الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع:
(السِّبَاخ) جمع سَبْخَة، وهي أرضٌ تعلُوها مُلوحةٌ، والمُراد ينزِل خارجَ المدينة.
(رجل) قال مَعْمَر في "جامعه": بلغَني أنه الخَضر عليه السلام.
(فيقولون لا) هم اليَهود، ومَنْ صدَّقه من أهْل الشِّقاوة، أو العُموم يقُولون ذلك خوفًا منه لا تصديقًا له، أو قصَدوا بذلك عدَم الشَّكِّ في كُفْره، وأنه دجَّالٌ.
(أشد بصيرة) في بعضها: (أشَدَّ منِّي بَصيرةً)، فالمفضَّل والمفضَّل عليه واحدٌ باعتبارَين، وإنما يقول ذلك؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخبر بأنَّ علامة الدَّجَّال أن يُحييَ المقتولَ، فزادتْ بصيرتُه بحصُول تلك العَلامة.
(فلا يُسلط عليه)؛ أي: لا يَقدِرُ على قَتْله بأن يجعل الله بدَنَه كالنُّحاس لا يَجري عليه السَّيْف ونحو ذلك، وفي بعضها:(فلا أُسَلَّطُ عليه)، أي: أقْتُله، ففيه همزةُ إنكارِ مقدَّرةٌ، وفي بعضها ظاهرةٌ، وكأنه يُنكِر إرادتَه القَتْلَ، وعدَمَ تَسلُّطه عليه.
* * *
10 - بابٌ الْمَدِينَةُ تَنْفِي الْخَبَثَ
(باب: المدينةُ تَنْفِي الخَبَثَ)
1883 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بن عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا
سُفْيانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بن المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابرٍ رضي الله عنه: جَاءَ أعْرَابيٌّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَبَايَعَهُ عَلَى الإسْلَامِ، فَجَاءَ مِنَ الْغَدِ مَحْمُومًا، فَقَالَ: أَقِلْنِي، فَأَبَى؛ ثَلَاثَ مِرَارٍ، فَقَالَ:"الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ، تَنْفِي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا".
الحديث الأول:
(أقلني)؛ أي: مِن المُبايَعة على الإسلام.
(ثلاث) تَنازَعَه الفِعْلان قبْلَه، أي: قال ذلك ثَلاثَ مرَّاتٍ، وهو صلى الله عليه وسلم يأبى من إقالته.
(كالكير) إما المنفخ، فهو لشِدَّة نفْخه ينفي عن النَّار السِّخَام، والدُّخان، والرَّماد، حتى لا يبقَى إلا خالِصُ الجَمْر، وإما الموضع المشتمِل على النَّار، وهو المعروف في اللُّغة، فهو لشِدَّة حَرارته ينزعُ خَبَثَ الحديد، والذَّهب، والفِضَّة، ويُخرج خلاصةَ ذلك، فالمدينة كذلك؛ لمَا فيها من شِدَّة العَيْش، وضيْق الحال تُخلِّصُ النَّفْس من شَهواتها وشَرَهها.
(وينصع) من النُّصوع بمهملَتين، وهو الخُلُوص، والنَّاصِع: الخالِص، ويُروى أوَّله بمثنَّاة فوق مفتوحةٍ، ومضمومة، ومثنَّاةٍ تحت مفتوحةٍ.
(طَيِّبُهَا) بفتح الطاء، وتشديد المُثنَّاة تحت مرفوعًا، ويُروى بكسر الطَّاء، وتسكين الياء، وهو أَليَقُ بقوله:(وينصَع)، نعَمْ، قال القَزَّاز:
إن (يَنْصَع) لم أجِدْ له في الطِّيْب وَجْهًا، وإنَّ الكلام يَضُوع، أي: يَفُوحُ، قال: ورُوي: (يَنْضَخ) بضادٍ، وخاءٍ معجمَتين، وبحاءٍ مهملةٍ، وفي "الفائِق": يُبضع، بياءٍ مضمومةٍ، بعدها موحَّدةٌ، ثم ضادٌ معجمةٌ، أي: مِن بضَعْتُ اللَّحم، أي: قطَعتُه.
قال الصَّاغَاني: وخالَف بهذا جميعَ الرُّواة.
قال (ك): وفي بعضها بالموحَّدة مع المهملتين، من البَضْع، وهو الجَمْع.
* * *
1884 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بن حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بن ثَابتٍ، عَنْ عَبْدِ الله بن يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بن ثَابتٍ رضي الله عنه يَقُولُ: لَمَّا خَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُحُدٍ، رَجَعَ ناَسٌ مِنْ أَصْحَابهِ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: نقتُلُهُمْ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لَا نَقتُلُهُمْ. فَنَزَلَتْ: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} ، وَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّهَا تنفِي الرِّجَالَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْحَدِيدِ".
الحديث الثاني:
(يقتلهم)؛ أي: يقتُل الرَّاجعين.
(تنفي الرجال) اللام فيه للعَهْد عن شِرارهم وأخْباثهم، والمراد بالنَّفْي: الإظهار والتَّمييز بقَرينة المشبَّه به، ويُروى:(الدَّجَّال) بالدال.
* * *
1885 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بن جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبي، سَمِعْتُ يُونُسَ، عَنِ ابن شِهَابٍ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"اللهمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضعْفَيْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنَ الْبَرَكَةِ".
تَابَعَهُ عُثْمَانُ بن عُمَرَ، عَنْ يُونس.
الثالث:
(ضعْفَي)؛ أي: مِثْلَيه كما قال الجَوْهَري، لكنَّ الفُقهاء قالوا: ضعْف الشَّيء: مِثْلاه، وضعْفاه: ثلاثَةُ أمثالِه، وسبَق بيانه في (الإيمان) في (باب حُسْن إسلام المَرء).
(البركة)؛ أي: كثرة الخَيْر، وهذا مُجمَلٌ فسَّره:"اللهمَّ بارِكْ لَنا في صَاعِنَا ومُدِّنَا"، فَعُرف منه أنها البرَكة الدُّنيوية، حتى لا يُقال: إنَّ مقتَضى إطلاق البركة أنْ يكون ثَواب صلاة المدينة ضعْفَي ثَواب الصَّلاة بمكة، أو المراد عُموم البركة، لكنْ خُصَّت الصَّلاة ونحوُها بدليلٍ خارجيٍّ.
(تابعه عُثمان) وصلَه صاحب "الزُّهْرِيات".
* * *
1886 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَنَظَرَ إِلَى جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ، أَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ، وَإنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ، حَرَّكهَا مِنْ حُبهَا.