الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحائط الكبير، وبشرط الخلف إن كان كل منهما معينًا، وهذا مذهب المالكية
(1)
.
وجه هذا القول:
أما اشتراط أن يكون الحائط كبيرًا فإن الحائط إذا كان صغيرًا ربما كفاه عمل الغلام، فيصير كأنه اشترط جميع العمل على ربه، وهذا لا يصح.
وأما اشتراط الخلف في الغلام المعين فلأن الغلام غير المعين يجب عليه إبداله إذا تخلف لموت ونحوه، لأن الواجب متعلق بالذمة، وأما الغلام المعين فلا يجب إبداله إذا تخلف، فوجب أن يشترط البدل في الغلام المعين إذا تخلف؛ لينضبط العمل مدة المساقاة، والله أعلم.
وجاء في المدونة: «كل شيء ليس في الحائط يوم أخذت الحائط مساقاة فلا يصلح أن يشترط على رب المال شيء من ذلك إلا أن يكون الشيء التافه اليسير مثل الغلام والدابة. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم. قلت: ولما كره مالك للعامل أن يشترط على رب المال ما ذكرت؟ قال: لأنها زيادة ازدادها عليه. قلت: أرأيت التافه اليسير لم جوزته؟ قال: لأن مالكًا جوز أيضًا لرب المال أن يشترط على المساقي خم العين، وسرو الشرب، وقطع الجريد، وإبار النخل، والشيء اليسير يكون في الضفيرة بينهما ولو عظمت نفقته في الضفيرة لم يصلح أن يشترطه على العامل، وقد بلغني أن مالكًا سهل في الدابة الواحدة، وهو عندي إذا كان الحائط له قدر يكون كبيرًا؛ لأن من الحوائط عندنا بالفسطاط من
(1)
المدونة (5/ 4)، مواهب الجليل (5/ 375، 381)، الذخيرة (6/ 99)، التاج والإكليل (5/ 381)، الخرشي (6/ 229، 233)، الشرح الكبير (3/ 540، 544).
تجزئه الدابة الواحدة في عمله، فإذا كان الحائط هكذا له قدر كان قد اشترط على رب المال عمل الحائط ..... »
(1)
.
وأما نفقة العمال والدواب:
فذهب المالكية إلى أن نفقة العمال على العامل مطلقًا، وأما أجرتهم فعلى ربهم، ولا يكون شيء من النفقة في ثمرة الحائط.
(2)
.
وذهب الشافعية إلى أن النفقة إن اشترطت على العامل صح؛ لأن في عملهم ما يرجع إلى صلاح الثمرة، وحفظها. وإن لم تشترط على العامل ففيها ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها على العامل؛ لأن العمل مستحق عليه، فكانت النفقة عليه.
الثاني: أنها على رب المال؛ لأنه شرط عملهم عليه، فكانت النفقة عليه.
الثالث: أنها من الثمرة؛ لأن عملهم على الثمرة، فكانت النفقة منها
(3)
.
وقال ابن قدامة: «إذا شرط غلمانا يعملون معه فنفقتهم على ما يشترطان عليه. فإن أطلقا ولم يذكرا نفقتهم فهي على رب المال .... فإن شرطها على العامل جاز ولا يشترط تقديرها ..... وقال محمد بن الحسن: يشترط تقديرها; لأنه اشترط عليه ما لا يلزمه
(1)
المدونة (5/ 4).
(2)
المرجع السابق (5/ 6).
(3)
المهذب (1/ 393)، وانظر روضة الطالبين (5/ 155).
فوجب أن يكون معلومًا كسائر الشروط. ولنا أنه لو وجب تقديرها لوجب ذكر صفاتها ولا يجب ذكر صفاتها. فلم يجب تقديرها»
(1)
.
* * *
(1)
المغني (5/ 233).