المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَمَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ إذَا - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني - جـ ٢

[النفراوي]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ وَالْخُلْعِ وَالرَّضَاعِ

- ‌[أَرْكَان النِّكَاح]

- ‌[الْمُحْرِمَات فِي النِّكَاح]

- ‌[الْقَسْمُ بَيْن الزَّوْجَاتِ]

- ‌[شَرْطَ وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[إسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا]

- ‌ الطَّلَاقُ

- ‌الْخُلْعُ

- ‌[أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ]

- ‌[مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ]

- ‌[عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ الْمُوجِبَةِ لِخِيَارِ كُلٍّ فِي صَاحِبِهِ]

- ‌[أَحْكَامِ الزَّوْجِ الْمَفْقُودِ]

- ‌[النِّيَابَةِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْإِيلَاء]

- ‌[الظِّهَار]

- ‌اللِّعَانُ

- ‌[صِفَةِ اللِّعَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْعَبْدِ]

- ‌[الرَّضَاع]

- ‌[بَابٌ فِي الْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[أَسْبَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌عِدَّةُ الْحُرَّةِ الْمُسْتَحَاضَةِ أَوْ الْأَمَةِ فِي الطَّلَاقِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنْ الْوَفَاةِ]

- ‌عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ وَفَاةِ سَيِّدِهَا

- ‌وَاسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَأَسْبَابُهَا]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[بَاب السَّلَم]

- ‌الْعُهْدَةُ

- ‌[السَّلَمُ فِي الْعُرُوضِ]

- ‌[أَقَلِّ أَجَلِ السَّلَمِ]

- ‌[بَيْع الدِّين بالدين]

- ‌[الْبِيَاعَات الْمُنْهِيَ عَنْهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ]

- ‌[بَيْع الجزاف]

- ‌[الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ]

- ‌[بَاب الْإِجَارَة]

- ‌[حُكْم الْإِجَارَة]

- ‌[شُرُوط الْإِجَارَة]

- ‌[الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ الدَّوَابِّ]

- ‌[الْإِجَارَةُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ]

- ‌[تضمين الصناع]

- ‌[بَاب الشَّرِكَة]

- ‌[حُكْم الشَّرِكَة وَأَرْكَانهَا]

- ‌[بَاب الْقِرَاض]

- ‌[الْقِرَاضُ بِالْعُرُوضِ]

- ‌[بَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[أَرْكَانُ الْمُسَاقَاة]

- ‌[بَاب الْمُزَارَعَة]

- ‌[الصُّوَر الْمَمْنُوعَة فِي الْمُزَارَعَة]

- ‌[حُكْمِ شِرَاءِ الْعَرَايَا]

- ‌بَابٌ فِي الْوَصَايَا

- ‌[الْإِيصَاءُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَامِ الْوَصَايَا الْمُتَّحِدَةِ الرُّتْبَةِ وَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهَا]

- ‌[أَحْكَام التَّدْبِير]

- ‌[صفة إخْرَاج الْمُدَبَّرِ وَعِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ]

- ‌[أَحْكَام الْكِتَابَة]

- ‌[أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]

- ‌[أَحْكَامِ الْعِتْق النَّاجِز]

- ‌[الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ]

- ‌[مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ]

- ‌[بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ]

- ‌[مَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ]

- ‌[أَحْكَام الْهِبَة]

- ‌[هِبَة الْوَالِد جَمِيعَ مَالِهِ لِبَعْضِ أَوْلَادِهِ]

- ‌[مُبْطِلَات الْهِبَة]

- ‌[أَحْكَام الحبس]

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَى]

- ‌[بَيَان حُكْمِ الْحُبُسِ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ]

- ‌[صِفَةِ قَسْمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب الرَّهْن]

- ‌ضَمَانُ الرَّهْنِ

- ‌[مُسْتَحِقّ غَلَّةَ الرَّهْنِ]

- ‌[بَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[حُكْمِ الِاتِّجَارِ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[بَاب اللُّقَطَة]

- ‌[أَحْكَام الضَّالَّةِ]

- ‌[التَّعَدِّي عَلَى مَالِ الْغَيْرِ]

- ‌[بَاب الْغَصْب]

- ‌بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ

- ‌[ثُبُوت الْقَتْل بِالْقَسَامَةِ]

- ‌[صفة الْقَسَامَة وَحَقِيقَتَهَا]

- ‌[صِفَةِ حَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَمَنْ يَحْلِفُهَا]

- ‌[مَا تَكُون فِيهِ الْقَسَامَة]

- ‌[الْعَفْو عَنْ الدَّم]

- ‌[أَحْكَام الدِّيَة]

- ‌[مِقْدَار الدِّيَة]

- ‌[دِيَةِ الْأَطْرَافِ وَالْمَعَانِي]

- ‌[الْقِصَاص فِي الْجِرَاح]

- ‌[تَحْمِل الْعَاقِلَة شَيْئًا مِنْ الدِّيَة مَعَ الْجَانِي]

- ‌[مُسْتَحَقّ دِيَةِ الْمَقْتُولِ]

- ‌[أَحْكَامِ كَفَّارَة الْقَتْل]

- ‌[كِتَاب الْحُدُود]

- ‌[أَحْكَامِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌مِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ

- ‌[أَحْكَامِ الْمُحَارِب]

- ‌[بَاب الزِّنَا]

- ‌[مَا يَثْبُتُ بِهِ الزِّنَا]

- ‌[حَدّ اللِّوَاط]

- ‌[بَاب القذف]

- ‌ شُرُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[كَرَّرَ شُرْبَ الْخَمْرِ أَوْ كَرَّرَ فِعْلَ الزِّنَا]

- ‌[صِفَةِ الْمَحْدُودِ]

- ‌[بَاب السَّرِقَة]

- ‌[مَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ]

- ‌[حُكْم الشَّفَاعَةِ فِيمَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَدٌّ]

- ‌(بَابٌ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ)

- ‌[وَجَدَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْحَقِّ بَعْدَ يَمِينِ الْمَطْلُوبِ]

- ‌[أَقْسَام الشَّهَادَة]

- ‌[مَا تَشْهَدُ فِيهِ النِّسَاءُ]

- ‌ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ

- ‌[شَهَادَة الزَّوْج لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[شَهَادَةُ وَصِيٍّ لِيَتِيمِهِ بِشَيْءٍ عَلَى آخَرَ]

- ‌ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِي الْجِرَاحِ

- ‌[مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ التَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَمَنْ لَا يَصِحُّ]

- ‌[الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْوَكَالَة]

- ‌[حُكْمِ الصُّلْحِ]

- ‌[بَعْض مَسَائِل الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الْفَلَسِ]

- ‌[بَعْضَ مَسَائِلَ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ]

- ‌[شُرُوط الْحَوَالَةِ]

- ‌[أَحْكَام الْقِسْمَة]

- ‌[شُرُوط الْقِسْمَة]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَعْضِ مَسَائِلَ مِنْ الْإِقْرَارِ]

- ‌[حُكْمِ مَا إذَا مَاتَ أَجِيرُ الْحَجِّ قَبْلَ التَّمَام]

- ‌[بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْوَارِثَاتِ مِنْ النِّسَاءِ]

- ‌[الْفُرُوض فِي الْمِيرَاث]

- ‌[إرْثِ الْبَنَاتِ مَعَ الْأَخَوَاتِ]

- ‌[أَنْوَاع الحجب]

- ‌[مِيرَاث الْإِخْوَة لإم]

- ‌[مَوَانِعِ الْإِرْث]

- ‌مِيرَاثُ الْجَدِّ

- ‌[إرْث الْجَدَّة]

- ‌[اجْتِمَاعِ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَ الْجَدِّ]

- ‌[مَنْ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَوْل]

- ‌[كَيْفِيَّةُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَتَأْصِيلِهَا وَكَيْفِيَّةُ قَسْمِ التَّرِكَةِ]

- ‌بَابٌ: جُمَلٌ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ الْوَاجِبَةِ وَالرَّغَائِبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[حُكْم السِّوَاك]

- ‌[الْقُنُوت فِي الصَّلَاة]

- ‌[صَلَاةُ الْجُمُعَةِ]

- ‌[صَلَاة الْوِتْر]

- ‌[جَمْعِ الصَّلَاة]

- ‌رَكْعَتَا الْفَجْرِ

- ‌صَلَاةُ الضُّحَى

- ‌ قِيَامُ رَمَضَانَ

- ‌[الْفِطْر فِي السَّفَر]

- ‌ طَلَبُ الْعِلْمِ

- ‌[صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[الْجِهَاد قَيْءٍ سَبِيل اللَّه]

- ‌ غَضُّ الْبَصَرِ

- ‌[صَلَاة النَّوَافِل فِي الْبُيُوت]

- ‌[صَوْنُ اللِّسَانِ عَنْ الْكَذِبِ]

- ‌[الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ فِي زَمَنِ خُرُوجِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاس]

- ‌أَكْلِ الطَّيِّبِ

- ‌[أَكْلَ الْمَيْتَةِ]

- ‌ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ

- ‌ شُرْبَ الْخَمْرِ

- ‌[الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ]

- ‌[أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاع وَأَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ]

- ‌[بِرُّ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌[الِاسْتِغْفَار لِلْوَالِدَيْنِ]

- ‌[حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ]

- ‌الْهِجْرَانُ الْجَائِزُ

- ‌[مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ]

- ‌[سَمَاعَ الْأَمْرِ الْبَاطِلِ]

- ‌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌[حُكْم التَّوْبَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الْفِطْرَةِ وَالْخِتَانِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ وَاللِّبَاسِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ

- ‌ صِبَاغُ الشَّعْرِ

- ‌ لِبَاسِ الْحَرِيرِ

- ‌ التَّخَتُّمِ بِالْحَدِيدِ

- ‌[التَّخَتُّم بِالذَّهَبِ]

- ‌[جَرّ الرَّجُلُ إزَارَهُ فِي الْأَرْضِ]

- ‌ وَصْلِ الشَّعْرِ

- ‌بَابٌ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

- ‌[آدَابِ الْأَكْلِ الْمُقَارِنَةِ لَهُ]

- ‌[الْآدَابِ الْمُقَارِنَةِ لِلشُّرْبِ]

- ‌[بَابٌ فِي السَّلَامِ وَالِاسْتِئْذَانِ وَالتَّنَاجِي]

- ‌[صِفَةُ السَّلَامِ]

- ‌[الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ السَّفَرِ أَوْ النَّوْمِ]

- ‌[آدَابِ قَارِئِ الْقُرْآنِ]

- ‌[بَابٌ فِي حُكْم التَّعَالُجِ]

- ‌الرُّقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِالْكَلَامِ الطَّيِّبِ

- ‌[التَّدَاوِي بِالْكَيِّ]

- ‌[الْكَلَامِ عَلَى الطِّيَرَة]

- ‌[صِفَةِ الرُّقْيَةِ مِنْ الْعَيْنِ]

- ‌[اتِّخَاذ الْكِلَاب فِي الْبُيُوت]

- ‌[الرِّفْق بِالْمَمْلُوكِ]

- ‌[بَابٌ فِي الرُّؤْيَا وَالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ وَغَيْرهَا]

- ‌[اللَّعِب بِالنَّرْدِ]

- ‌[اللَّعِب بِالشِّطْرَنْجِ]

- ‌[حُكْم المسابقة]

- ‌[صُوَرِ الْمُسَابَقَةِ]

- ‌[قَتْلَ جَمِيعِ الْحَشَرَاتِ بِالنَّارِ]

- ‌[قَتْلِ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَد]

- ‌[التَّفَاخُرَ بِالْآبَاءِ]

- ‌[أَفْضَلِ الْعُلُومِ]

- ‌[الثَّمَرَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْعِلْمِ]

- ‌[الْمُحَافَظَةِ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: وَمَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ إذَا

وَمَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ إذَا كَانَ شِرَاؤُهُ ذَلِكَ عَلَى وَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ عَدَدٍ.

بِخِلَافِ الْجُزَافِ وَكَذَلِكَ كُلُّ طَعَامٍ أَوْ إدَامٍ أَوْ شَرَابٍ إلَّا الْمَاءَ وَحْدَهُ، وَمَا يَكُونُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ وَالزَّرَارِيعِ الَّتِي لَا يُعْتَصَرُ مِنْهَا زَيْتٌ فَلَا

ــ

[الفواكه الدواني]

الْأَنْوَاعِ بِبَعْضِهَا أَوْ غَيْرِهَا بَعْدَ إسْقَاطِ الْمُكَرَّرِ ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ صُورَةً، فَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ بِنَوْعِهِ مُتَمَاثِلًا يَدًا بِيَدٍ جَائِزٌ فَهَذِهِ سَبْعُ صُوَرٍ. وَيَجُوزُ بَيْعُ الْحَلِيبِ وَالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ وَالْجُبْنِ بِوَاحِدٍ مِنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ مُتَمَاثِلًا، وَهَذِهِ ثَمَانِ صُوَرٍ، وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَخِيضِ بِالْمَضْرُوبِ مُتَمَاثِلًا فَصَارَتْ الصُّوَرُ الْجَائِزَةُ سِتَّ عَشْرَةَ، وَبَقِيَ ثَلَاثٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَهِيَ بَيْعُ الْأَقِطِ بِالْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ وَبَيْعُ الْجُبْنِ بِالْأَقِطِ فَتَصِيرُ الصُّوَرُ الْجَائِزَةُ خِلَافًا وِفَاقًا تِسْعَ عَشْرَةَ صُورَةً، وَالصُّوَرُ الْبَاقِيَةُ مَمْنُوعَةٌ، وَهِيَ بَيْعُ الْحَلِيبِ بِالزُّبْدِ وَبِالسَّمْنِ وَبِالْجُبْنِ وَبِالْأَقِطِ وَبَيْعُ الزُّبْدِ بِمَا بَعْدَهُ وَبَيْعُ السَّمْنِ بِمَا بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْجُبْنِ بِالْأَقِطِ.

الثَّانِي: مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ إيهَامِ جَوَازِ بَيْعِ اللَّبَنِ بِالسَّمْنِ أَوْ الْجُبْنِ لِاخْتِلَافِ الصِّنْفِيَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّنْفِ الْجِنْسُ أَوْ النَّوْعُ، وَأَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِالصِّنْفِ حَقِيقَتُهُ، وَهُوَ مَا كَانَ أَخَصَّ مِنْ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ فَلَا يَأْتِي الْإِيهَامُ الْمَذْكُورُ،؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الصِّنْفِ لَا يَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِ صِنْفٍ بِآخَرَ، وَإِنَّمَا الْمُقْتَضَى اخْتِلَافُ الْجِنْسِ وَلِذَلِكَ قَالَ عليه الصلاة والسلام:«فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ» وَلَمْ يَقُلْ الْأَصْنَافُ، وَمُحَصَّلُ الْجَوَابِ الِاخْتِلَافُ الْمُجَوِّزُ بِبَيْعِ الشَّيْءِ بِغَيْرِهِ مُتَفَاضِلًا لِلِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَوَازِ الَّذِي يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازُ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي بَيْعِ السَّمْنِ بِالْجُبْنِ الَّذِي أَخْرَجَ زُبْدَةً، وَلَيْسَ الْمُرَادُ جَوَازَ كُلِّ الصُّوَرِ الْوَاقِعِ فِيهَا الِاخْتِلَافُ فَافْهَمْ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بِيَاعَاتٍ نَهَى عَنْهَا الشَّارِعُ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا) أَوْ أَخَذَهُ عِوَضًا عَنْ عَمَلٍ وَلَوْ كَرِزْقِ قَاضٍ أَوْ بَعْضِ الْجُنْدِ أَوْ أَخَذَ صَدَاقًا أَوْ أَرْضَ جِنَايَةٍ (فَلَا يَجُوزُ) لَهُ (بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ) بِكَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ: «حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ: «حَتَّى يَقْبِضَهُ» . وَاخْتُلِفَ فِي وَجْهِ الْحُرْمَةِ فَقِيلَ تَعَبُّدِيٌّ وَقِيلَ مُعَلَّلٌ بِأَنَّ غَرَضَ الشَّارِعِ سُهُولَةُ الْوُصُولِ إلَى الطَّعَامِ؛ لِيَتَوَصَّلَ إلَيْهِ الْقَوِيُّ وَالضَّعِيفُ، وَلَوْ جَازَ قَبْلَ قَبْضِهِ لَرُبَّمَا أُخْفِيَ بِإِمْكَانِ شِرَائِهِ مِنْ مَالِكِيهِ، وَبَيْعُهُ خُفْيَةً فَلَمْ يَتَوَصَّلْ إلَيْهِ الْفَقِيرُ، وَلِأَجْلِ نَفْعِ نَحْوِ الْكَيَّالِ وَالْحَمَّالِ، وَمَفْهُومُ ابْتَاعَ طَعَامًا أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرَضٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَجَازَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا مُطْلَقُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ وَلَوْ كَرِزْقِ قَاضٍ.

(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا مِنْ دُخُولِ رِزْقِ الْقُضَاةِ فِي طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِ حُكْمِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الشُّوَنِ لَا فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِ مِمَّا أَصْلُهُ صَدَقَةٌ لِنَحْوِ الْفُقَرَاءِ، وَاسْتَمَرَّ جَارِيًا إلَى هَذَا الزَّمَنِ يَنْتَقِلُ مِنْ قَوْمٍ إلَى آخَرِينَ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ بَلْ هُوَ صَدَقَةٌ، وَالطَّعَامُ الْمُتَصَدَّقُ بِهِ يَجُوزُ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَلَمَّا كَانَ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَشْرُوطًا بِكَوْنِهِ أُخِذَ بِكَيْلٍ قَالَ:(إذَا كَانَ شِرَاؤُهُ ذَلِكَ) الطَّعَامِ (عَلَى كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ) ، وَهَذَا الْقَيْدُ مِنْ بَيَانِ الْمُتَفَقِّهِينَ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا وَرَدَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْقَبْضُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْكَيْلُ وَلَا الْوَزْنُ وَلَا الْعَدَدُ.

[بَيْع الجزاف]

(بِخِلَافِ) الْمُشْتَرَى لَا عَلَى الْمَكِيلِ بَلْ عَلَى وَجْهِ (الْجُزَافِ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ.

قَالَ خَلِيلٌ: وَجَازَ بِالْعَقْدِ جُزَافٌ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا مَا لَا يَنْتَقِلُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ إلَّا بِقَبْضِهِ فَإِنَّهُ كَالْمُشْتَرَى عَلَى الْكَيْلِ فِي حُرْمَةِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، كَلَبَنِ شَاةٍ اُشْتُرِيَ جُزَافًا، أَوْ ثَمَرَةٍ غَائِبَةٍ اُشْتُرِيَتْ عَلَى الصِّفَةِ جُزَافًا.

قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَأَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ بِالْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ: أُخِذَ بِكَيْلٍ بِقَوْلِهِ: أَوْ كَلَبَنِ شَاةٍ.

قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ: أَيْ أَوْ كَانَ كَلَبَنِ شَاةٍ، وَكَأَنْ قَالَ: أَخَذَ بِكَيْلٍ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، كَأَنْ يُسْلِمَ فِي لَبَنِ شَاةٍ أَوْ شِيَاهٍ مُعَيَّنَاتٍ بِشُرُوطٍ لِلْجَوَازِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: كَوْنُ الْمَأْخُوذِ مِنْهَا مُعَيَّنَةً، وَكَثْرَةُ الشِّيَاهِ عِنْدَ الْبَائِعِ بِحَيْثُ إذَا تَعَذَّرَ أَخْذُ اللَّبَنِ مِنْ هَذِهِ يُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِهَا، وَمَعْرِفَةُ قَدْرِ حِلَابِهَا، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى لَبَنًا كَيْلًا فِي كُلِّ يَوْمٍ كَأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ فِي إبَّانِ اللَّبَنِ رِطْلًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ اللَّبَنِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَثْرَةُ الشِّيَاهِ عِنْدَ الْبَائِعِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: بِخِلَافِ الْجُزَافِ مُخَرَّجٌ مِمَّا قَبْلَهُ فَهُوَ مُخَالِفٌ لَهُ فِي الْحُكْمِ، بِشَرْطِ انْتِقَالِ الضَّمَانِ إلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ بَيَانِ الْجَائِزِ وَالْمَمْنُوعِ، فَقَوْلُ التَّتَّائِيِّ نَقْلًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ: إنَّهُ لَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْجُزَافَ عَلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ كَالْمَكِيلِ يَحْرُمُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَقِسْمٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالْمَوْهُوبِ وَالْمُتَصَدَّقِ، بَلْ هُوَ مَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ إلَّا بِقَبْضِهِ.

وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ حَمْلُ الطَّعَامِ السَّابِقِ عَلَى خُصُوصِ الرِّبَوِيِّ قَالَ: (وَكَذَلِكَ كُلُّ طَعَامٍ أَوْ إدَامٍ أَوْ شَرَابٍ) يَحْرُمُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَوْ مِمَّا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ خَلِيلٍ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: وَجَازَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا مُطْلَقُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ رِبَوِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، كَالْفَوَاكِهِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ بِقَرِينَةِ الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي هُوَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ بِقَوْلِهِ:(إلَّا الْمَاءَ وَحْدَهُ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ

ص: 78

يَدْخُلُ ذَلِكَ فِيمَا يَحْرُمُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ التَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الطَّعَامِ الْقَرْضِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ

وَلَا بَأْسَ بِالشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ الْمَكِيلِ قَبْلَ قَبْضِهِ.

وَكُلُّ عَقْدِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ بِخَطَرٍ أَوْ

ــ

[الفواكه الدواني]

بِطَعَامٍ بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِهِ بِالطَّعَامِ إلَى أَجَلٍ، كَمَا لَوْ مَرَّ وَلَوْ كَانَ مَاءَ زَمْزَمَ، وَإِنْ قَالَ فِيهِ ابْنُ شَعْبَانَ: إنَّهُ طَعَامٌ فَإِنَّهُ مُؤَوَّلٌ.

(وَ) إلَّا (مَا يَكُونُ مِنْ) أَنْوَاعِ (الْأَدْوِيَةِ) كَالصَّبْرِ وَالْحُلْبَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا دَوَاءٌ.

(وَ) إلَّا (الزَّرَارِيعَ) جَمْعُ زَرِيعَةٍ (الَّتِي) شَأْنُهَا أَنْ (لَا يُعْتَصَرَ مِنْهَا زَيْتٌ) بَلْ تُؤْكَلُ عَلَى حَالِهَا كَحَبِّ الْفُجْلِ الْأَبْيَضِ وَحَبِّ السَّلْقِ وَالْجَزَرِ وَاللُّفْتِ وَحَبِّ الْبَصَلِ، وَزَادَ بَعْضٌ مَا يُعْتَصَرُ مِنْهُ زَيْتٌ لِلْوَقُودِ كَبَذْرِ الْكَتَّانِ.

(فَلَا يَدْخُلُ ذَلِكَ) الْمَذْكُورُ مِنْ الْمَاءِ، وَمَا بَعْدَهُ (فِيمَا يَحْرُمُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بَلْ قَبْضُهُ وَ) لَا يَدْخُلُ فِيمَا يَحْرُمُ (التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ) بَلْ يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، وَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَيْسَتْ مِنْ مُطْلَقِ الطَّعَامِ، وَقَوْلُنَا شَأْنُهَا أَنْ لَا يُعْتَصَرَ مِنْهَا زَيْتٌ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ نَحْوِ الزَّيْتُونِ وَحَبِّ السِّمْسِمِ الْمَعْرُوفِ بِالْجُلْجُلَانِ وَالْقُرْطُمِ، وَمُصْلِحَاتِ الطَّعَامِ كَالْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ فَإِنَّهَا مِنْ الطَّعَامِ حُكْمًا.

قَالَ خَلِيلٌ: وَمُصْلِحُهُ كَمِلْحٍ وَبَصَلٍ وَثُومٍ وَتَابِلٍ كَفُلْفُلٍ وَكُزْبَرَةٍ وَأَنِيسُونَ وَشَمَارٍ وَكَمُّونَيْنِ.

قَالَ شُرَّاحُهُ: أَيْ أَنَّ مُصْلِحَ الطَّعَامِ كَالطَّعَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّرَارِيعَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: مَا لَا يُعْتَصَرُ مِنْهُ زَيْتٌ وَيُؤْكَلُ حَبًّا، وَمَا يُعْصَرُ مِنْهُ شَيْءٌ لِغَيْرِ الْأَكْلِ، وَهَذَانِ الْقِسْمَانِ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِمَا، وَهُمَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَقِسْمَانِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِمَا، وَهُمَا: مَا يُعْصَرُ مِنْهُ شَيْءٌ يُؤْكَلُ كَالْجُلْجُلَانِ وَنَحْوِهِ، وَمَا لَا يُعْصَرُ مِنْهُ وَيُؤْكَلُ عَلَى حَالِهِ كَالْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ أَوْ الشَّمَرِ وَالْكَمُّونِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُصْلِحٌ لِلطَّعَامِ.

ثُمَّ بَيَّنَ مَفْهُومَ ابْتَاعَ الَّذِي هُوَ طَعَامُ الْمُعَاوَضَةِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ طَعَامِ الْقَرْضِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالنَّائِبُ ضَمِيرُ الطَّعَامِ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ اقْتَرَضَ طَعَامًا مِنْ شَخْصٍ لَمْ يَشْتَرِهِ أَوْ اشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ مُقْرِضِهِ، وَمِثْلُهُ الْمَمْلُوكُ مِنْ نَحْوِ صَدَقَةٍ وَلَوْ اقْتَرَضَهُ عَلَى الْكَيْلِ، وَكَمَا يَجُوزُ لِلْمُقْتَرِضِ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ يَجُوزُ لَهُ دَفْعُهُ وَفَاءً عَنْ قَرْضٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْقَرْضِ مِنْ غَيْرِ مُشْتَرٍ لَمْ يَقْبِضْهُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّنْ اشْتَرَى طَعَامًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ ثُمَّ أَقْرَضَهُ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِذَلِكَ الْمُقْتَرِضِ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَيَجْرِي هَذَا الْقَيْدُ فِي الطَّعَامِ الْمُتَصَدَّقِ بِهِ وَالْمَوْهُوبِ، فَشَرْطُ جَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ مُشْتَرٍ لَمْ يَقْبِضْهُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ.

(تَنْبِيهٌ) إذَا قُلْنَا: يَجُوزُ بَيْعُ طَعَامِ الْقَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْمُقْرِضِ، وَمِنْ غَيْرِهِ، لَكِنْ إنْ بَاعَهُ لِلْمُقْرِضِ يَجُوزُ بِكُلِّ شَيْءٍ إذَا حَصَلَ نَقْدُ الثَّمَنِ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ إلَى أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، فَإِنْ بَاعَهُ الْمُقْتَرِضُ لِأَجْنَبِيٍّ فَيَجُوزُ بِكُلِّ شَيْءٍ أَيْضًا إذَا كَانَ نَقْدًا، وَأَمَّا لِأَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ هَكَذَا قَالَ الشَّاذِلِيُّ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الشَّاذِلِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ أَجَلٍ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِعَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَمْتَنِعُ إلَى أَجَلٍ سَوَاءٌ بَاعَهُ لِقَرْضِهِ أَوْ غَيْرِهِ.

وَفِي الْأُجْهُورِيِّ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِمُقْرِضِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا بَاعَهُ لَهُمَا بِغَيْرِ طَعَامٍ مُطْلَقًا، وَإِلَّا امْتَنَعَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ، وَإِذَا بَاعَهُ لِمُقْرِضِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَجَلُ الْقَرْضِ إلَى أَجَلِ السَّلَمِ أَوْ أَكْثَرَ، فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِطَعَامٍ مُطْلَقًا أَيْ وَلَوْ لِأَجَلِ السَّلَمِ لِرِبَا النَّسَاءِ، وَلَا بَيْعُهُ لِمُقْرِضِهِ بِنَقْدٍ أَوْ عَرَضٍ حَيْثُ كَانَ أَجَلُ الْقَرْضِ أَقَلَّ مِنْ أَجَلِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ يُعَدُّ لَغْوًا.

قَالَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْمُقْرِضَ دَفَعَ نَقْدًا أَوْ عَرَضًا فِي طَعَامٍ مِثْلِ الْقَرْضِ قَدْرًا وَصِفَةً يَأْخُذُهُ بَعْدَ أَجَلِ الْقَرْضِ، وَهَذَا سَلَمٌ، فَيُشْتَرَطُ فِي أَجَلِ الْقَرْضِ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ أَجَلِ السَّلَمِ أَوْ أَكْثَرَ كَلَامِهِ، وَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ طَعَامِ الْقَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى الْحُلُولِ مُطْلَقًا أَيْ لِلْمُقْتَرِضِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِطَعَامٍ، وَلَا يَجُوزُ إلَى أَجَلٍ عَلَى كَلَامِ الشَّاذِلِيِّ مُطْلَقًا، وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الْأُجْهُورِيِّ فَلَا يَمْتَنِعُ إلَّا بِالطَّعَامِ مُطْلَقًا أَوْ بِغَيْرِهِ، حَيْثُ كَانَ الْبَيْعُ لِمُقْرِضِهِ وَكَانَ الْأَجَلُ أَقَلَّ مِنْ أَجَلِ السَّلَمِ، إلَّا إنْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا أَوْ لِلْمُقْرِضِ إلَى قَدْرٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَجَلِ السَّلَمِ فَيَجُوزُ، وَانْظُرْ الرَّاجِحَ مِنْ الْكَلَامَيْنِ.

وَلَمَّا وَقَعَ فِي حَدِيثِ النَّهْيِ الْآتِي عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ اسْتِثْنَاءُ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْإِقَالَةِ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَا بَأْسَ بِالشَّرِكَةِ) فِي طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَحَقِيقَةُ الشَّرِكَةِ هُنَا جَعْلُ مُشْتَرٍ قَدْرًا لِغَيْرِ بَائِعِهِ بِاخْتِيَارِهِ مِمَّا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ بِمَا نَابَهُ مِنْ ثَمَنِهِ.

(وَ) كَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ لَا بَأْسَ بِهَا فِي طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَحَقِيقَتُهَا أَنْ يُجْعَلَ الطَّعَامُ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِغَيْرِ بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ، وَهِيَ فِي الطَّعَامِ غَيْرُ جُزَافٍ قَبْلَ كَيْلِهِ رُخْصَةً، فَمَنْ اشْتَرَى حِصَّةً مِنْ الطَّعَامِ عَلَى الطَّعَامِ عَلَى الْكَيْلِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا لِغَيْرِهِ بِثَمَنِهَا.

(وَ) كَذَلِكَ (الْإِقَالَةُ) لَا بَأْسَ بِهَا كَالشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ (فِي) جَمِيعِ (الطَّعَامِ الْمَكِيلِ قَبْلَ قَبْضِهِ)، وَإِنَّمَا جَازَتْ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتُ فِي طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِشَبَهِهَا بِالْقَرْضِ فِي الْمَعْرُوفِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام:«مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْ شَرِكَةٍ وَتَوْلِيَةٍ، وَإِقَالَةٍ» ، وَهِيَ تَرْكُ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ

ص: 79