الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حيثُ نُقِل فيه حُكمٌ وسبَبٌ، فالسَّبَب الحَصْر، والحُكم النَّحْر، فاقتضَى الظَّاهر تعلُّق الحكم بذلك السبَب.
* * *
4 - بابُ مَنْ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْمُحْصَرِ بَدَلٌ
(باب مَن قال: لَيْسَ على المُحْصَر بدَلٌ)، أي: قَضاءٌ.
1812 / -م - وَقَالَ رَوْحٌ، عَنْ شِبْلٍ، عَنِ ابن أَبي نَجيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنَّمَا الْبَدَلُ عَلَى مَنْ نَقَضَ حَجَّهُ بِالتَّلَذُّذِ، فَأمَّا مَنْ حَبَسَهُ عُذْرٌ، أَوْ غيْرُ ذَلِكَ، فَإنَّهُ يَحِلُّ وَلَا يَرْجِعُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ -وَهُوَ مُحْصَرٌ- نَحَرَهُ إِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبْعَثَ، وإنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ لَمْ يَحِلَّ، حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَغيْرُهُ: يَنْحَرُ هَدْيَهُ، وَيَحْلِقُ فِي أَيِّ مَوْضعٍ كَانَ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لأَن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصحَابَهُ بِالْحُدَيْبيةِ نَحَرُوا، وَحَلَقُوا، وَحَلُّوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ الطَّوَافِ، وَقَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْهَدْيُ إِلَى الْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ يُذْكَرْ: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَحَدًا أَنْ يَقْضُوا شَيْئًا، وَلَا يَعُودُوا لَهُ، وَالْحُدَيْبية خَارِجٌ مِنَ الْحَرَمِ.
1813 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ الله بن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ حِينَ خَرَجَ إلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الْفِتْنَةِ: إِنْ
صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ الله عز وجل، فَأهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبيةِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الله بن عُمَرَ نظرَ فِي أَمْرِهِ فَقَالَ: مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِد. فَالْتَفَتَ إِلَى أَصحَابهِ فَقَالَ: مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ، أُشْهِدكمْ أنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ طَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ، وَأَهْدَى.
(بالتلذذ)؛ أي: بالجِماع.
(عذر) ما يَطرأُ على المكلَّف يقتضي التَّسهيل، ولعلَّ المُراد به هنا نَوعٌ منه كالمرَض؛ ليصحَّ عطف أو غير ذلك عليه.
(ولا يرجع)؛ أي: لا يقضي، وهذا في النفل، إذ الفريضة ثابتة في ذمته كما كانت، فيرجع لأجلها في سنة أخرى وإنما وجب قَضاء الذي يَفسُد بالجِماع؛ لتقصيره بخلاف الإِحصار.
قال التَّيْمِي: قال أبو حنيفة: يلزم المُحْصَرَ إذا تحلَّل القَضاء نفْلًا كان أو فرضًا.
(يبعث)؛ أي: إلى الحرَم.
(في أي موضع كان)؛ أي: الحصْرُ لا الحَلْق.
(قبل الطواف) لا يقال: إن ظاهره يقتضي وُجود طوافٍ، ووصولَ هَدْي للحرَم، والفرض أنهم نَحروا بالحُديبية، ولا طوافَ ولا وُصولَ؛ لأنَّا نقول: لا يَلزم ذلك؛ لأنه يصدُق بأنْ لا طوافَ
ولا وُصولَ، ويصدُق بوجودهما متأَخِّرَين، والواقِع هو الأوَّل.
(ولا يعودوا)، (لا) زائدةٌ، كما في:{مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12].
(الحُديبية) بتخفيف الياء الأخيرة عند المحقِّقين كالشافعي وغيره، وقيل: مشدَّدة، وهي على مَرحلَةٍ من مكَّة، وهذه الجُمْلة يحتمِل أن تكون من تَتمَّة كلام مالك، وأن تكون من كلام البخاري ردًّا على مَن قال: لا يجوز النَّحْر حيثُ أُحْصِرَ، بل يجب البَعْثُ إلى الحرَم، فلمَّا أُلزموا بنحره صلى الله عليه وسلم بالحُدَيْبيَة؛ أجابوا: بأنَّها من الحرَم، فرَدَّ ذلك بقوله:(والحُديبية خارجة من الحرم)، وأما عُمْرَة القَضاء، فإنها سُميت بذلك من المُقاضاة؛ لأنه كان كتَب:(هذا ما قاضَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم)، لا أنها تقضي عن العُمرة التي أُحْصُروا فيها، وهي عُمْرَة الحُديبية، وعلى تَقدير أنها قَضاءٌ، فهو على وجه الاستِحباب، ولا نِزَاعَ فيه، إذْ لا دليلَ على الوُجوب، بل عدَم الأمْر بذلك للصَّحابة دليلُ عدَمِ الوجوب.
(أن ذلك مجزئًا) وهو على نصْبِ (أنَّ) الجُزأَين، أو خبر (كان) محذوفةً، أي: يكون مُجزِئًا، ويجوز الرَّفْع على أنه خبرٌ، والمُجزِئ بضمِّ الميم: مِن الإجْزاء، وهو الأداء الكافي لسُقوط التعبُّد.
ووجْهُ ذكْرِ حديث ابن عُمر في هذا الباب: استِغناؤُه بشُهرة قصَّة صَدِّ النبي صلى الله عليه وسلم بالحُدَيبيَة، وأنهم لم يُؤمروا بالقَضاء في ذلك.
* * *