الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
في ثبوت الخيار في عقدي المساقاة والمزارعة
الخيار يثبت في العقود اللازمة دون الجائزة
(1)
.
العقد الجائز صاحبه بالخيار أبدًا
(2)
.
[م-1429] لم يقل بثبوت خيار المجلس في العقود إلا الشافعية والحنابلة، فلا يمكن بحث المسألة عند الحنفية والمالكية؛ لأنهم لا يقولون بخيار المجلس مطلقًا.
وأما الحنابلة فإنهم وإن كانوا يقولون بثبوت خيار المجلس إلا أنهم ذهبوا إلى أن عقد المساقاة من العقود الجائزة، وخيار المجلس إنما يدخل العقود اللازمة لأن العقد الجائز يتمكن العاقد فيه من فسخه بأصل وضعه فلا حاجة فيه إلى خيار المجلس.
فعلى هذا سيكون بحث المسألة محصورًا في مذهب الشافعية، وقول في مذهب الحنابلة يرى أن عقد المساقاة من العقود اللازمة.
قال الشيرازي: «ولا يثبت فيه خيار الشرط؛ لأنه إذا فسخ لم يمكن رد المعقود عليه، وفي خيار المجلس وجهان:
أحدهما: يثبت فيه؛ لأنه عقد لازم يقصد به المال، فيثبت فيه خيار المجلس كالبيع.
(1)
أسنى المطالب (2/ 47).
(2)
انظر تحفة المحتاج (4/ 336).
والثاني: لا يثبت؛ لأنه عقد لا يعتبر فيه قبض العوض في المجلس، فلو ثبت فيه خيار المجلس لثبت فيه خيار الشرط كالبيع»
(1)
.
(2)
.
وقال أيضًا: «ولا يثبت في المساقاة خيار الشرط؛ لأنها إن كانت جائزة، فالجائز مستغن بنفسه عن الخيار فيه، وإن كانت لازمة لم يمكن رد المعقود عليه، وهو العمل فيها. وأما خيار المجلس فلا يثبت إن كانت جائزة لما تقدم، وإن كانت لازمة فعلى وجهين:
أحدهما: لا يثبت؛ لأنها عقد لا يشترط فيه قبض العوض، ولا يثبت فيه خيار الشرط، فلا يثبت فيه خيار المجلس كالنكاح.
والثاني: يثبت؛ لأنها عقد لازم يقصد به المال، أشبه البيع»
(3)
.
والصحيح أن خيار المجلس لا يدخل عقد المساقاة والمزارعة؛ لأنهما عقدان جائزان، فيستغنى بجوازهما عن الحاجة إلى ثبوت الخيار فيهما، لكن لو
(1)
المهذب (1/ 392)، وانظر البيان للعمراني (7/ 264)، فتاوى السبكي (1/ 438).
وقال النووي في المجموع (9/ 211): «وأما المساقاة ففي ثبوت خيار المجلس فيها طريقان:
أصحهما فيه الخلاف السابق في الإجارة. والثاني: القطع بالمنع لعظم الغرر فيها فلا يضم إليها غرر الخيار».
(2)
المغني (4/ 24)، وانظر الإنصاف (4/ 366).
(3)
المغني (5/ 235).
كان الراجح فيهما اللزوم لكان القول بثبوت خيار المجلس فيهما هو مقتضى القواعد؛ لأن الحكمة التي من أجلها شرع خيار المجلس، وهو التروي والنظر بعد العقد مدة المجلس موجود فيهما.
* * *