الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن كان قبل ذلك فالساقي بالخيار: إن شاء سلم الحائط لربه، ولا يستحق شيئًا مقابل عمله؛ لأن المساقاة كالجعل لا يستحق العامل شيئًا إلا بتمام العمل.
وله أن يدفع الحائط مساقاة لعامل آخر بمثل الجزء الذي سوقي عليه أو أقل، ولو بغير إذن رب الحائط، وهذا مذهب المالكية
(1)
.
وقد تكلمنا عن حق العامل، وهل له أن يساقي غيره في مسألة سابقة، وذكرنا أدلة المالكية على هذه المسألة، وهذه منها.
القول الثالث:
ذهب الشافعية إلى تفصيل طويل، وألحقوا العجز بمرض ونحوه بالهرب.
قال النووي: «والعجز عن العمل بمرض ونحوه كالهرب»
(2)
.
وتفصيل مذهب الشافعية على النحو التالي:
إذا عجز العامل أو هرب، فإن المساقاة لا تنفسخ؛ لأنها عقد لازم.
فإن تبرع غيره بعمله، ولو كان المتبرع المالك بقي استحقاق العامل مجانًا.
وإلا رفع المالك الأمر إلى الحاكم، فإن وجد الحاكم له مالًا اكترى من ماله من يعمل عنه؛ لأن ذلك قد لزمه.
وإن لم يجد الحاكم له مالًا، فإن كان عجز العامل بعد بدو الصلاح في الثمار باع نصيب العامل كله، أو بعضه بحسب الحاجة واستأجر بثمنه.
وإن كان قبل بدو الصلاح فإن رضي رب المال أن يبيع نصيبه منها بيع الجميع
(1)
المدونة (5/ 8)، حاشية الدسوقي (3/ 547)، الخرشي (6/ 234).
(2)
روضة الطالبين (5/ 162).
بشرط القطع، وقسم الثمن بينهما، وحفظ نصيب العامل، وإن لم يرض رب النخيل بيع نصيبه منها لم يصح بيع نصيب العامل من غير رب النخل وجهًا واحدًا؛ لأنه لا يصح بيعه إلا بشرط القطع، وذلك لا يمكن مع الإشاعة، وهل يصح بيعه أو بيع بعضه من رب النخل فيه وجهان.
فإذا لم يشتر المالك نصيب العامل استقرض عليه الحاكم من مالك، أو من أجنبي، أو من بيت المال، ثم يقضيه من نصيبه من الثمرة بعد بدو الصلاح، أو الإدراك.
وإن وجد من يستأجره بأجرة مؤجلة استغنى عن الاستقراض، وحصل الغرض.
وإذا لم يجد الحاكم من يستقرض منه، ولا أقرضه رب النخل، وكان ذلك قبل ظهور الثمرة فلرب النخل أن يفسخ المساقاة؛ لأن العمل قد تعذر من جهة العامل، ومن جهة من يقوم مقامه، فكان ذلك كالعيب.
وإذا فسخ رب النخل المساقاة فإن كان العامل لم يعمل شيئًا فلا شيء له، وإن كان قد عمل استحق أجرة ما عمله على رب النخل، وكانت الثمرة إذا ظهرت لرب النخل.
وإن عمل المالك بنفسه، أو أنفق عليه ليرجع نظر:
فإن كان قادرًا على مراجعة الحاكم فلم يفعل فهو متبرع لا رجوع له، فإذا ظهرت الثمرة كانت مشتركة بينهما.
وإن كان غير قادر على الحاكم، فإن أنفق ولم يشهد على الإنفاق، أو أشهد ولم يشترط الرجوع لم يرجع بما أنفق؛ لأنه متطوع.
وإن أشهد على الإنفاق واشترط الرجوع ففيه وجهان: