الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع:
(جُدُرات) بضمَّتين: جمع جُدُرٍ، وهو جمْع جِدار.
(أوضع)؛ أي: حَمَلَها على السَّير السَّريع.
* * *
11 - بابُ كَرَاهِيَةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ
(باب كَراهة النَّبي صلى الله عليه وسلم أنْ تُعْرَى المدينة)
بضمِّ أوَّل (تُعرى)، أي: تُخْلَى، وأَعرَيْتُ المكانَ: جعلتُه خاليًا، أي: يجعل حوالَيها خاليًا، ورُوي:(تَعْرُو) بفتح أوله، أي: تَخلُو، وتصير عَراءً، وهو الفَضاء من الأرض الذي لا سُتْرةَ به.
1887 -
حَدَّثَنَا ابن سَلَامٍ، أَخْبَرَنَا الْفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَرَادَ بنو سَلِمَةَ أَنْ تتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجدِ، فَكَرِهَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ، وَقَالَ:"يَا بني سَلِمَةَ! أَلَا تَحْتَسِبُونَ آثَارَكمْ؟ " فَأَقَامُوا.
الحديث الأول:
(يا بني سَلِمة) بكسر اللام.
(تحتسبون)؛ أي: تعدُّون الأجْرَ في خُطاكم إلى المسجد؛ فإنَّ لكُل خُطوةٍ أجْرًا، وفي بعضها:(تحتَسِبُوا) بلا نُونٍ؛ لأن حذْفَها بدُون
جازمٍ وناصبٍ فصيحٌ.
* * *
1888 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ الله بن عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بن عَاصِمٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضي".
الثاني:
(بيتي)؛ أي: قَبْري، أو الحُجْرة، وهو بمعناه؛ لأنَّ فيها القبر.
(روضة)؛ أي: كرَوْضَةٍ في نُزول الرَّحمة، وحُصول السَّعادة؛ إذ العِبادة فيه تُؤدِّي إلى الجنَّة، أو الموضع يُنقَل بعينه إلى الجنَّة، فهو إما تَشبيهٌ، أو مجازٌ، أو حقيقةٌ.
(على حَوْضي) قال أكثر العلماء: أي: مِنْبَره بعَيْنه يُوضَع على حَوْضه، وقيل: يُوضَع له هناك مِنْبَر، وقيل: إنَّ مُلازَمة مِنْبره للأعمال الصَّالحة تُورِد صاحبَها الحَوْضَ، وهو الكَوثَر، فيَشرب منه.
* * *
1889 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بن إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبلَالٌ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ
…
وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
وَكَانَ بِلَالٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يَقُولُ:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبيتَنَّ لَيْلَةً
…
بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ
…
وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
قَالَ: اللهمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بن رَبيعَةَ، وَعُتْبهَ بن رَبيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بن خَلَفٍ، كمَا أَخْرَجُوناَ مِنْ أَرْضنَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"اللهمَّ حَببْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللهمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا، وَفِي مُدِّناَ، وَصَحِّحْهَا لنا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ". قَالَتْ: وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، وَهْيَ أَوْبَأُ أَرْضِ الله. قَالَتْ: فَكَانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلًا. تَعْنِي: مَاءً آجِنًا.
الثالث:
(وُعِكَ) بضمِّ الواو، وكسر المهملة، أي: حُمَّ، والمَوعُوك المَحمُوم.
(مُصَبَّحٌ) بلفْظ المَفعول، أي: يُقال له: صبَّحَك الله بالخير، أنْعَم الله صبَاحَك، والحال أنَّ المَوت يَفجَؤُه، فلا يُمسي حيًّا، ويحتمل أنه صباح في أهله، أو يُسقى صباحه، وهو شُرْب الغَداة.
والبَيْت لحَكِيْم النَّهْشَلي، كان يَرتجِزُ به في يوم الوقيط.
(شِرَاك) بكسر المعجمة: إحدى سِيُور النَّعْل التي على وَجْهها.
(أقلع)؛ أي: كَفَّ، وفي بعضها بالبناء للمفعول.
(عَقِيرَتهُ) بفتح المهملة، وكسر القاف، أي: صوتَه، قيل: إنَّ رجُلًا قُطعت رجلُه، فكان يرفَع المقطوعة على الصَّحيحة، ويَصيح من شِدَّة وجَعها بأعلى صوته، فقيل لكُلِّ رافعٍ لصَوته من شدَّةٍ: رفَعَ عَقيرتَه، وهي فَعِيْلةٌ بمعنى: مَفْعولة.
(بوادٍ) يُروى: (بفَيْح).
(وحولي) مبتدأٌ، وما بعدَه الخبَر، والجُملة حاليَّةٌ، نعم، أنشده الجَوْهَري:(بمكَّة حَولي) بلا واوٍ، وهو حالٌ أيضًا.
(إذْخِر) بمعجمَتين، وكسر الهمزة: نَبْتٌ، سبَق بيانه.
(وجَلِيل) بفتح الجيم، وكسر اللام الأُولى: النَّمَّام، وهو نَبْتٌ ضعيفٌ يُحشَى به خَصَاصُ البيت، وقيل: إذا عَظُم النَّمَّام وجَلَّ يُقال له: الجَلِيل، واحده جَليلة.
(مياه) بالهاء: جمعُ ماءٍ كجِبَاهٍ.
(مَجَنَّة) بفتح الميم، والجيم، والنُّون: موضع على أميالٍ من مكَّة كان سُوقًا في الجاهليَّة، وقال (ش): بفتح الميم وكسرها، والميم زائدةٌ: سُوق هَجَر.
(شامة) بالمعجمة.
(وطَفيل) بفتح الطَّاء: جبَلان بناحيةِ مكَّة.
قال (خ): كنْتُ أحسَبهما جبَلَين حتى مرَرْتُ بهما وجدتُهما
عينَيْن من ماءٍ، وكذا قال أبو الفَرَج: إنهما عَيْنان لا جبَلان، وفي "العُباب": شابة -بموحَّدةٍ-: موضعُ بلاد هُذَيل، قال: والمحدِّثون يقولونه بالميم، وفي شِعْر أبي ذُؤَيب يُروى بالباء والميم، وقال الأسيري في "شرح أبيات النَّوادِر": ويُروَى: (قَفيل) بالقاف بدلَ الطَّاء، وكلُّها مواضع بمكَّة وما يَليها.
(كما)؛ أي: اللهمَّ أبعِدْهم مِن رحمتِكَ كما أبعَدُونا من مكَّة.
(الوباء) بالقَصْر، والمدِّ: مرَضٌ عامٌّ، وقال (ن): الموت الدُّرِيْع، وقال الأطِبَّاء: عُفونة الهواء.
(صاعنا)؛ أي: صاع المدينة، وهو كِيْلٌ يسَع أربعة أمدادٍ، والمُدُّ: رِطْلٌ وثلُثٌ عند أهل الحِجَاز، ورِطْلان في غيرهما، وقيل: يحتمل أنْ تَرجع البركة إلى التصرُّف بها في التِّجارة وأرباحِها، وإلى كثْرة ما يُكال بها من غَلَّاتها وثمارها، أو في المكيل بها؛ لاتساع عَيْشهم عند الفُتوح، حتى كثُر الحَمْل إلى المدينة، وزادَ مدُّهم وصار هاشميًّا مثل مُدِّ الرسول صلى الله عليه وسلم مرَّتين، أو مرَّةً ونصفًا.
وفيه إجابة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
(الجُحْفة) بضمِّ الجيم، وسُكون المهملة: مِيْقات أهل مصر،
وكان سكَّانها يومئذٍ يَهود.
وفيه دليلٌ من دلائل النبوَّة، لا يشْربُ أحدٌ من مائها إلا صارَ مَحمومًا.
قال الأَصْمَعي: لم يُولد أحدٌ بغَدِيْر خُمٍّ -وهو من الجُحْفة- فعاشَ إلى أنْ يحتلِمَ إلا أن يتحوَّل منها.
فإنْ قيل: ما الجمْع بين قُدومهم على الوَباء وحديث النَّهي عنه؟.
قيل: إما لأنَّ القُدوم كان قبْل النَّهي، أو أن المنْهيَّ عنه الأمرُ العامُّ، والذي في المدينة كان للغُرَباء.
وفي الحديث الدُّعاء على الكفَّار بالأمراض، وللمسلمين بالصِّحة، وكشْفِ الضُّرِّ عنهم، ورَدٌّ لقَول بعض المتصوِّفة: إن الدُّعاء قَدْحٌ في التوكُّل، وقَولِ المعتزلة: لا فائدةَ في الدُّعاء مع سبْق القَدَر، والمَذْهب أنَّ الدُّعاء عبادةٌ مستقلةٌ، ولا يُستجاب منه إلا ما سبَق به التقدير.
(بُطْحَان) بضمِّ الموحَّدة، وسكون المهملة: وادٍ في صحراء المدينة.
(نَجْلًا) بفتح النون، وإسكان الجيم: الماءُ الذي يظهر على وجه الأرض، والآجِن: الماء المتغيِّر الطَّعْم واللَّون.
قال (ش) فيما سبق: إنَّه ضبطُ أكثرِهم، أي: يظهر، ويجري، وينبسط، وضبطها الأَصِيْلي: بفتح الجيم، وهو وهمٌ.
قال ابن السِّكِّيْت: النَّجْل: النَّزُّ حين يظهَر وينبُع عين الماء، وقال الجِرْمِي: نَجْلًا، أي: واسِعًا، ومنه عينٌ نجلاء، وقيل: الغَدِير الذي لا يَزال فيه الماء، وقول البخاري في تفسيره:(يعني ماءً آجنًا) هو خطأٌ
في التفسير، وإنما الآجِن: الماء المُتغيِّر.
* * *
1890 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بن يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بن أَبي هِلَالٍ، عَنْ زيدِ بن أَسْلَمَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: اللهمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِكَ صلى الله عليه وسلم.
1890 / -م - وَقَالَ ابن زُرَيْعٍ: عَنْ رَوْحِ بن الْقَاسِمِ، عَنْ زيدِ بن أَسْلَمَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ حَفْصَةَ بنتِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَتْ: سَمِعْتُ عُمَرَ نَحْوَهُ.
وَقَالَ هِشَامٌ: عَنْ زيدٍ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ حَفْصَةَ، سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه.
الحديث الرابع:
(ارزقني الشهادة) قد اسْتُجِيبتْ فيما حصَل له في قتْله من ثَواب الشهادة؛ لأنه قُتل مظلومًا.
(عن أبيه)؛ أي: فالاختلاف بين ذلك والطَّريقِ الثَّانية: أنَّ في تلك: (عن أبيه)، وهي المشهورة.