الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبين ضمان مال المضاربة، فالعارية ليست من عقود المعاوضات، والجهالة فيها مغتفرة، بينما التزام الضمان في مال المضاربة من عقود المعاوضات، وضمانه يحوله إلى قرض، فإن أخذ رب المال زيادة على رأس ماله كان قرضًا جر نفعًا، وذلك يوقع في صريح الربا.
الدليل الثالث:
لم يثبت دليل من الكتاب أو من السنة على تحريم اشتراط الضمان في الأمانات، وإذا لم يثبت فإن التزام مثل هذا الشرط لا يكون حرامًا.
ونوقش هذا:
بأنه قد نقل الإجماع على تحريم اشتراط الضمان في مال المضاربة، والإجماع دليل من أدلة الشرع، ولم نقف على قول فقهي يقول بجواز التزام الضمان في مال المضاربة كشرط في صلب العقد، بل صريح كلامهم أنه متى تضمن العقد شرطًا في ضمان رأس المال فإن العقد يفسد عند كل من المالكية والشافعية، أو يفسد الشرط وحده عند الحنفية والحنابلة، والخلاف الوارد فيه فيما لو تبرع العامل بالضمان بعد العقد والشروع في العمل، وهذا الخلاف لا يخرق الإجماع.
الدليل الرابع:
قياس عامل المضاربة ـ خاصة عامل المضاربة المشترك كالمصارف الإسلامية ـ على الأجير المشترك، وقياسه من ناحيتين:
الأولى: أن المضارب المشترك (البنك) يأخذ الأموال من كافة الناس تمامًا كما يفعل الأجير المشترك.
الثاني: أن المالكية ذهبوا إلى أن الأصل في يد الأجير المشترك أنها يد
أمانة، ولكن لما فسد الناس وظهرت خيانة الأجراء ضمن الصناع، وكل من تقتضي المصلحة العامة تضمينه من الأجراء المشتركين حيث تقوم به التهمة. وهو من باب الاستحسان
(1)
.
«ووجه المصلحة فيه: أن الناس لهم حاجة إلى الصناع، وهم يغيبون عن الأمتعة في غالب الأحوال، والأغلب عليهم التفريط، وترك الحفظ، فلو لم يثبت تضمينهم مع مسيس الحاجة إلى استعمالهم لأفضى ذلك إلى أحد أمرين:
إما ترك الاستصناع بالكلية، وذلك شاق على الخلق، وإما أن يعملوا، ولا يضمنوا ذلك بدعواهم الهلاك والضياع، فتضيع الأموال، ويقل الاحتراز، وتتطرق الخيانة، فكانت المصلحة التضمين»
(2)
.
(3)
.
»
(1)
الفواكه الدواني (2/ 117)، المنتقى للباجي (6/ 71)، الفروق (2/ 207 - 208)، مواهب الجليل (5/ 430)، التاج والإكليل (5/ 430)، الخرشي (7/ 28).
(2)
الاعتصام للشاطبي (2/ 119).
(3)
المقدمات الممهدات (2/ 243).