الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأصحابه في فسخ الحجِّ لكان له وجهٌ.
قال (ش): ويشهد لتأويل الشّافعي قولُه في الحديث الآخر: "طَوافُكِ وسعيُك كافيك".
قال (ك): وأما قوله لها: (انقُضي وامتَشِطي) فليس بموْهِنٍ له، فإنهما جائزانِ في الإحرامِ حيث لا يَنْتِفُ شَعرًا، أو أنّ ذلك بسبب أذًى برأسها، فأُبيح كما أُبيح لكعبٍ الحلقُ للأذى، والمراد بالامتِشاط تسريحُ الشَّعر بالأصابع لغُسل الإحرام بالحجِّ، ويلزم منه نقْضُه.
(التنعيم) بفتح المُثَنَّاة، وسكون النُّون: بطرَف الحرم، ويُسمَّى: مسجد عائشة.
(وهذا مكان عمرتك) مبتدأٌ وخبرٌ، فالمشهورُ رفعُ (مكان) على الخبرية، أي: عوضُ عمرتك الّتي تركتِها لأجْل حيضتك، ويُنصب على الظَّرفية، وعاملُه المحذوفُ هو الخبرُ، أي: كائنةٌ، أو مجعولةٌ، ورجَّح (ع) الرَّفع؛ لأن الظَّرفية غيرُ مرادةٍ، بل العِوَضية عمَّا فاتَها من عمرةٍ مستقلةٍ كبقية أمَّهاتِ المؤمنين، وعيَّن بعضُهم النَّصب، وقال السُّهَيْلِيُّ: إنّه الوجهُ؛ لأن العمرة ليست لمكان عمرةٍ أُخرى إلا إنْ جُعلتْ (مكان) بمعنى: عِوَض، أو بدَل مجازًا، فيجوز الرفعُ حينئذٍ.
* * *
32 - بابُ مَنْ أَهَلَّ فِي زَمَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كَإِهْلَالِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
-
قَالَهُ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(باب مَنْ أَهَلَّ في زَمانِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كإهلاله)
تَقْييده في التَّرجمة بزَمانه إشارةٌ إلى أنه لا يجوز بعده ذلك، كما هو مذهبُ مالك، [و] دليلُ الأكثرِ أنَّ الأصلَ عدمُ الخُصوصية.
(قاله ابن عُمر) وصلَه البخاريُّ في (المَغَازي) في (بابِ بَعْث النبيِّ صلى الله عليه وسلم عليًّا إلى اليمَن).
* * *
1557 -
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بن إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابن جُرَيْجٍ، قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابرٌ رضي الله عنه: أَمَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا رضي الله عنه أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَذَكَرَ قَوْلَ سُرَاقَةَ.
(إحرامه) الضمير لعليٍّ.
(وذكر) الضمير إمَّا لمَكيٍّ، فهو من مَقول البخاريّ، أو لجابرٍ فهو من مَقول عَطاءٍ.
(قول سُرَاقة)؛ أي: قولُه بعد قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ ليس معه هَدْي فليجعلْ، أو ليجعلْها عُمْرةً لعامنا هذا، أو للأبد، فقال له صلى الله عليه وسلم: أي: دخلَت العُمْرة في الحجِّ، "لا لأبَد الأبَد"، أي: أنَّ أفعالَ العمرةِ تدخلُ في أفعالِ الحجِّ للقارنِ دائمًا إلا في خصوص تلك السَّنة، وقيل: معناه: يجوز فِعْلُ العُمرة في أشهر الحجِّ على الأبَد، أو أنَّ فَسْخَ الحجِّ للعمرة يجوز على الأبَد، فيكونُ عُلْقةً لمن أجاز ذلك مطلقًا.
* * *
1558 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بن عَلِيٍّ الْخَلَّالُ الْهُذَلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا سَلِيمُ بن حَيَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ مَرْوَانَ الأَصْفَرَ، عَنْ أَنس بن مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَدِمَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الْيَمَنِ، فَقَالَ:"بِمَا أَهْلَلْتَ؟ "، قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"لَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ".
وَزَادَ مُحَمَّدُ بن بَكْرٍ، عَنِ ابن جُرَيْجٍ قَالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"بِمَا أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ "، قَالَ: بِمَا أهَلَّ بِهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم. قال: فاهْدِ وامْكُثْ حَرَامًا كما أنْتَ.
الحديث الأوّل:
(الخلال) بمعجمةٍ.
(سَلِيم) بفتح السين، وكسر اللام.
(حَيَّان) بفتح الحاء، وبياءٍ مثنَّاةٍ.
(بما) هو على القليل في إثباتِ الألف مع الاستفهام.
(لا حللت)؛ أي: من الإحرام، أي: وتمتَّعْت؛ لأن صاحب الهَدْي لا يتحلل، حتّى يبلغَ الهَدْيُ مَحِلَّه، وهو في يوم النَّحر.
(وزاد محمّد بن بكر) يحتمل اتصاله بدُخوله تحت السَّنَد الأوّل، ويحتمل أنه تعليقٌ، وقد وصلَه الإسماعيليُّ، وأبو عَوَانة في "صحيحه".
(فأهد) بقَطْع الهمزة.
(كما أنت)؛ أي: في الإحرام إلى الفَراغ من الحجِّ، وفي الحديث:
أن عَليًّا كان قارِنًا؛ لأن الدَّم إمَّا على متمتِّعٍ، أو قارِنٍ، وليس متمتِّعًا لقوله له:(امكُثْ).
* * *
1559 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بن يُوسُفَ، حدَّثنا سُفْيانُ، عنْ قَيْسِ بن مُسْلِمٍ، عنْ طارِقِ بن شهابٍ، عنْ أبي مُوسَى رضي الله عنه؛ قَالَ: بَعَثنَي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَوْمٍ بِالْيَمَنِ، فَجئْتُ وَهْوَ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ:"بِمَا أَهْلَلْتَ؟ "، قُلْتُ: أَهْلَلْتُ كَإِهْلَالِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"هَلْ مَعَكَ مِنْ هَدْيٍ؟ "، قُلْتُ: لَا، فَأَمَرَني فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَمَرَنِي فَأَحْلَلْتُ، فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَمَشَطَتْنِي، أَوْ غَسَلَتْ رَأْسي، فَقَدِمَ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ الله فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ قَالَ الله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وَإِنْ نَأَخُذْ بِسُنَّةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ.
الحديث الثّاني:
(فأحللت) يُؤخذ منه أنه فسَخَ الحجَّ سواءٌ أكان مُفْرِدًا أو قارنًا؛ لأنه تابعٌ للنبي صلى الله عليه وسلم.
(امرأة) محمولٌ على أنها كانت مَحْرَمًا له، وسيأتي في (أبواب العُمرة): أنها من قَيْسٍ.
(فمشطتني أو غسلت رأسي) لم يذكرِ الحَلْقَ، إمّا لكونه معلومًا عندهم، أو لدخوله في أمرِه بالإحلال.
(فقدم)؛ أي: جاء زمانُ خِلافته، فأنكر فسخ الحجِّ إلى العُمرة،