الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العقد كما يراه المالكية، أو يملكه عن طريق الإذن من أصحاب الأموال كما يراه الجمهور، إلا أن جمهورهم اشترطوا لصحة الخلط أن يكون ذلك قبل أن يعمل المضارب في المال الأول خلافًا للحنفية، وسوف يأتي بحث هذه المسألة إن شاء الله تعالى في بحث مستقل لأهميتها.
وإذا قام المصرف بتقديم حصة من المال أصبح مضاربًا وشريكًا في نفس الوقت إذا كان ذلك بإذن من المستثمرين، ويكفي لثبوت إذنهم أن يعلن ذلك في النشرة، ويدخل أصحاب الأموال بعد الاطلاع عليها.
(1)
.
القول الثاني:
ذهب بعض الباحثين إلى أن العقد بين أصحاب الأموال والبنك هي علاقة شركة، وليست علاقة مضاربة، حيث يقوم البنك أو المؤسسة المالية بالاشتراك بحصة من المال، وخلطها بأموال المودعين، فينشأ عن ذلك طرفان:
(1)
مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثالث عشر (3/ 292).
أحدهما: يقدم المال وحده، والثاني: يقدم المال والعمل، وإذا كان المال مقدمًا من الطرفين لم يكن العقد عقد مضاربة.
وقد جرى خلاف بين الفقهاء المتقدمين في حكم هذه الشركة، وفي التسمية الاصطلاحية لها، وذلك أن المعروف في الشركة: أن يشترك بدنان بمالهما المعلوم، ولو متفاوتًا ليعملا فيه جميعًا.
كما أن المعروف في شركة المضاربة أن يدفع شخص ماله لآخر ليتجر فيه، وله جزء من الربح.
فتختص الشركة: بأن المال والعمل من كلا الشريكين.
وتختص المضاربة بأن المال من أحد الشريكين، والعمل من الآخر.
وفي مسألتنا هذه: المال من كلا الشريكين، فلم تشبه المضاربة من كل وجه. والعمل أيضًا من أحد الشريكين فلم تشبه الشركة من كل وجه.
وأما حكم هذه المشاركة على هذا الوجه، وما هي التسمية الاصطلاحية لهذه الشركة؟
فقد اختلف العلماء في ذلك:
فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة وأشهب من المالكية إلى جواز اشتراط أن يكون العمل على أحدهما دون الآخر
(1)
.
(1)
تحفة الفقهاء (3/ 7)، البحر الرائق (5/ 189)، المبسوط (12/ 32)، الحاوي (7/ 320).
وجاء في تكملة المجموع (14/ 382): «فإن خلطهما (مال المضارب، ومال المضاربة)، فعلى ضربين: أحدهما: أن يكون بإذن رب المال، فيجوز، ويصير شريكًا ومضاربًا» .
وجاء في الإقناع في فقه الإمام أحمد (2/ 252): «شركة العنان: بأن يشترك اثنان فأكثر بماليهما ليعملًا فيه ببدنيهما وربحه بينهما، أو يعمل أحدهما بشرط أن يكون له من الربح أكثر من ربح ماله» .
وانظر قول أشهب في شرح ميارة (1/ 282)، مواهب الجليل (4/ 314)، القوانين الفقهية (ص:172).
على خلاف بينهم في التسمية الاصطلاحية لهذه الشركة. فمنهم من ألحقها بعقود المضاربة، ومنهم من ألحقها بالشركات، ومنهم من قال: إن هذا النوع من العقود يجمع بين الشركة والمضاربة.
قال ابن قدامة: «أن يشترك مالان وبدن صاحب أحدهما، فهذا يجمع شركة ومضاربة، وهو صحيح»
(1)
.
(2)
.
فعلى هذا يكون في مذهب الحنابلة ثلاثة أقوال:
الصحيح من المذهب أنها شركة عنان.
واختار ابن قدامة والزركشي أنها مركبة من العنان والمضاربة.
وقيل: عقد مضاربة فقط.
ومنع المالكية أن يكون العمل من أحدهما.
جاء في المدونة: «قلت: هل يجوز أن أخرج أنا ألف درهم، ورجل آخر
(1)
المغني (5/ 16).
(2)
الإنصاف (5/ 408).