الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع:
(يقول) معمولُه يأتي بعدَ هذه الجُملة الاعتراضية، وهي:(للسائب بن يزيد)؛ أي: لأجْله، وفي حقِّه ذلك.
(وكان السائب قد حج به) والواو كأنها عطفٌ على مقولٍ آخرَ سبَق من عُمر بن عبد العَزيز.
* * *
26 - بابُ حَجِّ النِّسَاءِ
(باب حَجِّ النِّساء)
1860 -
وَقَالَ لِي أَحْمَدُ بن مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَذِنَ عُمَرُ رضي الله عنه لأَزْوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، فَبَعَثَ مَعَهُنَّ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ.
الحديث الأول:
(إذن)؛ أي: في خروجهنَّ للحج.
(بعث معهن) المَبعُوثان وإنْ لم يكونا مَحْرَمَين، والمرأَة منهيةٌ عن السَّفَر بغير مَحْرَمٍ أو زوجٍ، لكنْ كان معهنَّ نسوةٌ ثِقاتٌ، فقُمْنَ مَقام المَحْرَم، أو أنَّ كل الرِّجال مَحْرَمٌ لهنَّ؛ لأن المَحْرَم مَن حَرُمَ نكاحُها على التَّأْبيد بسببٍ مُباحٍ لحُرمتها، فخرَج بالتَّأْبيد أُخت المرأَة، وبمباحٍ
أُمُّ الموطوءَة بشُبهةٍ، ولحُرمتها المَلاعَنة؛ لأنَّ تحريمها تغليظٌ وعُقوبةٌ، بل قال الشَّافعي: لا يُشترط المَحْرَم بل الأَمْن على نفْسها، ولو كانتْ وحدَها في القافلة آمنةً مطمئنةً، وكأنَّه نظَر للعلَّة.
* * *
1861 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدُّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا حَبيبُ بن أَبي عَمْرَةَ، قَالَ: حَدَّثتْنَا عَائِشَةُ بنتُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! أَلَا نَغْزُوا وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ؟ فَقَالَ: "لَكُنَّ أَحْسَنُ الْجهَادِ وَأَجْمَلُهُ الْحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ". فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَا أَدعُ الْحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم.
الثاني:
(نغزو ونجاهد) جمع بينهما لتَغايُرهما، فإنَّ الغَزْو القَصْدُ إلى القِتال، والجِهاد بذْل المقدُور في القتال، ويحتمل الترادُف، فيكون تأْكيدًا.
(لكنّ) بتشديد النُّون ضميرِ النِّسوة، وهو خبرٌ عن المبتدأ، وهو (أحسَن)، و (الحجُّ) بدَلٌ، و (حجٌّ) بدلُ البدَلِ، وقال التَّيْمِي: هو بتخفيف النُّون وسُكونها، و (أحسَن) مبتدأٌ، و (الحجُّ) خبره.
* * *
1862 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ
أَبي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابن عَبَّاسٍ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله! إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كذَا وَكذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ؟ فَقَالَ:"اخْرُجْ مَعَهَا".
الثالث:
(مَحْرَم) يحتمل محْرَم لها، وأن يُرادَ لها أوله، والحديث مخصوصٌ بالزَّوج لما في آخِر الحديث، فإنه إذا كان معها لا تحتاج لِمَحْرَمٍ من بابٍ أَولى، فتجويز الفقهاء الدُّخولَ عليها إذا كان زوجٌ أو نسوةُ ثقاتٌ فبالقياس أيضًا على المَحرَم لعلَّة وُجود الأَمْن، ولذلك عمَّمَ الشافعي في قولٍ سفَرَها عند الأمْن كما سبق.
(أخرج معها) فيه تقديم الأهمِّ عند المُعارَضة، فرجَّح الحج؛ لأن الغَزْو يقوم غيره فيه مَقامَه بخلاف الحجِّ معها.
* * *
1863 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَناَ يَزِيدُ بن زُريعٍ، أَخْبَرَناَ حَبيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَجَّتِهِ قَالَ لأُمِّ سِنَانٍ الأَنْصَارِيَّةِ: "مَا مَنَعَكِ مِنَ الْحَجِّ؟ " قَالَتْ: أَبُو فُلَانٍ -تَعْنِي: زَوْجَهَا- كَانَ لَهُ ناَضحَانِ، حَجَّ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَالآخَرُ يَسْقِي أَرْضًا لَنَا. قَالَ:"فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضي حَجَّةً مَعِي".
رَوَاهُ ابن جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، سَمِعْتُ ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
1863 / -م - وَقَالَ عُبَيْدُ الله: عَنْ عَبْدِ الْكَرِيم، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابرٍ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
الرابع:
سبق في أول (كتاب العُمْرَةِ)، وأن المراد بأنها تُجزئ: محمولٌ على الثَّواب.
(رواه ابن جُريج) وصلَه البخاري في (باب العُمْرَة في رمضان).
(وقال عبيد الله) وصلَه أحمد، وابن ماجه.
* * *
1864 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بن حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ابن عُمَيْرٍ، عَنْ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ -وَقَدْ غَزَا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً- قَالَ: أَرْبَعٌ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم -أَوْ قَالَ: يُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْجَبننِي وَآنَقْنَنِي: "أَنْ لَا تُسَافِرَ امْرَأةٌ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ لَيْسَ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا صَوْمَ يَوْمَيْنِ؛ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاتَيْنِ؛ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْح حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ؛ مَسْجدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجدِي، وَمَسْجدِ الأَقْصَى".
الخامس:
سبق شرحه في (كتاب الصلاة)، في (باب: فضْل الصَّلاة بمَسجِد مكَّة).
(وآنَقْنَنِي) بفتح النُّون الأُولى، وسُكون القاف، وفتح النُّون الثانية، أي: أعجَبنني.
قال (ن): تُكرِّر العرَب تكريرَ المعنى باختلاف اللَّفْظ كقوله تعالى: {صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157].
(أن لا تُسافر) بالرفْع لا غيرُ، فـ (أنْ) مُفسِّرةٌ لا ناصِبةٌ.
(زوج) عُلِمَ به أنه مفهوم: لا تُسافِر إلا مع مَحْرَمٍ عُمومُه مخصوصٌ بما جاءَ هنا من سفَرها مع زَوجٍ، أو أن مفهوم المُخالفة ساقِطٌ إذا كان ثَمَّ مُوافقةٌ؛ لأن ذلك من شُروط العمَل بالمخالفة، فإنَّ سفَر الزَّوج معَها أَولى من المَحْرَم.
(ذو مَحْرَم)؛ أي: مَحْرَم، فالمعنى فيهما واحدٌ، كما قاله الجَوْهَرِي.
(ولا صوم يومين)، (صَوم) اسمُ (لا)، و (يومين) خبَرها، أي: لا صومَ في هذين اليومَين، ويجوز أن يكون صوم مُضافًا ليَومَين، أي: لا يصُوم صومهما، أو لا صومَ يومين ثابتٌ، أو مشروعٌ، وسبق كثيرٌ من مباحث الحديث.
* * *