الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
.
(2)
.
مستند الإجماع في النهي عن ذلك:
(ح-923) ما رواه البخاري من طريق حنظلة الزرقي، قال:
سمعت رافع بن خديج رضي الله عنه يقول كنا أكثر الأنصار حقلًا، فكنا نكري الأرض، فربما أخرجت هذه ولم تخرج ذه، فنهينا عن ذلك ولم ننه عن الورق
(3)
.
وفي رواية للبخاري: كنا أكثر أهل المدينة حقلًا، وكان أحدنا يكري أرضه، فيقول: هذه القطعة لي، وهذه لك، فربما أخرجت ذه، ولم تخرج ذه، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك
(4)
.
وفي رواية عن رافع بن خديج، قال: حدثني عماي أنهم كانوا يكرون الأرض على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بما ينبت على الأربعاء، أو شيء يستثنيه صاحب الأرض، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك .....
(1)
مختصر المزني (ص: 124)، وانظر الحاوي الكبير (7/ 369).
(2)
المغني (5/ 228).
(3)
صحيح البخاري (2722).
(4)
صحيح البخاري (2332).
وقال الليث: وكان الذي نهي عن ذلك ما لو نظر فيه ذوو الفهم بالحلال والحرام لم يجيزوه لما فيه من المخاطرة
(1)
.
وإذا استأجر صاحب الأرض رجلًا ليعمل في نخله على أن أجرته ثمرة نخلة بعينها، فهذا عقد إجارة، وليس من عقود المساقاة بشيء؛ لأن عقد المساقاة من عقود المشاركة، ولا مشاركة هنا بين صاحب النخل وبين العامل، وهل تصح الإجارة والحالة هذه؟
تصح بشرط أن تكون الثمرة قد ظهرت وبدا صلاحها، فإن كانت الثمرة لم تظهر لم تصح مطلقًا، للجهل بالأجرة، وإن كانت الثمرة قد ظهرت، ولم يبد صلاحها صح بشرط القطع في الحال على الصحيح.
قال الماوردي: «رجل استأجر رجلًا ليعمل في نخله أو غير نخله، على أن أجرته ثمرة نخلة بعينها فهذا على ضربين:
أحدهما: أن تكون الثمرة لم تخلق بعد، فالإجارة باطلة للجهل بقدر ما تحمل، وأنها ربما لم تحمل، والأجرة لا تصلح إلا معلومة في الذمة، أو عينًا مشاهدة.
والضرب الثاني: أن تكون الثمرة موجودة قد خلقت، فهذا على ضربين:
أحدهما: أن تكون بادية الصلاح، فالإجارة جائزة سواء شرط له جميعها، أو سهمًا شائعًا فيها؛ لأنها موجودة تصح المعاوضة عليها.
والضرب الثاني: أن تكون غير بادية الصلاح، فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يشترط له جميعها، فينظر، فإن شرط فيه القطع صحت
(1)
البخاري (2347).
الإجارة؛ لأن المعاوضة على ما لم يبد صلاحه من الثمرة جائزة بشرط القطع. وإن لم يشرط فيها القطع لم يجز لفساد المعاوضة عليها.
والضرب الثاني: أن يشرط له سهمًا شائعًا فيها من نصف، أو ثلث، فتبطل الإجارة؛ لأن اشتراط قطع المشاع لا يمكن، والمعاوضة عليها بشرط القطع لا يجوز، فلذلك بطلت الإجارة، ويحكم للعامل بأجرة مثله إن عمل»
(1)
. والله أعلم.
* * *
(1)
الحاوي الكبير (7/ 370).
الشرط الخامس
أن تكون المساقاة إلى أجل معلوم
العقود الجائزة يستغنى بجوازها عن توقيتها.
ما لزم من عقود المنافع تقدرت مدته كالإجارة
(1)
.
اختلف العلماء في اشتراط المدة في المساقاة على قولين:
القول الأول:
تصح المساقاة مطلقة ولو لم تذكر المدة استحسانًا، وتقع على أول ثمرة تخرج. وهذا مذهب الجمهور خلافًا للشافعية
(2)
.
وعلل الحنفية الجواز بأمرين:
الأول: أن وقت إدراك الثمر معلوم، والتفاوت اليسير معفو عنه.
الثاني: الاعتبار بعمل الناس، فإنهم يتعاملون بذلك من غير بيان مدة.
قال في المبسوط: «ولو دفع إلى رجل نخلًا أو شجرًا، أو كرمًا معاملة بالنصف، ولم يسم الوقت جاز استحسانًا على أول ثمرة تخرج في أول سنته، وفي القياس: لا يجوز; لأن هذا استئجار للعامل، وبهذا لا يصير المعقود عليه معلوما إلا ببيان المدة فإذا لم يبينا لا يجوز العقد كما في المزارعة.
(1)
الحاوي الكبير (7/ 362).
(2)
البحر الرائق (8/ 187)، تبيين الحقائق (5/ 284)، بدائع الصنائع (6/ 186)، المدونة (5/ 12)، المهذب (1/ 391)، البيان للعمراني (7/ 254)، الحاوي الكبير (7/ 364).
ووجه الاستحسان: أن لإدراك الثمر أوانًا معلومًا في العادة ونحن نتيقن أن إيفاء العقد مقصود هنا إلى إدراك الثمار والثابت بالعادة كالثابت بالشرط فصارت المدة معلومة وإن تقدم أو تأخر فذلك يسير لا يقع بسببه منازعة بينهما في العادة»
(1)
.
وجاء في الفتاوى الهندية: «فأما بيان المدة فليس بشرط لجواز المعاملة استحسانًا، ويقع على أول ثمرة تخرج في أول السنة، لتعامل الناس في ذلك من غير بيان مدة
(2)
.
والمشهور من مذهب المالكية وهو نص المدونة أن التوقيت ليس بشرط، وإذا أطلقت المساقاة ولم تحدد بزمن كانت صحيحة، وتحمل إلى الجذاذ، ويجوز تحديده بزمن معلوم، ولو كثر ما لم يكثر جدًا بلا حد
(3)
.
ويرى الحنابلة أن العقد جائز وليس بلازم، والعقد الجائز يستغنى بجوازه عن توقيته.
جاء في كشاف القناع: «ولا يفتقران ـ يعني المساقاة والمزارعة ـ إلى ضرب مدة يحصل الكمال فيها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يضرب لأهل خيبر مدة، ولا خلفاؤه من بعده»
(4)
.
القول الثاني:
ذهب الشافعية وبعض المالكية إلى أن المساقاة لا تجوز إلا على مدة معلومة.
(1)
المبسوط (23/ 102).
(2)
الفتاوى الهندية (5/ 277).
(3)
انظر المدونة (5/ 12)، شرح الخرشي (6/ 230)، حاشية الدسوقي (3/ 542)، منح الجليل (7/ 397).
(4)
كشاف القناع (3/ 537).
جاء في القوانين الفقهية: «الثاني ـ يعني الشرط الثاني ـ أن تعقد إلى أجل معلوم، وتكره فيما طال من السنين»
(1)
.
وجاء في المهذب «ولا تجوز إلا على مدة معلومة؛ لأنه عقد لازم، فلو جوزناه مطلقًا استبد العامل فصار كالمالك
…
»
(2)
.
الراجح من الخلاف:
الراجح في عقد المساقاة أنه يجوز مقيدًا بوقت معين ومطلقًا من غير توقيت، وقضية خيبر تدل على عدم التوقيت، فإن عقداه بدون ذكر المدة انعقد صحيحًا لشبهه بالمضاربة، وحمل العقد إلى أوان جذاذ الثمرة التي عقدا عليها، وإن ذكرت المدة لزم العقد في تلك المدة، والمدة لا تحد بالشهور، وإنما تعتبر بوقت الجذاذ؛ لأنه هو المعقود عليه.
قال القرافي: «المساقاة إلى الجداد، وتمتنع إلى سنة أو شهر، فإن أطعمت في السنة مرتين فالجداد الأول حتى يشترط الثاني .... »
(3)
، الله أعلم.
* * *
(1)
القوانين الفقهية (ص:184).
(2)
المهذب (1/ 391).
(3)
الذخيرة (6/ 114).