الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه دليلٌ على مالك في قوله: إنَّ الصَّوم يبطُل بذلك نِسْيانًا، نعَمْ، عند الشَّافعي بالأكل الكثير؛ لأنَّ التحرُّز عنه سَهْلٌ، ويَندُر النِّسيان فيه، فوُقوعه يُشعِر بالتَّفريط في التحفُّظ.
قال (خ): النِّسيان ضرورةٌ، والأفعال الضرورية غيرُ مُضافة في الحكم إلى فاعلها، ولا مُؤاخَذٌ بها، والقياس مُطَّرِدٌ إلا أنْ يكثُر النِّسيان، فإنَّه إذا تتابَعَ خرَجت العبادة عن حدِّ القُرَب.
قلتُ: رجَّح (ن) أنَّ النِّسيان لا يُفطر به قَلَّ الأكْلُ أو كثُرَ؛ لظاهر إطلاق الحديث.
27 - بابُ سِوَاكِ الرَّطْبِ وَالْيَابسِ لِلصَّائِمِ
وَيُذْكَرُ عَنْ عَامِرِ بن رَبيعَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ مَا لَا أُحصِي أَوْ أَعُدُّ. وَقَالَ أَبُو هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:"لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُم بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ". ويُرْوَى نَحوُهُ عَنْ جَابرٍ، وَزيدِ بن خَالِدٍ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم، وَلَم يَخُصَّ الصَّائِمَ مِن غَيرِهِ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:"مَطْهرَةٌ لِلْفَم، مَرضَاةٌ لِلرَّبِّ". وَقَالَ عَطَاءٌ وَقتادَةُ: يَبْتَلِعُ رِيقَهُ.
(باب سِوَاكِ الرَّطْبِ واليَابس)
(ويُذكر عن عامر) وصلَه أحمد، وأبو داود، والتِّرمِذي، وابن
خُزيمة، والدَّارَقُطْنِي، وغيرهم بسندٍ فيه ضعفٌ.
(وقالت عائشة) رواه النَّسائي، وابن حِبَّان، وغيرهما.
(وقال أبو هريرة) رواه ابن خُزَيمة.
(وجابر) رواه ابن عَدِي في "الإِكْليل".
(مِزيد) رواه أحمد، والثلاثة، وحكَى التِّرمِذيُّ أن البُخاري صحَّحه.
(مطهرة) بكسر الميم وفتحها: مصدرٌ ميميٌّ بمعنى اسم الفاعِل، من التَّطهُّر، أو اسمُ للآلة.
(مرضاة)؛ أي: سببٌ للرِّضَا من حيث إنَّ المَندوب مُثابٌ عليه، أو أنه مقدِّمةٌ للصلاة، ومنها مناجاة الرَّب تعالى، فطيب الرائحة يقتضي رِضَا صاحب المُناجاة، أو أنَّ مرْضاة بمعنى: مُرضيَة للرَّبِّ، أو بمعنى: مَظِنَّة، كما في:"الوَلَدُ مَبْخَلَةٌ مَجْبنةٌ"، أي: السِّواك مَظِنَّةٌ للطَّهارة والرِّضَا، أي: يحمل الرجل على الطَّهارة، ورِضَا الله، ثم يحتمل التَّرتيب بأنْ تكون الطهارة به عِلَّةَ للرضا، وأن يكونا مُستقلَّتين بالعِلِّية.
(لأمرتهم)؛ أي: أمر إيجابِ؛ لأنَّه مندوبٌ.
قلتُ: فلا يُستدلُّ به على أنَّ الأمر للإيجاب؛ لأنَّ ذاك في صيغة: افْعَلْ.
وفيه جَواز اجتهاده صلى الله عليه وسلم، ورِفقُه بالأُمَّة، وسبَق الحديث في (الجمعة).
(ولم يخص)؛ أي: هو مُتناوِلٌ للصائم أيضًا كما أنه عامٌّ في الرَّطْب واليابس، وفي كلِّ وقتٍ، وقال الشافعي: يُكرَه بعد الزَّوال؛ لأنَّ الخُلُوف إنما يحصُل بعده، وقال مالك، وأحمد: يُكره أن يَستاك بخشبةٍ رطْبةٍ؛ لأنها تحلب الفَمَ، فهو كمَضْغ العِلْك.
* * *
1934 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَناَ عَبْدُ الله، أَخْبَرَناَ مَعمَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاء بن يَزِيدَ، عَنْ حُمرَانَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ رضي الله عنه تَوَضَّأَ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْههُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمنَى إِلَى الْمَرْفِقِ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى إِلَى الْمَرفقِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيمنَى ثَلَاثًا، ثُمَّ الْيُسْرَى ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ نَحوَ وَضُوئي هذَا، ثُمَّ قَالَ:"مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئي هذَا، ثُمَّ يُصَلِّي ركعَتَيْنِ، لَا يُحَدّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبهِ".
حديث حمران عن عثمان: سبق في (باب: الوُضوء ثَلاثًا).
ووجه تعلقه بالترجمة: أن معناه: توضَّأَ وُضوءًا كاملًا جامعًا للسُّنن من جُملتها السِّواك، قال (ط): هو حُجةٌ واضحةٌ في إباحة السِّواك رَطْبًا ويابسًا كما قدَّمَه عن ابن سِيْرِين، وذلك لأنَّ الماءَ أَرَقُّ من ريق السِّواك، وقد أُبيحتْ المَضمَضة للصَّائم.