الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاء في القواعد والفوائد الأصولية: «من الرخص ما هو مباح كالعرايا والمساقاة والمزارعة .... وغير ذلك من العقود الثابتة على خلاف القياس، هكذا ذكر أصحابنا وغيرهم»
(1)
.
القول الثاني:
يرى أن المساقاة جارية على وفق القياس، وهو قول في مذهب الحنابلة، واختاره ابن تيمية وابن القيم.
(2)
.
وقال أيضًا: «قد تأملنا عامة المواضع التي قيل: إن القياس فيها عارض النص، وإن حكم النص فيها على خلاف القياس، فوجدنا ما خصه الشارع بحكم عن نظائره فإنما خصه به لاختصاصه بوصف أوجب اختصاصه بالحكم كما خص العرايا بجواز بيعها بمثلها خرصًا لتعذر الكيل مع الحاجة إلى البيع والحاجة توجب الانتقال إلى البدل عند تعذر الأصل، فالخرص عند الحاجة قام مقام الكيل كما يقوم التراب مقام الماء والميتة مقام المذكى عند الحاجة.
(1)
القواعد والفوائد الأصولية (ص:120)، وانظر الإنصاف (6/ 3)، مطالب أولي النهى (3/ 581)، شرح منتهى الإرادات (2/ 241).
(2)
مجموع الفتاوى (20/ 506).
وكذلك قول من قال: القرض، أو الإجارة، أو القراض، أو المساقاة، أو المزارعة، ونحو ذلك على خلاف القياس: إن أراد به أن هذه الأفعال اختصت بصفات أوجبت أن يكون حكمها مخالفا لحكم ما ليس مثلها فقد صدق، وهذا هو مقتضى القياس.
وإن أراد أن الفعلين المتماثلين حكم فيهما بحكمين مختلفين فهذا خطأ ينزه عنه من هو دون الأنبياء صلوات الله عليهم، ولكن هذه الأقيسة المعارضة هي الفاسدة كقياس الذين قالوا:{إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَاا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ} [البقرة: 275] وقياس الذين قالوا (أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله؟) يعنون الميتة وقال تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121]. ولعل من رزقه الله فهمًا وآتاه من لدنه علمًا يجد عامة الأحكام التي تعلم بقياس شرعي صحيح يدل عليها الخطاب الشرعي كما أن غاية ما يدل عليه الخطاب الشرعي هو موافق للعدل الذي هو مطلوب القياس الصحيح»
(1)
.
والخلاف في المزارعة في كونها جارية على وفق القياس كالخلاف في المساقاة، بل قد تكون المزارعة أولى من الخلاف من المساقاة باعتبار أن الأرض في المزارعة يمكن تأجيرها بالدراهم والدنانير، فالمالك ليس مضطرًا إليها، بخلاف المساقاة فإن الشجر لا يمكن تأجيره، والله أعلم.
* * *
(1)
الفتاوى الكبرى (2/ 162).