الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السادس
في المشاركة المتناقصة
توطئة
في
تعريف المشاركة المتناقصة
تعريف المشاركة المتناقصة:
عرفها مجمع الفقه الإسلامي بقوله:
(1)
.
خصائص الشركة المتناقصة:
(1)
ـ في حال أسهم الشريكان في رأس المال مهما كان مقدار حصة كل منهما، فإن العقد يعتبر من عقود الشركة، وتنطبق عليها أحكام الشركة، على خلاف بين أهل العلم هل هي شركة ملك، أو شركة عقد؟
فإن قيل: إنها شركة ملك، كان الربح بينهما بحسب ملك كل واحد منهما.
وإن قيل: إنها شركة عقد فإن الربح بينهما سيكون على ما اشترطاه، والخسارة بينهما بقدر حصتهما من الشركة.
وفي حال قدم أحدهما المال، وقدم الآخر العمل، فهل يعتبر العقد من عقود المضاربة؟ بحيث إذا لم يوجد ربح فلا شيء للمضارب، والخسارة على رب
(1)
مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الخامس عشر (1/ 645).
المال وحده، ويخسر المضارب جهده فقط، وعند وجود الربح يقسم بينهما بحسب الاتفاق، إلا أن هذا العقد سريعًا ما يتحول من عقد مضاربة إلى عقد شركة، ذلك أن أحدهما قد التزم ببيع حصته من الشركة إما دفعة واحدة، أو على شكل أقساط، فإذا دفع العامل جزءًا من نصيب شريكه نقص نصيب رب المال، وامتلك العامل حصة في رأس المال، فانتقل العقد من مضاربة إلى مشاركة، والله أعلم.
(2)
تقوم المشاركة المتناقصة على وعد من الشريك، وغالبًا ما يكون بنكًا ببيع حصته لشريكه مقابل سداد ثمنها دوريًا من العائد الذي يؤول إليه، أو من أية موارد أخرى وذلك خلال فترة مناسبة يتفق عليها، وهذا الوعد له صفة الإلزام، وقد سبق لنا الخلاف في الوعد الملزم، هل يكون ملزمًا مطلقًا في التبرعات والمعاوضات؟ أو لا يكون ملزمًا فيهما؟ أو يكون وعدًا ملزمًا في التبرعات دون المعاوضات؟
وتعتبر جميع الوعود التي اشتمل عليها العقد وعودًا ملزمة للطرفين؛ لأن الشروط المبرمة في العقد لا تحتمل احتمال التحقيق، فالطرفان قد دخلا هذه المعاملة، وهما لا يريدان في واقع الأمر مشاركة بعضهما البعض، فغرض العميل البحث عن تمويل لمشروعه، وغرض البنك البحث عن عائد مربح نتيجة لهذا التمويل، والغرض من عقد الشركة منذ بداية تكوينها تمكين العميل من تملك المشروع.
(3)
ـ من خلال ممارسات المصارف الإسلامية فإن البيع يتم بالقيمة الاسمية، وليس بالقيمة السوقية.
وذلك أن عقد المشاركة المتناقصة غالبًا ما تكون عقوده في تمويل بناء العقارات، وهي بطبيعتها عقود طويلة الأجل، وقيمتها ترتفع وتنخفض، فإذا
كان البيع المتدرج سيتم بطريق القيمة السوقية عند البيع، وتعرضت أسعار العقار للهبوط، فإن هبوط الأسعار سيكون مضاعفًا؛ لأن الأسعار قد تغيرت من جهة، ولأن العقار بعد استعماله سيختلف سعره عن العقار، وهو جديد كما في سنته الأولى، واستثمارات البنك لا تتحمل المخاطرة، لذلك يعمد البنك إلى إلزام عميله البيع إما بالقيمة الاسمية، وهذا فيه محذور؛ لأنه يعني ضمان أحد الشريكين لحصة شريكه، وهذا لا يجوز، فإن ضمان رأس مال الشريك يحوله إلى قرض، وأخذ الربح على ذلك يكون من القرض الذي جر نفعًا، وهو ما يؤول إلى الربا.
وأما بالاتفاق على ثمن محدد من اليوم الأول، وهذا فيه جهالة بالمبيع، إذ كيف يحدد سعر بيع العقار عند بداية عقد الشركة مع تأخر عقد البيع؟ لأن البيع سيتم من خلال صفقات تدريجية في المستقبل، مع أن العقار سيلحقه تغير لا يمكن الوقوف على مقداره بعد سنوات من استعماله، والعلم بالمبيع شرط لصحة البيع.
(4)
تجمع المشاركة المتناقصة عقودًا مركبة، فهي عقد يجمع بين الشركة، والوعد الملزم بالبيع، والبيع بعد ذلك، وأحيانًا يضاف إلى هذه عقد الإجارة، كما لو رغب أحد الشركاء أن يؤجر نصيبه للآخر لتصبح منفعة العين كلها تحت يده، بعضها باعتباره مالكًا لجزء من العين، وبعضها باعتباره مستأجرًا لنصيب شريكه فيها، وقد يكون التأجير لطرف ثالث أجنبي عن الشركاء، ويقتسمان الأجرة بحسب الشرط المتفق عليه.
(5)
في حالة وقوع تلف أو خسارة في محل الشركة المتناقصة قبل انتهائها فإن الخسارة تكون على الطرفين بحسب حصة كل واحد منهما.
* * *
الفصل الأول
التوصيف الفقهي للمشاركة المتناقصة
اختلف الباحثون في توصيف الشركة المتناقصة، هل هي من شركة الأملاك أو من شركة العقود، والفرق بينهما:
أن شركة الأملاك: هي الاشتراك في الملك جبرًا كالإرث، واختلاط الأموال، أو اختيارًا كالهبة والوصية ونحوهما.
وهذه الشركة لا تحتاج إلى إيجاب وقبول، بل ركنها اجتماع النصيبين جبرًا أو اختيارًا دون الحاجة إلى عقد بين طرفيها.
وحكمها: لا يترتب عليها أي حكم من أحكام الشركات المعروفة في الفقه الإسلامي بل يعتبر كل واحد من الشريكين أجنبيًا في نصيب صاحبه، فلا يجوز له التصرف فيه بغير إذنه؛ لأن التصرف فرع الملك أو الولاية، ولا ملك ولا ولاية لأي واحد من الشريكين في نصيب صاحبه لا بالوكالة، ولا بالقرابة.
وشركة العقد: هي عقد بين اثنين فأكثر يقتضي إذن الجميع أو بعضهم في التصرف للجميع على أن يكون الربح بينهم جميعًا
(1)
.
وهذه الشركة لا تقوم إلا بالتراضي بين الشركاء، وتحصل بالإيجاب
(1)
الطبعة التمهيدية من الموسوعة الكويتية، موضوع الشركة (ص: 35).
وعرفها الحنفية كما في مجلة الأحكام العدلية، مادة (1329): بأنها «عبارة عن عقد شركة بين اثنين فأكثر على كون رأس المال والربح مشتركًا بينهم» .
وعرفها بعض المالكية كما في الشرح الصغير (3/ 455): بأنها: عقد مالكي مالين فأكثر على التجر فيهما معًا أو على عمل والربح بينهما بما يدل عليه عرفًا