الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع
في أحكام المضاربة الصحيحة
المبحث الأول
رأس المال أمانة في يد المضارب
العامل أمين لا ضمان عليه فيما لو تلف بغير تعد
(1)
.
[م-1399] أجمع الفقهاء على أن المال في يد المضارب أمانة، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط.
قال ابن عبد البر: «ولا خلاف بين العلماء أن المقارض مؤتمن، لا ضمان عليه فيما يتلفه من المال من غير جناية منه فيه، ولا استهلاك له، ولا تضييع، هذه سبيل الأمانة وسبيل الأمناء»
(2)
.
وقال أبو الحسن بن القطان الفاسي: «ولا خلاف أن المقارض مؤتمن، لا ضمان عليه فيما تلف من المال من غير جناية ولا تضييع»
(3)
.
وممن حكى الإجماع على هذا الباجي في المنتقى
(4)
، وابن رشد في بداية المجتهد
(5)
.
(1)
الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 282).
(2)
الاستذكار (21/ 124).
(3)
الإقناع في مسائل الإجماع (2/ 200).
(4)
المنتقى للباجي (5/ 153).
(5)
بداية المجتهد (2/ 178).
وقال الكاساني: «رأس المال قبل أن يشتري المضارب به شيئًا أمانة في يده بمنزلة الوديعة؛ لأنه قبضه بإذن المالك لا على وجه البدل والوثيقة»
(1)
.
وجاء في الفواكه الدواني: «العامل في القراض أمين، فالقول قوله في تلف المال، أو ضياعه، أو خسره
…
»
(2)
.
وقال العمراني في البيان: «والعامل أمين على مال القراض، لا يضمن شيئًا منه إلا بالتعدي؛ لأن رب المال ائتمنه عليه، فهو كالمودع»
(3)
.
وقال ابن قدامة: «والعامل أمين في مال المضاربة؛ لأنه متصرف في مال غيره بإذنه، فكان أمينًا كالوكيل»
(4)
.
(1)
بدائع الصنائع (6/ 87)، وانظر تبيين الحقائق (5/ 220)، العناية شرح الهداية (8/ 446).
(2)
الفواكه الدواني (2/ 124)، وانظر الكافي في فقه أهل المدينة (ص:384).
(3)
البيان في مذهب الإمام الشافعي (7/ 219)، وانظر المهذب (1/ 388).
(4)
المغني (5/ 44)، وانظر الإنصاف (5/ 455)، كشاف القناع (3/ 522).
المبحث الثاني
في ضمان مال المضاربة بالتعدي أو بالتفريط
الأمين لا يضمن ما لم يوجد منه تفريط أو عدوان
(1)
.
[م-1400] اتفق الفقهاء على أن عامل المضاربة إذا تعدى: بأن فعل ما ليس له فعله، أو فرط، بأن ترك ما يجب عليه فعله أنه يضمن، على اختلاف بينهم في بعض الأفعال هل تدخل في التعدي أو في الفعل المأذون فيه؟ على ما بيناه في المباحث السابقة، كالسفر في المال، وخلط مال المضاربة بمال العامل، ودفع مال المضاربة إلى مضارب آخر، والبيع بالدين، والبيع والشراء بغبن فاحش، والشراء بأكثر من رأس مال المضاربة، ونحو ذلك من الأفعال التي سبق بيان كلام أهل العلم فيها
(2)
.
قال ابن المنذر: «وأجمعوا على أن رب المال إذا نهى العامل أن يبيع بنسيئة، فباع بنسيئة أنه ضامن»
(3)
.
وقال ابن حزم: «واتفقوا أن صاحب المال إن أمر العامل ألا يسافر بماله فذلك جائز، ولازم للعامل، وأنه إن خالف فهو متعد»
(4)
.
وقال أيضًا: «ولا ضمان على العامل فيما تلف من المال، ولو تلف كله، ولا
(1)
المغني (9/ 160).
(2)
المبسوط (22/ 19)، الهداية شرح البداية (3/ 202)، المدونة (5/ 115)، منح الجليل (7/ 346، 347، 351)، الحاوي الكبير (7/ 340)، الأم (4/ 32)، روضة الطالبين (5/ 148)، المغني (5/ 165)، كشاف القناع (3/ 508)، الإنصاف (5/ 427).
(3)
الإجماع (ص: 98).
(4)
مراتب الإجماع (ص: 93).
فيما خسر فيه، ولا شيء له على رب المال إلا أن يتعدى أو يضيع فيضمن؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام»
(1)
.
وجاء في شرح منتهى الإرادات: «وإن تعدى المضارب الشرط، أو فعل ما ليس له فعله، أو ترك ما يلزمه ضمن المال»
(2)
.
* * *
(1)
المحلى، مسألة (1373).
(2)
شرح منتهى الإرادات (2/ 216)، وانظر المبدع (5/ 25).