الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال (خ): يُستحبُّ تَشبيهًا بأهل الطَّاعة، فصوم بعض النَّهار لا يصحُّ، وقد استدلَّ بهذا أبو حنيفة أن الفَرْض يجوز بنيَّةٍ من النَّهار؛ لأنَّ صوم عاشوراء كان فرْضًا، ورُدَّ بأن ذلك إمساكٌ لا صومٌ، وأيضًا فصوم عاشوراء لم يكُن فَرْضًا عند الجُمهور، وأيضًا فليس فيه أنَّه لا قَضاءَ عليهم، بل في "أبي داود": أنَّهم أتَمُّوا بقيَّة اليوم وقضَوه، وقال (ط): غرَض البخاري جَواز صوم النَّفْل بغير تبييتٍ، وقال مالك: يجب فيه التَّبييت كالفرْض؛ لإطلاق حديث: "مَنْ لم يُبيِّتِ الصِّيَامَ فلا صِيَامَ لَهُ"، ولحديث:"الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ"، فالإمساك أوَّل النَّهار عمَلٌ بلا نيَّةٍ، وقياسًا على الصلاة؛ إذ نفْلُها وفرضها في النيَّة سواءٌ، وحكم حديث عاشوراء مَنْسوخٌ.
قال: ولا دلالةَ في: (إِنِّي صائِمٌ إذَنْ)؛ لاحتمال أنَّ المُرادَ من السُّؤال أن يجعل ذلك للإفْطار، حتى تطمئنَّ نفْسه للعبادة، ولا يتكلَّف لتحصيل ما يُفطر عليه، ولمَّا قالوا له: لا، قال: إنِّي صائمٌ كما كنت، أو أنه عزَم على الفِطْر لعُذْرٍ، فلمَّا قيل له؛ تمَّمَ الصَّوم، انتهى.
وهذا الحديث من ثُلاثيَّات البخاري.
* * *
22 - بابُ الصَّائِمِ يُصْبحُ جُنُبًا
(باب الصائم يُصبح جُنبًا)
1925 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى
أَبي بَكْرِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الْحَارِثِ بن هِشَامِ بن الْمُغِيرَةِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كُنْتُ أَناَ وَأَبي حِينَ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ.
1926 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَناَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الْحَارِثِ بن هِشَامٍ: أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَ مَرْوَانَ: أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرتَاهُ: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. وَقَالَ مَرْوَانُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الْحَارِثِ: أُقْسِمُ بِالله لَتُقَرِّعَنَّ بِهَا أَبَا هُرَيْرَةَ. وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قُدِّرَ لنا أَنْ نَجْتَمعَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَكَانَتْ لأَبي هُرَيْرَةَ هُنَالِكَ أَرْضٌ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لأَبي هُرَيْرَةَ: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكَ أَمْرًا، وَلَوْلَا مَرْوَانُ أَقْسَمَ عَلَيَّ فِيهِ لَمْ أَذْكُرْهُ لَكَ. فَذَكَرَ قَوْلَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ. فَقَالَ: كَذَلِكَ حَدَّثَنِي الْفَضْلُ ابن عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَعْلَمُ، وَقَالَ هَمَّامٌ وَابن عَبْدِ الله بن عُمَرَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِالْفِطْرِ. وَالأَوَّلُ أَسْنَدُ.
(لتفزعن) بالفاء، والزاي: من الفَزَع، وفي بعضها: بالقاف، وفي بعضها:(لتُقَرِّعنَّ) بفتح القاف وكسر الراء المشددة، أي: يُعَنِّفُه، وذلك لأنَّ أبا هريرة كان يَروي:"مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فلا صَوْمَ لَهُ"، ويُفتي به.
(على المدينة)؛ أي: حاكمٌ عليها.
(قُدِرَ) بالبناء للمفعول.
(كذلك)؛ أي: حديث: "مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فلا يَصوم".
(حدثني الفضل) في "النَّسائي": حدَّثني أُسامة بن زَيْد، فليُحمل على أنه سمعَه منهما، وكان حديثُهما متقدِّمًا.
(وهو أعلم)؛ أي: بروايته من غيره، فالعُهْدة عليه، والضَّمير راجِعٌ إلى الله، وفي بعضها:(وهُنَّ أَعلَمُ)؛ أي: أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وصرَّح مسلم في روايته: أنَّه لمَّا حدَّث عن عائشة، وأم سلَمة قال: فما أَعلَمُ، وذكر أنَّ أبا هريرة رجَع عن ذلك، وقال: لم أسمعْه من النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فمعنى قوله:(أعلم): أنَّهنَّ صاحبات الواقِعة.
(وقال هَمَّام) وصلَه أحمد.
(وابن عبد الله) قال (ك): لعبد الله بن عُمر سِتُّ بنين، والظَّاهر أنَّ هذا سالم؛ لأنه يروي عن أبي هريرة، وقال غيره: إنه عُبَيد الله بن عبد الله، ووصلَ حديثَه الطَّبَرانيُّ في "مسند الشاميين"، وهو في "النَّسائي الكبير"، وقيل: عبد الله، -بالتَّكبير- بن عبد الله.
(والأوُّل)؛ أي: حديث أُمهات المؤمنين.
(أسْنَد)؛ أي: أصحُّ إسنادًا.
قال (ن): رجَع أبو هريرة عن روايته عن الفَضْل لحديث عائشة، وأُمِّ سلَمة؛ لأنهما أعلَمُ بمثْل هذا من غيرهما، ولأنَّه مُوافقٌ للقرآن، وهو قوله تعالى:{فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187]، وإذا جازت المباشَرة إلى الفجْر لَزِمَ