الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - بابُ تَفْسِير الْمُشَبهاتِ
وَقَالَ حَسَّانُ بن أَبي سِنَانٍ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَهْوَنَ مِنَ الْوَرعَ، دع مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ.
(باب تَفسير المُشبَّهات)
(دع ما يريبك) قال بعضهم: الورَعِ كلُّه في هذا، ويَرِيْبُ -بفتح أوَّله-: مِن الرَّيْب، وهو الشَّكُّ، وقد يُضمَّ، لكنَّ الفتح أفصح.
* * *
2052 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن كَثِيرٍ، أَخْبَرَناَ سُفْيَانُ، أَخْبَرَناَ عَبْدُ الله ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أَبي حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن أَبي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبة بن الْحَارِثِ رضي الله عنه: أَنَّ امرَأَةً سَوْداءَ جَاءَتْ، فَزَعَمَتْ أنَّها أَرْضَعَتْهُمَا، فَذَكَرَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأعْرَضَ عَنْهُ، وَتَبَسَّمَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"كيْفَ وَقد قِيلَ؟! " وَقَد كَانَتْ تَحتَهُ ابنةُ أَبي إِهابٍ التمِيمِيِّ.
الحديث الأول:
(أرضعتهما)؛ أي: عُقْبَة وامرأَته، وإنْ لم يَسبق لها ذكْرٌ، لكنْ يُفهم بالقَرينة، وقد فُسِّرت آخرَ الحديث بأنَّها بنت أَبي إهاب، بكسر الهمزة، واسمها: عُتْبة، واسم أَبي إِهاب: عَزِيْز، بفتح المهملة، وكسر الزاي الأُولى.
ووجه دلالته على التَّرجمة: أنَّ قوله: (كيف وقد قيل) يُشعِر
بإشارته عليه بتركها تَورُّعًا، ولهذا فارقَها.
* * *
2053 -
حَدَّثَنَا يَحيَى بن قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا مَالكٌ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ عُتْبةُ بن أَبي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بن أَبي وَقَّاصٍ: أَنَّ ابن وَليدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي، فَاقْبضْهُ. قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْح أَخَذَهُ سَعْدُ بن أَبي وَقَّاصٍ، وَقَالَ: ابن أَخِي، قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. فَقَامَ عَبْدُ بن زمعَةَ، فَقَالَ: أَخِي، وَابن وليدَةِ أَبي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فتسَاوَقَا إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ الله! ابن أَخِي، كَانَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. فَقَالَ عَبْدُ بن زَمْعَةَ: أَخِي، وَابن وَليدَةِ أَبي، وُلدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بن زَمعَةَ". ثُمَّ قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَللْعَاهِرِ الْحَجَرُ". ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بنتِ زَمْعَةَ زَوْجِ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "احتَجبي مِنْهُ"؛ لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبةَ، فَمَا رآها حَتَّى لَقِيَ الله.
الحديث الثاني:
(عتبة) هو الذي شَجَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُدٍ وكسَر رَباعيتَه، والجمهور [على] أنه مات كافِرًا.
(عَهِدَ)؛ أي: أَوْصَى.
(وليدة)؛ أي: جارية.
(زَمَعَة) -بزايٍ، وميمٍ، ومهملةٍ، مفتوحاتٍ كما صوَّبه الوَقْشِي، وقيل: بسُكون الميم- ابن قَيْس العامِري.
(ابن أخي) بالرفع، أي: هو ابن أخي.
(فتساوقا)؛ أي: تتَابَعًا.
(هو لك)؛ أي: أَخوكَ.
(يا عبد بن زمعة) هو الصَّواب في الرِّواية، وفي "النَّسائي" بلا حرْفِ نداءٍ، وحرَّفَه بعضُهم فنَوَّن:(عبد)، إما على النِّداء، فـ (ابن) نصبٌ فقط، ويجوز فتح (عبد) وضمُّه، كما يجري ذلك في: يا زيد ابن عَمرو.
(للفراش)؛ أي: للزَّوج، أو للسَّيِّد، أو تَبَعٌ لفِراشها، وقيل: على حذف مضافٍ، أي: لصاحب الفِرَاش.
(وللعاهر)؛ أي: الزَّاني.
(الحَجَرُ) قيل: على ظاهره، أي: الرَّجْم بالحِجارة، وضُعِّف بأنه ليس كل زانٍ يُرجَم، بل المُحصَن، وأيضًا فلا يَلزم من رجمه نفي الولَد عنه، والحديث إنما هو في نفيه عنه، بل المراد كما قال أبو عُبَيد: أن له الخَيْبة، ولا حقَّ له في الولَد، فالعرَب تقول في حِرْمان الشَّخص: له الحَجَر، وله التُّراب.
(احتجبي منه)؛ أي: من ابن زَمعَة المُتَنازَع فيه، وهذا أمرٌ بالتورُّع والاحتياط، وإلا فهو في ظاهر الشَّرع أخوها.
قال (ن): الزَّوجة فِراشٌ بمجرَّد العقْد، وشَرط لَحَاق الولَد فيه إمكانُ الوطء بعد ثُبوت الفِراش، والأَمة لا تفسير فراشًا إلا بالوطء، وحديث عبْد ثبَت فيه الفِراش، إما ببيِّنةٍ على إقراره في حياته، وإما بعِلْم النبيِّ صلى الله عليه وسلم ذلك.
وفي الحديث جَواز استِلْحاق الوارِث نسَبًا للمُورِّث، وأنَّ الشَبَهَ وحُكم القَافَة إنما يُعتمَد إذا لم يكُن هناك أَقوى منه كالفِراش، فلذلك لم يُعتبر الشَّبَه الواضح.
قال (ع): كانت عادةُ الجاهلية إلحاقَ النَّسَب بالزِّنا، فتُستأْجَر الأَمة للزِّنا مع أنَّ السيِّد لا يجتنبُها، فمَن اعترفت الأُم بأن الولَد منه ألْحَقُوه به، فأبطَل الإسلام ذلك، فلمَّا قام سَعْدٌ بما كان في الجاهليَّة بعَهْد أخيه، ولم يَعلَم بُطلانَه في الإسلام، ولم يكُن حصل إلحاقُه في الجاهلية؛ لعدَم الدَّعوى، أو لعدَم اعتراف الأُمِّ، وأما عبْدٌ فاستَنَد للفِراش كما هو في الشَّرع = [فـ]ـحكَم له به النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
* * *
2054 -
حَدَّثَنَا أبو الْوَليدِ، حَدَّثَنَا شُعبةُ، قَالَ: أَخْبَرَني عَبْدُ الله ابن أَبي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبيِّ، عَنْ عَدِيِّ بن حَاتِم رضي الله عنه، قَالَ: سَألْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ: "إِذَا أصابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أصابَ بِعَرْضهِ فَلَا تأكُلْ؛ فَإنَّهُ وِقيذٌ" قُلْتُ: يا رَسُولَ الله! أُرسِلُ كَلْبي وأُسَمِّي، فَأَجِدُ مَعَهُ عَلى الصَّيْدِ كلْبًا آخَرَ لَم أُسَمِّ عَلَيْهِ، ولا أدْرِي