الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تبوك) بطرَف الشَّام بينه وبين المدينة أربعةَ عشَر مَرحلةً، غير منصرفٍ.
* * *
4 - بابُ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ
(باب لابَتَيَ المَدينة)
1873 -
حدَّثَنَا عَبْدُ الله بن يُوسُفَ، أخْبَرَناَ مالِكٌ، عَنِ ابن شِهَابِ، عَنْ سَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أنَّهُ كانَ يَقُولُ: لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ بِالمَدِينَةِ تَرْتَعُ مَا ذَعَرْتُهَا، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حَرَامٌ".
(ذَعَرْتُهَا) بمعجمةٍ، ثم مهملةٍ، وراءٍ، أي: أَفْزعتُها ونفَّرتُها.
* * *
5 - باب مَنْ رَغِبَ عَن الَمدينةِ
(باب مَنْ رَغِبَ عن المَدينة)
1874 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَناَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بن الْمُسَيَّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم -
يَقُولُ: "يَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لَا يَغْشَاهَا إِلَّا الْعَوَافِ -يُرِيدُ: عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ- وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ، يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا، فَيَجدَانِهَا وَحْشًا، حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا".
الحديث الأول:
(على خير ما كانت)؛ أي: أعمَرَها وأكثَرَها ثمارًا.
(لا يغشاها)؛ أي: لا يسكُنها.
(إلا العَوَاف) جمع: عافِيَة، وهو كلُّ طالبِ رزْقٍ من إنسانٍ، أو بهيمةٍ، أو طائرٍ، وعافية الماء، وارِدَتُه، والمراد هنا السِّباع والطُّيور.
(يُحشر)؛ أي: يُساقُ، ويُجلَى من الوطَن، وقيل: آخِر مَن يموت يُحشر؛ لأنَّ الحشْر بعد الموت، ويحتمل أن يتأخَّر حشْرُهما لتأخُّر موتهما، والقَول الأوَّل هو لفْظٌ رواه مسلم، وفي "كتاب العُقَيلي": هما عافِيَا هذه الأُمة وآخرُها حشْرًا، وهما يَنزِلان بجبَلٍ من جبال العرَب يُقال له: ورقان.
(مُزَيْنَة) بضمِّ الميم، وفتح الزاي: قَبيلةٌ من مُضَر.
(يَنْعِقَان) بكسر العين وفتحها، مِن النَّعيق: هو صَوت الرَّاعي، ونَعِقَ -بالكسر-: صاحَ بها وزجَرها.
(يَجدَانها)؛ أي: يجدان أهلَها وُحوشًا، أو يجدان أنَّ المدينة ذاتُ وُحوشٍ، وقيل: تصير غنَمُها وُحوشًا، إما بانقِلاب ذاتها، أو أنها
تتوحَّش وتَنفِر من أصواتهما، وقال ابن الجَوْزِي: الوَحوش بفتح الواو، والمعنى: أنها خاليةٌ، ويُروى:(وَحْشًا)، أي: كثيرة الوحوش لمَّا خلَتْ من سُكَّانها.
(الوداع) عقَبَةٌ عند حرَم المدينة؛ لأن المودِّعين يمشُون إليها في الوداع لمن يخرُج من المدينة، وهذا سيقَع عند قُرب الساعة، وقال (ع): هذا جرَى في العَصْر الأول وانقضَى، وقد تُركت المدينة على أحسَن ما كانتْ حين انتقلَت الخِلافة عنها إلى الشَّام، وذلك الوقْت خير ما كانت للدِّين لكثْرة العُلماء بها، وللدُّنيا لعِمارتها واتساع حال أهلها، وذكَر الأخْباريُّون في بعض الفِتَن التي جرَت بالمدينة: أنه رحَلَ عنها أكثَرُ النَّاس، وبقِيَتْ أكثَر ثمارها للعَوافي، وخلَتْ مدَّةً، ثم تراجَع الناس إليها.
* * *
1875 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن يُوسُفَ، أَخْبَرَناَ مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بن عُرْوَةَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَبْدِ الله بن الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بن أَبي زُهَيْرٍ رضي الله عنه أنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "تُفْتَحُ الْيَمَنُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ، فَيَأْتِي
قَوْمٌ يُبسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ".
الحديث الثاني:
(يُبسون) بمثنَّاةٍ مضمومةٍ، ثم موحَّدةٍ مكسورةٍ، وسين مهملةٍ رُباعيًّا، وبفتْح أوله، وكسْر ثانيه ثُلاثيًّا، قال ابن مالك: أي: يَسيرون، وحكَى (ط) عن أبي عُبَيد: أن أهل اليمَن إذا ساقُوا حمارًا وغيرَه يقولون: بَسْ بَسْ، وفيه لُغتان مشهورتان: بَسَّ وأَبَسَّ، وقال الحَرْبي: بَسَسْتُ الغنَم: دعَوتُها، فالمعنى: يَدعُون النَّاسَ إلى بلاد الخِصْب، وهذا أليَقُ بمعنى الحديث، أي: يسُوقون أموالَهم، وهو أحَد الأقوال في قوله تعالى:{وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} [الواقعة: 5]، أي: سِيْقت، كما قال تعالى:{وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ} [النبأ: 20]، والمعنى: أنَّهم يتحمَّلون من المدينة إلى هذه البلاد المُفتَتحة لسَعَة العَيْش.
فالمراد: أن المدينة خيرٌ لهم؛ لأنها حَرَمُ الرسول صلى الله عليه وسلم، ومَهْبط الوَحْي، ومَنْزِل البركات.
وجواب (لَو) محذوفٌ دلَّ عليه ما قبلَه، أي: لو كانوا من أَهل العِلْم لعرَفوا ذلك، ولَمَا فارَقُوا المدينة، أو هي للتَّمنِّي فلا جوابَ لها.
وفيه مُعجزةٌ للنبي صلى الله عليه وسلم في إخباره بفتح هذه الأقاليم، وأنَّ الناس يتحمَّلون بأهاليهم، ويُفارِقون المدينة، وأنَّ هذه الأقاليم تُفتَح على هذا الترتيب، ووُجِد جميع ذلك.