الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ أَبي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: مَنْ يَحْفَظُ حَدِيثًا عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: أَناَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ". قَالَ: لَيْسَ أَسْأَلُ عَنْ ذِهِ، إِنَّمَا أَسْأَلُ عَنِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ. قَالَ: وَإِنَّ دُونَ ذَلِكَ بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ: فَيُفْتَحُ أَوْ يُكْسَرُ؟ قَالَ: يُكْسَرُ. قَالَ: ذَاكَ أَجْدَرُ أَنْ لَا يُغْلَقَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ؟ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: نعَمْ، كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ.
(ذِه)؛ أي: ذي، فأتَى فيه بهاء السَّكْت.
(ذاك أجدر)؛ أي: الكسر أَولى من الفتْح في أنْ لا يُغلَقَ إلى يوم القيامة، أي: إذا وقَعت الفِتْنة، فالظَّاهر أنها لا تَسكُن.
وسبق الحديث في أول (مَواقيت الصلاة).
* * *
4 - بابٌ الرَّيَّانُ لِلصَّائِمِينَ
(باب الرَّيَّان للصَّائمِين)
رَيَّان بوَزْن فَعْلان، أي: كَثير الرِّيِّ نقيض العَطَش، سُمي به لأنَّه جَزاء الصَّائمين على عطَشهم، أي: وَجُوعهم، لكِن اكتفَى
بذلك عنه لاستِلزامه، ثم ليس ذلك قاصِرًا على صائمِ رمضان، وكذا في الزكاة، والصلاة المَفروضة، بل مُلازَمة النَّوافِل وكثرتها من ذلك.
* * *
1896 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بن مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بن بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ".
الحديث الأول:
(غلق) مخفَّفًا ومُشدَّدًا، وأغلَق من الإغْلاق.
(فلم يدخل) إنما أتَى بـ (لم) وكان القِياس (فلا)؛ لأنَّه لمَّا عُطف على الجَزاء كان في حُكم المُستقبَل.
* * *
1897 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابن شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبيلِ الله نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ الله! هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ
مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: بِأَبي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ الله! مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ:"نعمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ".
الحديث الثاني:
(زوجين) دِرْهَمَين، أو دِيْنارَين، فالمراد اثنَين من أيِّ شيءٍ كانَ، صِنْفَين، أو مُتشابهَين، وقد جاءَ تفسيره مرفوعًا:"بَعيرَين، شاتَين، حِمَارَين، درهمين"، قيل: ويحتمِل تكرارَ الإنفاق مرَّةً بعد أُخرى، أي: يصير عادةً، كما في:{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4].
(سبيل الله) قيل: عامٌّ في أنواع الخَير، وقيل: المراد الجِهاد.
(خيرٌ)؛ أي: من الخَيرات، والتَّنوين فيه للتَّعظيم، وليس المراد به اسم التَّفْضيل.
(من أهل الصلاة)؛ أي: الذي الغالِب عليه ذلك، وإلا فكُلُّ المؤمنين أهلٌ للكُلِّ.
(ومن كان من أهل الصدقة) ليس تَكرارًا لمَا في صَدْر الحديث؛ لأن ذاك في أنَّ الإنفاق ولو بالقَليل خيرٌ من الخيرات العَظيمة، وذاك حاصِلٌ من كلِّ أبواب الجَنَّة، وهنا استدعاءُ الدُّخول من بابٍ خاصٍّ.
ففيه فَضْل الإنْفاق حيث افتَتَح به وختَم.
(بأبي)؛ أي: مُفَدًّى.
(ما عَلَى)؛ أي: مَن لم يكن إلا مِن أهل خَصْلةٍ واحدةٍ، ودُعِيَ من بابها لا ضرَر عليه؛ لأن القصد دُخول الجنة.
(من ضرورة)؛ أي: ضرَرٍ وخَسارة، أي: قدْ سَعِدَ من دُعِيَ من أبوابها جميعًا.
قال (ط): هذا التَّقسيم فيمَن أنفَق زوجَين أَدخل فيه الصَّوم والصَّلاة باعتبار أنه أفنى فيهما نفسه ومالَه، وهما المراد بزَوجين، فالعرَب تقول: أنفَقْتُ في ذلك عُمُري، فجعَل إتْعاب الجسم في الصلاة والصوم إنْفاقًا، وبانضمام ما يُنفقه في قُوَّته وستْر عَورته يصير مُنْفقًا لزَوجَين نفسَه ومالَه، وقد يكون الإنْفاق في الصَّلاة ببناء المسَاجِد، وفي الصَّوم بتفْطير الصُّوَّام عنده.
(نعم)؛ أي: يُدعَى مِن كلِّها إكرامًا بتخييره في الدُّخول مِن أيِّها شاءَ؛ لاستحالة الدُّخول من الكُلِّ معًا.
قال (ك): ويحتمل أن الجنَّةَ كقَلْعةٍ لها أسوارٌ يُحيط بعضها ببعضٍ، وعلى كل سُورٍ بابٌ، فمنْهم من يُدعَى من الباب الأوَّل فقط، ومنهم مَن يَتجاوَزُ عنه إلى الباب الدَّاخلانيِّ، وهَلُمَّ جَرًّا.
* * *