الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الثامن
كون الخارج في المزارعة مشتركا بين الزارعين
[م-1453] اختلف الفقهاء في اشتراط كون الخارج في المزارعة مشتركًا بين المالك والزارع على قولين:
القول الأول:
ذهب الحنفية والحنابلة إلى اشتراط أن يكون الخارج مشتركًا بين صاحب الأرض والمزارع؛ فإن اشترط أن يكون الخارج من الأرض لأحدهما فسد العقد؛ لأن معنى الشركة لازم لهذا العقد، وكل شرط يكون قاطعًا للشركة يكون مفسدًا للعقد
(1)
.
جاء في كشاف القناع: «وإن شرط للعامل كل الثمرة فسدت أيضًا، وله أجرة مثله»
(2)
.
القول الثاني:
ذهب المالكية إلى التفريق بين أن يكون ذلك قبل لزوم العقد أو بعده فإن زارعه على أن الربح كله له قبل لزوم العقد لم يصح؛ لأن من شرط صحة المزارعة عندهم التساوي في الربح، كلٌّ بقدر ما أخرج. وإن كان ذلك بعد لزوم العقد صح؛ لأنه من قبيل التبرع
(3)
.
(1)
بدائع الصنائع (6/ 177)، تبيين الحقائق (5/ 280)، الفتاوى الهندية (5/ 235).
(2)
كشاف القناع (3/ 542).
(3)
الخرشي (6/ 65).
جاء في حاشية الدسوقي: «فإن كان المُخْرَج منهما متساويًا فلا بد أن يكون الربح مناصفة، وإن كان الخارج من أحدهما أكثر من الخارج من الآخر فلا بد أن يكون له من الربح بقدر ما أخرج»
(1)
.
قال في الشرح الكبير: «إلا لتبرع من أحدهما للآخر بشيء من الربح من غير وعد ولا عادة بعد لزوم العقد»
(2)
.
قال الدسوقي تعليقًا: «لأن التبرع لا يكون إلا بعد العقد، إذا ما كان فيه (يعني في العقد) لم يكن تبرعًا، ولو صرحوا بأنه تبرع؛ لأنه حينئذ مدخول عليه فهو مشترط»
(3)
.
وجاء في جامع الأمهات: «وأما لو تبرع أحدهما بعد العقد فجائز من غير شرط ولا عادة»
(4)
.
* * *
(1)
حاشية الدسوقي (3/ 373).
(2)
الشرح الكبير (3/ 373).
(3)
حاشية الدسوقي (3/ 373).
(4)
جامع الأمهات (ص:432).
الشرط التاسع
في اشتراط التخلية بين الأرض وبين العامل
[م-1454] اشترط الحنفية لصحة المزارعة التخلية بين الأرض وبين العامل، حتى إذا شرط في العقد عمل رب الأرض مع العامل فسد العقد
(1)
.
قال الزيلعي: «إذا شرط في العقد ما تفوت به التخلية، وهو عمل رب الأرض مع العامل لا يصح»
(2)
.
وجاء في الفتاوى الهندية: «ومنها أن تكون الأرض مسلمة إلى العاقد مخلاة: وهو أن يوجد من صاحب الأرض التخلية بين الأرض والعامل حتى لو شرط العمل على رب الأرض لا تصح المزارعة؛ لانعدام التخلية»
(3)
.
وقال ابن قدامة: «وإن ساقى أحدهما شريكه على أن يعملا معًا، فالمساقاة فاسدة، والثمرة بينهما على قدر ملكيهما، ويتقاصان العمل إن تساويا فيه»
(4)
.
وإذا كان هذا في المساقاة فالمزارعة مثلها في الحكم؛ لأنها تقوم على حاجة كل منهما إلى السقي.
وهذه المسألة لها علاقة بمسألة سبق بحثها في عقد المساقاة، وهو إذا اشترط العامل على رب المال ما يلزمه فهل يصح العقد؟
وفيها خلاف، والجمهور على أنه لا يصح، واستثنى بعضهم الجذاذ، وخرج
(1)
بدائع الصنائع (6/ 180)، المبسوط (23/ 19)، تبيين الحقائق (5/ 280)، الفتاوى الهندية (5/ 236).
(2)
تبيين الحقائق (5/ 280).
(3)
الفتاوى الهندية (5/ 236).
(4)
المغني (5/ 231)، وانظر الشرح الكبير لابن قدامة (5/ 580)، تصحيح الفروع (4/ 407).
بعضهم قولًا بالصحة في مذهب الإمام أحمد، فارجع إلى المسألة في باب المساقاة لأهميتها.
(1)
.
فهذا نص من ابن قدامة على أن الخلاف في المسألة محفوظ، والله أعلم.
وصحح المالكية والحنابلة صحة المشاركة في العمل إذا اشتركوا في الأرض وتساووا في كل شيء، وحكى ابن قدامة الإجماع على جوازه.
فقد ذكر المالكية من صور المزارعة الجائزة أن يتساوى الشريكان في جميع ما أخرجاه من عمل وبذر وآلة ونفقة وأرض كأن تكون الأرض بينهما بكراء أو ملك
(2)
.
(3)
.
ولعل هذه شركة عنان، وليست من المزارعة في شيء.
* * *
(1)
المغني (5/ 247).
(2)
الشرح الكبير (3/ 375)، شرح الخرشي (6/ 65).
(3)
المغني (5/ 247).