الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يرث المؤمنُ الكافرَ.
ووجْهُ الدلالة منها -وإنْ كان الّذي فيها أن المؤمنين يرثُ بعضُهم بعضًا- أنَّ اسمَ الإشارة قد يُوضع موضع الضمير، فكأنه أتى بضميرِ الفصلِ بين المبتدأ والخبر، فأفاد الحَصْرَ، أي: لا يرث إلا بعضُهم بعضًا، أو أن ذلك يُستفاد من معنى الآية، وهو:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 72]، إذ المُهاجَرَةُ كانت أوَّل عهد البعثة من تمام الإيمان، فمَن لم يكن مهاجِرًا فإنّه ليس مؤمنًا، فلهذا لم يرثِ المؤمّن المهاجر منه.
* * *
45 - باب نُزُولِ النَّبي صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ
(باب نُزولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم)
1589 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبَو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حِينَ أَرَادَ قُدُومَ مَكَّةَ: (مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ الله بِخَيْفِ بني كِنَانةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ".
الحديث الأوّل:
(إن شاء الله) تبرُّكٌ، وامتثالٌ لقوله تعالى:{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} الآية [الكهف: 23].
(بخَيْف) بمعجمة مفتوحةٍ، وياء ساكنة، وفاءٍ: ما انحدر من الجبل وارتفع عن السيل.
(كِنانة) بكسر الكاف، والمراد به: المُحَصَّب -بمهملتين مفتوحتين-.
(تقاسموا)؛ أي: تَحَالفوا.
(على الكفر)؛ أي: المذكورِ في الحديث الآتي.
* * *
1590 -
حدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، حدَّثنا الأَوْزاعيُّ، قالَ: حَدَّثَني الزُّهْرِيُّ، عَنْ أبي سَلَمَةَ، عَنْ أبي هُرَيْرةَ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من الغدِ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ بِمِنًى: "نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا بِخَيْفِ بني كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ"، يَعْنِي ذَلِكَ الْمُحَصَّبَ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَة تَحَالَفَتْ عَلَى بني هَاشِمٍ وَبني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -أَوْ بني الْمُطَّلِبِ- أَنْ لَا يُنَكحُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم.
وَقَالَ سَلَامَةُ عَنْ عُقَيْلٍ، وَيَحْيَى بن الضَّحَّاكِ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، أَخْبَرَنِي ابن شهَابٍ، وَقَالَا: بني هَاشِمٍ وَبني الْمُطَّلِبِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ الله: بني الْمُطَّلِبِ أَشْبَهُ.
الحديث الثّاني:
(من الغد) أصله غَدَوٌ، فحُذفت لامُه، وهو أوَّل النهار، وقال الجَوْهَرِي: الغُدْوَة -بضمِّ الغين-: ما بين صلاة الصُّبح وطلوع الشّمس.
(يوم) بالنصب، أي: قال ذلك في غَدَاةِ يوم النَّحر حالَ كونِه بمِنَى، والمرادُ بالغد: الثالثَ عشَرَ من ذي الحجة، لأنه يوم النزول بالمُحَصَّب، فهو مجازٌ في إطلاقه كما يُطلق (أمسِ) على ماضٍ مُطلقًا، وإلا فثاني العيدِ هو الغدُ حقيقةً، وليس مرادًا.
(أن قُريشًا وكنانة) إذا كان قُريشُ بني النَّضْرِ فهم قسمٌ من كِنَانة، فيكون من ذِكْر عامٍ بعد خاص.
قال (ك): يَحْتَمِل أن يريد بكِنانة غيرَ قُريش، فقُريش قَسِيمٌ له لا قِسْمٌ منه.
قلت: هو بَعيدٌ.
(يَسْلموا) بإسكان السين وتخفيف اللام.
(وقال سلامة) بتخفيف اللام: ابن رَوْحٍ.
(عُقَيل) بضم العين وفتح القاف عَمُّ سَلَامة، وقد وصله ابن خُزَيْمَة في "صحيحه".
(ويحيى) وصله أبو عَوَانة في "صحيحه"، أي: ففي هاتين الروايتين الجزْمُ بأنهم بني المُطَّلبِ، والأُولى متردِّدَةٌ، فقال البُخَارِيُّ:(بني المطلب أشبهُ)؛ أي: بالصواب، لأن عبدَ المُطَّلِبِ هو ابن هاشِمٍ، ولفظةُ (هاشمٍ) مغني عنه، وأمّا المُطَّلِبُ فهو أخو هَاشِم، وهما ابنان لعبد مَنَافٍ، فالمقصود أنهم تحالفوا علي بني عبد مناف.
قال (خ): ويُشْبهُ أنه صلى الله عليه وسلم إنَّما اختار النزولَ هناك شكرًا لله تعالى على النعمة في دخول مكّة ظاهرًا ونقضًا لِمَا تعاقَدَ قريشٌ عليه أن لا يكلموا بني هاشم ولا يجالسوهم ولا يناكحوهم ولا يبايعوهم.