الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
29 -
أبواب فضَائل المدينة
1 - باب حَرَمِ الْمَدِينَةِ
(باب حَرَمِ المدينة)
1867 -
حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ثَابتُ بن يَزِيدَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَحْوَلُ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْمَدِينَةُ حَرَمٌ، مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا، لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا، وَلَا يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ".
1868 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه: قَدِمَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَأَمَرَ ببنَاءِ الْمَسْجدِ، فَقَالَ:"يَا بني النَّجَّارِ! ثَامِنُونِي". فَقَالُوا: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى الله. فَأَمَرَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ، فَنُبشَتْ، ثُمَّ بِالْخِرَبِ فَسُوِّيتْ، وَبالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجدِ.
الحديث الأول:
(لا يُحدث) بالبناء للمفعول، والفاعل، أي: لا يُعمل فيها عمَلٌ
مخالفٌ للكتاب والسنَّة.
(يا بني النجار) هم بطْنٌ من الأنصار.
(ثامنوني)؛ أي: بايعُوني بالثَّمَن.
(بالخَرِب) بفتح المعجمة، وكسر الراء: جمع خَرِبَة كنَبِق، وفي بعضها بكسر ثم فتحٍ كنِعْمَة، ونِعَم، ورُوي بفتح المهملَة والثاء المثلَّثة، أي: الموضع المَحرُوث للزِّراعة، وسبق الحديث في (باب: هل تُنبش قُبور المشركين ليُتخذَ مكانُها مساجدَ؟).
* * *
1869 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ الله، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "حُرِّمَ مَا بَيْنَ لابَتَيَ الْمَدِينَةِ عَلَى لِسَانِي". قَالَ: وَأَتَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بني حَارِثَةَ فَقَالَ: "أَرَاكُمْ يَا بني حَارِثَةَ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ الْحَرَمِ"، ثُمَّ الْتَفَتَ، فَقَالَ:"بَلْ أَنْتُمْ فِيهِ".
الحديث الثاني:
(لابتي) اللَّابَة بتخفيف المُوحَّدة: الحَرَّة، وهي أرضٌ لبسَتْها حجارةٌ سُودٌ، والمدينة بين حَرَّتَين، شرقيَّةٍ وغربيَّةٍ، وقيل: المراد بذلك: حرَّمَ المدينة ولابتَيها جميعًا.
(يا بني حارثة) قَبيلةٌ من الأنصار ظنَّ أنهم خارجون من الحرَم،
فلمَّا تأَمَّل مواضعَهم رآهم داخلين، فقال:(بل أنتم فيه).
* * *
1870 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: مَا عِنْدَناَ شَيْءٌ إِلَّا كتَابُ الله، وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:"الْمَدِينَةُ حَرَمٌ، مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ"، وَقَالَ:"ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ، وَمَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ".
الثالث:
(شيء)؛ أي: من أحكام الشَّريعة، أي: مكتوبٌ، وإلا فالشَّريعة كثيرةٌ إلا أن السُّنن في ذلك الوقت لم تكُنْ مكتوبةً في الكتُب مُدَوَّنة في الدَّواوين، نعَمْ، تقدَّم في (كتاب العِلْم): أن في الصَّحيفة العَقْل، وفِكَاك الأَسير، وليس بمُنافٍ ما هنا أنَّ فيها المدينة حرَم
…
إلى آخره؛ لجَواز كون الكُلِّ فيها.
(عائر) بمهملةٍ، وألفٍ، وهمزةٍ، وراءٍ: جبَلٌ بالمَدينة، وفي
بعضها: (عَيْر) بلا ألف، قال (ع): وأكثَر رُواة البخاري ذكَره.
وأما ثَوْر، أي: وهو ما في "مسلم": ما بَيْن عَيْرٍ إلى ثَوْر، فمِن رُواة البُخاري مَن كنَّى عنه بكذا بذالٍ معجمةٍ، ومنهم من يَترك مكانَه بَياضًا؛ لأنهم أعتقَدوا أنَّ ذِكْر ثَوْرٍ خطأٌ؛ إذْ ليس بالمدينة موضعٌ يسمَّى ثَورًا، إنما ذلك بمكة، وقال بعضهم: الصَّواب: (مِن عَيْرٍ إلى أُحُدٍ).
قال (ش): قال مُصعب الزُّبَيري، وغيره: ليس في المدينة عَيْرٌ ولا ثَورٌ، إنما هو بمكَّة، وأجاب (ن) عن الإشكال: بأنَّه يحتمل أنَّه كان بالمدينة ثَوْرٌ اسمًا لجبَل، إما أُحُد أو غيرُه، لكنْ خَفِيَ اسمه، وقال الطِّيْبي: المُراد أنَّ حرَم المدينة قدْر ما بين عَيْرٍ وثَوْرٍ من حرَم مكة فهو بتقدير حذف المضاف.
قلتُ: وذكر ذلك أيضًا المُنذِري في "حَواشي السُّنن" قال: أو يكون المُراد أنَّه حرم من المدينة كالتَّحريم لمَا بين عَيْرٍ وثَوْرٍ من مكة، أو يكون (إلى) هنا بمعنى:(مع)، أي: حرامٌ ما بين عائِرٍ مع ما حُرِّم في مكَّة إلى ثَورٍ، انتهى.
(آوى) بالمدِّ على الأفْصح في المُتعدِّي، وعكسه في اللازِم.
(مُحدثًا) قال (خ): -بفتْح الدال- الرأي المُحْدَث في أمْر الدِّين والسُّنَّة، وبكسرها، أي: صاحِبُه الذي أحدَثَه وابتدَعه، وقال التَّيْمِي: مَن ظَلَم فيها، أو أعانَ ظالمًا.
(صَرْف)؛ أي: فَريضَة.
(عَدْل)؛ أي: نافِلَة، وقال الحسَن: بالعكس فيهما، وقال الأَصْمَعي: الصَّرْف: التَّوبة، والعَدْل: القُرْبة، قالوا: معناه: لا يَقبَل قَبولَ رِضًا، وإنْ قُبلتْ قَبول جَزاءٍ.
(لعنة) المراد بها هنا: البُعْد من رحمة الله، وعن الجنَّة أوَّل الأَمْر بخلاف لَعْنة الكافِر؛ فإنها البُعد أوَّلًا وآخِرًا.
وفيه وَعيْد شَديدٌ، فَيُستدلُّ بها على أنها كبيرةٌ.
(ذمة)؛ أي: العَهْد والأَمان، أي: أَمان المسلم للكافِر صحيحٌ، والمسلمون كنفْسٍ واحدةٍ، وشُروط الأمان مذكورةٌ في الفِقه.
وفيه أمانُ العبد والمرأَة جائزٌ.
(أخفر)؛ أي: نقَضَ عَهْدَه، ويُقال: خفَرتُ الرجلَ: أمنتَه، وأَخْفَرتُه: نقضْتُ عَهْدَه، فالهمزة للإزالة.
(تولى)؛ أي: اتخذَهم أولياءَ.
(بغير إذن) ليس بقَيْدٍ على الغالِب.
قال (خ)(1): أو أنه تأْكيدٌ للتَّحريم؛ لأنه لو استأْذنَهم في ذلك منَعُوه، وحالُوا بينه وبين ما يَفعل.
وفيه تحريم انتِماء الإنسان إلى غير أبيه، أو العَتِيْق إلى غير
(1)"خ" ليس في الأصل.