الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لجِنْس الضَّرر الذي وقَع لصِرْمة، أو أنَّ المراد نُزول الآية بتَمامها، والغرَض: نزلَتْ ثانيًا لفظ: {مِنَ الْفَجْرِ} .
* * *
16 - بابُ قَوْل الله تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}
فِيهِ الْبَرَاءُ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(باب قَول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا})
(فيه البراء) لكنْ لمَّا لم يكُن حديثه في الباب على شرْطه لم يذكُره، كذا قال (ك)، وهو عجيبٌ؛ فإن البخاري قد أخرجه في الباب الذي قبلَه، وفي غيره.
* * *
1916 -
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بن مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُصَيْنُ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبيِّ، عَنْ عَدِيِّ بن حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نزَلَتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ، فَلَا يَسْتَبينُ لِي، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ:"إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ".
1917 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن أَبي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا ابن أَبي حَازِمٍ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ (ح) حَدَّثَنِي سَعِيدُ بن أَبي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بن مُطَرِّفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} ، وَلَمْ يَنْزِلْ (مِنَ الْفَجْرِ)، فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلَمْ يَزَلْ يأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ الله بَعْدُ:{مِنَ الْفَجْرِ} ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ النَّهَارَ.
الحديث الأول، والثاني: بمعنى متقاربٍ.
(علموا)؛ أي: بعد نُزول: {مِنَ الْفَجْرِ} ، وليس في هذا تأخير البَيان عن وقْت الحاجة؛ لأن استِعمال الخَيْطَين، أي: الأبيض الذي أوَّل ما يمتدُّ من الفجْر المعترِض في الأفُق شبيهًا بالخَيْط، والأسود الذي يمتدُّ معه من غَلَسِ اللَّيل شبيهًا بالخَيْط أيضًا = كان شائعًا لا يحتاج لبَيانٍ، فاشتَبَه على بعضهم، فحملَه على العِقَالَيْن.
قال (ن): فعل ذلك مَن لم يكن مُخالِطًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو من الأعراب، ومَن لا فِقْهَ عنده، أو لم يكن مِن لُغته استِعمالهما في اللَّيل والنهار، انتهى.
وبالجُملة فاستعمال الخَيْطَين في الليل والنهار على ما قرَّرناه كان استعمالُه قبل نُزول قوله تعالى: {مِنَ الْفَجْرِ} ، وبعدها صار من
التَّشبيه؛ لأن الطَّرَفين مذكوران، والاستِعارة وإنْ كانت أبلَغَ من التَّشبيه، لكن الكامِل من التَّشبيه أبلَغ من الاستعارة الناقِصة، وهي ناقصةٌ لفَوات شَرْطِ جِنْسِها، وهو كَوْن المُستَعار والمُستَعار له جَليًّا بنفسه معروفًا بين سائر الأَقْوام، وهذا كان مشتَبهًا على بعضهم، وإنما كان:{مِنَ الْفَجْرِ} بيانًا لهما مع أنه متعلِّقٌ بالخَيْط الأبيض؛ لأنَّ بيان أحدهما مُشعِرٌ ببيان الآخر.
قال (ش): حديث عَدِيٍّ يقتضي نُزول: {مِنَ الْفَجْرِ} متصِلًا، وحديث سَهْل يقتضي نُزولها منفصلةً، فإنْ كان حَمْلًا على واقعتَين في وقتَين فلا إشْكالَ، وإلا فيحتمل أن حديث عَدِيٍّ متأخِّرٌ عن حديث سَهْل، وأن عَدِيًّا لم يسمَع ما جَرى من حديث سَهْل، وإنما سمع الآيةَ مجرَّدةً، ففهمها على ما وصَل إليه ذهنُه حتى تبيَّن له الصَّواب، وعلى هذا فيكون:{مِنَ الْفَجْرِ} متعلِّقًا بـ {يَتَبَيَّنَ} ، وعلى حديث سَهْل يكون في موضع الحال متعلِّقًا بمحذوفٍ، قاله في "المُفْهِم".
(رِءيتهمَا) بكسر الراء، وهمزةٍ ساكنةٍ، ومثناةٍ تحت مرفوعةٍ: بمعنى النَّظَر كقوله تعالى: {أَثَاثًا وَرِئْيًا} [مريم: 74]، قال (ع) وغيره: هذا صوابُ ضبْطه، ولبعضهم: بفتح الرَّاء، وكسر الهمزة، ولا وجْهَ له هنا؛ لأنه التَّابع من الجِنِّ، وحكى (ن) ثالثةً، وهي: راءٌ مكسورةٌ، وياءٌ مشدَّدةٌ بلا همزٍ، ومعناه: لَونهما.
* * *