الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه دليلٌ على رُكوب البدَنة المُهْداة، قال الشَّافعي: يَركبها عند الحَاجة، وقال أحمد: وبدُونها، وقال أبو حنيفة: لا يركَب إلا عند الضَّرورة، وقيل: يجب الرُّكوب لمطلَق الأمر، ولمُخالفة الجاهليَّة، وإكْرام البَحِيْرة والسَّائبة.
(ويلك) كلمةٌ تُقال لمَن وَقَع في مَهْلَكةٍ كما هنا؛ فإنَّه وقَع في تعَبٍ وجُهدٍ، وقيل: هي تَجري على الأَلسنة مِن غير قَصْدٍ إلى ما وُضعتْ له، وقيل: تُدغِم العرَب بها الكلامَ، كقَولهم: لا أَبَ له، ولا أُمَّ له.
وقال التَّيْمِي: الهَدْي إنْ كان تطوُّعًا فهو على مِلْكه وتصرُّفه، حتّى يَنحَر، أو نَذْرًا زال وصار للمَساكين، ولكنْ له أن يَركبه بالمعروف إذا احتاج له، ولعلَّه امتَنع من ركوبها شفَقًا من إثْمٍ أو غُرْمٍ، فقال:(اركَبْ)؛ ليُعلِمه أنه لا إثْمَ عليه ولا غُرْمَ.
* * *
104 - بابُ مَنْ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ
(باب مَنْ ساقَ البُدْنَ)
1691 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عنِ ابن شِهَابٍ، عن سَالِمٍ بن عَبْدِ الله، أنَّ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ
الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فتمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، قَالَ لِلنَّاسِ:"مَنْ كَانَ مِنْكُم أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِشَيءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَبالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ، وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَمَنْ لَمْ يَجدْ هَدْيّا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ"، فَطَافَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَاسْتَلَمَ الرّكْنَ أَوَّلَ شَيْء، ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَى أَرْبَعًا، فَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا، فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْء حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنَ النَّاسِ.
1692 -
وَعَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَخْبَرتَهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي تَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فتمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَني سَالِمٌ عَنِ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم.
(تمتع)، قال (ن): معناه: أنَّه أحرَم بالحجِّ مُفرِدًا، ثمّ بالعُمرة، فصار قارِنًا، فالقِرَان فيه تمتُّعٌ في المعنى، فسُمِّي به من حيث اللُّغة
والمعنى؛ لأنه تَرفَّهَ باتحاد المِيْقاتِ والإحرامِ والفِعْلِ جمعًا بين الأحاديث، فأمَّا لفظ (أهَلَّ بالعُمرة ثمّ أَهلَّ بالحجِّ)، فمَحمولٌ على التَّلْبية في أثناء الإحرام لا أنه أحْرَم بالعمرة ثمّ أَدخَلَ الحجَّ عليها؛ لأنه يؤدِّي لمخالفة الأحاديث الأُخرى.
ويُؤيِّد هذا التأويل لفظ: (وتمتَّع النَّاسُ معَه)، فمن المعلوم أنَّ أكثَرهم أحرَموا بالحجِّ، وإنّما فسَخُوا إلى العُمرة آخِرًا، وصاروا متمتِّعين.
(يقصر) بالرفع والجزم، وإنّما لم يَذكُر الحَلْق وإنْ كان أفضلَ؛ ليَبقَى له شعْرٌ يحلِقُه في الحجِّ؛ فإنَّ الحَلْق في تحلُّل الحجِّ أفضَلُ منه في تحلُّل العُمرة.
(ليحْلِلْ)؛ أي: يصير حلالًا، فيفعَل ما حُظِرَ من طِيْبِ ونحوه.
(لمن لم يجد)؛ أي: لم يجد الهَدْيَ؛ لعدَمه، أو لأنه يُباعُ بأكثَر من ثَمن المِثْل.
(اسْتَلَم)؛ أي: مسَحَ.
(خَبَّ)؛ أي: رَمَلَ.
(وَقَضَى حَجَّهُ)؛ أي: وقَف بعرفة، ولذا عطَف عليه:(وأفَاضَ فطَافَ بالبَيتِ).
(من أهدى) هو فاعلٌ وفعلٌ، وفي بعضها هنا:(باب: مَنْ أَهدَى)، فعليه يكون فاعلٌ وفعلٌ ضميرٌ يَعود على ابن عُمر، فلذلك قال (ش): إن هذا من تمام الحَديث الّذي قبلَه، وليس بترجمةٍ.
* * *