الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال في حاشية الدسوقي (وما ألحق به) كالنخل والزرع، والمقثأة ونحوها
(1)
.
والمساقاة عند الشافعية: «أن يعامل غيره على نخل أو شجر عنب ليتعهَّده بالسقي والتربية على أن الثمر لهما»
(2)
.
فقصروا المساقاة على النخل وشجر العنب فقط، وسيأتي مزيد بحث إن شاء الله تعالى لهذه المسألة.
وعرفها الحنابلة:
بأنها دفع أرض وشجر له ثمر مأكول لمن يغرسه، أو مغروس معلوم لمن يعمل عليه، ويقوم بمصلحته بجزء مشاع معلوم من ثمرته
(3)
.
فأدخل الحنابلة في تعريف المساقاة: المغارسة. وهي دفع أرض وشجر مثمر لمن يغرسه بجزء من ثمرته.
فتبين من خلال هذه التعريفات ما يلي:
(1)
ـ أن المساقاة عقد من العقود، وهذا يعني أنه لا ينعقد إلا بإيجاب وقبول سواء أكان لفظيًا أم فعليًا كالمعاطاة، وشرطه الرضا كسائر العقود، فلا يصح مع الإكراه.
(2)
ـ أن العقد في المساقاة على السقيا، وليس على حفظ المال أو الاتجار به.
(3)
ـ تتفق جميع التعاريف على أن المساقاة مختصة بالشجر فلا يدخل فيها دفع الغنم أو الدجاج لمن يعمل عليها بجزء من نتاجها، فإن هذا العقد لا يسمى مساقاة.
(1)
حاشية الدسوقي (3/ 539).
(2)
مغني المحتاج (2/ 322).
(3)
الإقناع في فقه الإمام أحمد رضي الله عنه (2/ 274).
(4)
ـ أن الجزء المشترط للعامل ليس نقودًا، ولا شيئًا معينًا، وإنما يستحق العامل جزءًا مشاعًا من الثمرة كالثلث أو الربع، ونحو ذلك، فهو عقد على العمل في المال ببعض نمائه.
(5)
المساقاة عقد من عقود المشاركة، والاشتراك حاصل في الثمرة بين رب الأشجار وبين الساقي، فالأصول من أرض وشجر ملك لرب الأرض يختص به، والعمل من سقي وحرث يختص بالساقي، والمشاركة إنما هو على الثمرة بحيث يقسم الثمر الحاصل بين المالك والساقي. فليست المساقاة من عقود البيع؛ لأن البيع عبارة عن تمليك العين، والعين ملك لصاحبها، وليست من عقود الإجارة؛ لأن العوض الذي هو الثمرة مجهول، ويجب أن تكون الأجرة معلومة، ففيها شبه بالمضاربة.
(1)
.
وهناك شبه كبير بين المساقاة وبين المضاربة ذلك أن المضاربة: هي دفع المال لمن يعمل به بجزء شائع معلوم من الربح.
والمساقاة: هي دفع الشجر للعمل به بجزء شائع من ثمرته.
بل قاس الحنابلة عليهما دفع الدابة أو الآلة لمن يعمل به بجزء من كسبها، ومنعه الجمهور
(2)
.
(1)
أعلام الموقعين (1/ 291).
(2)
انظر في مذهب الحنفية: المبسوط (22/ 35)، بدائع الصنائع (6/ 65)، فتح القدير (6/ 194)، البحر الرائق (5/ 198)، الفتاوى الهندية (2/ 334).
والمالكية يشترطون لصحة شركة الأبدان الشركة في الأداة، فإذا كانت الأداة من أحدهما لم يشتركا فيها. انظر في مذهب المالكية، المدونة (4/ 409)، الذخيرة (8/ 31، 33)، الفروع (4/ 393).
وفي مذهب الشافعية: جاء في الحاوي للماوردي (7/ 310): «لو دفع سفينة إلى ملاح ليعمل فيها بنصف كسبها لم يجز، وكان الكسب للملاح؛ لأنه بعمله، وعليه لمالك السفينة أجرة مثلها» .
وذكر ابن المنذر في الإشراف (6/ 212 - 213) أن المنع قياس قول الشافعي.
قلت: وإنما كان المنع قياس قول الشافعية؛ لأن هذه المعاملة إن كانت من شركة الأبدان فهم لا يقولون بها مطلقًا، وإن كانت من عقود المضاربة، فالمضاربة من شرطها عندهم أن تكون في النقود خاصة. وقد ذكر ابن قدامة في المغني أن مذهب الشافعية المنع من هذه المعاملة، انظر المغني (5/ 7).
(1)
.
وجاء في الفروع: «لو دفع دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة جاز ذلك في مذهب الحنابلة. وعنه: لا، اختاره ابن عقيل»
(2)
.
واستدل الحنابلة على الجواز بالقياس على المساقاة والمزارعة فإنه دفع لعين من المال إلى من يعمل عليها ببعض نمائها مع بقاء عينها.
وهذا هو القول الراجح بناء على أن الأصل في العقود الصحة والجواز، والله أعلم، وقد سبق بحث هذه المسألة، والحمد لله.
(1)
المغني (5/ 7).
(2)
الفروع (4/ 393).