَيُسَمَّى بِالْأَصَمِّ بِالْمِيمِ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لَا تَسْمَعُ فِيهِ صَوْتَ السِّلَاحِ وَهُوَ فَرْدٌ مِنْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَبَقِيَّتُهَا الثَّلَاثَةُ مُتَوَالِيَةٌ: الْقِعْدَةُ وَالِحْجَةُ وَالْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الْأَرْبَعَةِ الْمُحَرَّمُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ:«أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَة صَلَاةُ اللَّيْلِ» .

(وَ) مِنْ الْمُرَغَّبِ فِيهِ صِيَامُ شَهْرِ (شَعْبَانَ) فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ لَا يَصُومُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ فَقَدْ كَانَ يَصُومُهُ إلَّا قَلِيلًا.

(وَ) مِنْ الْمُرَغَّبِ فِي صِيَامِهِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ صَوْمُ (يَوْمِ عَرَفَةَ) وَهُوَ تَاسِعُ الْحِجَّةِ وَهُوَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ.

(وَ) مِنْ الْمُرَغَّبِ فِيهِ صَوْمُ يَوْمِ (التَّرْوِيَةِ) وَهُوَ مَا قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ وَهُوَ ثَامِنُ ذِي الْحِجَّةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرْوُونَ فِيهِ عِنْدَ إرَادَةِ الذَّهَابِ إلَى مِنًى وَهُوَ يُكَفِّرُ سَنَةً. وَلَمَّا كَانَ نَدْبُ صَوْمِ عَرَفَةَ لِغَيْرِ الْحَاجِّ قَالَ:(وَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِغَيْرِ الْحَاجِّ أَفْضَلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ (لِلْحَاجِّ) وَأَمَّا الْحَاجُّ فَالْفِطْرُ لَهُ أَفْضَلُ لِيَتَقَوَّى عَلَى الدُّعَاءِ، وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ.

(وَزَكَاةُ الْعَيْنِ) لَا الْفُلُوسِ الْجُدُدِ وَلَوْ تُعُومِلَ بِهَا (وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ) وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ (فَرِيضَةٌ) بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، فَالْجَاحِدُ لَهَا يُسْتَتَابُ، وَتُؤْخَذُ مِنْ الْمُمْتَنِعِ مِنْهَا عِنَادًا كُرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ.

(وَزَكَاةُ الْفِطْرِ سُنَّةٌ) أَيْ ثَبَتَ وُجُوبُهَا بِالسُّنَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) وَقِيلَ: وَبِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]

(وَحَجُّ الْبَيْتِ) عَلَى كُلِّ مُسْتَطِيعٍ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ مَعَ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ (فَرِيضَةٌ) فِي الْعُمُرِ مَرَّةً بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، جَاحِدُهُ كَافِرٌ وَتَارِكُهُ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِوُجُوبِهِ وَاسْتِطَاعَتِهِ اللَّهُ حَسِيبُهُ يَنْتَقِمُ مِنْهُ بِعَدْلِهِ.

(وَالْعُمْرَةُ) وَهِيَ عِبَادَةٌ ذَاتُ إحْرَامٍ وَسَعْيٌ وَطَوَافٌ (سُنَّةٌ) فِي الْعُمُرِ مَرَّةً (وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهَا فِي الْعَامِ.

(وَالتَّلْبِيَةُ) فِي حَالِ فِعْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) الَّذِي شَهَرَهُ شُرَّاحُ خَلِيلٍ وُجُوبُهَا بِدَلِيلِ وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى تَارِكِهَا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ تُرِكَتْ أَوَّلَهُ قُدِّمَ إنْ طَالَ،

ص: 273

وَاجِبٌ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ آكَدُ مِنْهُ،

وَالطَّوَافُ لِلْوَدَاعِ سُنَّةٌ،

وَالْمَبِيتُ بِمِنًى لَيْلَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ سُنَّةٌ،

وَالْجَمْعُ بِعَرَفَةَ وَاجِبٌ،

وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَرِيضَةٌ،

وَمَبِيتُ الْمُزْدَلِفَةِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ،

وَوُقُوفُ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ مَأْمُورٌ بِهِ،

وَرَمْيُ الْجِمَارِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ وَكَذَلِكَ الْحِلَاقُ،

وَتَقْبِيلُ الرُّكْنِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ،

وَالْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ سُنَّةٌ،

وَالرُّكُوعُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ،

وَغُسْلُ عَرَفَةَ سُنَّةٌ،

وَالْغُسْلُ،

ــ

[الفواكه الدواني]

وَإِنَّمَا السُّنِّيَّةُ مُقَارَنَتُهَا لِلْإِحْرَامِ، وَكَلَامُ خَلِيلٍ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِ مَا شَهَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِهِ فَتَأَمَّلْ. وَيُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَعْنَاهَا الْإِجَابَةُ، فَمَعْنَى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ أَجَبْتُك إجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ، وَأَوَّلُ مَنْ لَبَّى الْمَلَائِكَةُ كَمَا أَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ.

(وَالنِّيَّةُ بِالْحَجِّ) وَكَذَا الْعُمْرَةِ (فَرِيضَةٌ) لِأَنَّ النِّيَّةَ رُكْنٌ أَوْ شَرْطٌ لِكُلِّ عِبَادَةٍ، وَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام:«إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» . وَيَظْهَرُ أَنَّ الْبَاءَ فِي بِالْحَجِّ زَائِدَةٌ لِأَنَّ نَوَى وَمَصْدَرَهُ مُتَعَدِّيَانِ

(وَالطَّوَافُ لِلْإِفَاضَةِ) وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (فَرِيضَةٌ) لِأَنَّهُ أَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى شُرُوطِهِ.

(وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) لِلْحَجِّ وَكَذَلِكَ لِلْعُمْرَةِ (فَرِيضَةٌ) لِأَنَّهُ مِنْ أَرْكَانِهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِحْرَامَ وَالسَّعْيَ وَالطَّوَافَ أَرْكَانٌ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، إلَّا أَنَّ طَوَافَ الْعُمْرَةِ لَا يُقَالُ لَهُ طَوَافُ إفَاضَةٍ، لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ طَوَافُ إفَاضَةٍ إلَّا مَا وَقَعَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ النُّزُولِ مِنْ عَرَفَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: 198] إلَخْ وَأَمَّا الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَمُخْتَصٌّ بِالْحَجِّ فَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ وَالْعُمْرَةُ ثَلَاثٌ، وَزَمَنُ سَعْيِ الْحَجِّ قَبْلَ عَرَفَةَ إنْ طَافَ لِلْقُدُومِ بِأَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ وَلَمْ يُرَاهِقْ وَلَمْ يُرْدِفْ بِالْحَرَمِ وَإِلَّا سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ. (وَالطَّوَافُ الْمُتَّصِلُ) أَيْ السَّعْيُ (بِهِ) أَيْ بِالطَّوَافِ لِأَنَّ صِحَّةَ السَّعْيِ بِتَقْدِيمِ طَوَافٍ (وَاجِبٍ) يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَوَجَبَ كَالسَّعْيِ قَبْلَ عَرَفَةَ إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ وَلَمْ يُرَاهِقْ وَلَمْ يُرْدِفْ يُحْرِمْ، وَلَكِنَّهُ أَحَطُّ رُتْبَةً مِنْ الْفَرْضِ لِانْجِبَارِهِ بِالدَّمِ دُونَ الْفَرْضِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالرُّكْنِ وَلِذَلِكَ قَالَ:(وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ آكَدُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الطَّوَافِ السَّابِقِ عَلَى السَّعْيِ قُبَيْلَ عَرَفَةَ وَهُوَ طَوَافُ الْقُدُومِ لِانْجِبَارِهِ بِالدَّمِ، دُونَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لَا يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ كَالسَّعْيِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ: الْوَاجِبُ وَالْفَرْضُ مُتَرَادِفَانِ وَيَسْتَوِيَانِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي الْحَجِّ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ أَخَفُّ مِنْ الْفَرْضِ مِنْ حَيْثُ انْجِبَارُ الْوَاجِبِ بِالدَّمِ دُونَ الْفَرْضِ وَإِنْ تَرَتَّبَ الْإِثْمُ عَلَى تَرْكِ كُلٍّ.

(وَالطَّوَافُ لِلْوَدَاعِ) وَهُوَ الَّذِي يُفْعَلُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَجِّ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَلَوْ لِلْجُحْفَةِ (سُنَّةٌ) خَفِيفَةٌ، وَقَالَ خَلِيلٌ: إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فَإِنَّهُ قَالَ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمَنْدُوبِ، وَطَوَافُ الْوَدَاعِ إنْ خَرَجَ لَكَالْجُحْفَةِ لَا كَالتَّنْعِيمِ، وَسَوَاءٌ خَرَجَ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ أَوْ لِحَاجَةٍ، وَأَمَّا الْخَارِجُ لِنَحْوِ التَّنْعِيمِ فَلَا يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ الْإِقَامَةَ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي خَرَجَ إلَيْهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى طَلَبِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافُ» وَلَا دَمَ عَلَى تَارِكِهِ كَسَائِرِ الْمَنْدُوبَاتِ وَالْمَسْنُونَاتِ الَّتِي لَمْ يُشْهَرَ وُجُوبُهَا، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ تَوْدِيعٌ بِالْبَيْتِ وَيَتَأَدَّى بِالْإِفَاضَةِ وَالْعُمْرَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ طَوَافَ الْحَجِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: رُكْنٌ وَوَاجِبٌ وَمَنْدُوبٌ الْأَوَّلُ: طَوَافُ الْإِفَاضَةِ، وَالثَّانِي: الْقُدُومُ، وَالثَّالِث: الْوَدَاعُ وَمَا عَدَّا ذَلِكَ تَطَوُّعٌ.

(وَالْمَبِيتُ بِمِنًى لَيْلَةَ) التَّاسِعِ وَهُوَ (يَوْمُ عَرَفَةَ سُنَّةٌ) وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ خَلِيلٌ النَّدْبُ وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ لَا دَمَ فِي تَرْكِهِ.

(وَالْجَمْعُ) بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ (بِعَرَفَةَ) جَمْعُ تَقْدِيمٍ، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ جَمْعُ تَأْخِيرٍ (وَاجِبٌ) أَيْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَا دَمَ فِي تَرْكِهِ.

(وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ) بَعْدَ الْغُرُوبِ سَاعَةً لَيْلَةِ النَّحْرِ (فَرِيضَةٌ) يَفُوتُ الْحَجُّ بِفَوَاتِهِ، وَأَمَّا الْوُقُوفُ بِهِ جُزْءًا مِنْ النَّهَارِ فَوَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ وَهُوَ أَعْظَمُ أَرْكَانِ الْحَجِّ مِنْ جِهَةِ فَوَاتِ الْحَجِّ بِفَوَاتِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«الْحَجُّ عَرَفَةَ» وَالْأَفْضَلُ فِي صِفَةِ الْوُقُوفِ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ لِيَتَقَوَّى عَلَى الدُّعَاءِ لِاسْتِثْنَائِهِ مِنْ حَدِيثِ: «لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ الدَّوَابِّ مَسَاطِبَ» وَيَكُونُ فِي وُقُوفِهِ مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الْكَعْبَةِ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ، لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ وَقْتُ غُفْرَانِ الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ.

(وَمَبِيتُ) لَيْلَةِ (الْمُزْدَلِفَةِ) بِهَا (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ خَلِيلٌ الِاسْتِحْبَابَ، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ النُّزُولُ بِهَا بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ وَيَلْزَمُ بِتَرْكِهِ الدَّمُ.

(وَوُقُوفُ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ إلَى قُرْبِ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِلذِّكْرِ (مَأْمُورٌ بِهِ) عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198] وَهُوَ مَحَلٌّ قَرِيبٌ مِنْ مِنًى.

(وَرَمْيُ الْجِمَارِ) مُطْلَقًا (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ الْوُجُوبُ يُلْزِمُ الدَّمَ وَلَوْ بِتَرْكِ حَصَاةٍ، وَقَوْلِي مُطْلَقًا لِيَشْمَلَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَغَيْرَهَا، وَقَوْلُ خَلِيلٍ: بِالْعَطْفِ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَرَمْيِهِ الْعَقَبَةِ حِينَ وُصُولِهِ، فَالنَّدْبُ مُنْصَبٌّ عَلَى الرَّمْيِ حِينَ الْوُصُولِ، وَأَمَّا فِي نَفْسِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. (وَكَذَلِكَ الْحِلَاقُ) فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالتَّقْصِيرُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ عِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ، وَاَلَّذِي

ص: 274

لِدُخُولِ مَكَّةَ مُسْتَحَبٌّ.

وَالصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً،

وَالصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَذًّا أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ التَّضْعِيفِ بِذَلِكَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام وَلَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ،

ــ

[الفواكه الدواني]

مَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ الْوُجُوبُ لِلُّزُومِ الدَّمِ لِمَنْ تَرَكَهُ جُمْلَةً وَأَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِهِ فَإِنَّهُ قَالَ بِالْعَطْفِ عَلَى مَا فِيهِ الدَّمُ: كَتَأْخِيرِهِ الْحَلْقَ لِبَلَدِهِ أَوْ الْإِفَاضَةِ لِلْمُحْرِمِ وَرَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ أَوْ الْجَمِيعِ لِلَيْلٍ.

قَالَ شَارِحُهُ: أَيْ وَتَأْخِيرُ رَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْ الْعَقَبَةِ أَوْ غَيْرِهَا فِيهِ دَمٌ، وَكَذَلِكَ تَأْخِيرُ حَصَاةِ جَمْرَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ الْجِمَارِ الْجَمِيعِ عَنْ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُوَ النَّهَارُ لِلَّيْلِ وَهُوَ وَقْتُ الْقَضَاءِ، وَأَوْلَى فِي وُجُوبِ الدَّمِ لَوْ فَاتَ الْوَقْتَانِ.

(وَتَقْبِيلُ الرُّكْنِ) وَهُوَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ فِي الشَّوْطِ الْأَوَّلِ مِنْ الطَّوَافِ (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) وَأَمَّا تَقْبِيلُهُ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَوْطٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ فَمُسْتَحَبٌّ.

قَالَ خَلِيلٌ فِي بَيَانِ سُنَنِ الطَّوَافِ: وَلِلطَّوَافِ الْمَشْيُ بِأَنْ قَالَ: وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ بِفَمٍ أَوَّلَهُ.

قَالَ شُرَّاحُهُ: وَأَمَّا بَعْدَ الْأَوَّلِ فَمُسْتَحَبٌّ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَقْبِيلِهِ بِفَمِهِ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَضَعْهَا عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَيَمَسَّهُ بِعُودٍ ثُمَّ يَضَعْهُ عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ، فَإِنْ عَجَزَ كَبَّرَ وَمَضَى، وَمِثْلُ الْحَجَرِ فِي السُّنِّيَّةِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ الرُّكْنُ الْيَمَانِيُّ فَإِنَّهُ يُسَنُّ اسْتِلَامُهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَالْيَمَانِيُّ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ اسْتِلَامُهُ لَا تَقْبِيلُهُ.

(وَالْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ سُنَّةٌ) وَصِفَتُهُ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ فِي طَلَبِ اتِّصَالِهِ بِالْإِحْرَامِ وَلَا دَمَ فِي تَرْكِهِ، وَيُطْلَبُ حَتَّى مِنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَيَتَدَلَّكُ فِيهِ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ.

(وَالرُّكُوعُ) أَيْ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ (عِنْدَ الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ) وَالْفَرْضُ مُجْزِئٌ فِي تَحْصِيلِ سُنَّةِ الْإِحْرَامِ.

(وَغُسْلُ) الْمُحْرِمِ عِنْدَ إرَادَةِ الْوُقُوفِ فِي (عَرَفَةَ سُنَّةٌ) وَيَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْوُقُوفِ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِالزَّوَالِ، فَلَا يَصِحُّ فِعْلُهُ قَبْلَهُ وَيُفْعَلُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَيُطْلَبُ مِنْ كُلِّ مَرِيدٍ الْوُقُوفَ وَلَوْ الْحَائِضَ، وَلَكِنْ لَا يَتَدَلَّكُ فِيهِ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ شُرَّاحُ خَلِيلٍ أَنَّ الْغُسْلَ لِلْوُقُوفِ مُسْتَحَبٌّ.

(وَالْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ مُسْتَحَبٌّ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَكُونُ مُتَّصِلًا بِدُخُولِهَا أَوْ فِي حُكْمِ الْمُتَّصِلِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَبِيتَ خَارِجَهَا، وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ بِطُوًى إنْ مَرَّ بِهَا، وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْغُسْلُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ لِطَوَافٍ لَمْ يُطْلَبْ إلَّا مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الطَّوَافُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ حَائِضٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ اغْتِسَالَاتِ الْحَجِّ ثَلَاثَةٌ السُّنَّةُ مِنْهَا غُسْلُ الْإِحْرَامِ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَا عَدَاهُ مُسْتَحَبٌّ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْحَطَّابُ.

(وَ) فِعْلُ (الصَّلَاةِ) الْمَفْرُوضَةِ (فِي الْجَمَاعَةِ) وَهِيَ مَا قَابَلَ الْفَذَّ فَيَصْدُقُ بِالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً) وَفِي رِوَايَةٍ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا، فَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ كَانَتْ لَهُ دَرَجَةٌ، وَمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ ثَمَانٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً أَوْ سِتٌّ وَعِشْرُونَ، لِأَنَّ السَّبْعَ أَوْ الْخَمْسَ وَالْعِشْرِينَ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَصْلِ، وَمَعْنَى الْجُزْءِ وَالدَّرَجَةِ الصَّلَاةُ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ لِجَوَازِ كَوْنِ الْجُزْءِ الْأَكْبَرِ مِنْ الدَّرَجَةِ، أَوْ أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَوَّلًا بِالْقَلِيلِ ثُمَّ أَخْبَرَ بِالْكَثِيرِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ إيضَاحُهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْفَضْلَ لَا يَحْصُلُ بِإِدْرَاكِ أَقَلِّ مِنْ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَفْرُوضَةِ فَسَيَأْتِي أَنَّ الْأَفْضَلَ فِيهَا الِانْفِرَادُ إلَّا التَّرَاوِيحَ.

(وَالصَّلَاةُ) الْمَفْرُوضَةُ (فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) وَهُوَ مَسْجِدُ مَكَّةَ (وَ) كَذَا الصَّلَاةُ فِي (مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم) وَهُوَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ وَكَذَا مَسْجِدُ إيلْيَاءَ وَهِيَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ لِأَنَّهُ يَلِي الْأَوَّلَيْنِ فِي الْفَضْلِ، وَيَلِي تِلْكَ الْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ مَسْجِدُ قُبَاءَ حَالَةَ كَوْنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ الْمَذْكُورَةِ. (فَذًّا أَفْضَلَ مِنْ الصَّلَاةِ فِي سَائِرِ) أَيْ بَاقِي (الْمَسَاجِدِ) وَسَكَتَ كَغَيْرِهِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِهَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَوْ يَتَعَيَّنُ عَدَمَ التَّفَاضُلِ مِنْ حَيْثُ الْبِقَاعُ فَالصَّلَاةُ فِي نَحْوِ الْأَزْهَرِ كَالصَّلَاةِ فِي غَيْرِهِ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ فَيُمْكِنُ التَّفَاضُلُ فِي الثَّوَابِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي أَحَدِ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ عَلَى غَيْرِهَا، أَنَّ مَنْ صَلَّى فَذًّا فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا يُعِيدُ تِلْكَ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ مَسَاجِدِهَا لَا فَذًّا وَلَا جَمَاعَةً لِمَا عَرَفَتْ مِنْ أَنَّ فَذَّهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهَا، بِخِلَافِ مَنْ صَلَّى فِي غَيْرِهَا فَذَّا فَيُعِيدُ فِيهَا وَلَوْ فَذًّا، وَأَمَّا الْمُصَلِّي فِي غَيْرِهَا جَمَاعَةً فَإِنَّمَا يُعِيدُ فِيهَا فِي جَمَاعَةٍ وَقِيلَ وَفَذًّا، وَقَوْلُنَا فِي غَيْرِ مَسَاجِدِهَا لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ صَلَّى فِي بَعْضِهَا ثُمَّ دَخَلَ الْبَعْضَ الْآخَرَ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ صَلَّى فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ، ثُمَّ دَخَلَ غَيْرَهُ مِنْ نَدْبِ إعَادَةِ الْفَذِّ فِي الْجَمَاعَةِ فَقَطْ لَا إنْ صَلَّى جَمَاعَةً، فَلَا يُعِيدُ فِي غَيْرِ مَا صَلَّى فِيهِ وَلَوْ مَعَ جَمَاعَةٍ أَفْضَلَ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهَا، وَقَيَّدْنَا بِالْمَفْرُوضَةِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي غَيْرِ الْفَرَائِضِ الْفِعْلُ فِي الْبُيُوتِ إلَّا لِلْغَرِيبِ فِي الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ لَهُ فِعْلُ النَّوَافِلِ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ صَلَاةَ الْفَرَائِضِ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِيمَا سِوَاهَا، شَرَعَ فِي بَيَانِ تَفَاضُلِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ:(وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ التَّضْعِيفِ) أَيْ الزِّيَادَةِ (بِذَلِكَ) التَّفْصِيلِ (بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام) الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي بَيَانِ فَضْلِ أَحَدِ الْمَسْجِدَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَلَمْ يَرْتَضِهِ جَمِيعُ شُرَّاحِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بَيَانُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ الْبَلَدَيْنِ، وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ إمَامُنَا مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ أَنَّ

ص: 275