الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجيب:
بأن الحديث وإن كان مضطربًا من مسند صفوان فإنه حسن من مسند جابر رضي الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
.
(1)
هذا الإسناد له ثلاث علل:
الأولى: سوء حفظ شريك بن عبد الله القاضي.
العلة الثانية: جهالة أمية بن صفوان، ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/ 301)، ولم يذكر فيه شيئًا. وذكره ابن حبان في الثقات (4/ 41)، وفي التقريب مقبول.
العلة الثالثة: الاختلاف فيه على عبد العزيز بن رفيع.
فرواه شريك، عن عبد العزيز، واختلف على شريك:
فرواه أحمد كما في إسناد الباب، وأبو داود (3562)، والنسائي في السنن الكبرى (5779)، والدارقطني في سننه (3/ 39)، والطحاوي في مشكل الآثار (4455)، والحاكم في مستدركه (2300)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 89)، والمقدسي في الأحاديث المختارة (13) من طريق يزيد بن هارون، عن شريك، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أمية بن صفوان بن أمية، عن أبيه.
وخالف يحيى الحماني يزيد بن هارون، فرواه الطحاوي في مشكل الآثار (4454) والطبراني في المعجم الكبير (7339) من طريق الحماني، عن شريك، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن أمية بن صفوان بن أمية، عن أبيه.
فهنا زاد في إسناده ابن أبي مليكة بين عبد العزيز وبين أمية بن صفوان.
وتابع قيس بن الربيع الحماني على هذه الزيادة، فرواه الدارقطني في سننه (3/ 40) عنه، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن أمية بن صفوان به.
والحماني وإن كان متهمًا في سرقة الحديث إلا أن أبا حاتم الرازي قد قال فيه: لم أر من المحدثين من يحفظ ويأتى بالحديث على لفظ واحد لا يغيره سوى قبيصة، وأبى نعيم في حديث الثوري، ويحيى الحمانى في حديث شريك، وعلى بن الجعد في حديثه.
ورواه أبو داود (3563) والطحاوي في مشكل الآثار (4459) والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 89)، من طريق جرير بن عبد الحميد، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أناس من آل عبد الله بن صفوان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا صفوان هل عندك من سلاح؟
وهذا اختلاف آخر على عبد العزيز بن رفيع، وليس فيه ذكر ضمان العارية. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه مسدد عن أبي الأحوص، واضطرب فيه:
فرواه أبو داود في سننه (3564) عن مسدد، عن أبي الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع، عن ناس من آل صفوان، قال: استعار النبي صلى الله عليه وسلم فأحال على متن سابق.
ورواه مسدد كما في مشكل الآثار (4457) وسنن البيهقي الكبرى (6/ 89)، عن أبي الأحوص، حدثنا عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء بن أبي رباح، عن ناس من آل صفوان بن أمية.
فزاد في إسناده عطاء بين عبد العزيز وبين آل صفوان.
ورواه مسدد أيضًا في مشكل الآثار (4458) عن بي الأحوص بنفس الإسناد إلا أنه قال: عن صفوان بن أمية بدلًا من قوله: عن ناس من آل صفوان.
وهذا يدل على أن أبا الأحوص قد اضطرب فيه، فجعله مرة عن ناس من آل صفوان، ومرة عن صفوان نفسه، ومرة يرويه عن عبد العزيز عن ناس من آل صفوان بدون ذكر عطاء، ومرة يزيد في الإسناد عطاء بن أبي رباح عن ناس من آل صفوان. وليس في روايته على اختلافها لفظ ضمان العارية.
ورواه إسرائيل واختلف عليه فيه:
فرواه النسائي في السنن الكبرى (5780) عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان.
ورواه الطحاوي في مشكل الآثار (4456) من طريق أبي غسان، عن إسرائيل، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن ابن صفوان بن أمية ولم يتجاوز في إسناده إلى أبيه ولا إلى غيره. وليست في رواية إسرائيل أنها عارية مضمونة.
فالحديث بهذا الإسناد مضطرب كثير الاختلاف في إسناده ومتنه، ولهذا قال الترمذي كما في علله (332) سألت محمدًا عن هذا الحديث يعني البخاري، فقال: هذا حديث فيه اضطراب، ولا أعلم أن أحدًا روى هذا غير شريك، ولم يقو هذا الحديث.
وقال ابن عبد البر كما في التمهيد (12/ 40): «حديث صفوان هذا اختلف فيه على عبد العزيز بن رفيع اختلافًا يطول ذكره، فبعضهم يذكر فيه الضمان، وبعضهم لا يذكره، وبعضهم يقول فيه: عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكية، عن أمية بن صفوان، عن أبيه.
وبعضهم يقول: عن عبد العزيز، عن ابن أبي مليكة، عن ابن صفوان، قال: استعار النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول: عن أبيه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومنهم من يقول: عن عبد العزيز بن رفيع عن أناس من آل صفوان، أو من آل عبد الله بن صفوان مرسلًا أيضًا.
وبعضهم يقول فيه: عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء، عن ناس من آل صفوان، ولا يذكر فيه الضمان، ولا يقول مؤداة بل عارية فقط. والاضطراب فيه كثير، ولا يجب عندي بحديث صفوان هذا حجة في تضمين العارية والله أعلم». اهـ
ورواه جعفر بن محمد عن أبيه، أن صفوان بن أمية.
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (6/ 89) من طريق ابن وهب، أخبرني أنس بن عياض الليثي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن صفوان بن أمية أعار رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحًا هي ثمانون درعًا، فقال له: أعارية مضمونة أم غصبًا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل عارية مضمونة.
قال ابن حزم في المحلى (9/ 171): ومحمد بن علي لم يدرك صفوان، ولا ولد إلا بعد موته بدهر.
وقد جاء الحديث بإسناد أفضل من هذا من مسند جابر رضي الله عنه.
رواه الحاكم في المستدرك (4369) من طريق أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر.
عن أبيه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إلى حنين لما فرغ من فتح مكة ....... ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صفوان بن أمية فسأله أدراعًا مائة درع وما يصلحها من عدتها، فقال: أغصبا يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرًا. صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وأحمد بن عبد الجبار وإن كان فيه ضعف إلا أن سماعه للسيرة من يونس بن بكير صحيح كما قال أهل العلم، وبقية رجال الإسناد ثقات إلا محمد بن إسحاق فإنه صدوق، فيكون الإسناد حسنًا إن شاء الله تعالى من مسند جابر.
وجاء الحديث من مسند يعلى بن أمية، وليس فيه موضع الشاهد.
أخرجه أحمد (4/ 222) من طريق بهز بن أسد.
وأخرجه أبو داود (3566)، والنسائي في السنن الكبرى (5776) والدراقطني في سننه (3/ 39)، من طريق إبراهيم بن المستمر، عن حبان بن هلال، عن همام بن يحيى، عن قتادة، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية.
عن أبيه، قال: قال =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعًا، وثلاثين بعيرًا، فقلت: يا رسول الله أعارية مضمونة، أو عارية مؤداة، قال: بل عارية مؤادة.
فهنا جاء في اللفظ السؤال عن طبيعة هذه العارية، هل هي عارية مضمونة، أما عارية مؤداة.
وأخرجه ابن حبان (4720) في صحيحه من طريق بشر بن خالد العسكري، عن حبان به، بلفظ: إذا أتتك رسلي فأعطهم أو ادفع إليهم ثلاثين بعيرًا، أو ثلاثين درعًا، قال: قلت: العارية مؤداة يارسول الله، قال: نعم.
فهنا ليس فيه ذكر للضمان مطلقًا، وإنما السؤال هل هي عارية مؤداة؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: نعم. كما أن الحديث فيه ثلاثين بعيرًا أو ثلاثين درعًا، وفي السابق كان اللفظ بواو الجمع.
وأخرجه الدارقطني في سننه (3/ 39) والمقدسي في الأحاديث المختارة (8/ 22) من طريق نصر بن عطاء الواسطي عن حبان بن هلال به بنحو لفظ ابن حبان.
وقد صححه ابن حبان، وقال ابن حزم: حديث حسن، ليس فيه شيء مما روي في العارية خبر يصح غيره، وأما ما سواه فليس يساوي الاشتغال به، وقد فرق بين الضمان والأداء. انظر المحلى (9/ 173).
ومع هذا الاختلاف في المتن، فقد اختلف في الإسناد، فرواه همام بن يحيى، عن قتادة، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه موصولًا.
وخالفه سعيد بن أبي عروبة، فرواه عنه عن قتادة، عن عطاء مرسلًا.
أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4462) من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة، عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية دروعًا يوم حنين، فقال له: أمؤادة يا رسول الله العارية؟ قال: نعم.
وأخرجه النسائي في الكبرى (5778) من طريق حجاج، عن عطاء به مرسلًا. وحجاج ضعيف.
ولعل هذا الاختلاف هو ما جعل ابن عبد الهادي يقول في تنقيح التحقيق (3/ 46): رواته كلهم ثقات، لكنه معلل. وقال في المحرر (917): رواته ثقات، وقد أعل. اهـ
وعلى التسليم أن يكون صحيحًا، فهو نص أن العارية مؤادة، وليست مضمونة، وهو أمر متفق عليه. ويمكن الجمع بينهما أن يقال: العارية مؤداة إذا كانت عينها قائمة، وحديث عارية مضمونة أي في حال ذهاب عينها، واشتراط صاحبها ذلك، والله أعلم.=
الجواب الثاني:
من الشروط الأساسية لصحة القياس أن يكون الأصل المقيس عليه ثابتًا بالنص أو بالإجماع، والعارية قد اختلف العلماء، هل هي مضمونة مطلقًا، أو أمانة في يد صاحبها لا تضمن إلا بالتعدي أو بالتفريط، فإذا كان الأصل مختلفًا فيه فكيف يحتج علينا بالقياس عليه.
الجواب الثالث:
لو صح الاستدلال بالحديث لكان هناك فرق بين العارية ومال المضاربة، ذلك أن العارية واجبة الرد بعينها بلا زيادة ولا نقصان، فالضمان متوجه إلى عين يجب ردها بخلاف مال القراض فإن العامل يأخذ المال ليتصرف فيه لمصلحة مالكه ومصلحة العامل، فإذا شرط عليه الضمان فقد اشتغلت ذمته بالرد فيتحول رأس مال المضاربة إلى دين في ذمة العامل، فإن أخذ رب المال ربحًا صار من الربا، والله أ علم.
الجواب الرابع:
على فرض أن تكون العارية غير مضمونة فإن هناك فرقًا بين ضمان العارية
= وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنه:
رواه الدارقطني (3/ 38)، والحاكم (2/ 54)، والبيهقي (6/ 88) من طريق إسحاق بن عبد الواحد، عن خالد بن عبد الله، عن خالد الحذاء، عن عكرمة،
عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية دروعًا وسلاحًا في غزوة حنين، فقال: يا رسول الله أعارية مؤداة، قال: عارية مؤداة.
وهذا إسناد ضعيف إن لم يكن ضعيفًا جدًا، علته إسحاق بن عبد الواحد القرشي الموصلي، قال عنه أبو علي الحافظ: متروك الحديث، لكنه سمع من مالك بن أنس، وروى له النسائي. انظر تنقيح التحقيق (3/ 46).
وقال الذهبي عنه: واهٍ.